إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قراءة في حديث (إن زوار الحسين هم الصديقون)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قراءة في حديث (إن زوار الحسين هم الصديقون)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    أخرج ابن قولويه قال : حدثني الحسن بن عبد الله بن محمد بن عيسى ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن شجرة ، عن سلاّم الجعفي ، عن عبد الله بن محمد الصنعاني ، عن أبي جعفر (ع) قال : «كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل الحسين عليه السلام جذبه إليه ثمّ يقول لأمير المؤمنين عليه السلام : امسكه ، ثم يقع عليه فيقبله ويبكي فيقول الحسين (ع): يا أبه لم تبك ، فيقول النبي (ع) : يا بني اقبّل موضع السيوف منك وأبكي . قال الحسين (ع) : يا أبه وأُقتَلْ؟!. قال النبي (ص): أي والله وأبوك وأخوك وأنت . قال الحسين (ع) : يا أبه فمصارعنا شتى؟! ، قال النبي (ص): نعم يا بني . قال الحسين (ع): فمن يزورنا من أمّتك؟!. قال النبي (ص): لا يزورني ويزور أباك وأخاك وأنت الاّ الصدّيقون من أمتي» ([1]) .
    أقول : الرواة ثقات إلى علي بن شجرة الثقة ؛ وأمّا سلاّم الجعفي والصنعاني فمجهولان ، لكن السند مع ذلك صحيح ؛ ففيه الحسن بن محبوب المجمع على تصحيح ما يصحّ عنه ، فلا تضر جهالة من بعده 1 في اعتماد متن أخبار المعصومين التي تصحّ إليه .وليس في صحيحة أو مصحّحة ابن محبوب ما يستحق النّظر إلاّ القول بأنّ زائري الحسين صدّيقون ، وهو مشكل فيما قد يقال ؛ فأكثر زوّار الحسين (A) ليست لهم هذه الرتبة المقدّسة ؛ فقد يقال بأنّ الصدّيقين فيما يظهر من القرآن ، هم أصحاب الصراط المستقيم بمقتضى قوله تعالى في سورة الفاتحة: Pاهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ..Oالآية، والذين أنعم الله عليهم هم: (وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً (68) وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً) ، فتلخص ان الصديقين من الذين أنعم الله عليهم والذين أنعم الله عليهم هم أهل الصراط، وأهل الصراط معصومون، فما معنى أن يكون كلّ زوّار الإمام الحسين (ع) من الصدّيقين ، مع أنّهم -إلاّ قليلا- ليسوا من الصدّيقين بالعلم الضروري؟!!.

    والجواب: ان زوار الحسين (ع)، وان لم يكونوا من الصديقين حقيقة إلاّ ان الله تعالى يلحقهم بهم يوم القيامة لأتباعهم إياهم، والدليل على ذلك قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْO([2]) ، فعمم حكم الصديقين والشهداء لكل من أتبعهم بإيمان، وعلى هذا المعنى يؤكد العلامة الطبطبائي في الميزان حيث يقول: Sفهؤلاء الذين آمنوا بالله و رسله ملحقون بالصديقين و الشهداء منزلون منزلتهم عند الله أي بحكم منه لهم أجرهم و نورهم)([3]).

    يدلّ على أصل ذلك ما أخرجه الكليني (ره) عن الصادق (ع) قال : قال الله عز وجل : «عبدي المؤمن لا أصرفه في شيء إلاّ جعلته خيراً له ، فليرض بقضائي ، وليصبر على بلائي ، وليشكر نعمائي ، أكتبه يا محمد من الصديقين عندي» ([4]) ، فالله سبحانه لم يقل هو من الصّديقين على الحقيقة ، بل له حكمهم تعبّداً وتشريفاً ، ولا معنى لـ : «أكتبه» غير هذا .


    توضيح ذلك: إن زوار الحسين (ع) ، وإن لم يكونوا من الصديقين حقيقة إلا إنهم منهم حكماً، لمشابهته إياهم من جهة الصدق، فالصدّيق هو مبالغة في الصدق و من الصدق ما هو في القول، و منه ما هو في الفعل، يقول العلامة الطباطبائي في تعريف الصدّيق: فالصدّيق الذي لا يكذب أصلا هو الذي لا يفعل إلا ما يراه حقا من غير اتباع لهوى النفس، و لا يقول إلا ما يرى أنه حق، و لا يرى شيئا إلا ما هو حق فهو يشاهد حقائق الأشياء، و يقول الحق، و يفعل الحق.

    وزوار الحسين (ع) شابهوا هؤلاء من هذه الجهة فكانوا من الصدّيقين حكما لا حقيقة.

    وهذا المعنى غير عزيز في القرآن والسنة، فالقرآن يطلق لفظ الشهداء حقيقة على حصة خاصة من البشر وهم الشهداء على أعمال أممهم، كما يظهر ذلك في قوله تعالى: وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاء، فوصف النبي (ص) بالشهيد على هذه الأمة، وكذلك حكاية عن عيسى (ع)، حيث قال: وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ، فهو شهيد على أمته، بل سائر الأنبياء والمرسلين كما في قوله تعالى: وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً، بل لمطلق هذه الأمة المرحومة كما في قوله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً، وعليه فالشهادة ليست هي القتل في سبيل الله وإنما هي شهادة الأنبياء والأوصياء على أفعال أممهم، يقول العلامة الطباطبائي في ذلك: أن المراد بالشهداء شهداء الأعمال فيما يطلق من لفظ الشهيد في القرآن دون المستشهدين في معركة القتال، وقد أطلق القرآن لفظ الشهداء على من يقتل في سبيل الله لشبهه فيهم فأخذ حكمهم.

    أخرج ابن جرير عن البراء بن عازب قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: مؤمنوا أمتي شهداء، ثم تلا النبي (ص): و الذين آمنوا بالله و رسله أولئك هم الصديقون - و الشهداء عند ربهم.

    و في تفسير العياشي، بإسناده عن منهال القصاب قال: لأبي عبد الله (ع): ادع الله أن يرزقني الشهادة فقال: إن المؤمن شهيد و قرأ هذه الآية.


    وبنفس الجواب نجيب عن الحديث السابق الذي أخرجه ابن قولويه في كامل الزيارات من طريق صحيح قال : وحدثني محمد بن الحسن ، عن محمد بن الحسن الصفار وسعد بن عبد الله جميعاً ، عن علي بن اسماعيل ، عن محمد بن عمرو الزيات ، عن هارون بن خارجة ، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (ع)يقول : « من أتى قبر الحسين عليه السلام عارفاً بحقه كتبه الله في أعلى عليين»([5]) .



    ([1]) كامل الزيارات (ابن قولويه) : 146 .

    ([2]) الحديد: 19.

    ([3]) الميزان في تفسير القرآن: ج19، ص88.

    ([4]) الكافي (الكليني) 2 : 61 .

    ([5]) كامل الزيارات (ابن قولويه) : 280 .


المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X