تويت
فتح عينيه لأول مرة لينظر إلى من حوله، فوجد أباه الإمام الحسين عليه السلام مبتهجاً لقدوم رابع الأئمة وخاصةً أنهُ سيكون مكملاً لثورته
ومسيرتهِ الخالدة، ونظر إلى أمّه السيدة الجليلة (شاه زنان) التي امتلأت عيناها فرحاً بقدوم سادس المعصومين في الخامس من شهر شعبان
سنة 38 للهجرة، وُلد نحيفاً له نظرةٌ تعبّر عمّا في داخلهِ من إرادة وثبات وشجاعة، لهُ قلبٌ ممتلئ بحبّ الله منذُ الوهلة الأولى لمجيئه،
كأن الصبر مرسومٌ على ملامحِ وجهه الطاهر، مستمداً هذا الصبر من جدّهِ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام حتى شُبّه
صبره بصبر النبي أيوب عليه السلام، وسمّاهُ أبوه بعلي، وكانت تسميتهُ بأمرٍ إلهي، وهذا ما نقلتهُ رواياتٌ مؤكدة
عن لسان النبي الأكرم صلى الله عليه واله، عاش الأمام زين العابدين عليه السلام حياةً مليئة بالأحزان والمصاعب
بصورة متوالية لكنهُ كان صبوراً يعبد الله بخشوع، يذكرهُ ويحمدهُ كثيراً؛ لهذا لُقّب بزين العابدين أو سيّد العابدين أو السجّاد؛ لكثرة سجوده،
فكان من أكثر الناس سجوداً لله تعالى، كما نُقل في رواية عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه واله قال:
"إذا كان يوم القيامة يُنادي منادٍ أين زين العابدين؟ فكأني أنظر إلى ولدي علي بن الحسين يخطر بين الصفوف".
نشأ الأمام السجاد نشأة صالحة فتربى في حجر الإمام علي عليه السلام سنتين، وأخذ دينه وخُلقه من أبيه وعمّه الحسن عليهما السلام،
ولم يعش في حضن أمّه إلا أياماً قليلة، فتوفيت عليها السلام وهي في نفاسها، فكانت عليها السلام من النساء المؤمنات القانتات
وهي حفيدة الملك كسرى، فعند وفاتها عهد الأمام الحسين عليه السلام إلى سيدة زكية من أمهات أولاده لرعايته، وكان عليه السلام بارّاً بها،
فكان لا يأكل معها خشية أن تسبقه يداه إلى ما سبقت عيناها إلى الطعام، فيكون عاقاً بها، وكان عليه السلام حليماً رؤوفاً،
يقابل الناس بلطف وإن قابلوه بالإساءة.
دعاء جمال هادي
تم نشره في رياض الزهراء العدد71
تعليق