تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه أجمعين محمد واله الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة الابدية على اعدائهم اجمعين الى قيام يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لايشك أحد في ان مصدر التشريع الاول عند كافة المسلمين هو القران الكريم, والجميع متفق انه الدستور الالهي الذي امر الله تعالى الجميع بتطبيقه والعمل به, ومنع مخالفته على الاطلاق بل حذر النار لمن خالفه ...
وعليه فحينما نرجع الى بعض الآيات التي لها مدخليه واقعية في تحديد مسير الانسان نحو الهدف الحقيقي الذي اراده الله تعالى ومن خلالها نستطيع ان نعرف الحق من الباطل لانها بمثابة دستور الهي واضح .
ومن أهم المسائل الابتلائية التي اوضحها القران الكريم هي مسالة ائتمام الناس سواء كانت بني مرسل او بخليفة موصى به ,
فقد ذكر القران الكريم ضوابط صريحة لكي لاتكون للناس حجة على الله تعالى في عدم معرفة ممن يرجعون اليه لمعرفة التشريع الالهي
ومن بين تلك الايات هي آية الامامة الإبراهيمية
قال تعالى : (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) سورة البقرة:124
فتعالوا معي نسلط الضوء على هذه الآية من قبل المدرستين مدرسة الشيعة ومدرسة السنة ونبدأ بمدرسة اهل السنة وماذا يقول علمائهم ومفسريهم في هذه الاية القرآنية المباركة
فقد ذكر الإمام الحنفي أبو بكر الجصاص في كتابه (أحكام القرآن) تفسير هذه الاية واعطى ضوابط عديدة لمن تقدم لمنصب الامامة الالهية .
فيقول :
"فلا يجوز أن يكون الظالم نبيًا ولا خليفة لنبي، ولا قاضيًا ولا من يلزم الناس قبول قوله في أمور الدين، من مفت أو شاهد أو مخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرًا فقد أفادت الآية: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة من الآية:124]، أن شرط جميع من كان في محل الائتمام به في أمر الدين العدالة والصلاح، فثبت بدلالة هذه الأية بطلان إمامة الفاسق وأنه لا يكون خليفة وأن من نصب نفسه في هذا المنصب وهو فاسق لم يلزم الناس اتباعه ولا طاعته، وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»، ودل أيضًا على أن الفاسق لا يكون حاكمًا، وأن أحكامه لا تنفذ إذا ولي الحكم، وكذلك لا تقبل شهادته ولا خبره إذا أخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا فتياه إذا كان مفتيًا" . أحكام القرآن ج1 ص 80.
وقال القرطبي: (... قال إبن خويز منداد: الظالم لا يصلح أن يكون خليفة ولا حاكماً ولا مفتياً ولا شاهداً ولا راويا ...)
اقول اذا نظرنا الى هذا الكلام نخرج بنتيجة مجدية وضوابط لاتقبل الشك على الاطلاق
وهي ان الظالم لايكون نبي ولاخليفة
وثانياً لايلزم الناس قبول قولة ولاقبول روايته ولاقبول فتواه اذا افتى ولاتجب طاعته
ثالثاً: يجب ان يكون عادل ومصلح
رابعاً تبطل امامة الفاسق ولاتلزم جميع افعاله من فتوى وحكم وقضاء ونقل رواية عن النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم .
فعلى هذه الضوابط التي وضعها علماء اهل السنة نأتي ونطبقها على جميع من كان خليفة بعد النبي الخاتم (صلى الله عليه واله) ونرى هل هناك ظلمة وهل هناك من اغتصب حقوق الاخرين او جار عليهم او قتل النفس المحرمة او لم يلتزم باحكام الله حتى صار فاسقاً
وبالتالي تكون امامته باطلة وتجري عليه الاحكام السابقة التي قننها علماء وحفاظ اهل السنة ؟ .
والجميع مطلع على التاريخ ويعرف ان هناك ظلم وقع من بعضهم واغتصاب وتعدي خصوصاً على اهل البيت عليهم السلام وهناك ممن جاهر بالفسق علناً فهذا لايكون امام او خليفة على هذه الظوابط التي قننها علماء اهل السنة
والمصاديق كثيرة جدا نذكر منها نزراً
هناك ممن تعدى على بيت النبوة بعد رحيل النبي بسويعات واحرق دارها بالنار وظلم بضعة المختار بل واسقط جنيها ... وهذا ظلم واضطهاد؟
وهناك من لم يلتزم بما اوصى به النبي الاكرم في علي بن ابي طالب عليه السلام رغم تاكيد رسول الله عليه مراراً ...؟
وهناك من ظلم نفسه بخالفة كتاب الله ورسوله في افعاله وأقواله
وهناك من حارب اهل البيت عليهم السلام مع ان طاعتهم ومودتهم واجبة بنص القران الكريم وظلمهم اشد الظلم بالحروب ويعلمون ان حربهم حرب رسول الله وسلمهم سلم رسول الله وهذا ظلم شديد ؟.
وهناك من قاتل علي في كثير من الحروب واعلن سبه على المنابر وسب علي يعني سب رسول الله كما في بعض الروايات الوراده عن اهل السنة وهذا ظلم وتعدي كبير على مقام من اوصى بهم الله ورسوله .
وهناك ممن باع الخمر بل وشربه وقتل كبار الصحابة وهذا ايضا ظلم كبير .
وهناك من قتل ريحانة رسول الله وهو الامام الحسين وسبى نسائه ورفع الرؤوس على الرماح وهو يزيد بن معاوية لعنة الله عليه وايضا يدعي انه امام وخليفة المسلمين ؟
والقائمة تطول من ذكر المصاديق التي يندى لها الجبين من الظلم والاضطهاد لأهل بيت النبي (صلى الله عليه واله ) الذين اوصى الجميع بمودتهم ومحبتهم والتمسك بهم
فهل عرف اهل السنة هذه الضوابط التي قالها علمائهم ؟ وهل طبقوها على من تقدم لمنصب الخلافة بعد النبي الاكرم (صلى الله عليه واله)
لان هناك حساب من رب الارباب ولان الله قد حرم امامة الظالم والفاسق والمتعدي بالقران الكريم .
وبعد ذكر كلام علماء اهل السنة ناتي الى مصادر اهل البيت وماذا يقولون في هذه الاية لتكون المسالة واضحة وجلية لدى الجميع
فقد ورد عن ابن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في الآية عن قول الله لإبراهيم (عليهم السّلام) :( من سجد لصنم دوني لا أجعله إماما). وقال (صلى الله عليه وآله وسلّم) : (وانتهت الدعوة إليّ والى أخي عليّ ، لم يسجد أحدنا لصنم قط ). والجميع يعلم ان هناك العديد غير اهل البيت ممن سجد لصنم وتصدى لمنصب الامة والخلافة الربانية ؟ فتدبر
وورد في الكافي الشريف للشيخ الكليني قدس سره عن الإمام الصادق (عليهم السّلام) : ( إنّ الله اتخذ إبراهيم عبداً قبل أن يتخذه نبياً ، وإنّ الله اتخذه نبياً قبل أن يتخذه رسولاً ، وأنّ الله اتخذه رسولاً قبل أن يتخذه خليلاً ، وأنّ الله اتخذه خليلاً قبل أن يتخذه إماما ، فلما جمع له الأشياء قال: ( قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا) قال : فمن عظمها في عين إبراهيم قال: (قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) قال (عليهم السّلام) : لا يكون السفيه إمام التقي .