إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فقبض على لحيته..

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فقبض على لحيته..

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد لا يقبل الله من عبده عملاً حتى يشهد قلبه مع بدنه

    من أشهر الرحمة هو شهر رجب الذي تصب فيه الرحمة صباً..

    ومن رحمات هذا الشهر هو الدعاء الذي يستحب ذكره بعد كل فريضة الذي علّمه الامام الصادق عليه السلام لمحمد بن ذكوان، وهو ((يامن أرجوه لكل خير وآمن سخطه عند كل شر...)).. ثمّ مدّ (عليه السلام) يده اليسرى فقبض على لحيته ودعا بهذا الدّعاء وهو يلوذ بسبّابته اليمنى، ثمّ قال بعد ذلك ((يا ذَا الْجَلالِ وَالاِْكْرامِ، يا ذَا النَّعْماءِ وَالْجُودِ، يا ذَا الْمَنِّ وَالطَّوْلِ، حَرِّمْ شَيْبَتي عَلَى النّارِ)..

    من المعلوم لكي يكون التوجّه بالدعاء حقيقياً لابد من توافق القلب مع الجسد، أي توافق الظاهر مع الباطن، ومن ثم يظهر تأثر ذلك في الخارج من أفعال وسلوك..


    فالامام عليه السلام عندما مدّ يده الشريفة وقبض على لحيته المقدسة ودعا بهذا الدعاء المبارك لائذاً بسبّابته لابد أن تكون لهذه الحركات من تأثير..

    فالأخذ باللحية يعني إقرار واعتراف من العبد بتقصيره تجاه خالقه وكثرة ذنوبه، فهو بهذه الحركة يريد أن يقول يا ربّ ها أنا أقرّ وأعترف بذنبي، عائذ لك لاجئ اليك، وهذا ما يدلّ عليه نهاية الفقرة من الدعاء بقوله (حرّم شيبتي على النار).. وهو في ذات الوقت اعتراف منّي بأنّي مهما كبرت وعلوت في مقامات هذه الدنيا الفانية، فانّي أبقى ذلك الصغير الداني أمام العالي الباقي، ويمكن أن نصل الى هذه الإشارات من خلال قول الله تعالى حاكياً عن قول هارون لموسى عليهما السلام (قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي) (طه: 94)..
    أما اللواذ بالسبابة.. فيعني التضرع والاستغاثة بالله تعالى، وهذا ما أشار اليه الطريحي في مجمعه البحرين، حيث قال: (وتلوذ بسبّابتك أي تتضرّع بسبّابتك بتحريكها)..

    وهذه الحركة أيضاً تدلّ على تأكيد المعنى السابق من الأخذ باللحية، وكأنّ الحركتين متلازمتان لتؤديان الى غرض واحد، وهو الاعتراف بالتقصير والالتجاء الى الباري سبحانه وتعالى..
    فهذه الحركات تريد أن تؤكد مفهوم واحد وهو أنه لابد من أن يتوافق الجسد مع القلب، فهذه الحركات تُريد أن تُشعر الداعي بالخشوع والتذلّل لله تعالى حتى ينصهر الجسد مع الروح ليحلّقا في سماء الرقي، لترشقهما بزخات من الرحمات، الكفيلة بغسل الأدران والتكدّرات التي طفت على سطح القلب..


    فاذا ما أردنا أن ندعو دعاءً حقيقياً لابد من الاستشعار بهذه الحقائق، وأن نتّصف بصفات الدعاء، حتى يكون للدعاء تأثيره الحقيقي، فالفعل هو نتيجة لتلك الحقيقة التي وعاها القلب.. لذا فقد رُوي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله: (أنه نظر إلى رجل يصلي وهو يعبث بلحيته فقال أما إنه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه)، ورُوي أنه (
    لا يقبل الله من عبده عملاً حتى يشهد قلبه مع بدنه)، وروي: (إذا ضرع القلب خشعت الجوارح)..

    فاذا تيقنّا بأنّ الله تعالى يرى باطننا مثلما يرى ظاهرنا، علينا أن نستحي منه عند تلفّظنا بالدعاء أو قراءة القرآن، إذا ما كانت شفاهنا تتحرك بتلك الألفاظ وقلوبنا ساهية لاهية بغيرها.. فهذا عند أهل الأخلاق من الاستهزاء (أعاذنا الله تعالى منه).. وربما يقول أحدنا أنا أدعو وعلى يقين من توافق قلبي مع الألفاظ حتى أنّي أتفكّر في كلّ كلمة من الدعاء أو الآية.. فنقول لابد من ذلك التدبّر والتفكّر من أثر على واقعك العملي.. فإن توافقا فذلك هو.. وإلا سيكون أشد وبالاً من الاستهزاء، لأنه سيقع حينها في فئة (الأخسرين أعمالاً)، فقد ذكره الله تعالى في كتابه الكريم (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) (الكهف: 103-104)..


    نسأل الله تعالى لنا ولكم أن نكون ممّن توافق قلبه مع لسانه وظهر أثره على فعله حتى نستحق نزول تلك الرحمات التي وعدها الله تعالى لعباده..





  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم
    بارك الله بكم

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X