أخلاقه وعلمه .
لقد عاش القاسم في حجر وأحضان الإمام موسى ابن جعفر ع ونحن نعلم أن البيئة التي يعيش فيها الطفل لها أثر في سلوكه وتربية ، وكذلك سلوك الوالدين وتصرفاتهم تنعكس على الطفل . فالإمام القاسم ع فتح عينيه في بيت نادرا ما يقدم فيه الطعام في النهار، وتهجع النفوس وتهدأ الأصوات من التهجد والعبادة في الليل ، ولد في بيت هو مصدر الإيمان و مهبط الوحي ، وقد طهر الله أهل هذا البيت من الرجس تطهيرا ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) . فكيف يكون من يعيش في مثل هذا البيت الذي جعله الله محط علمه ومهبط ملائكته ، أم كيف بمن كان أبوه الإمام الكاظم u ، فإنه حتما سيتأثر به تأثيرا عظيما .هذا من جهة ، ومن جهة أخرى إذا تأملنا كلام المؤلف الكبير الشيخ الجليل باقر شريف القرشي ( هو إن الأنظار كانت متوجهة نحو القاسم على أنه هو الإمام من بعد أبيه) ، وهذا إن دل إنما يدل على إنهم وجدوا الصفات التي يجب أن تكون في الإمام المعصوم من علم( أي انه يجب أن يجيب على كل سؤال يتعرض له ويكون ذا حكمة وتقوى وورع وإيمان وغيرها) وان الناس في ذلك الوقت كانوا خريجي مدرسة الباقر والصادق u وان هذه المدرسة بالإضافة إلى عنايتها بالعلم ،تكفلت ببيان الخطوط العامة والتفصيلية لمذهب أهل البيت u فالناس في هذه الفترة كانت واعية وملمة بصفات الإمام المعصوم.فلذلك كانت هذه النظرة عند الناس خصوصا السلطات الحاكمة،وهذه النضرة ،تدل على إن القاسم u معصوم بالعصمة المكتسبة وخصوصا إذا تأملنا في هذا الخبر الذي رواه ثقة الإسلام الشيخ الكليني عن يزيد ابن السليط عن الإمام الكاظم عليه السلام في طريق مكة وانه قال له : ( أخبرك يا أبا عمارة إني خرجت من منزلي فأوصيت إلى ابني فلان يعني الإمام الرضا u وأشركت معه بني الظاهر ، فأوصيته في الباطن فأفردته وحده ولو كان الأمر لي لجعلته في القاسم ابني لحبي إياه ورأفتي عليه ولكن ذلك إلى الله عز وجل يجعله حيث يشاء ) فهذا الحديث يُنزِل القاسم u منزلة الإمام المعصوم ، إذن القاسم u معصوم كعصمة أبي الفضل العباس u فلذالك عدَهُ كبار العلماء والمحدثين بمقام العباس .
أما تزويج شيخ العشيرة له من إحدى بناته ليس إلا أنه وجد فيه أخلاق لأنبياء وعلمهم . وإذا تأملنا في تاريخ العشائر خصوصا شيوخ العشائر قديما وحديثا لوجدناهم لم يزوجوا من لا يعرف حسبه ونسبه وعندما أراد شيخ العشيرة تزويجه من إحدى بناته اعترض عليه بعض أفراد العشيرة بحجة عدم معرفتهم لحسبه ونسبه فقال لهم يكفي ما رأيت عليه من وسامة وهيبة وخشوع وصيام وقيام ليل وشجاعة وفروسية وتلك سجاية النبلاء .
تعليق