رُؤَى قَيِّمَةٌ مِن سِيرَةِ الصِدِّيقَةِ السَيِّدِةِ فَاطِمَة الزَهْرَاءِ, عَليهَا السَلامُ , .
__________________________________________________
- ثَقَافَةُ وسُلُوكُ الرِضَا عَن اللهِ تَعَالى وعَن رَسولهِ ,وإيثَارُ أمرِ الأخِرَةِ عَلى الدُنيَا -
______________________________________________
(رَوى الصَدوقُ أنَّ أميرَ المُؤمنين ,عليّاً , عليها السَلامُ , قَالَ لِرَجِلٍ مِن بني سَعدٍ : ألا أحدّثُكُم عَني ، وعَن فَاطِمَةَ ,
أنَّها كانتْ عندي , فَاستَقَتْ بالقِرْبَةِ حَتّى أثّرَ فِي صَدرِهَا ،وطَحَنَتْ بالرَحَى حتى مَجَلَتْ (تَخُنَ جلدها) يَدَاهَا ،
وكَسَحَتْ البَيتَ حتى أغبَرّتْ ثَيابُهَا ، وأوقَدَتْ تحت القِدْرِ حتى دَكَنَتْ ثَيابُها , فأصابُها مِن ذلك ضَرَرٌ شَديدٌ ،
فَقُلتْ لها : لو أتَيتِ أبَاكِ فَسَألتيه خَادِمَاً يَكفيكِ حَرَّ مَا أنتِ فيه مِن هذا العَمَلِ ؟ فأتَتْ النبيَّ , صَلّى اللهُ عليه وآله,
فَوجَدتْ عنده حَداثاً , فاستحيَتْ وانصَرَفَتْ ، فَعَلِمَ, عليه السَلامُ ,أنّها جَاءَتْ لِحَاجةٍ , فغدا علينا , ونحن في لِفَاعتِنَا ،
فَقَالَ : السَلامُ عَليكُمُ ، فَسَكتنا واستحيينا لِمَكانِنَا ، ثم قال : السلام عليكم ، فسكتنا ، ثم قال : السلام عليكم ،
فخشينا إنْ لم نَرِدْ عليه أنْ يَنصَرِفَ ، وقد كَانَ يَفعلُ ذلك , يُسَلّمُ ثلاثاً , فإنْ أُذِنَ له وإلاّ انصرفَ ،
فَقُلتْ : وعَليكَ السَلامُ يَا رَسولَ اللهِ أدخلْ ، فَدَخَلَ وجَلَسَ عند رؤوسِنَا ، فقالَ : يَا فاطمةُ مَا كانتْ حَاجتكِ أمس عند مُحَمّدٍ ؟
فَخَشيَتَ إنْ لم نَجبه أنْ يَقومَ فأخرَجتْ رأسي فَقُلتُ : أنَا واللهِ أخبرَكَ يا رسولَ اللهِ, فَاستَقَتْ بالقِرْبَةِ حَتّى أثّرَ فِي صَدرِهَا ،
وطَحَنَتْ بالرَحَى حتى مَجَلَتْ (تَخُنَ جلدها) يَدَاهَا ، وكَسَحَتْ البَيتَ حتى أغبَرّتْ ثَيابُهَا ، وأوقَدَتْ تحت القِدْرِ حتى دَكَنَتْ ثَيابُها ,
فأصابُها مِن ذلك ضَرَرٌ شَديدٌ ، فَقُلتْ لها : لو أتَيتِ أبَاكِ فَسَألتيه خَادِمَاً يَكفيكِ حَرَّ مَا أنتِ فيه مِن هذا العَمَلِ ،
قَالَ : أفلا أعَلّمُكُمَا مَا هو خَيرٌ لَكُمَا مِن الخَادِمِ , إذا أخذتمَا مَنامَكُمَا فَكَبّرَا أربعاً وثلاثين تكبيرةً ، وسَبّحَا ثلاثاً وثلاثين ،
وأحمِدَا ثلاثاً وثلاثين ، فَأخرَجَتْ فَاطمةُ , عَليها السَلامُ, رَأسِهَا فَقَالتْ : رَضِيتُ عَن اللهِ وعن رسولِه ، رَضِيتُ عن اللهِ وعَن رَسولِه )
: تَذكِرَةُ الفَقهاءِ, العَلامَةُ الحِلّي , ج3,ص266.
:... تُقدِّمُ هَذه الرِوَايَةُ المُعتَبَرَةُ والمَشهورَةُ دِلاَلاَتٍ قَيمَّةً , يُمكِنُ تَوظيفُهَا فِي مَجَالاتِ تَعاطي الزَوجةِ الصَالِحَةِ مع واقعِهَا التي تَعيشُه ,
وظروفِهَا التي تَرتَهِنُ بها , وإنَّ امرَأةً مِثْلُ السَيّدةِ الزَهرَاء , عَليهَا السَلامُ, ما كانتْ لِتَفْعَلَ ذلكَ الفِعْلَ في بيتِهَا
إلاَّ مِن أجلِ أنْ تُقَدِّمَ سِيرةً عَمليّةً هَادِفَةً ,تَتَكَفّلُ بتأمينِ المُعَاشَرَةِ الزوجيّةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ,
وتَتحَمّلُ مَصَاعِبَهَا مَعَ الزوجِ الصَالحِ , دونَ استنكافٍ مِن القيامِ بِمَهَامِ البَيتِ الزَوجي ,ولو مع إمكانِ الاستعاضةِ بِمَن يَنوبُ عَن ذلِكَ ,
كَمَا في مَتنِ الروايةِ ,ومَا كان مِن رسولِ اللهِ الكريمِ , لِيَختارَ لها أمراً آخراً (التسبيحُ للهِ )
دونَ وجهِ حِكْمَةٍ وغَرَضٍ , وهو المعصوم ,الذي لا يَفعَلُ إلاَّ لحِكْمَةٍ ومَصْلَحَةٍ تتطلبُهَا مُتعلقَاتُ الأفعَالِ والأحكامِ,
ولا حتى الزوجِ المَعصومِ الإمامِ عَليٍّ , عَليه السَلامُ, والذي كان بإمكانِه أنْ يَستقدمَ لها مَن ينوبُ عن ذلك , ولم يفعلْ .
وهُنَا تَتَجَلّى ثَقافةُ الرِضَا عَن اللهِ وعَن رسولِه وعن الزوجِ الصالِحِ ,والقَنَاعَةُ بمَا هو مَوجودٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ ,
والنَظرُ إلى الأشياءِ على أنَّهَا مَحَلُ اختبارٍ وامتحانٍ ,يَبلو فيه مَوقفُنا وتكليفُنا ويَكونُ الجَزَاءُ نتيجة لذلك,
وإنَّ إيثارَ الآخرةِ في شُؤونِ الزوجيّةِ يَرفعُ مِن مَقَامِ صَاحِبهِ ,ولقد ضَرَبَ اللهُ تَعَالى مَثَلاً في هَذا البابِ في قصةِ زوجةِ فرعونِ ,
مع حِفظِ الفَارِقِ في المَوضوعِ والأفرادِ والدِلاَلَةِ , ولكن كَشَاهِدٍ عَلى هذه الحقيقةِ القيّمةِ , والتي ينبغي بالزوجةِ الصَالِحَةِ
إدراكُها والإيمَانُ بها عَقيدةً وسُلُوكَا .
قَالَ اللهُ تَعاَلَى: ((وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)), (11)التحريم.
إنَّ الاستعاضَةَ بالأمورِ المَعنويةِ هو أمرٌ مُمْكِنٌ وواقِعٌ ,وله آثارٌ شَريفَةٌ,كَمَا حَدَثَ مع السَيّدةِ فَاطِمَة الزَهْرَاء , عَليهَا السَلامُ ,
فَمَا خَلُدَ مِن مَوقِفِهَا هذا هو بَقاءُ تَسبيِحهَا ,( تَسبيحُ الزَهراءِ) حُكمَاً شرعيّا مُستحبّاً بعدَ كُلِّ صَلاةٍ واجبةٍ أو مُستَحَبّةٍ ,
وهو أفضَلُ مَا يَنبغي الاشتِغَالُ به فِي التَعقيبِ بَعْدَ الصَلاةِ,وهَذا مَا يَستدعِي التّأمُلَ والاعتبَارَ به.
______________________________________________
مُرتَضَى عَلِيّ الحِلّي
______________________________________________
__________________________________________________
- ثَقَافَةُ وسُلُوكُ الرِضَا عَن اللهِ تَعَالى وعَن رَسولهِ ,وإيثَارُ أمرِ الأخِرَةِ عَلى الدُنيَا -
______________________________________________
(رَوى الصَدوقُ أنَّ أميرَ المُؤمنين ,عليّاً , عليها السَلامُ , قَالَ لِرَجِلٍ مِن بني سَعدٍ : ألا أحدّثُكُم عَني ، وعَن فَاطِمَةَ ,
أنَّها كانتْ عندي , فَاستَقَتْ بالقِرْبَةِ حَتّى أثّرَ فِي صَدرِهَا ،وطَحَنَتْ بالرَحَى حتى مَجَلَتْ (تَخُنَ جلدها) يَدَاهَا ،
وكَسَحَتْ البَيتَ حتى أغبَرّتْ ثَيابُهَا ، وأوقَدَتْ تحت القِدْرِ حتى دَكَنَتْ ثَيابُها , فأصابُها مِن ذلك ضَرَرٌ شَديدٌ ،
فَقُلتْ لها : لو أتَيتِ أبَاكِ فَسَألتيه خَادِمَاً يَكفيكِ حَرَّ مَا أنتِ فيه مِن هذا العَمَلِ ؟ فأتَتْ النبيَّ , صَلّى اللهُ عليه وآله,
فَوجَدتْ عنده حَداثاً , فاستحيَتْ وانصَرَفَتْ ، فَعَلِمَ, عليه السَلامُ ,أنّها جَاءَتْ لِحَاجةٍ , فغدا علينا , ونحن في لِفَاعتِنَا ،
فَقَالَ : السَلامُ عَليكُمُ ، فَسَكتنا واستحيينا لِمَكانِنَا ، ثم قال : السلام عليكم ، فسكتنا ، ثم قال : السلام عليكم ،
فخشينا إنْ لم نَرِدْ عليه أنْ يَنصَرِفَ ، وقد كَانَ يَفعلُ ذلك , يُسَلّمُ ثلاثاً , فإنْ أُذِنَ له وإلاّ انصرفَ ،
فَقُلتْ : وعَليكَ السَلامُ يَا رَسولَ اللهِ أدخلْ ، فَدَخَلَ وجَلَسَ عند رؤوسِنَا ، فقالَ : يَا فاطمةُ مَا كانتْ حَاجتكِ أمس عند مُحَمّدٍ ؟
فَخَشيَتَ إنْ لم نَجبه أنْ يَقومَ فأخرَجتْ رأسي فَقُلتُ : أنَا واللهِ أخبرَكَ يا رسولَ اللهِ, فَاستَقَتْ بالقِرْبَةِ حَتّى أثّرَ فِي صَدرِهَا ،
وطَحَنَتْ بالرَحَى حتى مَجَلَتْ (تَخُنَ جلدها) يَدَاهَا ، وكَسَحَتْ البَيتَ حتى أغبَرّتْ ثَيابُهَا ، وأوقَدَتْ تحت القِدْرِ حتى دَكَنَتْ ثَيابُها ,
فأصابُها مِن ذلك ضَرَرٌ شَديدٌ ، فَقُلتْ لها : لو أتَيتِ أبَاكِ فَسَألتيه خَادِمَاً يَكفيكِ حَرَّ مَا أنتِ فيه مِن هذا العَمَلِ ،
قَالَ : أفلا أعَلّمُكُمَا مَا هو خَيرٌ لَكُمَا مِن الخَادِمِ , إذا أخذتمَا مَنامَكُمَا فَكَبّرَا أربعاً وثلاثين تكبيرةً ، وسَبّحَا ثلاثاً وثلاثين ،
وأحمِدَا ثلاثاً وثلاثين ، فَأخرَجَتْ فَاطمةُ , عَليها السَلامُ, رَأسِهَا فَقَالتْ : رَضِيتُ عَن اللهِ وعن رسولِه ، رَضِيتُ عن اللهِ وعَن رَسولِه )
: تَذكِرَةُ الفَقهاءِ, العَلامَةُ الحِلّي , ج3,ص266.
:... تُقدِّمُ هَذه الرِوَايَةُ المُعتَبَرَةُ والمَشهورَةُ دِلاَلاَتٍ قَيمَّةً , يُمكِنُ تَوظيفُهَا فِي مَجَالاتِ تَعاطي الزَوجةِ الصَالِحَةِ مع واقعِهَا التي تَعيشُه ,
وظروفِهَا التي تَرتَهِنُ بها , وإنَّ امرَأةً مِثْلُ السَيّدةِ الزَهرَاء , عَليهَا السَلامُ, ما كانتْ لِتَفْعَلَ ذلكَ الفِعْلَ في بيتِهَا
إلاَّ مِن أجلِ أنْ تُقَدِّمَ سِيرةً عَمليّةً هَادِفَةً ,تَتَكَفّلُ بتأمينِ المُعَاشَرَةِ الزوجيّةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ,
وتَتحَمّلُ مَصَاعِبَهَا مَعَ الزوجِ الصَالحِ , دونَ استنكافٍ مِن القيامِ بِمَهَامِ البَيتِ الزَوجي ,ولو مع إمكانِ الاستعاضةِ بِمَن يَنوبُ عَن ذلِكَ ,
كَمَا في مَتنِ الروايةِ ,ومَا كان مِن رسولِ اللهِ الكريمِ , لِيَختارَ لها أمراً آخراً (التسبيحُ للهِ )
دونَ وجهِ حِكْمَةٍ وغَرَضٍ , وهو المعصوم ,الذي لا يَفعَلُ إلاَّ لحِكْمَةٍ ومَصْلَحَةٍ تتطلبُهَا مُتعلقَاتُ الأفعَالِ والأحكامِ,
ولا حتى الزوجِ المَعصومِ الإمامِ عَليٍّ , عَليه السَلامُ, والذي كان بإمكانِه أنْ يَستقدمَ لها مَن ينوبُ عن ذلك , ولم يفعلْ .
وهُنَا تَتَجَلّى ثَقافةُ الرِضَا عَن اللهِ وعَن رسولِه وعن الزوجِ الصالِحِ ,والقَنَاعَةُ بمَا هو مَوجودٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ ,
والنَظرُ إلى الأشياءِ على أنَّهَا مَحَلُ اختبارٍ وامتحانٍ ,يَبلو فيه مَوقفُنا وتكليفُنا ويَكونُ الجَزَاءُ نتيجة لذلك,
وإنَّ إيثارَ الآخرةِ في شُؤونِ الزوجيّةِ يَرفعُ مِن مَقَامِ صَاحِبهِ ,ولقد ضَرَبَ اللهُ تَعَالى مَثَلاً في هَذا البابِ في قصةِ زوجةِ فرعونِ ,
مع حِفظِ الفَارِقِ في المَوضوعِ والأفرادِ والدِلاَلَةِ , ولكن كَشَاهِدٍ عَلى هذه الحقيقةِ القيّمةِ , والتي ينبغي بالزوجةِ الصَالِحَةِ
إدراكُها والإيمَانُ بها عَقيدةً وسُلُوكَا .
قَالَ اللهُ تَعاَلَى: ((وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)), (11)التحريم.
إنَّ الاستعاضَةَ بالأمورِ المَعنويةِ هو أمرٌ مُمْكِنٌ وواقِعٌ ,وله آثارٌ شَريفَةٌ,كَمَا حَدَثَ مع السَيّدةِ فَاطِمَة الزَهْرَاء , عَليهَا السَلامُ ,
فَمَا خَلُدَ مِن مَوقِفِهَا هذا هو بَقاءُ تَسبيِحهَا ,( تَسبيحُ الزَهراءِ) حُكمَاً شرعيّا مُستحبّاً بعدَ كُلِّ صَلاةٍ واجبةٍ أو مُستَحَبّةٍ ,
وهو أفضَلُ مَا يَنبغي الاشتِغَالُ به فِي التَعقيبِ بَعْدَ الصَلاةِ,وهَذا مَا يَستدعِي التّأمُلَ والاعتبَارَ به.
______________________________________________
مُرتَضَى عَلِيّ الحِلّي
______________________________________________
تعليق