تركت الفتوى الجهادية الكفائية ثقلها في الميدان العسكري والسياسي والنفسي، وأحدثت صدمة لدى الأعداء وبنفس الوقت أحدثت
فرحة عارمة لدى المؤمنين، وأوقفت زحف الإرهاب صوب بغداد ونقلت المعركة إلى مرحلة الهجوم وإبعاد الخطر
عن الهدف الرئيسي للتكفيريين وحلفهم البغيض.
لم تصدر فتوى بالجهاد منذ فتوى المرجع السيّد محمد تقي الشيرازي في ثورة العشرين بهذا المستوى إلا على يد المرجع الديني
الأعلى سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني (دام ظله) ورغم أن فتوى الجهاد ضد الاحتلال البريطاني لها ثقلها
وقوتها وآثارها في المجتمع الشيعي لكنها لم ترتقِ إلى ثقل وقوة وبركة الفتوى الجهاديّة السيستانية.
إذن كما أن المرجع يفتي بتنظيم أمور المجتمع الانتظاري كذلك له صلاحية الفتوى بالجهاد الكفائي والجهاد الدفاعي الذي يحفظ
بيضة الإسلام والمسلمين من الكفار والمنافقين.
نستطيع أن نرصد مجموعة من الآثار والبركات لهذه الفتوى مما يجعلها فعلاً فتوى تمهّد للظهور بشكل كبير ومؤثر
وهي بمثابة الانعطافة للمسيرة الانتظارية ومرحلة انتقاليّة نحو الظهور، بل نستطيع أن نقول إنها فتحت الباب أمام الظهور المبارك
وهذا ما نلتمسه من هذه النقاط التي نلقيها في الميدان الثقافي الفكري المهدوي إن الفتوى:
1. حفظت دماء المجتمع الانتظاري وأمنه ومقدساته من أعنف مخطط تآمري ضده.
2. أعطت للمنتظرين زخماً روحيّاً وحماسيّاً منقطع النظير بحيث وصلت أعداد المتطوعين إلى الملايين بفترة قصيرة جدا
واحتارت بهم أجهزة الدولة.
3. أسقطت كل الشبهات والتهم التي كانت تحدث إمّا بسبب التخطيط المخابراتي لزعزعة المجتمع الانتظاري وفصله عن قيادته
الحقيقية أو بسبب بعض النفوس الجاهلة التي لا تعي ولا تعرف ما هو الدور الحقيقي للمرجعية العليا.
4. عززت الثقة بالحكمة التي تتمتع بها المرجعية بكونها صمام أمان الأمّة وحافظ وحدتها وأمنها ومصدر قوتها،
وأزالت كلّ شك وريبة في هذا الأمر.
5. نقلت المجتمع الانتظاري إلى حالة التعبئة العسكرية وفق القوانين التي لا تخالف الدستور المحلي والدولي والإنساني.
6. وحّدت الجهود الانتظارية التي كانت تتحرك بحركة انفرادية متفرّقة غير مدروسة.
7. لم تعهد الحوزة العلمية وأنظمتها الإدارية نوعاً من التحرك العسكري والتعبوي منذ زمن طويل، فانخرط أغلب الطلبة والمشايخ
في التدريب بل وجدنا علماء هم يتدربون على السلاح وتواجدوا في أرض المعركة وفي الصفوف الأولى.
8. تشكّلت أفواج من المتطوعين لخدمة العتبتين الحسينيّة والعباسيّة وتحوّلت إلى أفواج مقاتلة كان لها شرف التواجد في
الميدان العسكري مما عزّز صفوف الجيش العراقي.
9. خلقت وعياً كبيراً لدى المجتمع الانتظاري للخطر المحدّق بالوطن وبما يحتاجه من مسؤوليات وتضحيات.
10. هذا الوعي خلق ثقافة وسلوكاً جديداً لم يعهده الشارع من قبل بحيث الكل يتحدث عن كيفيّة البرامج التعبوية
وعن التهيئة العسكرية ويتابع الأحداث أولاً بأول وهو في وسط صنع القرار.
11. لم تقتصر على فئة معينة دون أخرى بالعمر أو النوع ولا بطبقة دون أخرى بل انتشرت في جميع أروقة المجتمع فنجدها في
السوق والمصنع والمدرسة والجامعة وجميع مؤسسات الدولة.
12. أكّدت على مسألة الاستشهاد لمن يموت في أرض المعركة وهذا باب عظيم للمؤمنين بحيث يشعر أنه يقاتل
تحت راية الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ممّا ولد له اطمئنان وراحة.
13. أكّدت على عظمة وقوة وحضور المسيرة الحركية للمرجعية الدينيّة وقيادتها للمجتمع الانتظاري.
هذا كلّه جعل من وجود انعطافة كبيرة في الحركة الانتظارية، ودخول مرحلة جديدة في المجتمع سيكون لها ثقافة خاصة وسلوكاً خاصاً
ونمطاً جديداً لحركة الانتظار.
المصدر: منتدى مركز الدراسات التخصّصية في الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
تم نشره في رياض الزهراء العدد100
تعليق