إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هل تأثر القرآن بالبيئة العربية في تفضيل البنين على البنات؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل تأثر القرآن بالبيئة العربية في تفضيل البنين على البنات؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم
    هل تأثر القرآن بالبيئة العربية في تفضيل البنين على البنات؟
    نص الشبهة:

    قالوا : إنّ في القرآن كثيراً من تعابير جاء فيها التنويه بشأن البنين وتفضيلهم على البنات ، الأمر الذي يدلّ على تأثّره بالبيئة العربيّة الجاهلة ؛ حيث كانوا يئدون البنات خَشية العار . { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ } .


    الجواب:

    نرى أنّ القرآن الكريم قد شنّع القوم على فكرتهم هذه الجاهلة ووَبَّخَهم في الفَرْقِ بين البنين والبنات أشدّ تشنيع وتوبيخ .
    ولكن مع ذلك قد نجد في القرآن مواضع فيها بعض المُرافَقة مع القوم ؟!
    فقد كانت العرب ترى من الملائكة إناثاً وأنّهنّ بنات الله سبحانه : { فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ * أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ * أَلَا إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } 1 .
    فجاء التشنيع في هذه الآيات من ناحيتين : أوّلاً : زعموا من الملائكة إناثاً ، وثانياً : أنّهنّ بناته تعالى من صُلبه وأنّه تعالى وَلَدَهنّ !
    وجرياً مع عادة العرب في الازدراء بشأن البنات يستنكر عليهم : كيف اصطفى البنات على البنين ؟! { أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى } 2 أي قسمة غير عادلة { أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } 3 .
    وفي هذه الآية جاء الفارق بين الذكر والأنثى ناشئاً من جبلّتهما ، لتكون المرأة بدافع من فطرتها الأُنوثيّة تنجذب إلى الزبارج أكثر من اهتمامها بواقعيّات الأُمور ، ومن جانب آخر هي ذات طبيعة رقيقة لا تُقاوِم تجاه الكوارث ، فتنفعل فورَ اصطدامها بمضطلمات الحوادث ، فهي بذات فطرتها ونشأتها غير صالحة لمقابلة شدائد الحياة وعاجزة عن حلّ متشابك المعضلات ، فقد جمعت بين الظرافة والضَعف ، على عكس الرجل الذي يملك صَلابة وقوّة إرادة .
    ومِن ثَمّ تعقّبت الآية بالاستنكار على مزعومتهم في الملائكة أنّهم إناث : { وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ } 4 .
    وقد عبّر القرآن عن الملائكة بصفة الذُّكور : { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ } 5 { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ ... } 6 ، والضمائر كلّها جمع ذُكور ، وهكذا في سائر مواضع القرآن 7 .
    ومِن ثَمّ وجّه إليهم التوبيخ اللاذع : { أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا } 8 .
    كلّ ذلك إن دلّ فإنّما يدلّ على ازدراءٍ بشأن الأُنثى ، جرى عليه العرب وجاراهم القرآن .
    لكن ليس في شيءٍ من هذه التعابير اللاّذعة الموبِّخة للعرب أيّ تعيير أو شائنة بشأن المرأة في ذات نفسها ، لا تصريحاً ولا تلويحاً ، وإنّما توجّه التشنيع على العرب بالذات في نظرتهم الخاطئة بشأن الملائكة ، وأنّهم إناث ، وبنات لله سبحانه { أَلَا إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ } 9 { وَلَدَ اللَّهُ ... } 10 وأنّ وُلْدَه بنات 11 ، ومِن ثَمّ يُسَمّون الملائكةَ تسمية الأُنثى 12 ، الأمر الذي يدلّ على سَفاهة عقولهم وغايةِ جَهْلِهم بما وراء سِتار الغيب ؛ ذلك مبلغهم مِن العلم وإنْ هم إلاّ يخرصون .
    والذي يبدو عليه أثر السفاهة أنّهم نسبوا إلى الله ما يكرهونه لأنفسهم ، فجعلوا لأنفسهم المُفضّل من الوُلْد ، وأمّا المُشنَّع فجعلوه لله سبحانه ، وهي قِسمة غير عادلة حتّى في غياهب أوهام الخيال .
    فكان موضع التشنيع هو هذا التقسيم غير العادل حتّى في مفروض الأوهام ، الأمر الذي ليس فيه أيّ تقرير للتفضيل المزعوم أو اعتراف به في واقع الأمر ! فلم تكن هناك مجاراةٌ ، وإنّما هي منابذة صريحة على أصول الجَدل في محاورة الكلام .
    * * *
    وأمّا التعبير بجمع المُؤنث السالم ( بالألف والتاء ) في قوله تعالى : {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا * وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا * وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا * فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا * فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا } 13 ، وكذا قوله : { وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا } 14 إلى قوله : {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا } 15 وقوله : {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ ... } 16 بناءاً على أنّ المراد هم الملائكة القائمة بهذه الأمور ، فتأويل ذلك كلّه أنّه باعتبار كون الموصوف هم الجماعات ؛ لأنّ القائم بهذه الأمور هم جماعات الملائكة لا الآحاد ، فكما أنّ الجماعة تُجمع على الجماعات ، كذلك الجماعة النازعة تُجمع على النازعات ، وهلمّ جرّاً ، كما أنّ الشخصيّة أيضاً تُجمع على الشخصيّات ، وليس كلّ جمع بالألف والتاء دليلاً على تأنيث المفرد كما في جمع القياس على القياسات ، وكلّ اسم مفرد ـ في المصدر قياساً وفي غيره سماعاً ـ إذا جاوز ثلاثة حروف يُجمع بالألف والتاء ، كالتعريفات والامتيازات ، ومن السُّماعي نحو السماوات وسُرادِقات وسِجِلاّت وغير ذلك .
    ومِن ثَمّ عاد ضمير الجمع المُذكّر إلى المعقِّبات{ ... يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ ... } 16 ، وهو دليل على عدم تحتّم الجمع بالألف والتاء خاصّاً بالإناث .
    ولأبي مسلم محمد بن بحر الأصفهاني هنا كلام ـ نقله الفخر الرازي ـ يُرجِّح عدم كون هذه الجُموع أوصافاً للملائكة ، وإنّما هي أوصاف للأَيدي والسهام والخيول والإبل في ساحة القتال ... 17 18
    ــــــــــ المصادر ـــــــــــــ
    1. القران الكريم : سورة الصافات ( 37 ) ، الآيات : 149 - 155 ، الصفحة : 451 .
    2. القران الكريم : سورة النجم ( 53 ) ، الآية : 21 و 22 ، الصفحة : 526 .
    3. القران الكريم : سورة الزخرف ( 43 ) ، الآيات : 16 - 18 ، الصفحة : 490 .
    4. القران الكريم : سورة الزخرف ( 43 ) ، الآية : 19 ، الصفحة : 490 .
    5. القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآيات : 30 - 33 ، الصفحة : 6 .
    6. القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 34 ، الصفحة : 6 .
    7. وسنتكلّم عن مواضع جاء التعبير فيها بالتأنيث في مثل المدبّرات ونحوها .
    8. القران الكريم : سورة الإسراء ( 17 ) ، الآية : 40 ، الصفحة : 286 .
    9. القران الكريم : سورة الصافات ( 37 ) ، الآية : 151 ، الصفحة : 451 .
    10. القران الكريم : سورة الصافات ( 37 ) ، الآية : 152 ، الصفحة : 451 .
    11. الزخرف 43 : 16 ـ 18 .
    12. النجم 53 : 27 .
    13. القران الكريم : سورة النازعات ( 79 ) ، الآيات : 1 - 5 ، الصفحة : 583 .
    14. القران الكريم : سورة المرسلات ( 77 ) ، الآية : 1 ، الصفحة : 580 .
    15. القران الكريم : سورة المرسلات ( 77 ) ، الآية : 5 ، الصفحة : 580 .
    16. a. b. القران الكريم : سورة الرعد ( 13 ) ، الآية : 11 ، الصفحة : 250 .
    17. تفسير الكبير : 31 / 31 ، و تفسير أبي مسلم : 351 ـ 352 .
    18. شُبُهَات و ردود حول القرآن الكريم ، تأليف : الأُستاذ محمّد هادي معرفة ، تحقيق : مؤسّسة التمهيد ـ قم المقدّسة ، الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة ص 121 ـ 124 .


    التعديل الأخير تم بواسطة شجون الزهراء; الساعة 02-04-2016, 11:00 AM.
    السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X