بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
بحث وتحقيق حول السيدة رقية بنت الحسين عليه السلام للخطيب سماحة الشيخ النظري المنفرد في مراسم عزاء أقيمت في بيت سماحة آية الله فاضل لن?راني رضوان الله تعالي عليه.
سأتناول في الدقائق المتبقية من حديثي مطالب تتعلق بالسيدة رقية«سلام الله عليه»، فمع الأسف بثّت وسائل الإعلام مطالب تر?ت أثراً سيئاً في النفوس، وقد التفتنا إلي هذه الآثار المضرة والسيئة عبر ما ينشره الناس من أسئلة «إما من خلال الحضور هنا، أو عبرالاتصال الهاتفي، و...».وينبغي الأخذ بنظر الاعتبار عدة أمور:أولاً: ما وصل إلينا من السلف إما يتعلق بالفقه أحياناً، ويتضمن ما يجب وما لا يجب فعله أو تر?ه، وقد أتعب الفقهاء أنفسهم وبذلوا جهوداً حثيثة ومظنية في ذل?، من خلال مراجعتهم للروايات وأسنادها، لإثبات صحتها وسقمها، وعامها وخاصها، وموارد التعارض فيها، ?ل ذل? فحصوا عنه وحللوه وفسروه، و?أنهم يريدون أن يقولوا للناس: اعملوا العمل الفلاني، أو اجتنبوا الفعل قبيح، وهذا بحاجة إلي عمل متواصل ودقيق.المجموعة الأخري التي وصلتنا هي المسائل الأخلاقية، فهذه الروايات الأخلاقية التي نقرغ†ها، لا يذهب أحد ليري سندها، لأن الروايات الأخلاقية إما أن ت?ون مدعومة بالعقل أوسيرة العقلاء، فالعقل مثلاً يح?م بقبح الظلم، وحسن العدل، وحسن رد الأمانة، وقبح الخيانة، ولهذا، فهم لا يذهبون ليفتشوا عن أسناد هذه الروايات الأخلاقية.وهنا? من الأمور تتعلق بالمسائل العقائدية، ففي المسائل العقائدية، ليس الأصل فيها روائياً، بل عقلياً «?وجود الله، النبي، المعاد، و...»
نعم، تثبت جزئيات هذه الأمور بالخبر الصحيح، فجاءوا بخبر صحيح في المسائل العقائدية، ومغ†يد هذا الشيء ما يفهمه العقل، وهذا أيضاً مهم بالنسبة للمسائل العقائدية.أما بالنسبة إلي الفضائل والرذائل، ونحن في هذا القسم، فنفتش عن السند، لماذا؟ لاحتمال الوضع والجعل في مثل هذه الأمور، فمثلاً قال فلان شخص من صحابة رسول الله صلي الله عليه وآله ?ذا و?ذا، هل هذا صحيح؟ وهل ?ان ?ذل? حقيقة؟ فينبغي مشاهدة السند، والتدقيق فيه، لاحتمال الجعل في الفضائل والرذائل، ولهذا هم يبحثون عن السند، ونحن في مسائل الفضائل نفتش عن السند حقيقة، فلو قال النبي مثلاً: «أنا مدينة العلم وعي بابها»، فنذهب لإثبات صحة سند هذا الحديث. فعلي سبيل المثال: روي المرحوم السيد الأميني «رضوان الله تعالي عليه» في الغدير في ما يتعلق بحديث العامة فقط مائة واثنين وأربعين مصدراً. وهذا بنفسه يورد نوعاً من الثقة، إذ إن هذه المسألة ?انت موجودة، وقد يريدون أحياناً أن يصححوا شيئاً، ل?ي يعظّموا شخصاً مثلاً، أو يسقّطوا أحداً، وقد لاي?ون ?ذل? أحياناً أخري، و?ثير من قضايا ?ربلاء هي ?ذل?، فلا داعي لجعل قضايا ?ربلاء.أردت أن أذ?ر هذا بش?ل عام، لي?ون مدخلاً إلي هذه المسألة. أما بالنسبة لمسألة عاشوراء والحوادث التي تلتها، فأنا أغ†?د علي هذه النقطة، وهي أن أحداث ?ربلاء لم ينقلها شخص واحد فقط، والقدر الذي يسعفني به من محفوظاتي هو أن بعض أحداث ?ربلاء رواها بعض من ?ان في جيش عمر بن سعد، ?حميد بن مسلم، وقرة بن قيس التميمي، الذي روي حادثة القتل والاستشهاد علي يد هؤلاء الأفراد. وقد روي الضحا? بن قيس بعض القضايا أيضاً، وهو ممن التحق بالإمام الحسين عليه السلام في الطريق، ل?نه اتفق مع الإمام الحسين عليه السلام أنه: «مادمت حياً، سأدافع عن?، وسأذهب إن رأيت أن? قد استشهدت»، فجاء إلي ?ربلاء، وبقي مع الإمام الحسين عليه السلام إلي عصر عاشوراء، وقال: أريد أن أذهب، فقال له الإمام عليه السلام: ?يف تريد أن تذهب؟ فقال: أعرف ذل?. وقد ?ان تر? فرسه في الخيمة، ل?ي لا يصاب بسهم، وعندما حوصر الإمام عليه السلام، رأي أن هنا? مفراً وطريقاً للهروب، فر?ب علي فرسه، وهرب من الجهة الأخري، فانطلق ?ثير بن عبد الله الشعبي مع عشرة فرسان من جيش عمر بن سعد، ف?ان يجري وهم يجرون خلفه، حتي أخذهم التعب والإرهاق، فوصلوا إلي م?ان ونزلوا عن خيولهم، فوصل ?ثير بن الشعبي وقال: من أنت؟ ف?شف عن وجهه ورأي أنه صاحبهم، فتر?وه، فبعض القضايا في ليلة عاشوراء قد رويت عنه.
وقد رويت بعض القضايا عن الإمام السجاد عليه السلام، ?خطبة الإمامالحسين عليه السلام في ليلة عاشوراء وهي مروية عنه عليه السلام، والبعض الآخر روتها فاطمة بنت الإمام الحسين عليه السلام، وروي البعض الآخر عقبة بن سمعان، وقد روي الطبري عنه عدة مرات، وقد ?ان غلاماً للسيدة رباب زوجة الإمام الحسين عليه السلام، فبعد انتهاء الحرب، ألقوا القبض عليه، وأخذوه أسيراً إلي عمر بن سعد، فأطلق سراحه لأنهم لم ي?ونوا يقتلوا الغلمان، وروي زيد بن أرقم بعض أحداث ال?وفة، وروي بشير بن حذلم خطب السيدة زينب عليها السلام.
أتلاحظون ?م أن قضايا ?ربلاء مختلفة ولم ي?ن يروها شخص واحد فقط. النقطة الأخري التي أريد بيانها، ومن ثم أذ?ر بعض المطالب حول السيدة رقية«س»، فهي: رحم الله العلامة المرحوم الشعراني، فلهذا العالم حواشي جيدة علي مجمع البيان والصحيفة السجادية، وهنا? بعض الأمور قد ذ?رها في مصنفاته و?تبه، وهنا? قضيتان تاريخيتان لو وضعنا ?ل منهما إلي جانب الأخري، سنري أن هنا? اختلافات ومشتر?ات بينهما حول تل? القضايا، وما يم?ن أن ننتزعه من هاتين القضيتين التاريخيتين هو أن أصل هذه القضية قد ?ان صحيحاً. نعم هناك اختلافات في الجزئيات، فهذه الحرب المفروضة علينا مثلاً مع توفر ?افة الإم?انات، قد يقع اختلافاً في سرد أحداثها أيضاً، وهذا أمر طبيعي طبعاً.
فقد ينظر الراوي المسألة من زاوية معينة، و راو آخر من زاوية أخري، وهذا هو ما حدث في نقل وقائع ?ربلاء والإمام الحسين عليه السلام، لتعلق مشيئة الله أن تبقي ?ربلاء خالدة، ولهذا يري الإنسان هذا النظم والترتيب في واقعة الإمام الحسين عليه السلام، ولا يراهما في محل آخر، حتي في حروب النبي صلي الله عليه وآله. فلاحظوا مثلا: الشعارات التي رفعها أصحاب الإمام الحسين عليه السلام هي ?لها مدونة ومسجلة في التاريخ، أسماء الشهداء، وتحر?اتهم، مثل حنظلة بن أسعد الشمامي، قالوا عنه: قاتل قتال الأبطال، والآخر: قاتل قتال المشتاقين. هذه الجزئيات ?لها قد رويت في التاريخ. ?انت هذه بعض النقاط أردت أن أبينها إجمالاً وهي تتعلق بعاشوراء. أما في ما يتعلق بالسيدة رقية(س): لو أردنا أن نن?ر قصتها، فعلينا أن نقبّل المقتل، ونضعه جانباً، فقد يجيء شخص أحياناً ويقول: إن قصة السيدة رقية(س) ذ?رها الملا حسين ال?اشفي في روضة الشهداء، ولا سند لها في هذا الأثر مثلاً، نعم، ل?ن هذه القصة رواها أحد الفقهاء ال?بار وهو من أصحاب النظر.
عماد الدين الطبري وهو من علماء القرن السابع الهجري قمري، وتاريخ وفاته ظاهراً في عام 675ه ق، وهو عالم وفقيه جليل، ذ?ر المرحوم الشهيد الأول ?لامه في صلاة الجمعة، و?تاب «ال?امل» المشهور «ب?امل البهائي»، وقد تم تأليفه في القرن السابع، حيث صرح في المجلد الثاني صفحة 179: أن هذه البنت هي ابنة الإمام الحسين عليه السلام، فقال: إن هذه الطفلة أفاقت من نومها، وقالت: أين أبي؟ فسمع يزيد«لعنه الله» صوت ب?اء هذه الطفلة، وقال: خذوا الرأس إليها، فلما شاهدت هذه الطفلة رأس أبيها، فارقت روحها الدنيا، ويقول: ?ان عمرها أربع سنين.
ثم يقول بعد ذل?: أنه نقل ذل? من ?تاب الحاوية، وليس هذا ال?تاب موجود عندنا اليوم، ?سائر ال?ثير المفقودة مع الأسف، وفي ?تاب البحار، وهو مجموعة قيمة من الأحاديث جمعها المرحوم العلامة المجلسي، له بعض البيانات والشروح في ذيل بعض الأبحاث، وهي مطالب قيّمة حقيقة، وقد ذ?ر في مقدمة ال?تاب: شاهدت أن بعض ال?تب معرضة للتلف، فقلت: أن أجمعها في مجموعة لتبقي. ونحن نفقد ال?ثير من المصادر المذ?ورة في البحار اليوم، ل?ن المرحوم المجلسي ?ان يمتل? تل? المصادر قبل ثلاثمائة عام، فليس عندنا اليوم ?تاب الموفقيات للزبير بن ب?ار، إلا أن ابن أبي الحديد ?ان عنده هذا ال?تاب قبل ثمانمائة عام،وروي عنه.وليس عندنا اليوم أيضاً ?تاب «السقيفة وفدك» لأبي ب?ر الجوهري، ويعد هذا ال?تاب من ال?تب الأصيلة في القرن الرابع ه.ق، وقد نقل عنه ابن أبي الحديد، ويقول: من الثقاة بين أهل السنة والعامة. وعلي ?ل حال، قصة السيدة رقية(س) وردت في ?تاب «?امل البهائي»، وقد صرح هناك بأنها ابنة للإمام الحسين عليه السلام، وقد روينا قصتها.أما أن يأتي الإنسان ه?ذا، ويبين مطلباً ويقول: أنها ابنة أحد الشهداء، ول?ن بأي دليل وسند؟ وه?ذا، قالوا مثل هذا ال?لام، فأصيب البعض بالحيرة والدهشة، وهذا ليس من المصلحة طبعاً، فلماذا نفعل ه?ذا؟ وقال البعض أيضاً: أن للإمام الحسين عليه السلام ابنتين، أحدهما فاطمة، والأخري س?ينة، فالسيدة «رقية» ابنة من إذاً؟ ونقول في الجواب: ذ?ر علي بن عيسي الأربلي أن للإمام الحسين عليه السلام أربع بنات، وعلي هذا، ليس هنا? مش?لة إذاً من هذه الجهة أبداً، وقد ورد اسم «رقية» في أشعار سيف بن عميرة أيضاً.ذ?ر لي حجة الإسلام والمسلمين قرباني إمام جمعة «ساوه» المؤقت، وهو من رجال الدين الجيدين جدا، مطلباً نقلاً عن المرحوم الميرزا علي محدث زاده «ابن صاحب مفاتيح الشيخ عباس»، وقد ?ان يرتقي المنبر في طهران أنني واعدته في بعض السنوات قبل أيام من بداية شهر محرم الحرام أن يقرأ لي بعض المجالس، فأصيبت أوتاري الصوتية ببعض الإش?الات، راجعت علي إثرها الطبيب، فقال لي: لا ينبغي ل? أن تتحدث أبداً، وال?لام لي مضر ?السم القاتل.
ل?نني واعدت علي المجالس. عقد هؤلاء المجلس بناء علي ?لامي لهم، فقلت مع نفسي: إلهي ما ذا سيحصل؟ غداً الأول من محرم، وأنا لا أستطيع بهذه الحالة أن أرتقي المنبر، فتوسلت بالإمام الحسين عليه السلام، فرأيت في عالم الرؤيا، أنني في أحد المجالس، و?أن الإمام الحسين عليه السلام حاضراً في المجلس، وقد حضره عدد ?بير معه، لم أ?ن أعرفهم، ل?نني أعرف الإمام الحسين عليه السلام، فالتفت الإمام عليه السلام إلي أحد الحاضرين في المجلس ولم أ?ن أعرفه وقال: اقرأ المصيبة فقال: وأي مصيبة أقرأ؟ فقال الإمام الحسين عليه السلام: اقرأ مصيبة ابنتي رقية(س) فأخذ ذل? الرجل يقرأ مصيبة السيدة رقية(س)، فب?ي الإمام الحسين عليه السلام ?ثيراً، وأهل المجلس وأنا أيضاً، وعندما استيقظت من المنام، رأيت أن أوتاري الصوتية قد تحسنت وليس بها شيء، و?نت أرتقي المنبر في ذل? العام ببر?ة ما رأيته في عالم الرؤيا .