إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أيها الأحبة...!

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أيها الأحبة...!

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين الاشراف وعجل فرجهم يا كريم

    في الهجرة الحق

    يا أخي/ أختي...
    اْعزموا على الهجرة إلى الحقّ تعالى، واْجعل ظاهرك ظاهراً إنسانيّاً، واْدخل في سلك أرباب الشرائع، واْطلبوا من الله تعالى في الخلوات العون على بلوغ هذا الهدف واْستشفع برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام حتّى يوفّقك الله على ذلك، ويعصمك من المزالق الّتي تعترضك، لأنّ هناك مزالق كثيرة تعترض الإنسان أيّام حياته، ومن الممكن أنّه في لحظةٍ واحدةٍ يسقط في مزلقٍ مهلك، ويعجز من السعي لإنقاذ نفسه، بل قد لا يهتمّ بإنقاذ نفسه، بل ربّما لا تشمله حتّى شفاعة الشافعين.


    في العزم على ترك الحرام
    أيها الأحبة...!
    إجتهد لتصبح ذا عزم وإرادة، فإنّك إذا رحلت من هذه الدنيا دون أن يتحقّق فيك العزم (على ترك المحرّمات) فأنت إنسان صوريّ، بلا لبّ، ولن تحشر في ذلك العالم (عالم الآخرة) على هيئة إنسان؛ لأنّ ذلك العالم هو محلّ كشف الباطن وظهور السريرة، وإنّ التجرّؤ على المعاصي يُفقد الإنسان تدريجيّاً العزم، ويُختطف منه هذا الجوهر الشريف.



    في مجاهدة النفس
    أيها الأحبة...!

    كن ذاكراً لعظمة ربّك، وتذكّر نعمه وألطافه، وتذكّر أنّك في حضرته وهو شاهد عليك فدع التمرّد عليه، وفي هذه المعركة الكبرى تغلّب على جنود الشيطان، واْجعل من مملكتك مملكة رحمانيّة وحقانيّة، واْحلل فيها عسكر الحقّ تعالى محلّ جنود الشيطان، كي يوفقك الله تبارك وتعالى في مقام مجاهدة أخرى، وفي ميدان معركة أكبر تنتظرنا وهي الجهاد مع النفس في العالم الباطن، وأكرّر التذكير بأنّه في جميع الأحوال لا تعلّق على نفسك الآمال؛ لأنّه لا ينهض أحد يعمل لغير الله تعالى. فاطلب من الحقّ تعالى نفسه بتضرّع وخشوع، كي يعينك في هذه المجاهدة لعلّك تنتصر. إنّه وليّ التوفيق.


    في الاستعانة بالله
    أيها الأحبة...!

    فكِّر، واْبحث عن العلاج، واْعثر على سبيل نجاتك ووسيلة خلاصك، واْستعن بالله أرحم الراحمين، واطلب من الذات المقدّس في الليالي المظلمة، بتضرّعٍ وخضوع أن يعينك في هذا الجّهاد المقدّس مع النفس، لكي تتغلّب عليها إن شاء الله، وتجعل مملكة وجودك رحمانيّة، وتطرد منها جنود الشيطان، وتسلّم الدار إلى صاحبها حتّى يفيض الله عليك السعادة والبهجة والرحمة الّتي يهون بجانبها كلّ ما سمعت عن وصف الجنّة والحور والقصور، وتلك هي السلطة الإلهيّة العامّة الّتي أخبر عنها أولياء الله من هذه الأمّة الحنيفة، ممّا لم يطرق سمع أحد ولم يخطر على قلب بشر.


    في الجد والنشاط
    أيها الأحبة...!
    إفتح سمع قلبك، وشدّ حزام الهمّة على وسطك، واْرحم حال مسكنتك، لعلّك تستطيع أن تجعل من نفسك إنساناً، وأن تخرج من هذا العالم في صورة إنسان، لتكون عندها من أهل الفلاح والسعادة، وحذار من أن تتصوّر أنّ كلّ ما تقوم به هو موعظة وخطابة؛ بل هو نتيجة أدلّة فلسفيّة توصّل إليها الحكماء العظام، وثمرة كشف انكشف لأصحاب الرياضات، وحصيلة أخبار مأثورة، عن الصادقين والمعصومين عليهم السلام.



    في النصرة على الشيطان
    أيها الأحبة...!
    إستعن بالله تبارك وتعالى في كلّ آن ولحظة، واْستغث بحضرة معبودك، واطلب منه بعجز وإلحاح. قائلاً: "اللهم... إنّ الشيطان عدوّ عظيم، كان له ولا يزال طمعٌ بأنبيائك وأوليائك العظام. اللهم... فأعنّي وأنا عبدك الضعيف المبتلى بالأوهام الباطلة والخيالات والخرافات العاطلة، كي أستطيع أن أُجابه هذا العدوّ القويّ. اللهم... وساعدني في ساحة المعركة مع هذا العدوّ القويّ الّذي يهدّد سعادتي وإنسانيّتي، لكي أستطيع أن أطرد جنوده من المملكة العائدة لك، وأقطع يد هذا الغاصب من البيت المختصّ بك".



    في اغتنام الفرصة
    أيها الأحبة...!
    إنهض من نومك، وتنبّه من غفلتك، واْشدد حيازيم الهمّة، واْغتنم الفرصة ما دام هناك مجال، وما دام في العمر بقيّة، وما دامت قواك تحت تصرّفك، وشبابك موجوداً، ولم تتغلّب عليك بعد الأخلاق الفاسدة، ولم تتأصّل فيك الملكات الرذيلة، فاْبحث عن العلاج، واْعثر على الدواء لإزالة تلك الأخلاق الفاسدة والقبيحة، وتلمّس سبيلاً لإطفاء ثائرة الشهوة والغضب....


    في المحبوب الحقيقي
    أيها الأحبة...!

    من أجل خيال باطل ومحبوبيّة بسيطة في أعين العباد الضعاف، ومن أجل جذب قلوب الناس المساكين، لا تعرّض نفسك للغضب الإلهيّ، ولا تبع ذلك الحبّ الإلهيّ وتلك الكرامات غير المحدودة، وتلك الألطاف والعنايات الربانيّة، لا تبعها بمحبّة بسيطة عند مخلوق ليس له أثر، ولا تكسب منه أيّة ثمرة سوى الندامة والحسرة، عندما تُقصر يداك عن هذا العالم وهو عالم الكسب ـ، وعندما ينقطع عملك، وليس للندم حينئذٍ نتيجة ولا للإنابة من فائدة.



    في تطهير النفس
    أيها الأحبة...!
    أطلب السمعة والذكر الحسن من الله، إلتمس قلوب الناس من مالك القلوب، إعمل أنت لله وحده فستجد أنّ الله تعالى فضلاً عن الكرامات الأخرويّة ونعم ذلك العالم سيتفضّل عليك في هذا العالم نفسه بكرامات عديدة، فيجعلك محبوباً، ويعظّم مكانتك في القلوب، ويجعلك مرفوع الرأس وجيهاً في كلتا الدارين. ولكن إذا استطعت فخلّص قلبك بصورة كاملة بالمجاهدة والمشقّة، من هذا الحبّ أيضاً، وطهِّر باطنك، كي يكون العمل خالصاً من هذه الجهة، ويتوجّه القلب إلى الله فقط حتّى تطهر الروح، وتزول أدران النفس.


    في تطهير القلب

    أيها الأحبة...!

    إستيقظ وأبعد عنك الغفلة والسكرة، وزن أعمالك بميزان العقل قبل أن توزن في ذلك العالم، وحاسب نفسك قبل أن تُحاسب، واجلُ مرآة القلب من الشرك والنفاق والتلوّن، ولا تدع صدأ الشرك والكفر يحيط به بمستوى لا يمكن جلاؤه حتّى بنيران ذلك العالم، لا تدع نور الفطرة يتبدّل بظلمة الكفر، لا تدع هذه الآية ï´؟فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا..ï´¾ تضيع، لا تخنْ هذه الأمانة الإلهيّة بهذا النحو، نظّف مرآة قلبك لكي يتجلّى فيها نور جمال الحقّ فيغنيك عن العالم وكلّ ما فيه. ولكي تتوهّج نار الحبّ والعشق الإلهيّ في قلبك، فتحرق الأنواع الأخرى من الحبّ، ولن تستبدل حينذاك جميع هذا العالم بلحظة واحدة من الحبّ الإلهيّ، ولكي تحصل على لذّة في مناجاة الله وذكره، والّتي تعتبر غيرها من جميع اللذات الحيوانيّة لعباً ولهواً.


  • #2
    في الحذر من الله
    أيها الأحبة...!
    إِعلم أنّ الله خلقك لنفسه كما يقول في الحديث القدسيّ: "يا بنَ آدَمَ خَلَقْتُ الأَشْيَاءَ لأَجْلِكَ وَخَلَقْتُكَ لأَجْلِي" فاتخذ من قلبك منزلاً له، فأنت وقلبك من النواميس والحرمات الإلهيّة، والله تعالى غيور، فلا تهتك حرمته وناموسه إلى هذا الحدّ، ولا تدع الأيادي تمتدّ إلى حرمه وناموسه. إحذر غيرة الله، وإلّا فضحك في هذا العالم بصورة لا تستطيع إصلاحها مهما حاولت. أَتهتك في ملكوتك وفي محضر الملائكة والأنبياء عليهم السلام العظام ستر الناموس الإلهيّ؟! وتُقَدِّمُ الأخلاق الفاضلة الّتي تخلَّق بها الأولياء إلى الحقّ، إلى غير الحقّ؟! وتمنحُ قلبك لخصم الحقّ؟! وتُشرِكُ في باطن ملكوتك؟! كن على حذر من الحقّ تعالى فإنّه مضافاً إلى هتكه سبحانه لناموس مملكتك في الآخرة، وفضحه لك أمام الأنبياء العظام والملائكة المقرّبين، سيفضحك في هذا العالم ويبتليك بفضيحة لا يمكن تلافيها... وبتمزيق عصمة لا يمكن ترقيعها.



    في ترك الرياء
    أيها الأحبة...!
    حاسب نفسك في كلّ عمل، واْستنطقها عن الدافع في الأعمال الخيّرة، والأمور الشريفة، فما الّذي يدفعها إلى السؤال عن مسائل صلاة الليل أو على ترديد الأذكار؟ هل تريد تفهُّم أحكام صلاة الليل وتعلمها قربة إلى الله، أو تريد أن توحي إلى الناس بأنّك من أهل صلاة الليل؟ لماذا تريد أن تخبر الناس بأيّ أسلوب كان عن الزيارة للمشاهد المشرّفة وحتّى عن عدد الزيارات؟ لماذا لا ترضى أن لا يطّلع أحد على الصدقات الّتي تعطيها في الخفاء، وتحاول أن تتحدّث عنها ليطّلع عليها الناس؟ إذا كان ذلك لله، وتريد أن يتأسّى بك الناس باعتبار أنّ "الدال على الخير كفاعله" فإنّ إظهاره حسن، واْشكر الله على هذا الضمير النقي والقلب الطاهر!. ولكن ليكن الإنسان حذراً في المناظرة والجدال مع النفس، وأن لا ينخدع بمكرها وإظهارها له العمل المرائي بصورة عمل مقدّس. فإن لم يكن لله، فتركه أولى؛ لأنّ هذا من طلب السمعة، وهو من شجرة الرياء الملعونة.


    في القوّة الحقيقية
    أيها الأحبة...!
    فكّر لتجد سبيلاً لنجاتك، واْعلم أنّ الشهرة بين الناس وَهمٌ باطل، إنّها ليست بشيء. إنّ قلوب هؤلاء الّتي لو أكلها عصفورٌ لما شبع، إن هي إلّا قلوب ضعيفة تافهة، ولا طاقة لها على شيء، وإنّ هذا المخلوق الضعيف لا حول له ولا قوّة. القوّة هي قوّة الله المقدّسة، فهو الفاعل المطلق ومسبّب الأسباب. ولو اْجتمع الناس جميعاً وكان بعضهم لبعض ظهيراً، لما استطاعوا أن يخلقوا ذبابة، وإذا سلبت منهم الذبابة شيئاً لما استطاعوا استرجاعه منها كما جاء في الآية الكريمة: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُï´¾.



    في عبادة النفس
    أيها المسكين...!
    الغافل عن المعارف الإلهيّة...! يا من لا تفهم سوى إرادة شهوتك وغضبك، أنت المتوسّل بالأذكار والأوراد والمستحبّات والواجبات، والتارك للمكروهات والمحرّمات والمتخلّق بالأخلاق الحسنة، والمتجنّب لسيّئات الأخلاق، ضع أعمالك أمام عين الإنصاف، أتقوم بها لأجل الوصول إلى الشهوات النفسانيّة والجلوس على سرر مطعّمة بالزبرجد، ومعانقة الضحوكات والدعوبات في الجنّة، وارتداء الحرير والاستبرق، والسكنى في القصور الفارهة الجميلة، والوصول إلى الأماني النفسيّة؟! أفينبغي أن تمنّ بهذه الأعمال على الله؟ وهي جميعاً لأجل النفس ومن أجل عبادتها، وتعدّها عبادة لله؟


    في العبادة
    أيها المسكين...!
    أنت في حضرة الله جلّ جلاله، وفي محضر الملائكة المقرّبين، تعمل خلاف رضى الله تعالى، والعبادة الّتي هي معراج القرب من الله، تؤدّيها لأجل النفس الأمّارة بالسوء ولأجل الشيطان، وعندها لا تستحيي أن تكذب في العبادة عدّة أكاذيب في حضرة الربّ والملائكة المقرّبين وتفتري عدّة افتراءات، وتمنّ وتعجب وتتدلّل أيضاً، ولا تخجل بعد كلّ ذلك! بماذا تختلف عبادتي هذه وعبادتك عن معصية أهل العصيان، وأشدّها الرياء؟ فالرياء شرك وقبحه ناشئ من أنّك لم تؤدِّ العبادة لأجل الله.



    في مكائد الشيطان
    يا أيها الأحبة...!
    كن حذراً تجاه مكائد النفس والشيطان، واْعلم أنّه لن يدعك أيّها المسكين بأن تؤدّي عملاً واحداً بإخلاص، وحتّى هذه الأعمال غير الخالصة الّتي تقبّلها الله تعالى منك بفضله، لا يدعك الشيطان أن تصل بها إلى الهدف، فيعمل عملاً تحبط به أعمالك كلّها، وتخسر حتّى هذا النفع بسبب هذا العجب والتدلّل في غير موقعه. وبغضّ النظر عن بُعد الوصول إلى الله ورضاه، فإنّك لن تصل إلى الجنّة ولا إلى الحور العين، بل تخلد في العذاب وتعذّب بنار الغضب كذلك. أنت تظنّ أنّك بهذه الأعمال المتفسِّخة المتعفِّنة الهزيلة الممزوجة بالرياء وطلب السمعة وألف مصيبة أخرى الّتي تحول دون قبول العبادات كلّها، تظنّ أنّك تستحقّ بها الأجر مَن الحقّ تعالى، أو أنّك أصبحت بها من المحبّين والمحبوبين؟












    تعليق


    • #3
      في ترك العجب
      أيها الأحبة...!

      لا تتباهى بقربك من الله ولا تبالغ في حبّك له، أيّها العارف، أيّها الصوفيّ، أيّها الحكيم، أيّها المجاهد، أيّها المرتاض، أيّها الفقيه، أيّها المؤمن، أيّها المقدّس، أيّها المساكين المبتلون يا سيّئي الحظّ المغلوبين بمكائد النفس وهواها، أيّها المساكين المبتلون بالآمال والأمانيّ وحبّ النفس، كلّكم مساكين، كلّكم بعيدون فراسخ عن الإخلاص وعبادة الله، لا تحسنوا الظنّ بأنفسكم إلى هذا الحدّ، لا تتغنّجوا ولا تتدلّلوا. إسألوا قلوبكم: هل تبحث عن الله، أم تريد ذاتها؟ هل هي موحّدة وتطلب الواحد أم مشركة وتعبد اثنين؟ فماذا يعني إذاً كلّ هذا العُجب؟ ماذا يعني إذاً التعالي بالعمل إلى هذا الحدّ؟ وهو إذا صحّت جميع أجزائه وشروطه وخلا من الرياء والشرك والعُجْب وباقي المفسدات، فهدفه الوصول إلى إشباع شهوات البطن والفرج، فما قيمته كي تنقله الملائكة؟ هذه الأعمال من القبائح والفجائع، وينبغي للإنسان أن يخجل منها ويسترها.



      في التواضع
      أيها الأحبة...!
      ما يحتوي عليه رأسك من الدماغ، تحتويه رؤوس الآخرين أيضاً، إذا كنت متواضعاً احترمك الناس قهراً واعتبروك كبيراً، وإذا تكبّرت على الناس لم تنل منهم شيئاً من الاحترام. بل إذا استطاعوا أن يذلّوك لأذلّوك ولم يكترثوا بك. وإن لم يستطيعوا إذلالك، لكنت وضيعاً في قلوبهم، وذليلاً في أعينهم، ولا مقام لك عندهم. افتح قلوب الناس بالتواضع فإذا أقبلت عليك القلوب ظهرت آثارها عليك، وإن أدبرت تكون آثارها على خلاف رغباتك. فإذا فرضنا أنّك كنت من المبتغين للاحترام والمقام الرفيع، لكان اللازم عليك أن تسلك الطريق الّذي يُفضي بك إلى الاحترام والسموّ، وهو مجاراة الناس والتواضع لهم.



      في مخالفة الهوى
      أيها الأحبة...!
      إذا كان التكبّر بالكمال المعنويّ، فقد كان الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم والإمام عليّ عليه السلام أرفع شأناً، وإذا كان بالرئاسة والسلطان، فقد كانت لهما الرئاسة الحقّة. ومع ذلك، كانا أشدّ الناس تواضعاً.
      واعلم، أنّ التواضع وليد العلم والمعرفة، والكِبر وليد الجهل واْنعدام المعرفة، فامسح عن نفسك عار الجهل والانحطاط، واتّصف بصفات الأنبياء، واترك صفات الشيطان، ولا تنازع الله في ردائه الكبرياء فمن يُنازع الحقّ في ردائه فهو مغلوب ومقهور بغضبه، ويُكَبُّ على وجهه في النار. وإذا عزمت على إصلاح نفسك، فطريقه العمليّ أمر يسير مع شيءٍ من المثابرة، وأنّه طريق لو اتّصفت بهمّة الرجال وحريّة الفكر وعلو النظر، فلن تصادفك أيّة مخاطر. والأسلوب الوحيد للتغلّب على النفس الأمّارة وقهر الشيطان، ولاتّباع طريق النجاة، هو العمل بخلاف رغباتهما.



      في خلوص النية
      أيها الأحبة...!

      اْشدد عزيمتك، ومزّق عن نفسك سجف (سكون) الجهل، واْنجُ بنفسك من هذه الورطة المهلكة، كان إمام المتّقين وسالك طريق الحقيقة ينادي في المسجد بأعلى صوته حتّى يسمعه الجيران: "تَجَهَّزُوا رَحِمَكُمُ اللهُ فَقَدْ نُودِيَ فِيكُمْ بِالرَّحيل"ِ، وما زادٌ ينفعك سوى الكمالات النفسانيّة، وتقوى القلب، والأعمال الصالحة، وصفاء الباطن، وخلوص النيّة من كلّ عيب وغش. فإذا كنت من أهل الإيمان الناقص والصوريّ، فعليك أن تطهّر نفسك من هذا الغش حتّى تنضمّ إلى زمرة السعداء والصالحين. والغش يزول بنار التوبة والندم، وبإدخال النفس في أتون العذاب واللوم، وصهرها في حرارة الندامة والعودة إلى الله.



      في ترك الكبر
      أيها الأحبة...!
      ما دمت في مقتبل عمرك، وزهرة شبابك، وأوج قوتك، وحريّة إرادتك، سارع لإصلاح نفسك، ولا تلقِ بالاً لهذا الجاه والمقام، وطأ على هذه الاعتبارات بقدميك إنّك إنسان، فأبعد نفسك عن صفات الشيطان، فلعلّ الشيطان يهتمّ بهذه الصفة اهتماماً كبيراً لكونها صفة من صفاته. وهي الّتي أدّت إلى طرده من حضرة الله، ولذلك فهو يُريد أن يوقع الإنسان، عارفاً أو عاميّاً عالماً أو جاهلاً في مثل هذه الرذيلة، حتّى إذا ما لقيك يوم القيامة شَمِتَ بك قائلاً: "ويا أبن آدم، ألم يخبرك الأنبياء بأنّ التكبّر على أبيك قد طردني من حضرة الحقّ. لقد نزلت عليّ لعنة الله لأنّي احتقرت مقام آدم واستعظمت مقامي، فلماذا أوقعتك نفسك في هذه الرذيلة؟".










      تعليق


      • #4

        في اغتنام القوة

        .أحبتي...!
        إنّ الوقوف منذ البداية دون تسرّب المفاسد الأخلاقيّة أو العمليّة إلى مملكة ظاهرك وباطنك، أيسر بكثير من إخراجها بعد توغّلها، لأنّ ذلك يتطلّب الكثير من العناء والجهد.
        وإذا تسرّبت، فإنّك كلّما أخّرت التصدّي لإخراجها، ازداد الجهد المطلوب منك وضعفت قواك الداخليّة. فلا تتركوا هذه القوى تضيع من أيديكم، ويستولي عليكم ضعف الشيخوخة، وعندئذٍ يصعب عليكم التوفيق في مساعيكم.


        في ترك حب الدّنيا
        .أحبتي...!
        بعد أن عرفتم مفاسد هذا التعلّق والحبّ، وأدركت أنّ ذلك يفضي بالإنسان إلى الهلاك، ويجرّده من الإيمان، ويجعل دنياه وآخرته متشابكتين مضطربتين، فشمّر عن ساعد الجدّ، وقلّل حسب طاقتك من التعلّق بهذه الدنيا، واْقتلع جذور حبّها من نفسك، واْحتقر الأيّام القليلة الّتي تقضيها في الحياة، واْزهد في خيراتها المشوبة بالألم والعذاب والنقمة، واْطلب من الله أن يعينك على الخلاص من هذا العذاب وهذه المحنة، ويجعل قلبك يأنس بدارِ كرمه تعالى: ï´؟وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىï´¾.


        في ترك النفاق
        أيها الأحبة...!
        إنّ من مراتب النفاق وذي اللسانين والوجهين، النفاق مع الله تعالى والتوجّه إلى مالك الملوك ووليّ النِعم بوجهين، حيث من الممكن أن نكون المبتلين به في هذا العالم ونحن غافلون عنه.
        لأنّ أستار الجهل الكثيفة وحجب الأنانيّة المظلمة وحبّ الدنيا وحبّ الذات مسدولة عليه ومختفية عنّا، ومن الصعب جدّاً أن ننتبه له قبل انكشاف السرائر، ورفع الحجب، والظعن عن دنيا الطبيعة، وشدّ الرحال عن دار الغرور ودار الجهل والغفلة.
        إنّنا الآن غارقون في نوم الغفلة، محكومون لسُكر الطبيعة، والميول والرغبات الّتي تزيّن لنا كلّ قبائح الأخلاق وفساد الأعمال، وإذا ما استيقظنا وصحونا من هذه السكرة العميقة يكون قد فات الأوان. إذ نجد أنفسنا قد صرنا في زمرة المنافقين وذي الوجهين واللسانين وحُشرنا بلسانين من نار، أو بوجهين مشوّهين بشعين.


        في الاعتبار من الآخر
        أيها الأحبة...!
        يا من تقرأ هذه الوريقات، خذ العبرة من حال هذا الكاتب الّذي يرزح الآن أو مستقبَلاً تحت الثرى، وهو في العالم الآخر مبتلى بأعماله وأخلاقه ... فاْنتبه إلى نفسك لأنّك ستكون يوماً مثلي دون أن تعلم متى يكون ذلك. فلعلّك الآن وأنت مشغول بالقراءة، إذا تباطأت ذهبت الفرصة من يدك.
        يا أخي، لا تؤجّل هذه الأمور لأنّها لا تحتمل التأجيل، فكم من إنسان سليمٍ وقويٍّ فاجأه الموت في لحظة، وأخرجه من هذه الدنيا إلى العالم الآخر ولا نعلم عن مصيره شيئاً. إذاً، لا تضيّع الفرصة؛ بل اغتنم اللّحظة الواحدة، لأنّ القضيّة عظيمة الأهميّة، والرحلة شديدة الخطورة.


        في الإخلاص
        يا من تدّعي الإِيمان وخضوع القلب في حضرة الله ذي الجلال...!
        إذا كنت تؤمن بكلمة التوحيد، ولا يعبد قلبك غير الواحد، ولا يطلب غيره، ولا ترى الألوهيّة تستحقّ إِلّا لذاته المقدّسة، وإذا كان ظاهرك وباطنك يتّفقان فيما تدّعي، فلماذا نجدك وقد خضع قلبك لأهل الدنيا كلّ هذا الخضوع؟ لماذا تعبدهم؟ أليس ذلك لأنّك ترى لهم تأثيراً في هذا العالم، وترى أنّ إرادتهم هي النافذة، وترى أنّ المال والقوّة هما الطاقة المؤثّرة والفاعلة؟ وأنّ ما لا تراه فاعلاً في هذا العالم هو إرادة الحقّ تعالى، فتخضع لجميع الأسباب الظاهريّة، وتغفل عن المؤثّر الحقيقيّ وعن مسبّب جميع الأسباب، ومع كلّ ذلك تدّعي الإِيمان بكلمة التوحيد.


        في الزهد
        يا من تدّعي الزهد والإِخلاص...!
        إذا كنت مخلصاً حقاً، وأنّك لأجل الله ولأجل دار كرامته تزهد عن مشتهيات الدنيا، فما الّذي يحملك على أن تفرح بمدح الناس لك، والثناء عليك بقولهم أنّك من أهل الصلاح والسداد؟ فيملأ السرور قلبك، ولماذا لا تبخل بشيءٍ في سبيل مجالسة أهل الدنيا وفي سبيل زخارفها، وتفرّ من الفقراء والمساكين؟ فاْعلم أنّ زهدك وإخلاصك ليسا حقيقيّين، بل إنّ زهدك في الدنيا هو من أجل الدنيا، وأنّ قلبك ليس خالصاً لوجه الله، وأنّك كاذب في دعواك، وأنّك من المتلوّنين المنافقين.


        في الخلافة الحقيقية
        أنت يا من تدّعي الولاية من جانب ولي الله...!
        والخلافة من جانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن كان واقعك مطابقاً للحديث: "صَائِنَاً لِنَفْسِهِ، حَافِظاً لِدِينِهِ، مُخَالِفاً لِهَواهُ، مُطِيعاً لأَمْرِ مَوْلاه"، وإذا كنت ورقة على غصن الولاية والرسالة، ولا تميل إلى الدنيا، ولا تحبّ التقرّب إلى السلاطين والأشراف، ولا تنفر من مجالسة الفقراء، فإنّ اسمك يطابق مسمّاه، وأنّك من الحجج الإِلهيّة بين الناس، وإلّا فإنّك من علماء السوء، وفي زمرة المنافقين وحالك أسوأ، وعملك أقبح، ويومك أشدّ سواداً، لأنّ الحجّة على العلماء أتمّ.


        في إعمار الآخرة
        يا من تدّعي امتلاك الحكمة الإِلهية...!
        والعلم بحقائق المبدأ والمعاد، إذا كنتَ عالماً بالحقائق في الأسباب والمسبّبات، وإذا كنت حقّاً عالماً بالصور البرزخيّة وأحوال الجنّة والنار، فلا بُدّ أن لا يقرّ لك قرار، وعليك أن تصرف كلّ وقتك في إعمار عالم البقاء، وأن تهرب من هذه الدنيا ومغرياتها، فأنت عالم بما هنالك من مصائب وظلام وعذاب لا يُطاق.
        إذاً، لماذا لا تتقدّم ولو خطوة واحدة خارج حجب الكلمات والألفاظ والمفاهيم، ولم تؤثّر في قلبك البراهين الفلسفيّة قدر جناح ذبابة؟ إذاً، أنت خارج عن زمرة المؤمنين والحكماء.


        في هوى النفس
        إعلموا أيها الأحبة...!
        إنّ رغبات النفس وآمالها لا تنتهي ولا تصل إلى حدّ أو غاية. فإذا اتّبعها الإنسان ولو بخطوة واحدة، فسوف يضطر إلى أن يتبع تلك الخطوة خطوات، وإذا رضي بهوى واحد من أهوائها، أجبر على الرضى بالكثير منها. ولئن فتحت باباً واحداً لهوى نفسك، فإنّ عليك أن تفتح أبواباً عديدة له. إنّك بمتابعتك هوى واحداً من أهواء النفس توقعها في عدد من المفاسد، ومن ثمّ سوف تُبتلى بآلاف المهالك، حتّى تنغلق لا سمح الله جميع طرق الحقّ بوجهك في آخر لحظات حياتك.


        في ترك المخجل
        يا أحبتي...!
        إذا كنتَم تعرفون أنّكم من أتباع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وتريد أن تحقّق هدفه، فاْعمل على أن لا تخجله بقبيح عملك وسوء فعلك. ألا ترى أنّه إذا كان أحد من أولادك والمقرّبين إليك يعمل القبيح وغير المناسب من الأعمال الّتي تتعارض وشأنك، فكم سيكون ذلك مدعاة لخجلك من الناس، وسبباً في طأطأة رأسك أمامهم؟ ولا بدّ أن تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعليّ عليه السلام، هما أبوا هذه الأمّة بنصّ ما قاله النبيّ الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: "أنا وَعَلِيٌّ أَبَوا هذِهِ الأُمَّة".






        مناجاة
        إلهي ...!
        إنّ نعمك قد ابتدأت علينا... وعطاياك غير متناهية، وباب رحمتك مشرّعة ومائدة نعمك اللامتناهية، مبسوطة، هب لنا حالاً مضطرباً، وقلباً ملتهباً وعيناً تذرف الدموع، ورأساً لا يعرف القرار، وصدراً ينفث بالهموم والآلام، واختم حياتنا بالإخلاص إليك، والحبّ إلى خواص ساحتك، وهم مقدّمة كتاب الوجود، وخاتمه نظام الغيب والشهود، محمّدٍ وأهل بيته الطاهرين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين. والحمد لله أوَّلاً وآخِراً وظاهراً وباطناً.












        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
        x
        يعمل...
        X