علم القضاء والقانون الجنائي

[كادر المجلة]

غنيّ عن البيان أن الإمام علياً عليه السلام كان أعظم قاضٍ في الإسلام حتى قال فيه النبي صلى الله عليه واله: "أقضاكم علي"،

وقد اتخذ عليه السلام في قضائه وسائل بارعة عجيبة؛ منها مادية، ونفسية، وشرعية.

المادية: وذلك بالاستدلال بالحقائق العلمية مستخدماً علم الفسيولوجيا للتوضيح والفصل في القضايا، ونضرب لذلك مثالاً: عن أبي جعفر

عليه السلام قال: "كان لرجل على عهد علي عليه السلام جاريتان فولدتا جميعاً في ليلة واحدة إحداهما ابناً والأخرى بنتاً، فعمدت

صاحبة البنت فوضعت بنتها في المهد الذي فيه الابن وأخذت ابنها فقالت صاحبة البنت: الابن ابني، وقالت صاحبة الابن: الابن ابني

فتحاكما إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فأمر أن يوزن لبنهما وقال: أيهما كانت أثقل لبنا فالابن لها".

النفسية: وكثيراً ما كان الإمام عليه السلام يستخدم علم النفس لمعرفة الكاذب من الصادق وكما قال عليه السلام في حكمته المشهورة:

(ما أضمر أحد شيئاً إلّا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه) وهذا من أرفع الوسائل في القضاء ويعتمد ذلك على وضع المدّعي أو

المدّعي عليه في حالة صعبة بحيث يعود بصورة لا شعورية إلى نفسيته الحقيقية، فيتصرف وفق الواقع، كما في قصة نشر الطفل⁽¹⁾،

وقضية السيد والعبد⁽²⁾.

الشرعية: وهو القضاء باتبّاع نصوص القرآن، وقد اعتمد الإمام عليه السلام في كثير من الأحيان على علمه الكبير بالقرآن المتضمن دستور المسلمين وقوانينه وتعاليم الدين الحنيف، وهناك قصصٌ كثيرة لأحكام عديدة حكم بها الإمام عليه السلام بالقرآن مثل المرأة التي ولدت لستة أشهر⁽³⁾ والتي استنبط الإمام حكمها من القرآن الكريم.
...................
⁽¹⁾ (قضاء الإمام علي عليه السلام، ص6).
⁽²⁾ (الكافي، ج7، ص422).
⁽³⁾ (مناقب آل أبي طالب، ج2، ص407).

تم نشره في رياض الزهراء العدد69