بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاء في دعاء رجب الأصب هذه الفقرة المباركة ((يا مَن يُعطي مَن سَألهُ يا مَن يُعطي مَن لَم يَسألهُ ومَن لَم يَعرِفهُ تَحَنُّناً منهُ ورحمة))..
تبرز في هذه الفقرة الشريفة بعض فيوضات وعطاءات الباري عزّ وجلّ لتشمل كلّ عباده مؤمنهم وكافرهم وبرّهم وفاجرهم.. رحمة ولطفاً بعباده..
ولعلّ صدر هذه الفقرة الشريفة مستند الى قوله تعالى ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)) (غافر: 60)، وهو المتمثّل بالذي يسأله خالقه من عطائه، وهذا العطاء ليس مرتبطاً بالعمل كما جاء في الفقرة السابقة ((يا من يعطي الكثير بالقليل))، فهناك كان هناك عطاء من قبل العبد متمثلاً بالطاعات والعبادات المختلفة، أما هنا فهو يتمثل بالدعاء والطلب من الباري تعالى.. وقد بيّنت الآية الكريمة الآنفة الذكر بأنّ هناك استجابة للدعاء، وهو حتمي من قبل الله تعالى ولا يخلف وعده..
فلماذا إذن لا تكون هناك استجابة لبعض أدعيتنا؟
لعلّ السبب يكمن في:
1- أن يكون الدعاء مجرد لقلقة لسان فلا يتعدى الشفاه، وهذا بالتأكيد لا يصل الى مبتغاه فلا تكون هناك إجابة إلا ما رحم ربي..
2- وقد يحبّ الله عبده فيحبّ أن يراه وهو يتضّرع له، فيؤجّل الاستجابة، فمن مثل هذا العبد الذي يكون حبيباً لله تعالى ويتشوّق لسماع صوته، فقد ورد عن الامام الصادق عليه السلام: (وإن الله عزّ وجلّ ليؤخر إجابة المؤمن شوقا إلى دعائه ويقول: صوت أحب أن أسمعه) (مكارم الأخلاق للطبرسي: ص390).
3- قد تقتضي مصلحة العبد أن لا يستجيب الله تعالى له آجلاً أم عاجلاً، فانّ الله تعالى يعلم مصالح عباده، فرحمة بهم لا يستجيب لهم لأن فيها مضرّتهم، وكم من الأمور التي عايشناها واقعاً، بأن نطلب من الله تعالى أمراً ونتأسف كثيراً لعدم حصوله، ويتّضح فيما بعد المصلحة الأكيدة في عدم الاستجابة، فنحمد الله على عدم استجابته لدعائنا.. ومع كلّ هذا فالباري لا يدع هذه الدعوة تذهب سدىً، بل يدّخرها لعبده لينتفع بها في موضع هو بأمسّ الحاجة اليها.
هذا فيما إذا سأله العبد، فما يكون للذي لم يسأله؟
وهنا يمكن أن نفهم موردين،
الأول: هو انّ العبد وإن لم يسأل خالقه، فهو يفيض عليه من عطاياه وهو الأعلم بحاجته ومراده من غير أن يتكلّم، فيسبقه بالعطاء، وهو نظير الأب الرؤوف بأولاده، فهو يطعي أولاده بحسب حاجتهم وإن لم يطلبوا منه، فما بالك بالرؤوف الرحيم المطلق؟
والثاني: هو انّ بعض عباد الرحمن منشغلون بطاعته ولا يلتفتون الى الى سؤاله، لأنهم مؤمنين بأنّ خالقهم يعلم بحالهم، فتأتي عطاياه من غير أن يسألوه، ولعلّنا نفهم هذا المعنى من قول الامام الصادق عليه السلام: (إنّ اللَّه عزّ وجلّ يقول: من شُغل بذكري عن مسألتي أعطيتُه أفضلَ ما أعطي من سألني).
وهذا يعني انّ عطاياه ومواهبه تعالى ليست مقرونة بسؤاله، فقد جاء عن أمير المؤمنين عليه السلام: (وليس بما سئل بأجود منه بما لم يسأل)، فهو الكريم المطلق، وما عنده لا ينفد ولا ينتهي.. وكلّه بمنّه ورحمته تعالى.. فـ(اَلْحَمْدُ للهِ الْفاشي في الْخَلْقِ أَمْرُهُ وَحَمْدُهُ، الظّاهِرِ بِالْكَرَمِ مَجْدُهُ، الْباسِطِ بِالْجُودِ يَدَهُ، الَّذي لا تَنْقُصُ خَزائِنُهُ، وَلا تَزيدُهُ كَثْرَةُ الْعَطاءِ إلاّ جُوداً وَكَرَماً، إِنَّهُ هُوَ الْعَزيزُ الْوَهّابُ)..
ومن رحمته الشاملة لجميع عباده انّه تعالى ينزل عطاؤه حتى لمن لم يعرفه من غير المؤمنين به ولا يوحدّوه أبداً..
فيارباه ما أرحمك وألطفك..
نسألك اللّهم برحمتك الواسعة والخاصة أن تشملنا بعفوك ومغفرتك بجاه محمد وآل محمد عليهم السلام..
تعليق