إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الظلم لا دين له

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الظلم لا دين له


    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
    وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
    وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
    السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته



    وإذا كان الدين كله قائماً على أساس العدل، وإذا كنا ننتظر في نهاية المطاف أن يسود العدل العالم، فإن علينا أن ندرّب أنفسنا ونربّي أوضاعنا على أساس أن نأخذ بالعدل، وأن نرفض الظلم كله، سواء كنا ممّن يملكون السلطة التي تتيح لنا السيطرة على الناس، أو كنا من الناس الذين يملكون بعض مواقع القوة. إن علينا أن لا نظلم من هم تحت أيدينا، لأن الله سوف يحاسب كل من يظلم مَن تحت يديه، وقد ورد في الحديث: "إن الله أوحى إلى نبيٍ من أنبيائه في مملكة جبار من الجبارين، أن ائت هذا الجبار وقل له: إني لم أستعملك على سفك الدماء واتّخاذ الأموال، وإنما استعملتك لتكفّ عني أصوات المظلومين، فإني لن أدع ظلامتهم وإن كانوا كفاراً"، بمعنى أنّ الله لا يريد حتى للكافر أن يُظلَم فيما له من حق، كما لا يريد للمؤمن أن يُضطَهد. فالعدل لا دين له، فهو لكل الناس، والظلم لا دين له، فهو مرفوض من كل الناس.

    وقد ورد في الحديث عن عليٍّ(ع) في تقسيمه للظلم: "الظلم ثلاثة؛ فظلم لا يغفر، وظلم لا يترك؛ وظلم مغفور لا يُطلَب، فأما الظلم الذي لا يغفر فالشّرك بالله ـ وهذا ما جاء في كلام لقمان لولده: {يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم} (لقمان:13)، لا ظلم القوة، ولكن بأن لا يعطيه حقّه في التوحيد ـ قال الله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به}، وأمذا الظلم الذي يغفر، فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات ـ وهي المعاصي الصغيرة ـ وأما الظلم الذي لا يترك، فظلم العباد بعضهم بعضاً"؛ أن تظلم الإنسان الآخر إذا كان له عليك حق في أي مجال من المجالات.

    أثر الظلم ونتائجه

    ويتابع الإمام علي(ع) ليبيّن للظالمين الذين يظلمون غيرهم، كيف يواجهون الله يوم القيامة، فيقول: "القصاص هناك شديد ـ يعني أن الله سوف يقتصّ للمظلوم من الظالم يوم القيامة ـ ليس هو جرحاً بالمدى ـ يعني السكاكين وما ينتج عنها من ألم ـ ولا ضرباً بالسياط، ولكنه ما يستصغر ذلك معه"، أي أن الجرح بالمدى والضرب بالسياط لا يمكن أن يقارنا بطبيعة القصاص هناك.

    وقد ورد عن الرسول(ص) وعن الأئمة من أهل البيت(ع) الكثير من الأحاديث عن الظلم الذي يمارسه الظالم القوي على المظلوم الضعيف. ففي الحديث عن الإمام الصادق(ع): "ما من مظلمة أشد من مظلمة لا يجد صاحبها عليها عوناً إلا الله عز وجل"؛ أن تظلم شخصاً لا عشيرة له ولا سلاح ولا حزب، فتستضعفه، وتظلمه حقه، أو تضربه وتضطهده وتسجنه من دون حق، فهذه مظلمة لا يوجد مظلمة أشدّ منها.

    وفي حديث عن الإمام زين العابدين(ع) فيما أوصى به ولده الإمام محمد الباقر(ع) عند وفاته، قال: "يا بني، أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة، وبما ذكر أن أباه أوصاه به، قال: يا بني، إياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلا الله"، وهو الشخص الذي ليس عنده من يستعين به ويستقوي به إلا الله سبحانه.

    وهكذا ورد في الحديث عن الإمام الصادق(ع)، عن الشخص الذي يعيش في نفسه رفض الظلم لأي أحد: "من أصبح لا ينوي ظلم أحد ـ عنده روحية العدل بين الناس والمحبة للناس ـ غفر الله له ما أذنب ذلك اليوم، ما لم يسفك دماً أو يأكل مال يتيم حراماً"، فالإنسان الذي لا يفكر في الظلم، ويبدأ يومه وهو لا ينوي أن يظلم أحداً، يغفر الله له كل ذنوبه، ما عدا قتل النفس بغير حقّ، وأكل مال اليتيم ظلماً.


    وفي الحديث عن الرسول(ص): "من أصبح لا يهم بظلم أحد، غفر الله له ما اجترم ـ ما ارتكب من ذنب، وقال(ص): "اتّقوا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة".


    وفي الحديث عن الإمام الصادق(ع): "من أكل مال أخيه ظلماً، ولم يردّه إليه ـ كالذي يستغلّ قوته ووجاهته ويظلم من له مال عنده، فلا يردّه إليه، باعتبار أن لا وثيقة لديه تثبت هذا الحق، فمن يفعل ذلك ـ أكل جذوةً من النار يوم القيامة"، أي أنّ الله يأتي له بجمرة ويقول له: كل هذه الجمرة في مقابل ما أكلته من مال أخيك.

    وهناك حالات ظلم يمارسها بعض أفراد المجتمع، وذلك عندما يُظلَم شخص مستضعف من خلال الحكومة أو من خلال طرف آخر، فنجد بعض الناس يعذرون الظالم في ظلم هذا المستضعف. ألا نسمع بعض الناس يقولون: "يستأهل"، وهذا ما نجد له شاهداً من خلال ما حدث مع الحسين(ع) عندما وقف في وجه يزيد، وقام البعض ليبرر ليزيد ظلمه. يقول الحديث عن الإمام الصادق(ع): "من عذر ظالماً بظلمه، سلّط الله عليه من يظلمه، فإن دعا لم يستجب له ولم يأجره على ظلامته"، فالله ينتقم للمظلوم منك، بأن يجعلك تعيش في مجتمع ظالم يظلمك فيه الآخرون، فتدعو ولا يستجيب الله دعاءك في ذلك.

    وقد ورد عن أبي عبد الله(ع) أيضاً: "العامل بالظلم والمعين له والراضي به شركاء ثلاثتهم". فهؤلاء يعاملهم الله على أساس أنهم شركاء في الظلم.

    وعن رسول الله(ص) أيضاً: "من خاف القصاص كفّ عن ظلم الناس".

    تربية النفس على العدل

    وفي رواية، "دخل رجلان على أبي عبد الله(ص) في مداراة بينهما ومعاملة، فلمّا أن سمع كلامهما قال(ع): أما إنه ما ظفر أحد بخير من ظفر بالظلم، أما إن المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر مما يأخذ الظالم من مال المظلوم، ثم قال: من يفعل الشر بالناس فلا ينكر إذا فُعل به، أما إنه إنما يحصد ابن آدم ما يزرع، وليس يحصد من المر حلواً، ولا من الحلو مراً". فلمّا سمع الرجلان هذا الكلام، اصطلحا قبل أن يقوما، لأنّ الإنسان الذي يفتح عقله وقلبه على الموعظة، يتراجع عن كلّ ما يمكن أن يجعله في موقع الظلم للآخرين.

    أيها الأحبة، إن المسألة هي أننا سوف نقف بين يدي الله سبحانه وتعالى، وسوف يطلب المظلومون من ربهم أن يقتصّ لهم من ظالميهم، والإنسان المظلوم سيقف بين يدي الله ويقول: يا عدل يا حكيم، أحكم بيني وبين فلان فإنه قد ظلمني. فعلى الإنسان أن يعمل على أن لا يظلم أحداً؛ أن لا يظلم زوجته، ولا أولاده، ولا الموظّف الضعيف الذي عنده... وقد قال أحد الشعراء:

    تنام عينك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم

    وهذا ما ينبغي أن نربّي أنفسنا عليه.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X