إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الشعائر الحسينيّة الفرديّة والجماعيّة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشعائر الحسينيّة الفرديّة والجماعيّة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الشعائر الحسينيّة العامّة‌:
    1- إقامة مجالس العزاء: فهذه المجالس المباركة وإن كانت بالنظرة العابرة تتكوّن من عناصر ثلاثة‌: المكان الذي يعقد فيه المجلس‌، والخطيب والراثي الذي يحيي المجلس ‌بحديثه‌، والجمهور الذّين يعظم المجلس بحضورهم‌، لكنّها في واقع الأمر تنتج منافع نذكر منها فائدتين‌:

    أ- بما أنّ هذه المجالس الحسينيّة شعيرة من شعائر الدّين‌، فجميع المشاركين في إحيائها يقصدون نيل الثواب وكسب الأجر من إقدامهم لها. لا سيّما وأن‌ النصوص الروائيّة لأهل البيت عليهم السلام تثبت حضور أرواح الأئمّة وخصوصاً السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام في هذه المجالس‌. كمؤيّد لذلك هو سؤال الإمام الصادق عليه السلام من فضيل بن يسار حين سأله‌: "تجلسون وتحدّثون؟" قال: نعم جعلت فداك ، قال: "إنّ تلك المجالس أحبّها، فأحيوا أمرنا يا فضيل, فرحم الله من أحيا أمرنا"[2].

    وعن الصادق عليه السلام أنّه قال: "يا أبا بصير, أما تحبّ أن تكون فيمن يسعد فاطمة عليها السلام"[3]؟.

    ب- أنّها مدرسة تربويّة‌، تقدّم خلالها الحلول البنّاءة لما يمرّ على عالمنا الإسلاميّ من مشاكل ومحن‌. وهذا هو مضمون كلام الإمام الباقر عليه السلام لفضيل‌: "إن‌ حَدِيثَنا يُحْيي القُلُوب"[4]، بل وهناك الكثير من الوقائع تدل‌ على إحياء قلوب حتّى غير المسلمين بتأثير الشعائر الحسينيّة ولا سيّما مجالس عزائه سلام الله عليه‌.

    2- المشاركة في المسيرات العزائيّة: ويمكن تفسير فوائدها وأهدافها بتفسيرين‌:
    أ- إنّها استجابة علنية لصرخات الحسين عليه السلام واستغاثاته المتكرّرة منذ أن خرج من مكّة إلى أن التحق بالرفيق الأعلى‌. فإقامة الشيعة وعلى مرّ العهود لهذه المسيرات العزائيّة يثبت ولاءهم للإمام الحسين عليه السلام.

    عن إمامنا الصادق عليه السلام: "رَحِم‌ الله شَيعَتنا وَاللهِ هُم‌ المُؤمِنُون‌. فَقَدْ وَاللهِ شَرَكونا في المُصيبة بطُول الحُزْن والحَسْرَة"[5].

    ب- إنّها إعلان استعداد صريح لاستقبال إمام زمانهم الموعود، والذي هو من أجل تكوين حكمه الإسلاميّ العادل بحاجة إلى جند أوفياء. فهذه المسيرات العزائيّة تعتبر بيعة وانقياداً رسميّاً منهم لإمام زمانهم الحيّ بعد أن حرموا من تقديم بيعتهم للإمام الحسين عليه السلام الشهيد بكربلاء.

    وما اتخاذ الطغاة الأساليب القمعيّة لاستئصال هذه الظاهرة الجماهيريّة على مرّ الدهور إلّا مصداقاً بارزاً لخطورتها وبسالة روّادها. وهو ما أكّده الإمام‌الخمينيّ مراراً: أحيوا عاشوراء فإنّ كلّ ما لدينا هو من محرّم وصفر.

    3- إطعام المؤمنين وسقيهم: ولا سيّما أصحاب العزاء منهم في مثل هذه المناسبات وذلك‌:
    أوّلاً: بسبب الجهد والعناء اللذين يبذلهما المعزّون في مثل هذه المناسبات والأيّام‌؛ فعن عمر بن عليّ بن الحسين قال: لما قتل الحسين بن عليّ صلوات الله عليه لبس نساء بني هاشم السواد والمسوح، وكنّ لا يشتكين من حرّ ولا برد، وكان عليّ بن الحسين يعمل لهن الطعام للمأتم[6].

    وثانياً: للنصوص الواردة في فضل الإنفاق على الآخرين‌. فما أفضل‌من أن ينفق الإنسان على الذّين يسعون من أجل تعظيم شعائر الله, وإحياء أمر الإمام الحسين عليه السلام.

    والمروي عن النبيّ‌ صلى الله عليه وآله وسلم مع صديقات زوجته خديجة بعد رحيلها؛ فالمعروف أن‌ النبيّ كلّما ذبح شاة قطّعها ثمّ بعث بأوصالها إلى صديقات خديجة[7] وذلك حبّاً وكرامة منه لها.

    وهذا الأمر هو الذي دفع إمامنا الصادق عليه السلام بالدعاء والترّحم على شيعته الباذلين والمنفقين قائلاً: "اللّهُم‌... اغفر لي ولإخواني وزوّار قَبر جدّي ‌الحُسَين الذيِن‌ أنفقوا أموالهَم وأشخصوا أبدانهم رغبة في بّرنا..."[8].

    4- تعزية المؤمن أخاه المؤمن‌: فهذا العمل مضافاً إلى كونه مقوّياً لأواصر الأخوّة فيما بين شيعة الحسين عليه السلام، كذلك ينبئ عن معايشتهم الروحيّة مع الحسين عليه السلام وثورته‌.

    وأمّا كيفيّة تعزية المؤمنين بعضهم بعضاً، ففي رواية عقبة عن الإمام الباقر عليه السلام حين سأله‌: فكيف يعزّي بعضنا بعضاً؟ قال‌: تقولون‌: "أعظم الله أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السلام وجعلنا وإيّاكم من الطالبين بثاره مع وليّه الإمام المهديّ من آل محمّد عليهم السلام"[9].

    5- إبكاء المؤمنين في مصاب الحسين عليه السلام الجلل‌: سواء كان ذلك بتلاوة مصرعه المشجي أو قراءة الأشعار المناسبة في المقام‌. فإذا صار تالي المصرع وقاري‌ء الشعر سبباً لذرف دموع المؤمنين‌، فحينئذٍ يكون ‌لهما وبنصّ روايات أهل البيت عليهم السلام ثوابهما الخاصّ‌.

    كما أكّد على ذلك الإمام الرضا عليه السلام في حديث له مع الشاعر دعبل‌الخزاعيّ وهو يرغّبه لرثاء الحسين عليه السلام فقال‌: "يا دعبل‌، إرث الحُسَيْن‌ فَأنْت‌ ناصرنا و مادحنا ما دمت حيّاً فلا تقصر في نصرتنا ما استطعت"[10].

    الشعائر الحسينيّة الفرديّة‌:
    1 ـ التظاهر بالحزن ومعايشة مأساة الحسين عليه السلام وأنصاره على مستوى القلب والوجه, فعن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهما السلام أنّه قال: "نفس المهموم لظلمنا تسبيح، وهمّه لنا عبادة، وكتمان سرّنا جهاد في سبيل الله". ثمّ قال أبو عبد الله عليه السلام: "يجب أن يكتب هذا الحديث بالذهب"[11].

    2- عدم الضحك والهزل‌، وذلك بصرف الوقت في أمور تتنافى وصفات الموالي والحزين‌. في هذا المجال ينقل عن الإمام الرضا عليه السلام قوله‌: "كان أبي (موسى بن جعفر) إذا دخل شهر محرّم لم يُر ضاحكاً وكانت الكآبة تغلب عليه, حتّى يمضي منه عشرة أيّام"[12].

    3- ارتداء السواد ونصبه في المآتم‌. وهذ العمل أيضاً من السُنن العرفيّة الجارية من قديم الأزمنة بل إن‌ّ المروّيات تسنده إلى زمن واقعة الطفّ‌؛ فعن عمر بن عليّ بن الحسين، قال: "لمّا قتل الحسين بن عليّ عليه السلام لبسن نساء بني هاشم السواد والمسوح وكنّ لا يشتكين من حرّ ولا برد, وكان عليّ بن الحسين عليه السلام يعمل لهن الطعام للمأتم"[13].

    4ـ زيارة الحسين عليه السلام والشهداء من أنصاره‌، إن أمكن ذلك من قرب‌، أي بالحضور في حرمه الشريف‌، وما لها من كرامة يكون زائر قبر المولى ‌قد نالها، بحيث صار مستوجباً للثناء من الإمام الصادق عليه السلام وذلك حين استفسر من تلميذه حمّاد الكوفيّ عن كيفيّة زيارة أهل العراق لمزار الحسين عليه السلام فقال عليه السلام: "بلغني أن‌ أناساً من أهْل الكوفة وَقَوْماً آخرين من ‌نواحيها يأتون قبْر أبي عبد الله في النصف من شعبان فبين قارئ يقرأ القرآن‌، وقاص‌ يقص‌ ومادح لنا ونساء يندبنه", قال حمّاد: قد شهدت بعض ما تصف‌، قال الإمام عليه السلام: "الحمد لله الذي جعل في الناس من يفد إلينا ويمدحنا ويرثي لنا..."[14].

    وإن لم يمكن فمن البعد، أي من أي‌ نقطة من العالم‌, كما عن الإمام الباقر عليه السلام: "إن‌ البَعيَد يُومي إليه‌ باِلسَلام‌ وَيجهَد في الدُعاءِ عَلى قاتِليه‌ وَليَبْكِهِ وَيَأمُرْ مَن في داره‌ البُكاءِ عَليه"[15].

    6 ـ البكاء المؤدّي إلى ذرف الدموع‌: وذلك بعد ما يتلوّع قلب المؤمن المُحبّ للحسين عليه السلام.
    عن إمامنا الصادق عليه السلام: "إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جزع، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليّ عليهما السلام، فإنّه فيه مأجور"[16].

    بل وأكثر من ذلك يترحّم عليه السلام على شيعة جدّه الحسين عليه السلام قائلاً: "اللّهُم‌... وَارْحم تلك الأعْيُن التي جَرَت دُمُوعُها رَحمة لنا"[17].

    7 ـ التباكي هو التظاهر بالبكاء: حيث قد لا يرافقه ذَرْفٌ للدموع‌، وبالتالي هو دليل على عدم تلوّع القلب وحنينه

    14- وسائل الشيعة ج 14 ص 599, الباب 105 من أبواب المزار حديث 7.
    15- كامل الزيارات ص 326.
    16- كامل الزيارات ص 201.
    17- كامل الزيارات ص 229.

    كما في البكاء. ولكن على‌كل‌ حال يكون المتباكي عن صدق‌، مأجوراً ومثاباً كما قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "من‌تباكى فله الجنّة"[18].

    8 ـ الإمساك عن الطعام والإكثار من الدعاء في يوم العاشر من المحرّم‌، وذلك مشاطرة للإمام الحسين عليه السلام ومن غير نيّة‌ للصوم. ولا سيّما في الساعات الأخيرة من عصر عاشوراء الذي كان يكثر الحسين عليه السلام الدعاء فيها، مضافاً إلى كونها ساعة شهادته‌. فعن عبد الله بن سنان قال: دخلت على سيّدي أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهما السلام في يوم عاشوراء فألفيته كاسف اللون ظاهر الحزن ودموعه تنحدر من عينيه كاللؤلؤ المتساقط. فقلت: يا بن رسول الله! ممّ بكاؤك؟ لا أبكى الله عينيك، فقال لي: "أو في غفلة أنت؟ أما علمت أنّ الحسين بن عليّ أصيب في مثل هذا اليوم؟" فقلت: يا سيّدي! فما قولك في صومه؟ فقال لي: "صمه من غير تبييت، وأفطره من غير تشميت، ولا تجعله يوم صوم كملاً وليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة من ماء، فإنّه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلّت الهيجاء عن آل رسول الله وانكشفت الملحمة عنهم، وفي الأرض منهم ثلاثون صريعاً في مواليهم يعزّ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مصرعهم ولو كان في الدنيا يومئذ حيّاً لكان صلوات الله عليه هو المعزّى بهم"، قال: وبكى أبو عبد الله عليه السلام حتّى اخضلّت لحيته بدموعه...[19].

    ومن الدعاء ما ورد عن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال للريّان بن شبيب: "يا بن شبيب، إن سرّك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين عليه السلام فقل متى ما ذكرته: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً".

    9 ـ إنشاد الشعر في إظهار مظلوميّة الإمام الحسين عليه السلام: فعن زيد الشحّام- في حديث - إنّ أبا عبد الله عليه السلام قال لجعفر بن عفّان الطائيّ: "بلغني أنّك تقول الشعر في الحسين عليه السلام وتجيد؟" قال: نعم, فأنشده فبكى ومن حوله حتّى سالت الدموع على وجهه ولحيته, ثمّ قال: "يا جعفر, والله لقد شهدك ملائكة الله المقرّبون ها هنا يسمعون قولك في الحسين عليه السلام, ولقد بكوا كما بكينا وأكثر، ولقد أوجب الله لك يا جعفر في ساعتك الجنّة بأسرها وغفر لك"، فقال: "ألا أزيدك؟" قال: نعم يا سيّدي، قال: "ما من أحد قال في الحسين عليه السلام شعراً فبكى وأبكى به إلّا أوجب الله له الجنّة وغفر له"[20].

    10ـ لعن قتلة الحسين عليه السلام ولا سيّما عند شُرب الماء كما عن داود الرقيّ قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذا استسقى الماء, فلمّا شربه رأيته قد استعبر واغرورقت عيناه بدموعه, ثمّ قال لي: "يا داود لعن الله قاتل الحسين عليه السلام, وما من عبد شرب الماء فذكر الحسين عليه السلام وأهل بيته ولعن قاتله إلّا كتب الله عزَّ وجلّ له مائة ألف حسنة وحطّ عنه مائة ألف سيّئة ورفع له مائة ألف درجة, وكأنّما أعتق مائة ألف نسمة, وحشره الله عزَّ وجلّ يوم القيامة ثلج الفؤاد"22.

    وعن إمامنا الرضا عليه السلام في حديثه للريّان بن شبيب: "يا بن شبيب، إن سرّك أن تسكن الغرف المبنيّة في الجنّة مع النبيّ وآله صلوات الله عليهم، فالعن قتلة الحسين"[21].

    11ـ اللطم, فعن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: "وقد شققن الجيوب ولطمن الخدود الفاطميّات على الحسين بن عليّ عليهما السلام، وعلى مثله تُلطم الخدود وتُشقّ الجيوب"[22].




    [1] بحار الأنوار ج 2 ص 151.

    [2] بحار الأنوار ج 71 ص 351.

    [3] كامل الزيارات ص 171.

    [4] الخصال ص 22.

    [5] ثواب الأعمال ص 217.

    [6] بحار الأنوار ج 45 ص 188.

    [7] أعيان الشيعة ج 6 ص 312.

    [8] كامل الزيارات ص 228.

    [9] مصباح المتهجد ص 772.

    [10] بحار الأنوار ج 45 ص 257.

    [11] أمالي الشيخ المفيد ص 338.

    [12] أمالي الشيخ الصدوق ص 191.

    [13] المحاسن ج 2 ص 420.

    [14]

    [15]

    [16]

    [17]

    [18] ثواب الأعمال ص 160.

    [19] مصباح المتهجد ص 782.

    [20] وسائل الشيعة ج 14 ص 593 باب 104 من أبواب المزار حديث 1.

    [21] أمالي الشيخ الصدوق ص 193.

    [22] تهذيب الأحكام ج 8 ص 325.




المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X