إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تحقيق سريع حول مدفن رأس الحسين (ع)!!

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تحقيق سريع حول مدفن رأس الحسين (ع)!!

    بسم الله الرحمن الرحيم
    في مصادر التاريخ الإسلاميّ ، وفي بعض مجاميع الحديث ، أخبار مختلفة حول مدفن الرأس الشريف ، والمعوّل عليه عند مشهور الطائفة الأعظم أنّ مدفنه في كربلاء ، قد ألحق بالجسد المقدّس ، وفي هذا قال السيد ابن طاووس في كتابه اللهوف : إنّ رأس الحسين (ع) أعيد فدفن مع بدنه بكربلاء ، وإنّ عمل العصابة على ذلك([1]) .
    أقول : وهو إجماع عملي منقول عن عصابة الحقّ وطائفة الصدق منعقد على أنّ رأس الحسين (ع) قد أعيد فدفن في كربلاء مع الجسد الشريف. أمّا قول الصادق (ع) في خبر يونس بن ظبيان : «إنّ الملعون عبيد الله ابن زياد لعنه الله لماّ بعث برأس الحسين (ع) إلى الشام رُدَّ إلى الكوفة فقال : اخرجوه عنها لا يفتن به أهلها ، فصيره الله عند أمير المؤمنين عليه السلام ، فالرأس مع الجسد والجسد مع الرأس»([2]) ففيه احتمالان : الأوّل : أنّ الرأس مع الجسد في كربلاء ، والثاني : أنّ الرأس مع جسد أمير المؤمنين صلوات الله عليه عند الذكوات البيض في غري النجف من ظهر الكوفة..
    لكن يرد على ذلك أولاً : أنّ هذا الخبر وإن كان لا يخلو من بعض الاعتبار إلاّ أنّه من الآحاد ، لا يصلح بمفرده لمقابلة إجماع العصابة وسيرة الطائفة ، وثانياً : يمكن الجمع بأنّ الرأس الشريف قد دفن عند قبر أبيه صلوات الله عليهما وقتاً ما ، ثمّ أعيد فدفن في كربلاء ، وهذا ما احتمله كثير من الأعلام جمعاً بين الأدلّة ، ولا بأس بذلك ، بل قد يكون هو المتعيّن في الجمع بالنظر لإجماع ابن طاووس .
    ومن ثمّ تنبغي الإشارة إلى بعض الأخبار التي انفرد بها بعض أهل السنّة في هذا الشأن ؛ فقد انفردت طرقهم بما لا أصل له عندنا ؛ فقد رووا أنّ يزيد بعث بالرأس الشريف إلى والي المدينة عمرو بن سعيد بن العاص فدفنه سعيد بالبقيع عند أمه صلوات الله عليها ([3]) . أقول : ويكذّبه أنّ قبر البتول الزهراء صلوات الله عليها ، لا يعرف موضعه لا سعيد ولا غيره ، إلاّ المطّهرين من أهل البيت : على ما رواه الكليني في الكافي من طريق صحيح .
    كما قد ذكر الإمام الذهبي عن أبي أمية الكلاعي قال : سمعت أبا كرب قال : كنت فيمن توثّب على الوليد بن يزيد بدمشق ، فأخذت سفطاً ، وقلت : فيه غنائي ، فركبت فرسي ، وخرجت به من باب توما ، قال : ففتحته ، فإذا فيه رأس مكتوب عليه . هذا رأس الحسين بن علي ، فحفرت له بسيفي ، فدفنته([4]) . أقول : وهذا أيضاً لا يعتمد ، فالطريق على مباني أهل السنّة ضعيف للغاية ؛ لاشتماله على مجاهيل ، ناهيك عن الشذوذ والمعارضة .
    وعن ريّا حاضنة يزيد ، أن الرأس مكث في خزائن السلاح حتى ولي سليمان ، فبعث ، فجيء به ، وقد بقي عظما أبيض ، فجعله في سفط ، وطيّبَه ، وكفّنَه ، ودفنه في مقابر المسلمين . فلما دخلت المسوّدة (=بنو العبّاس) سألوا عن موضع الرأس ، فنبشوه ، وأخذوه ، فالله أعلم ما صنع به([5]).
    أقول : لا بأس بسند هذا الخبر على مباني أهل السنّة إلى ريّا ، وريّا خادمة في البيت الأموي معمّرة ، وقد كانت حاضنة ليزيد ، لكنّه أيضاً لا يمكن الاعتماد عليه كثيراً ، أمّا أولاً فلأنّهم تفردوا بذلك ، وثانياً : لتضارب الأخبار عندهم كما عرفت ، وثالثاً : لا يمكن الركون لما تفردت به ريا فهي على الأقرب مجهولة الحال بحسب الصناعة .
    وقال المجلسي; في البحار : وذكر أنّ رأسه عليه السلام ، صلب بدمشق ثلاثة أيام ، ومكث في خزائن بني أمية حتى ولي سليمان بن عبد الملك ، فطلب فجييء به ، وهو عُظَيْمٌ أبيض ، فجعله في سفط ، وطيبه وجعل عليه ثوباً ، ودفنه في مقابر المسلمين ، بعد ما صلّى عليه ، فلمّا ولي عمر بن عبد العزيز ، بعث إلى المكان يطلب منه الرأس فأخبر بخبره ، فسأل عن الموضع الذي دفن فيه ، فنبشه وأخذه ، والله أعلم ما صنع به ؛ فالظاهر من دينه أنه بعث به إلى كربلاء فدفن مع جسده عليه السلام . أقول (=المجلسي : هذه أقوال المخالفين في ذلك ، والمشهور بين علمائنا الإمامية أنّه دفن رأسه مع جسده ، ردّه علي بن الحسين عليهما السلام([6]).
    والحاصل : فقد يمكن القول بالنظر لكلّ تلك الاخبار السنيّة والشيعيّة ، التي تبدو متعارضة فيما بينها ، أنّ الرأس الشريف وصل إلى كلّ تلك المواضع التي تشرّفت به في الذهاب والإياب ، ابتداءً من الكوفة فالشّام حتّى غري النجف حيث الرّكوات البيض وانتهاءً بكربلاء حيث الحائر ؛ وعلّة ذلك أنّ يزيد أو من جاء بعده لماّ خافوا ضعضعة السلطان ورأي العامّة ؛ لِمَا وقع من الرأس الشريف من معاجز وكرامات أثناء دورناه في البلدان ، حبسوه عندهم في خزائن السلاح إلى أن أخذه العباسيّون ثمّ الفاطميّون من بعدهم ، حتّى أعيد ليدفن جنب الجسد الشريف في كربلاء .
    ولو تأمّلت في كلمة السيد ابن طاووس لربما وجدت هذا في إجماله مطوياً في كلامه فهو يقول : إنّ رأس الحسين (ع) أعيد فدفن مع بدنه بكربلاء ، وإنّ عمل العصابة على ذلك([7]) . أي أنّ عمل العصابة على أنّ الرأس فارق الجسد المقدّس فترة ما ثمّ أعيد إلى كربلاء . وعلى أيّ تقدير فالعقيدة على عمل العصابة كما يقول السيّد أو على ما هو مشهور الفرقة الأعظم كما يقول غيره من العلماء . وبالجملة : فعمل العصابة هو الدليل ، لا نتركه إلاّ لدليل أقوى ، وليس .
    أمّا حكمة اختلاف أخبار مدفن الرأس ؛ فأمرٌ تكفّل التاريخ ببيانه ؛ إذ بعد أن أراد قتلة الحسين أن يجعلوا من رأسه المرفوع على السنان شعاراً لعظمتهم وانتصاراتهم وأنّهم ألصق بالشرعيّة من الحسين (ع) ، ردّ الله عليهم مكرهم على نحورهم ؛ إذ أنّ دوران الرأس في البلدان والأصقاع ، مع ما وقع له من كرامات ومعاجز ، قد أوقف الأمّة الإسلاميّة على هويّة الباطل من جهة وهويّة الحقّ من جهة أخرى ، وأنّ صراط الله المستقيم يدور مع ما يدور عليه هذا الرأس .
    ومن هذه المعاجز ما أخرجه ابن عساكر بسنده عن المنهال بن عمرو قال : أنا والله رأيت رأس الحسين بن علي حين حمل وأنا بدمشق وبين يدي الرأس رجل يقرأ سورة الكهف حتى بلغ قوله تعالى : ) أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً (([8]) قال : فأنطق الله الرأس بلسان ذرب فقال : «أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي»([9]) .



    ([1]) اللهوف على قتلى الطفوف (السيد علي بن طاووس) : 82 .

    ([2]) كامل الزيارات (ابن قولويه) : 86 . مؤسسة النشر الإسلامي ، تحقيق : جواد القيومي .

    ([3]) سير أعلام النبلاء (الذهبي) 3 : 315.

    ([4]) سير أعلام النبلاء (الذهبي) 3 : 316.

    ([5]) سير أعلام النبلاء (الذهبي) 3 : 319.

    ([6]) بحار الأنوار (المجلسي) 45 : 145 .

    ([7]) اللهوف على قتلى الطفوف (السيد علي بن طاووس) : 82 .

    ([8]) سورة الكهف : 9 .

    ([9]) تاريخ مدينة دمشق 60 : 370 .



المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X