إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

واقعة استشهاد الامام علي بن ابي طالب عليه السلام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • واقعة استشهاد الامام علي بن ابي طالب عليه السلام

    بسم الله الرحمن الرحيم
    قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ
    واقعة استشهاد جدي أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام
    صَلَوَاتُ اللهِ وَصَلَوَاتُ مَلائِكَتِهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ وَجَمِيعِ خَلْقِهِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.
    أمَّا بَعْدُ فإني سمعت الله عزّ وجلّ بعقبها يَقُولُ بسَورة الحج فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ صدق الله العلي العظيم الآية.

    خطب رسول الله صلى الله عليه واله في اخر جمعة من شهر شعبان قبل حادثة الاسراء والمعراج عن شهر رمضان وشرفه وثواب الطاعة فيه فقام اليه أمير المؤمنين علي عليه السلام وقال يارسول الله ما افضل الاعمال في هذا الشهر فقال ياابا الحسن افضل الاعمال في هذا الشهر الورع والكف عن محارم الله عز وجل ثم بكى صلى الله عليه واله.

    قال له أمير المؤمنين يارسول الله ما يبكيك قال ياعلي ابكي لما يستحل منك في هذا الشهر كاني بك وانت تصلي لربك وقد انبعث اشقى الاولين والاخرين شقيق عاقر ناقة صالح فيضربك ضربة على مفرق راسك ويشقه نصفين ويخضب لحيتك من دم راسك .

    فقال امير المؤمنين عليه السلام يارسول الله وذلك في سلامة من ديني فقال صلى الله عليه واله في سلامة دينك ثم قال صلى الله عليه واله ياعلي من قتلك فقد قتلني ومن ابغضك فقد ابغضني ومن سبك فقد سبني لانك مني كنفسي وروحك من روحي وطينتك من طينتي وان الله عز وجل خلقني واياك واصطفاني واياك واختارني للنبوة واختارك للامامة فمن انكر امامتك فقد انكر نبوتي ياعلي انت وصي وابو ولدي وزوج ابنتي وخليفتي على امتي في حياتيوبعد موتي امرك امري ونهيك نهي اقسم بالذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية انك حجة الله على خلقه وامينه على سره وخليفته في عباده.

    وذات ليلة رأى علي بن ابي طالب عليه السلام رسول الله صلى الله عليه واله في المنام وهو يمسح الغبار عن وجهه ويقول ياعلي لاعليك قضيت ما عليك وكان الامام قد بلغ من العمر ثلاثا وستين سنة وفي شهر رمضان عام اربعين للهجرة كان الامام يفطر ليلة عند ولده الحسن المجتبى عليه السلام وليلة عند ولده الحسين الشهيد عليه السلام وليلة عند ابنته زينب الكبرى عليها السلام زوجة عبد الله بن جعفر وليلة عند ابنته زينب الصغرى المكنات ام كلثوم عليها السلام.

    وكان امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام في الايام الاخيرة ينعى نفسه وكان عليه السلام يدعو ويسال من الله تعجيل الوفاة وتارة يكشف عن راسه ويرفع يديه للدعاء قائلا اللهم اني قد سئمتهم وسئموني ومللتهم وملوني اما أن ان تخضب هذه للحيته من هذه اي بدم شج راسه وهو يشير الى هامته ولحيته الطاهرة.

    وفي الليلة التاسعة عشر كان الامام في دار ابنته ام كلثوم فقدمت له فطوره في طبق فيه قرصان من خبز الشعير وقصعة فيها لبن حامض وجريش ملح فقال لها قدمتا ادامين في طبق واحد وقد علمت انني متبع ما كان يصنع ابن عمي رسول الله صلى الله عليه واله ما قد له ادامان في طبق واحد حتى قبضه الله اليه مكرما ارفعي احدهما فان من طاب مطعمه ومشربه طال وقوفه بين يدي الله فرفعت اللبن الحامض بامر منه وافطر بالخبز والملح .

    قالت ام كلثوم ثم اكل قليلا وحمد الله كثيرا واخذ في الصلاة والدعاء ولم يزل راكعا وساجدا ومبتهلا ومتضرعا الى الله تعالى وكان يكثر الدخول والخروج وينظر الى السماء ويقول هي هي والله الليلة التي وعدنيها حبيبي رسول الله صلى الله عليه واله ثم رقد هنيئة وانتبه وجعل يمسح وجهه بثوبه ومن بعد ذلك نهض الامام علي عليه السلام قائما وهو يقول اللهم بارك لنا في لقائك ثم صلى حتى ذهب بعض الليل وجلس للتعقيب ثم نامت عيناه وهو جالس فانتبه من نومته وقالت ام كلثوم قال لاولاده اني رايت في هذه الاية رؤيا هالتني واريد ان اقصها عليكم قالوا ماهي قال اني رايت الساعة رسول الله صلى الله عليه واله في منامي وهو يقول لي يا ابا الحسن انك قادم الينا عن قريب يجيء اليك اشقاها فيخضب شيبتك من دم راسك وانا والله مشتاق اليك وانك عندنا في العشرة الاواخر من شهر رمضان فهلم الينا فما عندنا خير لك وابقى.

    قالت ام كلثوم لما سمعوا كلامه ضجوا بالبكاء والنحيب وابدوا العويل فاقسم عليهم بالسكوت فسكتوا ثم اقبل عليهم يوصيهم ويامرهم بالخير وينهاهم عن الشر.

    قالت ام كلثوم لم يزل ابي تلك الليلة قائما وقاعدا وراكعا وساجدا يخرج ساعة بعد ساعة يقلب طرفه في السماء وينظر في الكواكب وهو يقول والله ما كذبت ولا كذبت وانه الليلة التي وعدت بها ثم يعود الى مصلاه ويقول اللهم بارك لي في الموت ويكثر من قول انا لله وانا اليه راجعون ولاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم ويصلي على النبي صلى الله عليه واله ويستعفر الله كثيرا.

    قالت أم كلثوم فلما رأيته في تلك الليلة قلقاً متململاً كثير الذكر والاستغفار أرقت معه ليلتي وقلت يا أبتاه مالي أراك هذه الليلة لا تذوق طعم الرقاد قال يا بنية إن أباك قتل الأبطال وخاض الأهوال وما دخل الخوف له جوفاً وما دخل في قلبي رعب أكثر مما دخل في هذه الليلة ثم قال إنا لله وإنا إليه راجعون.

    فقلت يا أبه مالك تنعى نفسك منذ الليلة قالبنية قد قرب الأجل وانقطع الأمل فبكيت، فقال لي يا بنية لا تبكي فإني لم أقل ذلك إلا بما عهد إلي النبي صلى الله عليه وآله ثم إنه نعس وطوى ساعة ثم استيقظ من نومه وقاليا بنية إذا قَرب الأذان فأعلميني ثم رجع إلى ما كان عليه أول الليل من الصلاة والدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى.

    قالت أم كلثوم فجعلت أرقب الأذان فلما لاح الوقت أتيته ومعي إناء فيه ماء ثم أيقظته فأسبغ الوضوء وقام ولبس ثيابه وفتح بابه ثم نزل إلى الدار وكان في الدار اوز قد اهدي إلى أخي الحسين عليه السلام فلما نزل خرجن وراءه ورفرفن وصحن في وجهه وكن قبل تلك الليلة لم يصحن فقال عليه السلام لا إله إلا الله صوائح تتبعها نوايح وفي غداة غد يظهر القضاء فلما وصل إلى الباب فعالجه ليفتحه فتعلق الباب بمئزره فانحل حتى سقط فأخذه وشده وهو يقول
    اشدد حيازمك للموت فان الموت لاقيكا ولا تجزع من الموت اذا احل بواديكا كما اضحكك الدهر كذاك الدهر يبكيكا ثم قال اللهم بارك لنا في الموت اللهم بارك لنا في لقائك.

    قالت أم كلثوم وكنت أمشي خلفه فلما سمعته يقول ذلك قلت واغوثاه يا أبتاه أراك تنعى نفسك منذ الليلة قال يا بنية ما هو بنعاء ولكنها دلالات وعلامات للموت يتبع بعضها بعضا ثم فتح الباب وخرج إلى المسجد وهو ينشأ ويقول خـلوا سبيل المـؤمن المـجاهد فـي الله ذي الكتب وذي المشاهد فـي الله لا يــعبد غير الواحد ويـوقظ الناس إلـى المســاجد.

    قالت أم كلثوم فجئت إلى أخي الحسن عليه السلام فقلت يا أخي قد كان أمر أبيك الليلة كذا وكذا وهو قد خرج في هذا الليل الغلس فألحقه فقام الحسن بن علي عليه السلام وتبعه فلحق به قبل أن يدخل المسجد فأمره بالرجوع فرجع.

    وكان عدو الله ابن ملجم متخفيا في بيوت الخوارج بالكوفة يتربص الغفلة وينتهز الفرصة بأمير المؤمنين عليه السلام وانبرى لمساعدة ابن ملجم شخصان آخران من الخوارج هما شبيب بن بحره ووردان بن مجالد، وسار الإمام إلى المسجد فصلى النافلة في المسجد ثم علا المئذنة فأذن، فلم يبق في الكوفة بيت إلا اخترقه صوت أمير المؤمنين عليه السلام ثم نزل عن المئذنة وهو يسبح الله ويقدسه ويكبره و يكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وكان يتفقد النائمين في المسجد ويقول للنائم الصلاة الصلاة يرحمك الله قم الى الصلاة المكتوبة ثم يتلو ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر لم يزل الإمام يفعل ذلك حتى وصل إلى ابن ملجم وهو نائم على وجهه وقد أخفى سيفه تحت إزاره فقال له الإمام يا هذا قم من نومتك هذه فإنها نومة يمقتها الله وهي نومة الشيطان ونومة أهل النار بل نم على يمينك فإنها نومة العلماء أو على يسارك فإنها نومة الحكماء أو نم على ظهرك فإنها نومة الأنبياء.

    ثم قال له الامام لقد هممت بشيء تكاد السماوات أن يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا ولو شئت لأنبأتك بما تحت ثيابك ثم تركه واتجه إلى المحراب وبدأ يصلي وكان عليه السلام يطيل الركوع والسجود في صلاته فقام الشقي ابن ملجم وأقبل مسرعاً يمشي حتى وقف بإزاء الأسطوانة التي كان الإمام يصلي عندها فأمهله حتى صلى الركعة الأولى وسجد السجدة الأولى ورفع رأسه منها وشد عليه اللعين ابن ملجم فضرب الإمام على رأسه فشقه نصفين فوقع يخور في دمه وهو يقول بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله ثم صاح الإمام فزت ورب الكعبة.

    وقد وقعت الضربة على مكان الضربة التي ضربه عمرو بن عبد ود العامري في واقعة الخندق ثم اتم صلاته من جلوس فجعل يشد الضربة ويضع التراب على رأسه وهو يقول منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله.

    فاصطفقت أبواب الجامع وضجت الملائكة في السماء وهبت ريح عاصفة سوداء مظلمة ونادى جبرائيل بين السماء والأرض تهدمت والله أركان الهدى وانطمست والله نجوم السماء وأعلام التقى وانفصمت والله العروة الوثقى قتل ابن عم المصطفى قتل الوصي المجتبى قتل علي المرتضى قتل سيد الأوصياء قتله أشقى الأشقياء.

    فلما سمعت أم كلثوم نعي جبرائيل صاحت وا أبتاه وا علياه فخرج الحسنان إلى المسجد وهما يناديان وا أبتاه وا علياه ليت الموت أعدمنا الحياة حتى وصلا المسجد وإذا بالامام في محرابه والدماء تسيل على وجهه وشيبته ووجدوه مشقوق الرأس وقد علته الصفرة من انبعاث الدم وشدّة السم فتقدّم الحسن عليه السلام وصلى بالناس وصلى أمير المؤمنين عليه السلام ايماء من جلوس وهو يمسح الدم عن وجهه وكريمته يميل تارة ويسكن أخرى والحسن ينادي وا انقطاع ظهراه يعز علي أن أراك هكذا.

    ففتح الإمام عليه السلامعينه وقال يا بني لا جزع على أبيك بعد اليوم هذا جدك محمد المصطفى وجدتك خديجة الكبرى وأمك فاطمة الزهراء والحور العين محدقون ينتظرون قدوم أبيك فطب نفساً وقر عيناً وكف عن البكاء فإن الملائكة قد ارتفعت أصواتهم الى السماء.

    ثم شاع الخبر في الكوفة فهرع الناس رجالاً ونساءً حتى المخدرات خرجن من خدورهن إلى الجامع وهم ينادونوا إماماه قتل والله امام عابد مجاهد لم يسجد لصنم كان أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وقد روي أسيد بن صفوان صاحب رسول الله قال لما كان اليوم الذي قبض فيه أمير المؤمنين عليه السلام ارتج الموضع بالبكاء ودهش الناس كيوم قبض النبي صلى الله عليه وآله فدخل الناس الى المسجد فوجدوا الحسن ورأس أبيه في حجره وقد شد الضربة وهي لم تزل تشخب دماً ووجهه قد زاد بياضاً بصفرة وهو يرمق السماء بطرفه
    و لسانه يسبح الله ويوحده فأخذ الحسن عليه السلام رأسه في حجره فوجده مغشياً عليه فعندها بكى بكاء شديدا وجعل يقبل وجه أبيه وما بين عينيه وموضع سجوده فسقطت من دموعه قطرات على وجه أمير المؤمنين عليه السلامففتح عينيه فراه باكيا فقال له الامام أمير المؤمنين عليه السلام يا بني يا حسن ما هذا البكاء يا بني لا روع على أبيك بعد اليوم ‍يا بني أتجزع على أبيك وغدا تقتل بعدي مسموماً مظلوما ويقتل أخوك بالسيف هكذا وتلحقان بجدكما وأبيكما وأمكما.

    فقال له الحسن عليه السلام أبه من الذي فعل بك هذا قال عليه السلام يا بني قتلني ابن اليهودية عبد الرحمن بن ملجم المرادي فقال يا أبه من أي طريق مضى قال لا يمضي أحد في طلبه فانه سيطلع عليكم من هذا الباب وأشار بيده الشريفة الى باب كندة ولم يزل السم يسري في رأسه وبدنه الشريفين حتى أغمي عليه ساعة والناس ينتظرون قدوم ابن ملجم من باب كندة فاشتغل الناس بالنظر إلى الباب وقد غص المسجد بالناس ما بين باك ومحزون فما كانت إلا ساعة وإذا بالصيحة قد ارتفعت من الناس وقد جاؤوا بعدو الله ابن ملجم مكتوفا.

    فوقع الناس بعضهم على بعض ينظرون إليه فأقبلوا به وهم يقولون له يا عدو الله ما فعلت أهلكت أمة محمد بقتلك خير الناس وهو صامت لا ينطق وبين يديه رجل يقال له حذيفة النخعي بيده سيف مشهور وهو يرد الناس عن قتله يقول هذا قاتل الإمام علي عليه السلام حتى أدخلوه المسجد وكانت عيناه قد طارتا في أم رأسه كـأنهما قطعتا علق وقد وقعت في وجهه ضربة قد هشمت وجهه وأنفه والدم يسيل على لحيته وصدره ينظر يمينا وشمالا.

    فلما جاؤوا به أوقفوه بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام فلما نظر اليه الحسن عليه السلام قال له يا عدو الله أنت قاتل أمير المؤمنين ومثكلنا بامام المسلمين هذا جزاؤه منك حيث آواك وقربك وأدناك وآثرك على غيرك هل كان بئس الامام لك حتى جازيته هذا الجزاء يا شقي فلم يتكلم بل دمعت عيناه ثم قال له ابن ملجم يا أبا محمد أفأنت تنقذ من في النار فعند ذلك ضج الناس بالبكاء والنحيب فأمر الحسن عليه السلام بالسكوت.

    ثم التفت الحسن عليه السلام إلى حذيفة وقال له كيف ظفرت بعدو الله وأين لقيته فقال يا مولاي كنت نائما في داري اذ سمعت زوجتي صوت جبرائيل ينعى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يقول تهدمت والله أركان الهدى وانطمست والله أعلام التقى قتل ابن عم المصطفى قتل علي المرتضى قتله أشقى الأشقياء فأيقظتني وقالت لي أنت نائم وقد قتل إمامك علي بن أبي طالب فانتبهت من كلامها فزعا مرعوبا وقلت لها يا ويلك ما هذا الكلام رض الله فاك لعل الشيطان قد ألقى في سمعك هذا إن أمير المؤمنين ليس لأحد من خلق الله تعالى قبله تبعة ولا ظلامة فمن ذا الذي يقدر على قتل أمير المؤمنين وهو الأسد الضرغام والبطل الهمام والفارس القمقام.

    فأكثرت علي وقالت إني سمعت ما لم تسمع وعلمت ما لم تعلم فقلت لها وما سمعت فأخبرتني بالصوت ثم قالت ما أظن بيتا في الكوفة الا وقد دخله هذا الصوت قال وبينما أنا وهي في مراجعة الكلام وإذا بصيحة عظيمة وجلبة وقائل يقول قتل أمير المؤمنين عليه السلام.

    فحس قلبي بالشر فمددت يدي إلى سيفي وسللته من غمده وأخذته ونزلت مسرعا وفتحت باب داري وخرجت فلما صرت في وسط الجادة نظرت يمينا وشمالا وإذا بعدو الله يجول فيها يطلب مهرباً فلم يجد وقد انسدت الطرقات في وجهه فلما نظرت إليه وهو كذلك رابني أمره فناديته من أنت وما تريد فتسمى بغير اسمه وانتمى الى غير كنيته.

    فقلت له مِن أين أقبلت قال من منزلي قلت والى أين تريد أن تمضي في هذا الوقت قال الى الحيرة فقلت ولم لا تقعد حتى تصلي مع أمير المؤمنين عليه السلام صلاة الغداة وتمضي في حاجتك فقال أخشى أن أقعد للصلاة فتفوتني حاجتي فقلت يا ويلك اني سمعت صيحة وقائلا يقول قتل أمير المؤمنين عليه السلام فهل عندك من ذلك خبر قال لا علم لي بذلك فقلت له ولم لا تمضي معي حتى نحقق الخبر وتمضي في حاجتك فقال أنا ماض في حاجتي وهي أهم من ذلك.

    فلما قال لي مثل ذلك القول، قلت يا لكع الرجال حاجتك أحب إليك من السؤال عن أمير المؤمنين وإمام المسلمين إذا والله ما لك عند الله من خلاق وحملت عليه بسيفي وهممت أن أعلو به فراغ عني فبينما أنا أخاطبه وهو يخاطبني إذ هبت ريح فكشفت إزاره وإذا بسيفه يلمع تحت الإزار وكأنه مراة مصقولة فلما رأيت بريقه تحت ثيابه قلت يا ويلك ما هذا السيف المشهور تحت ثيابك لعلك أنت قاتل أمير المؤمنين فأراد أن يقول لا فأنطق الله لسانه فقال نعم.

    فرفعت سيفي وضربته فرفع سيفه وهم أن يعلوني به فانحرفت عنه فضربته على ساقيه فأوقعته ووقع لحينه ووقعت عليه وصرخت صرخة شديدة وأردت أخذ سيفه فمانعني عنه فخرج أهل الحيرة فأعانوني عليه حتى أوثقته وجئتك به فهو بين يديك جعلني الله فداك فاصنع به ما شئت.

    فقال الامام الحسن عليه السلام لأمير المؤمنين عليه السلام هذا عدو الله وعدوك ابن ملجم قد أمكن الله منه وقد حضر بين يديك ففتح أمير المؤمنين عليه السلام عينه ونظر إليه وهو مكتوف وسيفه معلق في عنقه، فقال له بضعف وانكسار صوت ورأفة ورحمة يا هذا لقد جئت أمرا عظيما وخطبا جسيما أبئس الامام كنت لك حتى جازيتني بهذا الجزاء ألم أكن شفيقا عليك وآثرتك على غيرك وأحسنت إليك وزدت في عطائك ألم أكن يقال لي فيك كذا وكذا فخليت لك السبيل ومنحتك عطائي وقد كنت أعلم أنك قاتلي لا محالة ولكن رجوت بذلك الاستظهار من الله تعالى عليك يا لكع فغلبت عليك الشقاوة فقتلتني يا شقي الأشقياء فدمعت عينا ابن ملجم وقال يا أمير المؤمنين أفأنت تنقذ من في النار.

    ثم التفت عليه السلاما الى ولده الحسن عليه السلام وقال له ارفق يا ولدي بأسيرك وارحمه وأحسن اليه وأشفق عليه ألا ترى إلى عينيه قد طارتا في أم رأسه وقلبه يرتجف خوفا وفزعا فقال له الامام الحسن عليه السلام يا أبه قد قتلك هذا اللعين الفاجر وأفجعنا فيك وأنت تأمرنا بالرفق به فقال نعم يا بني نحن أهل بيت لا نزداد على الذنب الينا الا كرما وعفوا والرحمة والشفقة من شيمتنا بحقي عليك فأطعمه يا بني مما تأكله واسقه مما تشرب، ولا تقيد له قدما ولا تغل له يدا فان أنا مت فاقتص منه بأن تقتله وتضربه ضربة واحدة وان أنا عشت فأنا أولى به بالعفو عنه وأنا أعلم بما أفعل به.

    ثم أمر أن يحملوه من ذلك المحراب إلى موضع مصلاه في منزله قال محمد بن الحنفية فحملناه والناس حوله وهم في أمر عظيم باكون محزونون قد أشرفوا على الهلاك من شدة البكاء والنحيب وكان الحسين عليه السلام يبكي ويقول وا أبتاه من لنا بعدك ولا يوم كيومك الا يوم رسول الله صلى الله عليه وآله وكأني بزينب لما نظرت الى أمير المؤمنين وهو محمول على الأكتاف نادت وا أبتاه وا علياه.

    قال محمد بن الحنفية لما طرحناه على فراشه أقبلت أم كلثوم وزينب وهما يندبانه ويقولان من للصغير حتى يكبر ومن للكبير بين الملأ يا أبتاه حزننا عليك طويل وعبرتنا لا تبرح ولا ترقى قال فضج الناس من وراء الحجرة بالبكاء والنحيب وفاضت دموع أمير المؤمنين على خديه وهو يقلّب طرفه وينظر الى أهل بيته.

    اجتمع الأطباء والجراحون فوصفوا للامام اللبن لأن سيف ابن ملجم كان مسموما فكان اللبن طعامه وشرابه ودعى الامام بولديه الحسن والحسين وجعل يقبلهما ويحضنهما لأنه علم أنه سيفارقهما وكان يغمى عليه ساعة بعد ساعة فناوله الحسن قدحا من اللبن فشرب منه قليلا ثم نحاه عن فمه وقال احملوه إلى أسيركم ثم قال للحسن يا بني بحقي عليك الا ما طيّبتم مطعمه ومشربه وارفقوا به وتطعمه مما تأكل وتسقيه مما تشرب حتى تكون أكرم منه وكان اللعين ابن ملجم محبوسا في بيت فحملوا اليه اللبن وأخبروه بعطف الامام وحنانه على قاتله فشرب اللبن.

    قال محمد بن الحنفية بتنا ليلة عشرين من شهر رمضان مع أبي وقد نزل السم الى قدميه وكان يصلي تلك الليلة من جلوس ولم يزل يوصينا بوصاياه ويعزينا عن نفسه ويخبرنا بأمره الى طلوع الفجر فلما أصبح استأذن الناس عليه فأذن لهم بالدخول فدخلوا عليه واقبلوا يسلمون عليه وهو يرد عليهم السلام ثم يقول أيها الناس اسألوني قبل أن تفقدوني وخففوا سؤالكم لمصيبة أمامكم فبكى الناس بكاء شديدا وأشفقوا أن يسألوه تخفيفا عنه فقام اليه حجر بن عدي الطائي وانشد قائلا فيا أسـفي على الـمـولى التقي أبي الأطـهار حـيدرة الــزكي قتـله كافر حـنث زنيـــم لعين فــاسـق نغل شقـــي فلما بصر به الامام وسمع شعره قال له كيف بك إذا دعيت إلى البراءة مني فما عساك أن تقول فقال والله يا أمير المؤمنين لو قطعت بالسيف إربا إربا وأضرم لي النار وألقيت فيها لاثرت ذلك على البراءة منك فقال عليه السلام وفقت لكل خير يا حجر جزاك الله عن أهل بيت نبيك .

    ثم قال عليه السلام هل من شربة لبن فأتوه بلبن فشربه كله فذكر عليه السلام ابن ملجم وأنه لم يترك له من اللبن شيئا فقال وكان أمر الله قدرا مقدورا اعلموا أني شربت الجميع ولم أبق لأسيركم شيئا من هذا ألا وانه آخر رزقي من الدنيا فبالله عليك يا بني الا ما سقيته مثل ما شربت فحمل الإمام الحسن عليه السلام الى ابن ملجم اللبن فشرب.

    والناس مجتمعون على باب بيت الامام فخرج اليهم الامام الحسن وأمرهم عن قول أبيه بالانصراف فانصرف الناس وكان الأصبغ بن نباتة جالسا فلم ينصرف فخرج الامام الحسن مرة ثانية وقال يا أصبغ أما سمعت قولي عن أمير المؤمنين فقال بلى ولكني رأيت حاله فأحببت أن أنظر اليه فأسمع منه حديثا فاستأذن لي رحمك الله.

    فدخل الحسن ولم يلبث أن خرج فقال له أدخل قال الأصبغ فدخلت على أمير المؤمنين عليه السلام فاذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء فلم أشعر أن وجهه أشد صفرة من العمامة أوأشد صفرة منه وقد نزف الدم واصفر وجهه فأكببت عليه فقبلته وبكيت فقال لي لا تبك يا أصبغ فانها والله الجنة.

    فقلت له جعلت فداك اني اعلم والله انك تصير إلى الجنة وانما أبكي لفقدك يا أمير المؤمنين ثم دعى بابنيه الحسن والحسين وفتح يده وضمهما إلى صدره وعيناه تهملان دموعاً ثم أغمي عليه ساعة طويلة وأفاق وإذا هو يرفع فخذا ويضع أخرى من شدة الضربة وكثرة السم.

    فقال لي يا أصبغ أما سمعت قول الحسن عن قولي قلت بلى يا أمير المؤمنين و لكني رأيتك في حالة فأحببت النظر إليك وأن أسمع منك حديثا فقال لي اقعد فما أراك تسمع مني حديثا بعد يومك هذا اعلم يا أصبغ أني أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله عائدا كما جئت الساعة فقال يا أبا الحسن اخرج فناد في الناس الصلاة جامعة واصعد المنبر وقم دون مقامي بمرقاة، وقل للناس ألا من عق والديه فلعنة الله عليه ألا من أبق من مواليه فلعنة الله عليه ألا من ظلم أجيرا أجرته فلعنة الله عليه.

    يا أصبغ ففعلت ما أمرني به حبيبي رسول الله فقام من أقصى المسجد رجل فقال يا أبا الحسن تكلمت بثلاث كلمات أوجزتهن فلم أر جوابا حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه واله فقلت ما كان من الرجل قال الأصبغ ثم أخذ بيدي وقال يا أصبغ ابسط يدك فبسطت يدي فتناول إصبعا من أصابع يدي وقال يا أصبغ كذا تناول رسول الله إصبعا من أصابع يدي كما تناولت اصبعا من أصابع يدك ثم قال يا أبا الحسن ألا واني وأنت أبوا هذه الأمة فمن عقنا فلعنة الله عليه ألا واني وأنت موليا هذه الأمة من أبق عنا لعنة الله عليه ألا واني وأنت أجيرا هذه الأمة فمن ظلمنا أجرنا فلعنة الله عليه ثم قال امين فقلت امين .

    قال الأصبغ ثم أغمي على الامام فأفاق وقال لي أقاعد أنت يا أصبغ قلت نعم يا مولاي قال أزيدك حديثا آخر قلت نعم زادك الله من مزيدات الخير قال يا أصبغ لقيني رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض طرقات المدينة وأنا مغموم قد تبين الغم في وجهي قال لي يا أبا الحسن أراك مغموما ألا أحدثك بحديث لا تغتم بعده أبدا قلت نعم قال اذا كان يوم القيامة نصب الله منبرا يعلو منابر النبيين والشهداء ثم يأمرني الله أن أصعد فوقه ثم يأمرك الله أن تصعد دوني بمرقاة ثم يأمر الله ملكين فيجلسان دونك بمرقاة فاذا استقللنا على المنبر لا يبقى أحد من الأولين والآخرين الاحضر فينادي الملك الذي دونك بمرقاة معاشر الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي أنا رضوان خازن الجنان ألا ان الله بمنه وكرمه وفضله وجلاله أمرني أن أدفع مفاتيح الجنة إلى محمد وأن محمدا أمرني أن أدفعها الى علي بن أبي طالب فاشهدوا لي عليه ثم يقوم الذي تحت ذلك الملك بمرقاة مناديا يسمعه أهل الموقف معاشر الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي أنا مالك خازن النيران ألا ان الله بمنه وكرمه وفضله وجلاله قد أمرني أن أدفع مفاتيح النار الى محمد وأن محمدا أمرني أن أدفعها إلى علي بن أبي طالب فاشهدوا لي عليه فآخذ مفاتيح الجنان والنيران يا علي فتأخذ بحجزتي وأهل بيتك يأخذون بحُجْزتك وشيعتك يأخذون بحُجْزة أهل بيتك قال الإمام فصفقت بكلتا يدي وقلت والى الجنة يا رسول الله قال اي ورب الكعبة.

    ثم نظر الامام الى أولاده فراهم تكاد أنفسهم تزهق من النوح والبكاء فجرت دموعه على خديه ممزوجة بدمه قال عليه السلام أتبكيا علي ابكيا كثيرا واضحكا قليلا أما أنت يا أبا محمد ستقتل مظلوما مسموما مضطهدا وأما أنت يا أبا عبد الله فشهيد هذه الأمة وسوف تذبح ذبح الشاة من قفاك وترض أعضاؤك بحوافر الخيل ويطاف برأسك مماليك بني أمية وحريم رسول الله صلى الله عليه واله تسبى وأن لي ولهم موقفا يوم القيامة.

    وأقبلت إليه أم كلثوم وزينب وهما يندبانه ويقولان من للصغير حتى يكبر ومن للكبير بين الملا يا أبتاه حزننا عليك طويل وعبرتنا لا تبرح ولا ترقا فضج من كان حاضرا بالبكاء ففاضت دموع أمير المؤمنين على خديه وهو يقلب طرفه وينظر إلى أهل بيته.

    وفي مثل هذه الليلة أحضر عند الامام عليه السلام عروة السلولي وكان أعرف أهل زمانه بالطب فذبح شاة وأخرج منها عرقا فأدخله في جرح الامام ثم أخرجه واذا عليه بياض الدماغ فقال الطبيب بعد أن استعبر وبكى اعهد عهدك يا أمير المؤمنين فان الضربة وصلت إلى الدماغ.

    قال محمد بن الحنفية لما كانت ليلة احدى وعشرين جمع أبي أولاده وأهل بيته وودعهم ثم قال لهم الله خليفتي عليكم وهو حسبي ونعم الوكيل وتزايد ولوج السم في جسده حتى نظرنا الى قدميه وقد احمرتا جميعا فكبر ذلك علينا وأيسنا منه ثم عرضنا عليه المأكول والمشروب فأبى أن يشرب فنظرنا إلى شفتيه يختلجان بذكر الله ثم نادى أولاده كلهم بأسمائهم واحدا بعد واحد وجعل يودعهم وهم يبكون فقال الحسن ما دعاك إلى هذا فقال أمير المؤمنين يا بني اني رأيت جدك رسول الله صلى الله عليه وآله في منامي قبل هذه الكائنة بليلة فشكوت اليه ما أنا فيه من التذلل والأذى من هذه الأمة فقال لي ادع عليهم فقلت اللهم أبدلهم بي شرا مني وأبدلني بهم خيرا منهم فقال لي رسول الله قد استجاب الله دعاك سينقلك الينا بعد ثلاث وقد مضت الثلاث يا أبا محمد أوصيك ويا أبا عبد الله خيرا فأنتما مني وأنا منكما.

    ثم التفت إلى أولاده الذين من غير فاطمة عليها السلام وأوصاهم أن لا يخالفوا أولاد فاطمة يعني الحسن والحسين عليه السلام ثم قال احسن الله لكم العزاء ألا واني منصرف عنكم وراحل في ليلتي هذه ولاحق بحبيبي محمد صلى الله عليه واله كما وعدني فاذا أنا مت فغسلني وكفني وحنطني ببقية حنوط جدك رسول الله فانه من كافور الجنة جاء به جبرائيل اليه ثم ضعني على سريري ولا يتقدم أحد منكم مقدم السرير واحملوا مؤخره واتبعوا مقدمه فأي موضع وضع المقدم فضعوا المؤخر فحيث قام سريري فهو قبري ثم تقدم يا أبا محمد وصل علي وكبر علي سبعا واعلم أنه لا يحل ذلك على أحد غيري الا على رجل يخرج من آخر الزمان اسمه القائم المهدي من ولد أخيك الحسين يقيم اعوجاج الحق.
    فإذا أنت صليت علي فنح السرير عن موضعه ثم اكشف التراب عنه فترى قبرا محفورا ولحدا مثقوبا وساجة منقوبة فأضجعني فيها فاذا أردت الخروج من قبري فتفقدني فانك لا تجدني واني لاحق بجدك رسول الله (صلى الله عليه واله) واعلم يا بني ما من نبي يموت وان كان مدفونا بالمشرق ويموت وصيه بالمغرب الا ويجمع الله عز وجل بين روحيهما وجسديهما ثم يفترقان فيرجع كل واحد منهما إلى موضع قبره والى موضعه الذي حط فيه ثم أشرج اللحد باللبن وأهل التراب علي ثم غيب قبري.

    ثم أوصى امير المؤمنين عليه السلام بوصبة الى أولاده عن سليم بن قيس الهلالي قال شهدت وصية علي بن أبي طالب عليه السلام حين أوصى الى ابنه الحسن واشهد على وصيته الحسين ومحمد بن الحنفية وجميع ولده ورؤساء أهل بيته وشيعته ودفع اليه الكتب والسلاح ثم قال يا بني أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن أوصي اليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى الي رسول الله ودفع الي كتبه وسلاحه وأمرني أن امرك اذا حضرك الموت أن تدفعه الى أخيك الحسين.

    ثم أقبل على ابنه الحسين فقال وأمرك رسول الله صلى الله عليه واله أن تدفعه الى ابنك علي بن الحسين ثم اقبل الى ابنه علي بن الحسين فقال له وأمرك رسول الله أن تدفع وصيتك الى ابنك محمد بن علي فأقرأه من رسول الله صلى الله عليه وآله ومني السلام ثم أقبل على ابنه الحسن فقال يا بني أنت ولي الأمر بعدي وولي الدم فان عفوت فلك وان قتلت فضربة مكان ضربة ولا تحرقه بالنار ولا تمثل بالرجل فإني سمعت جدك رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول اياكم والمثلة ولو بالكلب العقور.

    ثم عرق جبين الامام فجعل يمسح العرق بيده فقالت ابنته زينب يا أبه أراك تمسح جبينك قال يا بنية سمعت جدك رسول الله صلى الله عليه وآله يقول إن المؤمن اذا نزل به الموت ودنت وفاته عرق جبينه وصار كاللؤلؤ الرطب وسكن أنينه فقامت عليها السلام وألقت بنفسها على صدر أبيها وقالت يا أبه حدثتني أم أيمن بحديث كربلاء وقد أحببت أن اسمعه منك فقال يا بنية الحديث كما حدثتك أم أيمن وكأني بك وبنساء أهلك لسبايا بهذا البلد خاشعين تخافون أن يتخطفكم الناس فصبراً صبراً.

    ثم التفت الامام إلى ولديه الحسن والحسين عليه السلام وقال يا أبا محمد ويا أبا عبد الله كأني بكما وقد خرجت عليكما من بعدي الفتن من هاهنا وهاهنا فأصبرا حتى يحكم الله وهــو خيـــر الحاكمين يا أبا عبد الله أنت شهيد هذه الأمة فعليك بتقوى الله والصبر على بلائه.

    ثم أغمي عليه وأفاق وقال هذا رسول الله وعمي حمزة وأخي جعفر وأصحاب رسول الله كلهم يقولون عجل قدومك علينا فانا اليك مشتاقون.

    ثم أدار عينيه في أهل بيته كلهم وقال استودعكم الله جميعاً حفظكم الله سددكم الله جميعا وهو خليفتي عليكم وكفى بالله خليفة ثم قال وعليكم الســـلام يا رســـل ربي لمثل هذا فليعمل العاملون ان الله مع الذين اتقـــوا والذين هـــم محـــسنون.

    ومازال يذكر الله ويتشهد الشهادتين ثم استقبل القبلة وغمض عينيه ومدد رجليه ويديه وقال أشـــهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم قضى نحبه وفاضت روحه الطاهرة ولقي ربه شهيدا مظلوما رحم الله من نادى واإماماه واعلياه واسيداه فانا لله وإنا إليه راجعون.
    بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن أشهد ان الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا .

  • #2
    جزيتم خيرا استاذنا......

    لَيْتَ شِعْرِي أللْشَقاءِ وَلَدَتْنِي أُمِّي أَمْ لِلْعَناءِ رَبَّتْنِي ؟

    فَلَيْتَها لَمْ تَلِدْنِي وَلَمْ تُرَبِّنِي

    وَلَيْتَنِي عَلِمْتُ أَمِنْ أَهْلِ السَّعادَةِ جَعَلْتَنِي وَبِقُرْبِكَ وَجِوارِكَ خَصَصْتَنِي،

    فَتَقَرَّ بِذلِكَ عَيْنِي وَتَطْمَئِنَّ لَهُ نَفْسِي.

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة ليت امي لم تلدني مشاهدة المشاركة
      جزيتم خيرا استاذنا......
      حبا وكرامة ايتها الاخت الكريمة
      بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن أشهد ان الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا .

      تعليق


      • #4

        ماجورين
        احسنتم واعظم الله لكم الاجر

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة زينب العقيلة مشاهدة المشاركة

          ماجورين
          احسنتم واعظم الله لكم الاجر

          اعظم الله لكم الاجر والثواب بهذا المصاب الجلل
          بارك الله فيكم
          حسبنا الله ونعم الوكيل
          بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن أشهد ان الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا .

          تعليق


          • #6
            اللهم عجل لصاحب المقام الكريم والقرار المكين الفرج والعافية والنصر
            واعظم الله لنا ولكم الاجر والثواب بهذا المصاب
            السلام عليك ياامير المؤمنين ورحمة الله وبركاته
            اللهم صل على محمد وال محمد الاوصياء المرضيين بافضل صلواتك وبارك عليهم بافضل بركاتك والسلام عليهم وعلى ارواحهم واجسادهم ورحمة الله وبركاته

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
            x
            يعمل...
            X