إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

البلاغة الميسرة 3

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • البلاغة الميسرة 3

    الدرس الواحد والعشرون: القصْرُ
    أهداف الدرس:
    1- أن يتعرّف الطالب إلى مبحث القصر في علم المعاني.
    2- أن يتعرّف إلى طرق القصر وقسميه.
    3- أن يتذوّق بلاغة القصر وجمال استخدامه.


    249

    القصْرُ:
    القصْرُ لغةً:
    الحبسُ, كقولِ اللهِ - تَعَالَى -:
    ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ1.

    واصطلاحاً: هو تخصيصُ شيءٍ بشيءٍ بطريقٍ مخصوصٍ.

    والشيءُ الأولُ: هو المقصورُ، والشيءُ الثاني هو المقصورُ عليه.

    والطريقُ المخصوصُ يكونُ بالطرقِ والأدواتِ الآتية، نحوُ: مَا "شوقي" إلَّا شاعرٌ، فمعناهُ تخصيصُ شوقي بالشِّعرِ وقصرُهُ عليه، ونفيُ صِفةِ الكتابةِ عنه - ردًّا على من ظنَّ أنَّهُ شاعرٌ وكاتبٌ - والَّذي دلَّ على هَذَا التخصيصِ هوَ النفيُ "ما" المتقدمةِ، والاستثناءُ بكلمةِ "إلا" الَّتي قبلَ الخبرِ.

    فما قبلَ "إلا" وهُوَ "شوقي" يُسمَى مقصوراً عليهِ، ومَا بعدَهَا وهوَ "شاعرٌ" يسمَّى مقصوراً و "ما"و"إلاّ" طريقُ القصرِ وأدواتُه.

    ولو قلنَا: "شوقي شاعرٌ", بدونِ نفيٍ واستثناءٍ ما فُهِمَ هذا التخصيصُ، ولهَذَا يكونُ لكلِّ قصرٍ طرفانِ"مقصورٌ، ومقصورٌ عليه", ويُؤلّف "المقصورُ" معَ "المقصورِ عليه" الجملةَ الأصليةَ في الكلام ِ

    وممّا تقدّم نعلمُ أنَّ القصرَ: هو تخصيصُ الحكمِ بالمذكورِ في الكلام ِونفيُهُ عن سواهُ بطريقٍ من الطرقِ الآتيةِ:


    251

    طرقِ القصرِ:
    للقصرِ طُرُقٌ كثيرةٌ، وأشهرُها في الاستعمالِ أربعٌ وهي:
    1- النفيُ والاستثناءُ, كقولِهِ - تَعَالَى-:
    ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ2، فالمقصورُ عليهِ "في النفي والاستثناء" هوَ المذكورُ بَعدَ أداةِ الاستثناءِ, كقولِهِ - تَعَالَى -: ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ3.

    2- "إنَّما", كقولِهِ - تَعَالَى -:
    ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء4.

    وكقولِ أبِي نوَاس:
    إِنَّما يَشتَري المَحامِدَ حُرٌّ طابَ نَفساً لَهُنَّ بِالأَثمانِ

    3- العطفُ بـ "لا وبلْ ولكنْ"
    كقولِهِم: "الأرضُ متحركةٌ لا ثابتةٌ"، وكقولِ الشَّاعرِ5:
    عُمرُ الفَتى ذِكرُهُ لا طُولُ مُدَّتِهِ وَمَوتُهُ خِزيه لا يومُهُ الداني

    وكقولِ الشَّاعِرِ6:
    ما نالَ في دُنياهُ وإنْ بُغيةً لكنْ أخو حزمٍ يَجِدُّ ويَعمَلُ

    4- تقديمِ ما حقّهُ التأخيرُ, كقولِهِ - تَعَالَى -:
    ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ7 أيْ:

    252

    نخصُّك بالعبادةِ والاستعانةِ.

    - فالمقصورُ عليه في "النفي والاستثناءِ" هو المذكورُ بعد أداة ِالاستثناءِ, كقولِهِ - تَعَالَى -:
    ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ8.

    - والمقصورُ عليهِ مَعْ "إنَّما" هُوَ المِذكورُ بَعدَهَا، ويكون ُمؤخَّراً في الجملةِ وجوباً، كقولِ الشَّاعِرِ9:
    إِنَّمَا الدُّنْيَا غُرُورٌ لَمْ تَدَعْ طِفْلاً وَكَهْلا

    - والمقصورُ عليهِ مَعْ "لا العاطفةِ" هُوَ المذكورُ قبلَهَا, والمُقابلُ لما بعدها، نَحْوُ: "الفخرُ بالعلمِ لا بالمالِ".

    - والمقصورُ عليهِ مَعْ "بَلْ ولكنْ"، العاطفتين, هوَ المذكورُ بعدَهُمَا, نَحْوُ: "مَا الفخرُ بالمالِ بلْ بالعلمِ"، ونَحْوُ: "ما الفخرُ بالنَّسَبِ لكنْ بالتقوَى".

    - والمقصورُ عليه في "تقديمِ ما حقُّهَ التأخيرُ" هوَ المذكورُ المتقدِّمُ، كقولِهِ - تَعَالَى -:
    ﴿عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا10, وكقولِ المتنبِّي:
    وَمَنَ البَلِيّة عَذلُ مَنْ لا يَرْعوِي عن جَهلِهِ وَخِطَابُ مَنْ لا يَفْهمُ

    القصر باعتبار طَرَفيه:

    ينقسمُ القصرُ باعتبارِ طرفيهِ (المقصُورُ والمقصورُ عليه) إلى نوعينِ:


    253

    أ- قصرُ صفةٍ على موصوفٍ11: هو أن تُحبسَ الصفةُ على موصوفِها وتَختصَّ به، فلا يتَّصفُ بها غيرُه، وقد يتَّصفُ هذا الموصوفُ بغيرها من الصفات، نحو: "لا رازقَ إلا اللهُ"، و"لا فتى إلا عليّ".

    ب- قصرُ موصوفٍ على صفةٍ: هو أن يُحبسَ الموصوفُ على الصفةِ ويَختصَّ بها، دون غيرها، وقدْ يشاركُه غيرُهُ فيها، نحو: "ما اللهُ إلا خالقُ كلِّ شيءٍ"، وكقولِهِ - تَعَالَى-:
    ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ12.

    أمورٌ ترتبطُ بالقصرِ:

    هناك أمورٌ ترتبط بالقصر أهمُّهَا:
    1- القصرُ يحدّدُ المعاني تحديداً كاملاً, ولذا كثيراً ما يستفادُ منه في التعريفاتِ العلميةِ وغيرها.

    2- القصرُ من ضروبِ الإيجازِ، وهوَ مِنْ أهمِّ أركانِ البلاغةِ، فجملةُ القصرِ تقومُ مقامَ جملتين: مُثَبَتَةٌ ومنفيةٌ.

    3- يُفهمُ من "إنما" حكمانِ: إثباتٌ للشيءِ والنفيُ عن غيرهِ دفعةً واحدةً، بينما يُفهم من العطفِ الإثباتُ أوّلاً والنفيُ ثانياً، أو بالعكسِ، ففي المثال السابقِ: الخشيةُ للعلماءِ دونَ غيرِهِم، والفخرُ للتقوى لا للنَّسبِ، مع وضوحِ الدفعةِ في الأولِ، والترتّبِ في الثاني.

    4- في "النفي والاستثناءِ" يكونُ النفي بغيرِ "ما" - أيضاً -، كقولِهِ -


    254

    تَعَالَى -: ﴿وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ13.

    ويكونُ الاستثناءُ بغير "إلَّا" أيضاً، كقولِ الإمَامِ عليّ بنِ الحسينِ عليهما السلام: "ليسَ لحاجَتِي مطلبٌ سِوَاكَ، ولَا لذنبِي غافرٌ غيرُك، حاشاكَ ولَا أخافُ عَلَى نفسِي إلَّا إيَّاك، إنَّك أهلُ التَّقوَى وأهلُ المغفرةِ"14.

    5- يشترطُ في كلٍّ منْ "بل" و "لكنْ" أنْ تُسبَقَ بنفيٍ أو نَهْيٍ، وأنْ يكونَ المعطوفُ بهما مفرداً، وأنْ لا تقترنَ "لكنْ" بالواو، وفي "لا" أنْ تُسبقَ بإثباتٍ، وأن يكونَ معطوفُها مفرداً وغيرَ داخلٍ في عمومِ ما قَبلَها.

    6- يدلُّ التقديمُ على القصرِ بالذوقِ، بَينَمَا الثلاثةُ الباقيةُ تدلُّ عَلَى القصرِ بالوضعِ، يعني بـ"الأدوات".

    7- إنَّ الأصلَ هو أن يتأخّرَ المعمولُ عن عاملهِ إلاّ لضرورةٍ، أهمُّها إفادةُ القصرِ، فإنَّ منْ تتبعَ كلامَ البلغاءِ في تقديمِ ما حقُّهُ التأخيرُ، وجدهُم يريدونَ بهِ القصرَ والتخصيصَ عادةً.


    255

    القواعد الرئيسة
    - القصرُ تخصيصُ أمرٍ بآخرَ بطريقٍ مخصوصٍ.

    - طرقُ القصرِ المشهورةُ أربعٌ:
    أ- النفيُ، والاستثناء، وهنا يكونُ المقصورُ عليهِ مَا بَعدَ أداةِ الاستثناءِ.
    ب- إنَّما، ويكونُ المقصورُ عليهِ مؤخراً وجوباً.
    ج- العطفُ بـ لا، أو بلْ، أو لكنْ، فإنْ كانَ العطفُ بـ لا، كانَ المقصورُ عليهِ مقابلاً لِمَا بَعدَهَا، وإنْ كانَ العطفُ بـ بل أو لكنْ، كانَ المقصورُ عليهِ مَا بَعدَهمَا.
    د- تقديمُ مَا حقُّهُ التأخيرُ. وهنَا يكونُ المقصورُ عليهِ هوَ المقدَّمَ.

    - لكلِّ قصرٍ طرفانِ: مقصورٌ، ومقصورٌ عليه.

    - ينقسمُ القصرُ باعتبارِ طرفيهِ قسمين:
    أ- قصرُ صفةٍ على موصوفٍ.
    ب- قصرُ موصوفٍ على صفةٍ.
    تمارين
    1- بيِّنْ نوعَ القصْرِ وطريقَه وعيِّنْ كلاً مِنَ المقصورِ والمقصورِ عليهِ فيما يأتي:
    قالَ - تَعَالَى -:
    ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ15.

    وقال ايضا:
    ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ16.

    وقال ابن الرومي في المديح:
    معروفُهُ فِي جَمِيعِ النَّاسِ مُقْتَسَمٌ فحمدُهُ فِي جَمِيعِ النَّاسِ لَا العُصَبِ

    وقال:
    يَتَغَابَى لَهُم ولَيْسَ لِمُوقٍ بلْ لِلُبٍّ يَفُوقُ لُبَّ الَّلبِيبِ

    وقال:
    يهتزُّ عِطفْاهُ عِنْدَ الحمْدِ يَسْمَعُهُ مِنْ هِزَّةِ المَجدِ لَا مِنَ هِزَّة الطَّرَبِ

    وقال:
    مَا قلتً إلَّا الحقَّ فيكَ ولَمَ تَزَلْ عَلَى منهجٍ مِنْ سُنَّةِ المجدِ لاحِبِ

    وقال ابو الطيب:
    بِرجَاءِ جودِكَ يُطرَدُ الفَقْرُ وبأنْ تُعَادَى يَنْفذُ العُمْرُ

    2- بيّن المقصور عليه في الجملتين الآتيتين، وبيِّن الفرق بينهما في المعنى.

    - إنّما يدافع عن أحسابكم عليّ.
    - إنّما يداع علي عن أحسابكم.
    للمطالعة
    من شعرائنا: الشيخ عبد المنعم الفرطوسي17.
    الشيخ عبد المنعم ابن الشيخ حسين ابن الشيخ حسن ابن الشيخ عيسى، علّامة فاضل وشاعر معروف. ولد في النجف عام 1335 هـ / ‍1917 م وفيها ترعرع فاتجه إلى الدراسة، فدرس المقدّمات على بعض الفضلاء وأخذ الفقه والأصول على السيّد محمّد باقر الشخص الأحسائي وغيره من أفاضل عصره، ثمّ لازم حلقة السيّد الخوئي مع اختلافه على حلقة الشيخ محمّد عليّ الخراساني في الأصول، فعرف بمستواه العلميّ المميّز، وَعُدَّ من ذوي الرأي في الحوزة العلمية إلى جانب أدبه الجمّ وحافظته المتّقدة وصفاته الأخلاقية السامية، وما أُثِرَ عنه من مواهب عقليّة ونفسيّة.لازم جمعية الرابطة الأدبيّة الّتي عمل فيها بجدٍّ معالجاً نقائصها ومقدّماً الاقتراحات لحلّ ذلك، وشارك في كثير من النشاطات الثقافيّة والأدبيّة خارجها بعد أن ذاع صيته وعلا كعبه. نحا في شعره مناحي عالجت كثيراً من المشاكل الاجتماعية، وكان حسّه يمتزج مع آرائه الإصلاحية، وهو أحد مبرّزي شعر الاحتفالات الدينية في أغلب مناسباتها، ويمتاز شعره بفخامة اللفظ، ولا سيّما المُلْقَى منه حيث كان يحدو به حداء مميّزاً على طريقة سابقة معروفة، أمّا وفاته فكانت عام 1404 هـ ‍/ 1984 م في الإمارات العربية مغترباً عن وطنه بعيداً عن مَنْبِتِه. وله في الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام قوله:

    نشيدي وأنت له مطلعُ
    وَقَدْرُكَ أرفعُ إنَّ الثناءَ
    ومجدُكَ جاوزَ أُفْقَ الخلودِ
    وأنّى يُطَاوَلُ نجمُ عليٍّ
    طلبْتُكَ في الأُفْقِ حيثُ النجومُ
    وفي الحقلِ حيثُ عبيرُ الورودِ
    وفي موجةِ البحرِ حيثُ الجُمَانُ
    وفي كلِّ مُسْتَوْدَعٍ للجمالِ
    وعدت إلى لوحةٍ في الحشا
    رأيتُكَ فيها وأنتَ اليقينُ
    من الشمس يَعْنُو له مَطْلَعُ
    ولو بالمثانِي به يُرْفَعُ
    سمّواً ونفسُكَ لا تَقْنَعُ
    خِتَامُ الخلودِ بِهِ يُشْرِعُ
    مناقبُ فضلِكَ إذ تَلْمَعُ
    شمائلُ قُدْسِكَ إذ يفرعُ
    نُثَارُ بيانِكَ إذ يجمعُ
    سموُّ الجلالِ بهِ مُوْدَعُ
    حروفُ الولاءِ بها تطبع
    بقلبِي وقلبِي هو الموضع
    وله في الامام الحسين عليه السلام:
    قـرآنُ فَضْـلِكَ فيـه يُفتتـحُ الفَمُ
    وبأفق مَهْدِكَ من جهادِكَ أشـرقَتْ
    أنت الحسينُ ودونَ مجدِكَ في العلا
    فلقـد وُلِدْتَ مطهّـراً في بُـْردةٍ
    ولقـد قُتلـتَ بمصرعٍ يسـمو به
    والحـقُّ مـن عَيْنَيْـكَ ينبعُ نورُهُ
    وضُحَى جَبِينِكَ وَهْوَ فُرْقَانُ الهُدَى
    حمداً وبالإخلاصِ ذِكْـرُكَ يُختم
    للفتـحِ آيـاتٌ بوجْهِـكَ تُرْسَـمُ
    مجدُ المسـيحِ ودونَ أمِّكِ مريـمُ
    مـن طهرِ فاطمـةٍ تُحاكُ وتُلْحَمُ
    مجدُ المماتِ على الحيـاةِ ويَعْظُمُ
    والصدقُ في شَفَتَيْكَ جَمْرٌ مُضْرَمُ
    بـدمِ الشـهادةِ والسعادةِ يُوسَـم
    هوامش
    1- سورة الرحمن، الآية: 72.
    2- سورة آل عمران، الآية: 144.
    3- سورة هود، الآية: 88.
    4- سورة فاطر، الآية: 28.
    5- عُبَيْدُ الله بن أحمد بن علي الميكالي أبو الفضل. 436 هـ / 1045 م أمير من الكُتَّاب الشعراء، من أهل خراسان، صَنَّفَ الثعالبي (ثمار القلوب) لخزانته، وأورد في يتيمة الدهر محاسن ما نثره ونظمه.وكذلك مختارات من كتابه المخزون المستخرج من رسائله. وسماه صاحب فوات الوفيات "عبد الرحمن بن أحمد" وأورد من شعره ما يوافق بعض ما في اليتيمة، ممّا يؤكد أنهما شخص واحد. وذكر له من المؤلفات مخزون البلاغة، (المنتحل -) و(ديوان شعره) وغيره. وفي كشف الظنون أسماء بعضها منسوبة إلى مؤلفها عبيد الله بن أحمد.
    6- لم يُعرف قائله.
    7- سورة الفاتحة، الآية: 5.
    8- سورة هود، الآية: 88.
    9- محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري. 1255 - 1322 هـ / 1839 - 1904 م،
    أول من نهض بالشعر العربي من كبوته. في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من سلالة المقام السيفي نوروز الأتابكي (أخي برسباي). نسبته إلى ( إيتاي البارود)، بمصر، مولده ووفاته بمصر، تعلّم بها في المدرسة الحربيّة. ورحل إلى الآستانة فأتقن الفارسيّة والتركيّة، وله فيها قصائد دعاء إلى مصر فكان من قُواد الحملتين المصريّتين لمساعدة تركيّا. الأولى في ثورة كريد سنة1868م، والثانية في الحرب الروسية سنة 1877م، وتقلّب في مناصب انتهت به إلى رئاسة النُّظّار، واستقال. ولما حدثت الثورة العُرَابيّة كان في صفوف الثائرين، ودخل الإنجليز القاهرة، فقُبِضَ عليه وسجن وحُكم بإعدامه، ثم أبدل الحكم بالنفي إلى جزيرة سِيلان. وكُفَّ بصره وعُفي عنه سنة 1317ه‍، فعاد إلى مصر. أما شعره، فيصح اتخاذه فاتحة للأسلوب العصريّ الراقي بعد إسفاف النظم زمناً. له (ديوان شعر مطبوع)، جزآن، (ومختارات البارودي مطبوع) أربعة أجزاء.

    10- سورة الأعراف، الآية: 89.
    11- اعلمْ أنَّ المرادَ بالصفةِ هنا الصِّفةُ المعنويةُ، الّتي تدلُّ على معنًى قائمٍ بشيءٍ، سواءٌ أكانَ اللفظُ الدالُّ عليه جامداً أم مشتقاً، فعلاً أم غيرَ فعلٍ، فالمرادُ بالصِّفةِ:ما يحتاج ُإلى غيرهِ ليقومَ به،كالفعلِ و نحوهِ، وليس المرادُ بها الصفةَ النحويةَ، المسماةَ بالنَّعتِ.
    12- سورة آل عمران، الآية: 144.
    13- سورة يوسف، الآية:31.
    14- الإمام زين العابدين عليه السلام، الصحيفة السجادية، ص 79 دعاؤه عليه السلام في الاعتراف وطلب التوبة الى الله تعالى.
    15- سورة الرعد، الآية: 40.
    16- سورة الفاتحة، الآية: 5.
    17- الحاج حسين الشاكري, علي في الكتاب والسنة والأدب, ج 5, ص 250.



    يتبع

  • #2
    لدرس الثاني والعشرون: المحسّنات اللفظية - الجناس -
    أهداف الدرس:
    1- أن يتعرّف الطالب إلى معنى الجناس اللفظي.
    2- أن يتعرّف إلى أقسام الجناس اللفظيّ.


    265

    المحسِّناتُ اللفظيةُ
    الجناسُ:

    الجناسُ, هو تشابهُ لفظينِ في النطقِ، واختلافهُما في المعنَى، وهو ينقسم إلى نوعين: تامٌّ وغيرُ تامٍّ.
    الجناسُ التامُّ: هوَ مَا اتفقَ فيهِ الَّلفظانِ المتجانسانِ في أربعةِ أشياءَ، نوعِ الحروف، وعددِها، وهيئاتِها الحاصلةِ منَ الحركاتِ والسكناتِ، وترتيبِها مع اختلافِ المعنَى, كقولِهِ - تَعَالَى -:
    ï´؟وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَï´¾1، وكقولِ الشَّاعِرِ فِي رثاءِ صغيرٍ اسمُهُ يَحْيَى:2
    وَسَمَّيْتُهُ يَحْيَى لِيَحْيَا فَلَمْ يَكُنْ إِلى رَدِّ أمْرِ اللهِ فِيهِ سَبيلُ

    ففِي هذَينِ المثالينِ نجدُ كلَّ كلمتينِ تُجانِسُ إحداهُما الأخرَى وتشاكلُها فِي الَّلفظِ مَع اختلافٍ فِي المعنَى, وإيرادُ الكلامِ علَى هذَا الوجهِ يسمَّى جناساً.

    ففي المثالِ الأوَّلِ نجدُ أَنَّ لفظَ "السَّاعة" مكررٌ مرتين، وأنَّ معنَاه مرةً يومُ القيامَةِ، ومرةً إحدَى الساعاتِ الزمانيَّة، وفِي المثالِ الثانِي نرَى "يَحْيى" مكرراً


    267

    مَع اختلافِ المعنَى. واختلافُ كلِّ كلمتين فِي المعنَى عَلَى هَذَا النَّحوِ مَع اتفاقِهِما فِي نوعِ الحُروفِ وشكلِها وعددِها وترتيِبها يُسمَّى "جناساً تامًّا"3.

    الجناسُ غيرُ التامِّ:
    هُوَ مَا اختلفَ فيه اللفظانِ فِي واحدٍ مِنَ الأمور الأربعةِ السَّابقةِ الَّتي يَجبُ توافرُها فِي الجناسِ التامِّ وهِيَ: نوع ُالحروفِ، وعددُها، وهيئاتُها الحاصلةُ من الحركاتِ والسكناتِ، وترتيبُها مع اختلافِ المعنَى, كقولِ اللهِ - تَعَالَى -:
    ï´؟فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْï´¾4. وقولِ ابنِ الفارضِ5:
    هَلاَّ نَهَاكَ نُهَاكَ عَنْ لَوْمِ امْرئٍ لَمْ يُلْفَ غَيْرَ مُنَعَّمٍ بِشَقَاءِ

    إذا تأمَّلنا كلَّ كلمتين متجانستين في هذين المثالين رأيْنَا أنَّهما اختلفتَا فِي ركنٍ مِن أَركانِ الوِفَاقِ الأَربعةِ المتقدِّمةِ، مثلُ "تقْهر" و"تَنْهَر"، و"نَهاكَ" و"نُهَاكَ". عَلَى ترتيبِ الأَمثلةِ، ويُسمَّى ما بَيْنَ كلِّ كلمتين هنَا مِنْ تَجَانسٍ "جناساً غير تامٍّ".


    268

    القواعد الرئيسة
    - الجِنَاسُ أَنْ يَتَشَابَهَ اللفظانِ في النُّطْق وَيَخْتَلِفَا في الْمَعْنى. وهو نَوْعانِ:
    أ- تَامٌّ: وهو ما اتَّفَقَ فيه اللفظان في أمورٍ أَربعةٍ هيَ: نَوْعُ الحُروفِ، وشَكلُهَا، وعَدَدُها، وتَرْتيبُها.
    ب- غَيْرُ تَامِّ: وهو ما اخْتَلَفَ فيه اللفظان في واحدٍ مِنَ الأمور الْمُتَقَدِّمة.
    تمارين
    بَيّن الجناسَ التامّ من غير التامّ في كلِّ مثالٍ منَ الأمثلة الآتية:
    - قال أبو العلاءِ المَعَرِّيّ:
    لَمْ نَلْقَ غَيْرَكَ إِنْساناً يُلاذُ بهِ فَلا برحْتَ لِعيْنِ الدهْر إِنْسانا

    - قال أبو الفتح البُسْتِيُّ:
    فَهمْتُ كتَابَكَ يا سيِّدِي فَهمْتُ ولاَ عجبٌ أنْ أهِيما

    - وقال ابن جُبير الأندلسي:
    فَيا راكِبَ الوجْنَاءِ هل أنْت عالِمٌ فِداؤُكَ نَفْسِي كيْفَ تلكَ المَعالِمُ

    - وقال يمدح سيف الدولة:
    بسيفِ الدَّوْلة اتَّسقَتْ أمُورٌ رأَيْنَاها مُبدَّدَةَ النَّظَامِ
    سَمَا وحَمَى بني سامٍ وحامٍ فليسَ كمثلهِ سامٍ وحامِ

    - وقال أبو نُواس:
    عبَّاسُ عبَّاسٌ إِذَا احتَدَم الوغَى والفَضْلُ فَضْلٌ والربيعُ ربيعُ

    - وقال تعالى:
    ï´؟وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَï´¾6.

    - وقال الحريري يصِفُ هُيام الجاهل بالدنيا:
    ما يستَفِيقُ غراماً بهَا وفَرْطَ صَبَابَهْ
    ولوْ دَرى لَكفَاهُ مما يَرومُ صُبابَهْ

    - قال تعالى:
    ï´؟وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ...ï´¾7.

    - قال أبو تمام:
    ما مات مِنْ كرمِ الزمان فإِنَّه يحْيا لَدى يحْيى بْنِ عبد الله
    للمطالعة
    من شعرائنا: ابن حماد العبدي8
    وهو أبو الحسن علي بن حمّاد بن عبيد الله بن حماد العدوي العبدي البصري.

    كان حمّاد والد المترجم أحد شعراء أهل البيت عليهم السلام كما ذكره ولده شاعرنا في شعره بقوله من قصيدة:
    وإن العبد عبدكم عليا كذا حماد عبدكم الأديب
    رثاكم والدي بالشعر قبلي وأوصاني به أن لا أغيب

    والمترجم له علم من أعلام الشيعة، وفذ من علمائها، ومن صدور شعرائها، ومن حفظة الحديث المعاصرين للشيخ الصدوق ونظرائه، وقد أدركه النجاشي وقال في رجاله: قد رأيته.

    ولادته ووفاته:

    لم نقف على تاريخ ولادة ابن حمّاد ووفاته غير أن النجاشي الذي أدركه ورآه ولم يرو عنه ولد في صفر سنة 372، وشيخه الذي يروي عنه وهو الجلودي البصري توفي 17 ذي الحجة سنة 332 فيستدعي التاريخان أن المترجم ولد في أوائل القرن الرابع وتوفي في أواخره.

    ومن شعره:
    ألا قل لسلطان الهوى: كيف أعمل
    أأبدي إليك اليوم ما أنا مضمر
    وما أنا إلا هالك إن كتمته
    فخذ بعض ما عندي وبعض أصونه
    لقد كنت خلوا من غرام وصبوة
    إلى أن دعاني للصبابة شادن
    بديع جمال لو يرى الحسن حسنه
    فسبحان من أنشاه فردا بحسنه
    دعاني فلم ألبث ولبيت عاجلا
    بذلت له روحي وما أنا مالك
    وصرت له خدنا ثلاثون حجة
    بسمعي وقر إن لحا فيه كاشح
    إلى أن بدا شيبي ولاح بياضه
    وبدل وصلي بالجفا متعمدا
    فحاولته وصلا فقال لي ابتدأ
    وفر كما من (حيدر) فر قرنه
    غداة رأته المشركون وسيفه
    حسام كصل الريم في جنباته
    لقد جار من أهوى وأنت المؤمل؟!
    من الوجد في الأحشاء أم أتحمل؟!؟!
    ولا شك كتمان الهوى سوف يقتل
    فإن رمت صون الكل فالحال مشكل
    أبيت وما لي في الهوى قط مدخل
    تحير فيه الواصفون وتذهل
    لفر اختيارا أنه منه أجمل
    فلا تعجبوا فالله ما شاء يفعل
    وما كنت لولا ذلك الحسن أعجل
    وفي مثله الأرواح والمال تبذل
    أعانق منه الشمس والليل أليل
    كذاك به عن عذل من راح يعذل
    كما لاح قرن من سنا الشمس مسدل
    وما خلته للهجر والصد يفعل
    وإلا يمينا إنه ليس يقبل 15
    وقد ثار من نقع السنابك قسطل
    بكفيه منه الموت يجري ويهطل
    دبيب كما دبت على الصخر أنمل
    هوامش
    1- سورة الروم، الآية: 55.
    2- علي الجارم ومصطفى أمين، البلاغة الواضحة، ص 213.
    3- علي الجارم ومصطفى أمين، البلاغة الواضحة، ص 214.
    4- سورة الضحى، الآيات:9-10.
    5- عُمر بن علي بن مرشد بن علي الحَمَوِيّ الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، الملقّب بشرف الدين بن الفارض. 576 - 632 هـ / 1181 - 1235 م شاعر متصوف، يلقَب
    بسلطان العاشقين، في شعره فلسفة تتصل بما يسمى (وحدة الوجود).
    اشتغل بفقه الشافعية، وأخذ الحديث عن ابن عساكر، وأخذ عنه الحافظ المُنْذِرِيّ وغيره، ولكنّه ما لبث أن زهد بكل ذلك وتَجَرّد، وسلك طريق التصوّف وجعل يأوي إلى المساجد المهجورة وأطراف جبل المقطم، وذهب إلى مكة في غير أشهر الحج, وأكثر العزلة في وادٍ بعيد عن مكة. ثم عاد إلى مصر وقصده الناس بالزيارة حتى أن الملك الكامل كان ينزل لزيارته. وكان حسن الصحبة والعشرة رقيق الطبع فصيح العبارة، يعشق مطلق الجمال. ومن أشعاره التي يستدل بها على سلوكه طريق الولاية لاهل البيت عليهم السلام:
    ذهبَ العُمْرُ ضياعاً وانقضى باطلاً إذ لم أَفُزْ مِنْكُمْ بِشَيْ
    غيرَ ما أوليتُ من عقْدي ولا عِترَةِ المبعوثِ حقاً من قُصَيّ

    6- سورة الانعام، الآية: 26.
    7- سورة النساء، الآية: 83.
    8- الشيخ الأميني، الغدير، ج4، ص 141.


    يتبع

    تعليق


    • #3
      الدرس الثالث والعشرون: الاقتباس
      أهداف الدرس:
      1- أن يتعرّف الطالب إلى معنى الاقتباس ودواعي استعماله.
      2- أن يُحسن استخدام الاقتباس.


      273

      الاقتباسُ:
      هوَ أن يُضمّنَ المتكلِّم منثورَه، أو منظومَه، شيئاً من القرآنِ، أو الحديثِ، على وجهٍ لا يُشعِرُ فيه بأنَّه منهُما، والغرضُ مِنْ هَذَا التضمينِ أنْ يسْتعِيرَ مِن قوَّتها قوةً، وأنْ يكشِفَ عَن مهارتِهِ فِي إِحكامِ الصِّلةِ بَينَ كلامِهِ والكلامِ الَّذي أخَذَهُ، ويجوزُ للمُقْتَبسِ أنْ يُغَيِّرَ قليلاً فِي الآثارِ الَّتي يقْتَبِسُها. ومِنَ الأمثلةِ عَلَى الاقتباسِ مَا جَاءَ فِي خطبةِ الزّهراءِ عليها السلام: "... حتى تفَرَّى الليلُ عن صبحه1وأسفرَ الحقُّ عن مَحْضِهِ، ونطقَ زعيم الدين، وخرستْ شقاشقُ الشياطين2 وطاح وَشِيظُ النِّفاق3وانحلّتْ عُقَدُ الكفر والشِّقَاق، وفُهْتُمْ بكلمةِ الإخلاص4 في نَفَرٍ من البِيْضِ الخِمَاص5 وكنتم على شَفَا حُفرة من النار، مذْقَةَ الشارب6 ونهْزَةَ الطامع7 وقَبْسَة العَجْلَان، ومَوْطِئ الأقدام8 تشربونَ الطَّرق9وتقتاتون القِدَّ10 أذلة


      275

      خاسئين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم، فأنقذكم الله - تبارك وتعالى - بمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد أنُ منِيَ بِبُهْمِ11 الرجال وذُؤْبَانِ العرب، ومَرَدَةِ أهل الكتاب، كلّما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله، أو نَجَم قَرْنُ الشيطان12 أو فَغَرَت فاغِرَةٌ من المشركين13 قَذَفَ أخاه في لَهَوَاتِهَا14 فلا ينكفئُ حتى يَطَأ جناحَهَا بأخْمَصِه15 ويُخْمَدَ لَهَبَهَا بسيفه، مكدوداً في ذات الله، مجتهداً في أمر الله، قريباً من رسول الله، سيّداً في أولياء الله، مشمّراً ناصحاً، مُجِدّاً، كادحاً، لا تأخذه في الله لومةُ لائم، وأنتم في رفاهيةٍ من العيش، وَادِعُون16 فاكهون17 آمنون، تتربّصونَ بنا الدوائر18 وتتوكَّفُونَ الأخبار19 وتَنْكصُون عند النزال، وتَفِرُّونَ من القتال، فلمّا اختار الله لنبيه دارَ أنبيائه ومأوى أصفيائه، ظهر فيكم حَسَكَةُ النِّفَاقِ20 وسَملَ جِلْبابُ الدين21, ونطقَ كاظمُ الغاوين22، ونَبَغَ خاملُ الأَقَلِّينَ23، وهَدَرَ فنيق المُبْطِلِينَ24، فخطر في عرصاتكم25، وأَطْلَعَ الشيطانُ رأسَهُ من مغرزة هاتفاً بكم26، فألفاكم

      276

      لدعوتِهِ مُستجيبينَ، وللعزّة فيه ملاحظين، ثم استنهضكم فوجدكم خِفَافاً، وأَحْشَمَكُمْ فألفاكم غِضَابا27، فَوَسْمُتم غيرَ إِبِلِكُمْ28 وَوَرَدْتُمْ غير مَشْرَبِكُم29. هذا، والعهد قريب والكلم رحيب30، والجرح لمّا يَنْدَمِلْ31 والرسولُ لمّا يُقْبَرِ، ابتداراً، زعمتم خوف الفتنة، أَلَا في الفتنة سقطوا، وإن جهنّم لمحيطةٌ بالكافرين، فهيهات منكم، وكيف بكم، وأَنَّى تُؤْفَكُون، وكتابُ الله بين أَظْهُرِكُمْ، أمورُهُ ظاهرة، وأحكامُهُ زاهرَةْ، وأعلامه باهرة، وزواجره لايحة، وأوامره واضحة، وقد خَلَّفْتُمُوهُ وراء ظهوركم، أَرَغْبَةً عنه تُرِيْدُون؟ أم بغيره تحكمون؟ بئس للظالمين بدلاً، ومن يبتغِ غيرَ الإسلامِ ديناً، فلن يُقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين".

      ومن أمثلةِ الاقتباسِ فِي الشِّعرِ - وهِيَ كثيرةٌ - قولَ الشَّاعِرِ32 فِي مدحِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم:33
      لا كَـانَ فُـؤَادٌ لَـيْـسَ يَهِـيْـ ـمُ عَــلَى ذِكْــرَاكَ وَيـَنْـزَعِــجُ


      277

      لَا أَعْتِبُ قَلْبَ الغَافِلِ عَنْـ ـكَ فَـ "لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجُ"

      278

      القواعد الرئيسة
      - الاقْتِباسُ: تَضْمِينُ النَّثْر أو الشِّعر شَيْئاً مِنَ الْقُرآن الكريم أو الحديثِ الشريفِ مِنْ غَيْر دلالةٍ عَلَى أنَّهُ منهما، ويَجُوز أنْ يُغَيِّرَ في الأَثَر المُقْتَبِس قَليلاً34.
      تمارين
      1- اقتبسِ الآياتِ الكريمةَ الآتيةَ مع إجادة الاقتباس وإِحكامه:
      - قال تعالى:
      ï´؟إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْï´¾35.
      - وقال تعالى:
      ï´؟..وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ..ï´¾36.
      - وقال تعالى:
      ï´؟قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَï´¾37.
      - وقال تعالى:
      ï´؟وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍï´¾38.
      - وقال تعالى:
      ï´؟إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ..ï´¾39.

      2- صُغْ عباراتٍ تَقْتَبِسُ في كلٍّ منها حديثاً من الأَحاديث الشريفةِ مع العناية بحسنِ وضعها:
      للمطالعة
      من شعرائنا: أبو الفرج الرازي40
      آل هندو، من أسر الإمامية الناهضين بنشر العلم والأدب، وفيهم جمع ممن تحلوا بفنون الفضايل، ولهم في الكتابة والقريض قدم وقدم، طفحت بذكرهم المعاجم منهم: أبو الفرج محمد بن هندو مؤسس شرف بيتهم، عده ابن شهرآشوب في (معالم العلماء) من شعراء أهل البيت عليهم السلام المتقين.

      ومنهم: أبو الفرج الحسين بن محمد بن هندو, ترجمه الثعالبي في (اليتيمة) ج3 ص 362 وعده من أصحاب الوزير الصاحب بن عباد وذكر شطرا من شعره وقال: ملحه كثيرة ولا يسع هذا الباب إلا هذا الأنموذج منها.

      ومما ذكر له قوله:
      لا يوحشنك من مجد تباعده فإن للمجد تدريجا وتدريبا
      إن القناة التي شاهدت رفعتها تنمي فتصعد أنبوبا فأنبوبا

      وله قوله:
      قالوا: اشتغل عنهم يوما بغيرهم وخادع النفس إن النفس تنخدع
      قد صيغ قلبي على مقدار حبهم فما لحب سواه فيه متسع

      ومن شعره في الإمام علي عليه السلام:

      تجلى الهدى يوم (الغدير) على الشبه وبرز إبريز البيان عن الشبه
      وأكمل رب العرش للناس دينهم كما نزل القرآن فيه فأعربه
      وقام رسول الله في الجمع رافعا بضبع علي ذي التعالي من الشبه
      وقال: ألا من كنت مولى لنفسه فهذا له مولى فيا لك منقبه !"
      هوامش
      1- تَفَرَّى الليل عن صبحه: أي انشق حتى ظهر وجه الصباح.
      2- شقاشق الشياطين: الشقاشق: جمع شقشقة بالكسر وهي: شئ كالربة يخرجها البعير من فيه إذا هاج.
      3- طاح: هلك. والوشيظ السفلة والرذل من الناس.
      4- كلمة الإخلاص: كلمة التوحيد.
      5- البيض الخماص: المراد بهم أهل البيت عليهم السلام.
      6- مذقة الشارب: شربته.
      7- نهزة الطامع: بالضم - الفرصة أي محل نهزته.
      8- قبسة العجلان: مثل في الاستعجال. وموطئ الأقدام: مثل مشهور في المغلوبية والمذلة.
      9- الطرق: بالفتح ماء السماء الذي تبول به الإبل وتبعر.
      10- القد: بكسر القاف وتشديد الدال - سير بقد من جلد غير مدبوغ.
      11- بهم الرجال: شجعانهم.
      12- نجم: ظهر، وقرن الشيطان أمته وتابعوه.
      13- فغرفاه: أي فتحه، والفاغرة من المشركين: الطائفة منهم.
      14- قذف: رمى، واللهوات بالتحريك: - جمع لهات -: وهي اللحمة في أقصى شفة الفم.
      15- ينكفئ: يرجع، والأخمص ما لا يصيب الأرض من باطن القدم.
      16- وادعون: ساكنون.
      17- فاكهون: ناعمون.
      18- الدوائر: صروف الزمان أي كنتم تنظرون نزول البلايا علينا.
      19- تتوكفون: تتوقعون أخبار المصائب والفتن النازلة بنا.
      20- حسكة النفاق عداوته.
      21- وسمل جلباب الدين: سمل صار خلقا، والجلباب الإزار.
      22- الكظوم: السكوت.
      23- الخامل: من خفي ذكره وكان ساقطا لا نباهة له.
      24- الهدير: ترديد البعير صوته في حنجرته، والفنيق: الفحل المكرم من الإبل الذي لا يركب ولا يهان.
      25- خطر البعير بذنبه إذا رفعه مرة بعد مرة وضرب به فخذيه.
      26- مغرزه: أي ما يختفى فيه تشبيها له بالقنفذ فإنه يطلع رأسه بعد زوال الخوف.
      27- أي حملكم على الغضب فوجدكم مغضبين لغضبه.
      28- الوسم أثر الكي، تُعَلّمُ به الإبل.
      29- الورود: الحضور إلى الماء للشرب.
      30- الكلم بالضم: الجرح، الرحب بالضم: السعة.
      31- أي لم يصلح بعد.
      32- محمد بن علي بن محمد بن عربي أَبوبكر الحاتمي الطائي الأندلسي المعروف بمحي الدين بن عربي, 560 - 640 هـ / 1164 - 1242 م فيلسوف من أئمة المتكلمين في كل علم، ولد في مرسية بالأندلس وانتقل إلى إشبيلية، وقام برحلة فزار الشام وبلاد الروم والعراق والحجاز، وأنكر عليه أهل الديار المصريه (شَطَحات) صدرت عنه، فعمل بعضهم على إِراقة دمه، وحُبس فسعى في خلاصه عليّ بن فتح اليحيائي واستقرّ في دمشق ومات فيها. يقول الذهبي عنه: قدوة القائلين بوحدة الوجود. له نحو أربعمائة كتاب ورسالة منها: (الفتوحات المكية) في التصوف وعلم النفس، عشر مجلدات، (محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار) في الأدب، (ديوان شعر) أكثره في التصوف، و(فصوص الحكم) وغيرها الكثير الكثير.
      33- ومن لطيف الاقتباس ما كتب الفاضل مُلّا مهدي المعروف بالنّرَاقِيّ (صاحب كتاب جامع السعادات) إلى العلامة آل بحر العلوم:
      ألا قل لسكان أرض الغريِّ هنيئا لكم في الجنان الخلودِ
      أفيضوا علينا من الماء فيضاً فنحن عطاشى وأنتم وُرُود
      فأجابه العلامة:
      ألا قل لمولىً يرى من بعيدِ ديارُ الحبيب بعين الشهودِ
      لك الفضلُ من غائب شاهدٍ على حاضر غائبٍ بالصُّدُودِ
      فنحنُ على الماءِ نشكو الظَّما وفُزْتُمْ على بُعْدِكُمْ بالوُرُودِ

      34- علي الجارم ومصطفى أمين، البلاغة الواضحة، ص 219.
      35- سورة الحجرات، الآية: 13.
      36- سورة فاطر، الآية: 43.
      37- سورة الزمر، الآية: 9.
      38- سورة فاطر، الآية: 14.
      39- سورة الحجرات، الآية: 10.
      40-الشيخ الأميني، الغدير، ج4، ص 172.


      يتبع

      تعليق


      • #4
        الدرس الرابع والعشرون: السَّجَعْ
        أهداف الدرس:
        1- أن يتعرّف الطالب إلى معنى السجع وأقسامه.
        2- أن يحسن استخدامه دون تكلّف.


        281

        السَّجَعُ1:
        هو توافقُ الفاصلتينِ في الحرفِ الأخيرِ, ويكونُ مركباً مِن فِقْرتَين متَّحدتَينِ فِي الحرفِ الأَخيرِ، أو مركَّباً مِنْ أكثرِ مِنْ فِقْرَتين متَمَاثِلتَين فِي الحرفِ الأَخيرِ أيضاً،. وتسمَّى الكلمة الأخيرة منْ كلِّ فقرةٍ فاصلةً، وتُسكَّن الفاصلةُ دائماً في النثرِ للوقفِ, كقولِ أميرِ المؤمنينَ عليه السلام: "اتخذوا الشيطان لأمرهم ملاكا، واتخذهم له أشراكا2. فباض وفَرَّخَ في صدورهم3. ودَبَّ ودَرَجَ في حُجُورِهِم4. فنظرَ بأعْيُنِهِمْ ونَطَقَ بألسنتهم. فَرَكِبَ بهم الزَّلَلَ، وزَيّنَ لهم الخَطَل5، فعل من قد شَرِكَهُ الشيطانُ في سلطانه، ونطقَ بالباطل على لسانه"6.


        283

        والسجعُ ثلاثةُ أقسامٍ:
        1- سجعٌ قصيرٌ، كقولِهِ - تَعَالَى -:
        ï´؟يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْï´¾7.
        2- سجعٌ متوسطٌ، كقولِهِ - تَعَالَى -:
        ï´؟اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّï´¾8.
        3- سجعٌ طويلٌ، كقولِهِ - تَعَالَى -:
        ï´؟إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الاُمُورُï´¾9.

        خاتمةٌ:

        السَّجَعُ موطنُه النثرُ، وقد يجيءُ في الشِّعرِ كقولِ المتنبِّي:
        فنَحنُ في جَذَلٍ والرّومُ في وَجَل وَالبَرُّ في شُغُلٍ والبَحرُ في خَجَلِ


        284

        القواعد الرئيسة
        - السَّجْعُ:َ توَافُقُ الْفَاصِلَتَيْن في الْحَرْفِ الأخِير، وأَفْضَلهُ ما تسَاوَتْ فِقَرُهُ10.
        - السجع ثلاثة أقسام: قصير ومتوسِّط وطويل.
        - السجع موطنه النثر، وقد يجيء في الشعر.
        تمارين
        بيِّنِ السجعَ في الأَمثلة الآتية، ووضِّح وجوه حسنه:
        - من كلام لأمير المؤمنين عليه السلام في ذم أهل البصرة: "كنتم جُنْدَ المرأة. وأتباع البَهِيْمَة. رَغَا فأجبتم. وعُقِرَ فهربتم. أخلاقُكُمْ دِقَاق11 وعهدُكُمْ شِقَاق، ودينُكُمْ نِفَاق، وماؤُكُمْ زعاق12. والمقيمُ بين أظْهُرِكُمْ مُرْتَهَنٌ بذنبه، والشاخصُ عنكم مُتَدَارَكٌ برحمةٍ من ربّه"13.

        - ومن كتاب له عليه السلام الى عثمان بن حنيف: "أما بعد يا ابن حنيف، فقد بلغني أن رجلا من فتية أهل البصرة دعاك إلى مَأْدُبَةٍ14 فأسرعتَ إليها تُستطابُ لك الألوان، وتُنقل إليك الجِفَان15، وما ظننت أنك تُجيبُ إلى طعامِ قومٍ عائِلُهُمْ مَجْفُوٌّ16. وغَنِيُّهُمْ مَدْعُوّ. فانظر إلى ما تَقْضِمُهُ من هذا المقضم17، فما اشتبه عليك عِلْمُهُ فالفظْهُ18، وما أَيْقَنْتَ بِطِيبِ وجوهِهِ19 فَنَلْ منه. ألا وإن لكل مأموم إماماً يقتدي به ويستضيء بنور علمه، ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بِطِمْرَيه20، ومن طعمه بقُرْصَيْه. ألا وإنكم لا تقْدِرُون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد، وعفّةٍ وسداد. فوالله ما كَنَزْتُ من دنياكم تِبْرَاً، ولا ادّخَرْتُ من غنائمها وفراً21، ولا أعددتُ لبالي ثوبي طِمْراً"22.
        للمطالعة
        من شعرائنا: الصاحب بن عبّاد23.
        أبو القاسم الملقّب بالصاحب كافي الكُفَاة إسماعيل بن أبي الحسن عبّاد بن العبّاس بن عبّاد بن أحمد بن إدريس الدَّيْلَمِيّ الأصفهاني القزوينيّ الطالقانيّ وزير مؤيّد الدولة ثمّ فخر الدولة وأحد كتّاب الدنيا الأربعة. وُلد لأربع عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة سنة 326 بإصطخر فارس وتوفّي ليلة الجمعة 24 من صفر سنة 385 بالرّي.

        قال ابن شهرآشوب في معالم العلماء عند ذكر شعراء أهل البيت المجاهرين: الصاحب كافي الكفاة إسماعيل بن عبّاد الأصفهاني وزير فخر الدولة شهنشاه متكلّم شاعر نحوي وقد مدحه الرضي مكاتبة ثمّ رثاه. وقال عبد الرحمن بن محمّد الأنباري في نُزْهة الأَلِبَّاء في طَبَقَاتِ الأُدَبَاء كان الصاحبُ غزير الفَضْلِ متفّنناً في العلوم. وبالجملة فالصاحب علَم من أعلام القرن الرابع جمع بين الوزارة، والكتابة، والسيف، والقلم، وكان صدراً في العلم والأدب، وغايةً في الكرم وجلالة القدر، وفرداً في الرِّيَاسة وكثرة الفضائل.الصاحب مُجَوِّدٌ في شعره كما هو بارع في نثره، وقلّما يكون الكاتب جيّد الشعر، ولكن الصاحب جمع بينهما. له في مدح أمير المؤمنين عليه السلام سبع وعشرون قصيدة أشهرها على الإطلاق:

        قالَت: فَمَن صاحِبُ الدِّينِ الحَنيفِ أَجِب
        قالَت: فَمَن بَعدَهُ يُصفي الوَلاءُ لَهُ
        قالَت: فَهَل أَحَد في الفَضلِ يقدمُهُ
        قالَت: فَمَن أَوَّلُ الأَقوامِ صَدَّقَهُ
        قالَت: فَمَن بات مِن فَوقِ الفِراشِ فدىً
        قالَت: فَمن ذا الَّذي آخاه عَن مِقةٍ
        قالَت: فَمَن زُوِّجَ الزَهراءَ فاطِمَةً
        قالَت: فَمن والِدُ السبطين اِذ فَرَعَا
        قالَت: فَمن فازَ في بَدرٍ بِمَفْخَرِهَا
        قالَت: فَمن سادَ يَوم الرَّوع من أُحُدٍ
        فَقُلتُ: أَحمَدُ خَيرُ السادَةِ الرُسُلِ
        قُلتُ: الوَصِيُّ الَّذي أَربى عَلى زُحَل
        فَقُلتُ: هَل هَضْبَةٌ تَرقى عَلى جبلِ
        فَقُلتُ: مَن لَم يَصِر يَوماً الى هُبَلِ
        فَقُلتُ: أَثبَتُ خَلقِ اللَه في الوَهل
        فَقُلتُ: مَن حازَ رَدَّ الشَمسِ في الطَفَلِ
        فَقُلتُ: أَفضَلُ من حافٍ وَمُنتَعِلِ
        فَقُلتُ: سابِقُ أَهلِ السَبقِ في مَهَلِ
        فَقُلتُ: أَضْرَبُ خَلقِ اللَهِ لِلقُلَلِ
        فَقُلتُ: مَن هالَهُم بَأساً وَلم يُهَلِ
        الى قوله:
        قالَت: أَكُلُّ الَّذي قَد قُلتَ في رَجُلٍ
        قالَت: وَمَن هو هذا المَرءُ سَمِّ لَنا
        فَقُلتُ: كُلُّ الَّذي قَد قُلتُ في رجلِ
        فَقُلتُ: ذاكَ أَميرُ المُؤمِنينَ عَلِيْ
        هوامش
        1- ولا يحسنُ السجعُ إلا إذا كانتِ المفرداتُ رشيقةً، والألفاظُ خَدَمَ المعاني، ودلّتْ كلٌّ منَ القرينتينِ على معنًى غير ما دلّتْ عليه الأخرى، وحينئذٍ يكونُ حِلْيَةً ظاهرةً في الكلامِ، ولا يُستحسنُ السجعُ - أيضا ً- إلا إذا جاءَ عفواً، خالياً من التكلُّفِ والتصنعِ، ومن ثمَّ لا تجدُ لبليغٍ كلاماً يخلو منه، كما لا تخلو منه سورةٌ وإنْ قَصُرتْ. ولا يقالُ في القرآن "أسجاعٌ" لأنَّ السجعَ في الأصل هديرُ الحمامِ ونحوها; بل يقالُ: "فواصلُ".
        2- ملَاكُ الشئ بالفتح ويكسر قوامه الذي يُمْلَكُ به. والأَشْرَاك جمع شريك كشريف وأشراف فجعلهم شركاءه أو جمع شرك وهو ما يُصاد به فكأنهم آلة الشيطان في الاضلال.
        3- باض وفَرّخ كناية عن توطنه صدورهم وطول مكثه فيها, لأن الطائر لا يبيض إلا في عشه. وفِرَاخُ الشيطان وساوسه.
        4- دبّ ودَرَجَ الخ أي أنه تربّى في حجورهم كما يُرَبّى الأطفال في حجور والديهم حتى بلغ صوته وملك قوته.
        5- الخَطَل أقبح الخطأ. والزَّلَلَ الغَلَطُ والخطأ.
        6- الإمام علي عليه السلام، نهج البلاغة، ج1، ص 42.
        7- سورة المدثر، الآيات: 1-7.
        8- سورة القمر، الآيتان: 1-2.
        9- سورة الأنفال، الآيتان: 43-44.
        10- علي الجارم ومصطفى أمين، البلاغة الواضحة، ص 222.
        11- دقة الأخلاق دناءتها.
        12- مالح.
        13- الإمام علي عليه السلام، نهج البلاغة، ج1، ص 45.
        14- المأدبة بفتح الدال وضمّها: الطعام يصنع لدعوة أو عرس.
        15- تستطاب يطلب لك طيبها. والألوان: أصناف الطعام والجفان بكسر الجيم: جمع جفنة القصعة.
        16- عائلهم: محتاجهم، مجفو أي مطرود من الجفاء.
        17- قضم كسمع أكل بطرف أسنانه والمراد الأكل مطلقا، والمقضم كَمَقْعَد وَمَأْكَل.
        18- اطرحه حيث اشتبه عليك حِلّه من حرمته.
        19- بطيب وجوهه بالحل في طرق كسبه.
        20- الطمر بالكسر: الثوب الخلق.
        21- التبر بكسر فسكون: فُتَاتُ الذهب والفِضّة قبل أن يصاغ. والوفر المال.
        22- الإمام علي عليه السلام، نهج البلاغة، ج3، ص 71.
        23- السيد محسن الأمين، أعيان الشيعة، ج 3، ص 358 - 360.



        يتبع

        تعليق


        • #5
          الدرس الخامس والعشرون: المحسِّنات المعنوية - الطباق والمقابلة
          أهداف الدرس:
          1- أن يتعرّف الطالب إلى معنى الطباق وفائدته.
          2- أن يتدرّب إلى حسن استخدام الطباق في الكتابة الأدبية.
          3- أن يتعرّف إلى معنى المقابلة وتذوّق جماليتها.


          289

          الطباقُ والمقابلة:
          أولاً: الطباق:

          هو الجمعُ بَينَ الشَّيءِ وضِدِّهِ فِي الكلامِ، وهُوَ نوعانِ:
          أ- طِبَاقُ الإيجابِ: هو ما لم يختلفْ فيه الضِّدانِ إيجاباً وسلباً، كقولِهِ - تَعَالَى-:
          ï´؟قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌï´¾1، وكقولِهِ - تَعَالَى -: ï´؟..وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ..ï´¾2، ففيهما تطابقٌ إيجابيٌّ بين هذه المذكوراتِ.

          ب- طِبَاقُ السَّلبِ: هو ما اختلفَ فيه الضِّدَانِ إيجاباً وسلباً، بحيثُ يُجمعُ بين فعلينِ من أصل واحدِ، أحدُهُما مثبتٌ مرةً، والآخرُ منفيٌّ تارةً أخرى، في كلامٍ واحدٍ، كقولِهِ - تَعَالَى -:
          ï´؟يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ...ï´¾3، وكقولِهِ - تَعَالَى -: ï´؟يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَï´¾4،

          291

          وكقولِهِ: ï´؟قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِï´¾5.

          - أو أحدهُما أمرٌ، والآخرُ نهىٌ، كقولِهِ - تَعَالَى-:
          ï´؟اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَï´¾6، وقولِهِ: ï´؟..فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ..ï´¾7.

          ثانياً: المقابلةُ
          8:
          هِيَ أنْ يؤتَى بمعنيين متوافقينِ أو معانٍ متوافقةٍ، ثم يُؤتَى بِمَا يقابلُ ذَلِكَ عَلَى الترتيبِ، أو مجموعةُ كلماتٍ ضدَّ مجموعةِ كلماتٍ فِي المَعنَى عَلَى التَّوالِي.

          وتَأتِي المقابلةُ فِي خَمسِ صور:
          1- مقابلةُ معنيينِ بمعنيينِ، كقولِهِ - تَعَالَى -:
          ï´؟فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَï´¾9.
          2- مقابلة ثلاثةٍ بثلاثةٍ، كقولِهِ - تَعَالَى -:
          ï´؟...يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ...ï´¾10.
          3- مقابلةُ أربعةٍ بأربعةٍ، كقولِهِ - تَعَالَى -
          :ï´؟فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ

          292

          لِلْعُسْرَىï´¾11.

          وكقولِ الشاعرِ أبي تمام12:
          يَا أمَّةً كانَ قُبْحُ الجوْر يُسْخِطُها دهْرًا فأصْبَحَ حُسْنُ العَدْل يُرْضِيها

          1- مقابلةُ خمسةٍ بخمسةٍ، قال المتنبِّي13:
          أزُورُهُمْ وَسَوَادُ اللّيْلِ يَشفَعُ لي وَأنثَني وَبَيَاضُ الصّبحِ يُغري بي

          2- مقابلةُ ستةٍ بستةٍ، قال عنترةُ العبسيُّ14:
          على رأسِ عبدٍ تاجُ عِزٍّ يزينهُ وفي رِجْلِ حرّ قيدُ ذُلٍّ يَشينهُ


          293

          القواعد الرئيسة
          - الطِّباقُ: الْجَمْعُ بَيْنَ الشَّيْءِ وضِدّه في الكلام، وهوَ نَوْعان:
          أ- طِبَاقُ الإيجاب: وَهُو ما لَمْ يَختَلِفْ فِيهِ الضدَّان إِيجَاباً وَسَلْباً.
          ب- طِباَقُ السَّلبِ: وَهُو ما اخْتَلَف فِيه الضِّدان إِيجَاباً وسَلْباً15.

          - الْمُقَابَلَة أنْ يُؤْتَى بِمَعْنَيَيْن أوْ أكْثَرَ، ثم يُؤْتَى بمَا يُقَابلُ ذَلِكَ عَلَى التَّرتِيب.
          تمارين
          1- بيِّن مواضعَ الطباقِ في الأمثلة الآتية، وَوَضّحْ نوعه في كل مثال:
          - قال تعالى:
          ï´؟أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ...ï´¾16.

          - وقال دِعْبل الخُزاعيُّ:
          لا تعجبي يا سلْمُ مِنْ رجُلٍ ضَحِكَ المشِيبُ برأسِهِ فَبكَى

          - وقال الشاعر:
          على أنني راضٍ بأنْ أَحْمِلَ الهوَ ـى وأَخْرُجَ مِنْهُ لاَ عليّ ولا لِياً

          - وقال البحتريُّ:
          تُقَيّضُ لي من حيثُ لا أعلَمُ النّوَى وَيَسْرِي إليّ الشّوْقُ من حَيثُ أعلَمُ

          - وقال المُقنَّع الكندِيُّ:
          لهُمْ جُلُّ مالِي إنْ تَتابِعَ لِي غنىً وإنْ قَلَّ مالِي لَمْ أُكَلِّفْهُمُ رِفْدا

          - وقال تعالى:
          ï´؟وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَï´¾17.

          - وقال تعالى:
          ï´؟لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ...ï´¾18.

          - وقال السَّمَوْأَل بن عادياء:
          سَلِي إِنْ جَهِلْتِ النَّاسَ عَنَّا وعَنْهُمُ فلَيْسَ سَواءً عالِمٌ وجَهُولُ

          - وقال الفَرَزْدَقُ يهجو بني كُلَيْب:
          قَبَحَ الإلَهُ بَني كُلَيْبٍ إنّهُمْ لا يَغْدِرُونَ وَلا يَفُونَ لِجَارِ

          - وقال أَبو صخْر الْهُذَلِيّ:
          أَمَا والذي أَبْكَى وأَضْحَكَ، والذي أماتَ وأَحْيا، والذي أَمْرُهُ الأَمْرُ
          لقَدْ تَرَكَتْنِي أَحْسُدُ الوَحْشَ أَنْ أرى ألِيْفَيْنِ مِنْها لا يَرُوعُهُما الذُّعْرُ

          - قال الحَمَاسيُّ:
          تأَخَّرْتُ أَسْتَبْقي الْحياةَ فَلَم أَجدْ لِنَفْسِيْ حياةً مِثلَ أَنْ أَتَقَدّما

          2- بيِّن مواقعَ المقابلةِ فيما يأْتي.

          - قال تعالى:
          ï´؟الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَï´¾19.

          - وقال جرير:
          وباسِطَ خيرٍ فيكُمُ بيمينِه وقابِضَ شرٍّ عنكُمُ بشِمالِيا

          - وقال البحتريُّ:
          فإذا حَارَبُوا أذَلّوا عَزِيزاً وإذا سَالَمُوا أعَزّوا ذَليلا

          - وقال الشريف:
          وَمَنظَرٍ كانَ بالسّرّاءِ يُضْحِكُني يا قُرْبَ مَا عادَ بالضّرّاءِ يُبكيني

          - وقال تعالى:
          ï´؟لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ...ï´¾20

          - وقال تعالى:
          ï´؟يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُï´¾21.

          - وقال النابغة الجعديُّ:
          فَتًى كان فيه ما يَسرُّ صديقَهُ على أَنَّ فيهِ ما يسوءُ الأَعادِيا

          - وقال أبو تمام:
          وأُمّةً كَانَ قُبْحُ الجَوْرِ يُسْخِطُهَا دَهْراً فأصْبَحَ حُسنُ العَدلِ يُرْضِيهَا

          - وقال أيضاً:
          قدْ ينعمُ اللهُ بالبلوى وإنْ عظمتْ ويَبْتَلِي اللَّهُ بعضَ القَوْم بالنِّعَمِ!

          - وقال تعالى:
          ï´؟فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىï´¾22.

          - وقال المعريُّ:
          يا دهْرُ يا مُنجزَ إِيعادِهِ ومُخْلِفَ المأْمول مِنْ وعْدِه
          للمطالعة
          من شعرائنا: أبو الفتح كشاجم23
          أبو الفتح محمود بن محمد بن الحسين المعروف بكشاجم. هو نابغة من رجالات الأمة، وفذ من أفذاذها، وأوحدي من نياقدها، كان لا يجارى ولا يبارى، ولا يساجل ولا يناضل، فكان شاعراً كاتباً متكلماً منجما منطقيا محدثا، ومن نطس الأواسي محققا مدققا مجادلا جوادا. فهو جماع الفضايل وإنما لقّب نفسه بكشاجم إشارة بكل حرف منها إلى علم فبالكاف إلى أنه كاتب، وبالشين إلى أنّه شاعر، وبالألف إلى أدبه أو إنشاده، وبالجيم إلى نبوغه في الجدل أو جوده، وبالميم إلى أنّه متكلّم أو منطقي أو منجّم، ولمّا ولع في الطب وبرع فيه زاد على ذلك حرف الطاء فقيل: طكشاجم.

          إن المترجم قدوة في الأدب وأسوة في الشعر، حتى أن الرفاء السري الشاعر المفلق على تقدّمه في فنون الشعر والأدب كان مغرى بنسخ ديوانه، وكان في طريقه يذهب، وعلى قالبه يضرب.

          ومن قصائده في أمير المؤمنين علي عليه السلام:
          له شغل عن سؤال الطلل
          فما ضمنته لحاظ الظبا
          ولا تستفز حجاه الخدو
          كفاه كفاه فلا تعذلاه
          طوى الغي مشتعلا في ذراه
          له في البكاء على الطاهرين
          فكم فيهم من هلال هوى
          هم حجج الله في خلقه
          ومن أنزل الله تفضيلهم
          فجدهم خاتم الأنبياء
          ووالدهم سيد الأوصياء
          ومن علم السمر طعن الحلي
          ولو زالت الأرض يوم الهياج
          ومن صد عن وجه دنياهم
          وكان إذا ما أضيفوا إليه
          أقام الخليط به؟ أم رحل؟
          تطالعه من سجوف الكلل
          بمصفرة واحمرار الخجل
          كر الجديدين كر العذل
          فتطفى الصبابة لما اشتغل
          مندوحة عن بكاء الغزل
          قبيل التمام وبدر أفل
          ويوم المعاد على من خذل
          فرد على الله ما قد نزل
          ويعرف ذاك جميع الملل
          ومعطي الفقير ومردي البطل
          لدى الروع والبيض ضرب القلل
          من تحت أخمصه لم يزل
          وقد لبست حليها والحلل
          فأرفعهم رتبة في المثل
          إلى أن قال:
          وقد علموا أن يوم الغدير
          فيا معشر الظالمين الذين
          بغدرهم جر يوم الجمل
          أذاقوا النبي مضيض الثكل
          وشعره كما تطفح عنه شواهد تضلعه في اللغة والحديث، وبراعته في فنون الأدب والكتاب والقريض، كذلك يقيم له وزنا في الغرائز الكريمة النفسية، ويمثله بملكاته الفاضلة.
          هوامش
          1- سورة آل عمران، الآية: 26.
          2- سورة الكهف، الآية: 18.
          3- سورة النساء، الآية: 108.
          4- سورة الروم، الآية: 7.
          5- سورة الزمر، الآية: 9.
          6- سورة الأعراف، الآية: 3.
          7- سورة المائدة، الآية: 44.
          8- الفرقُ بينَ المقابلةِ والطباقِ:
          -الطباقُ: حصولُ التوافقِ بعد التنافي، كالجمعِ بينَ أضحكَ وأبكَى بعد تنافيهما في قوله تعالى: ï´؟وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىï´¾ سورة النجم، الآية: 43.
          -المقابلةُ: حصولُ التنافي بعد التوافقِ، كالجمع بين الضحكِ والقِلَّة، ثم إحداثُ التنافي حيثُ تقابلَ الأولُ بالأولِ والثاني بالثاني في قوله تعالى: ï´؟فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا ï´¾ سورة التوبة، الآية: 82.

          9- سورة التوبة، الآية: 82.
          10- سورة الأعراف، الآية: 157.
          11- سورة الليل، الآيتان: 5-10.
          12- سبقت ترجمته.
          13- سبقت ترجمته.
          14- عنترة بن شداد بن عمروٍ بن معاويةَ بن قراد العَبْسيّ. 22 ق. هـ / 601 م أشهر فرسان العرب في الجاهلية ومن شعراء الطبقة الأولى. من أهل نجد. أمه حَبَشِيّة اسمها زَبيبَة، سرى إليه السواد منها. وكان من أحسن العرب شِيْمَةً ومن أعزّهم نفساً، يُوَصَفُ بالحِلمِ على شِدّة بَطْشِه، وفي شعره رِقّةٌ وعُذُوبَة. كان مغرماً بابنة عمه عبلة فقل أن تخلو له قصيدة من ذكرها. اجتمع في شبابه بامرئ القيس الشاعر، وشهد حرب داحس والغبراء، وعاش طويلاً، وقتله الأسد الرهيص أو جبار بن عمرو الطائي.
          15- علي الجارم ومصطفى أمين، البلاغة الواضحة، ص 229.
          16- سورة الأنعام، الآية: 122.
          17- سورة الروم، الآيتان: 6-7.
          18- سورة البقرة، الآية: 286.
          19- سورة الأعراف، الآية: 157.
          20- سورة الحديد، الآية: 23.
          21- سورة الحديد، الآية: 13.
          22- سورة الليل، الآيات: 5-11.
          23- الشيخ الأميني، الغدير، ج4، ص 3.


          يتبع

          تعليق


          • #6
            الدرس السادس والعشرون: التوريةُ وحسن التعليل
            أهداف الدرس:
            1- أن يتعرّف الطالب إلى معنى التورية وفوائدها البلاغية.
            2- أن يتعرّف إلى جماليّة التورية.
            3- أن يتعرّف إلى معنى حسن التعليل وجماليته الأدبية.


            301

            أولاً: التوريةُ1
            التوريةُ لغةً - مصدر - ورّيتُ الخبرَ توريةً: إذا سترتُه، وأظهرتُ غيره2.
            واصطلاحاً: هي أن يذكُرَ المتكلمُ لفظاً مفرداً له معنيان: أحدهُما قريبٌ غيرُ مقصودٍ ودلالةُ اللفظِ عليه ظاهرةٌ، والآخرُ بعيدٌ مقصودٌ، ودلالةُ اللفظِ عليه خَفِيَّةٌ، فيتوهَّمُ السَّامعُ: أنَّه يُريدُ المعنَى القريبَ، وهو إنَّما يُريدُ المعنى البعيدَ بقرينةٍ تشيرُ إليه ولا تُظهرُه، وتسترُه عن غير المتيقظِ الفطِنِ، كقولِهِ - تَعَالَى-:
            ï´؟وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِï´¾3 أرادَ بقولِهِ جرحتُم معناهُ البعيدَ، وهُوَ ارتكابُ الذنوبِ، ولأجلِ هذا سُمِّيتِ التَّوريةُ إيهاماً وتخييلاً.

            - وكقولِ سراجِ الدِّينِ الورَّاقِ4:
            يَرُومُ حَياتَهُ مَا بَيْنَ قَوْمٍ لِقَاءُ المَوْتِ عِنْدَهُمُ الأَدِيبُ
            وَرَبُّ الشِّعْرِ مَمْقُوتٌ بَغِيضٌ وَلَوْ وَافَى بهِ لَهُمُ "حَبِيبُ"


            303

            فكلمةُ "حَبيبٍ" - هُنَا - لَهَا معنيانِ: أحدُهُمَا "المحبوبُ" وهُوَ المَعنَى القريبُ الَّذي يَتَبادَرُ إِلَى الذِّهنِ بسببِ التَّمهيِدِ لهُ بكلمةِ "بغيض"، والثانِي اسمُ أبِي تمَّام الشَّاعرِ وهُوَ "حبيبُ بنُ أَوْس"، وهَذَا المعنى بعيدٌ. وقَدْ أَرادَهُ الشَّاعرُ, ولكنَّه تَلطَّفَ فَورَّى عنهُ وسترَهُ بالمعنَى القريبِ.

            ثانياً: حُسْنُ التعليلِ

            هوَ أنْ ينكرَ الأديبُ صراحةً، أو ضمناً، علةَ الشيءِ المعروفةِ، ويأتِي بعلةٍ أخرَى أدبيةٍ طريفةٍ، لهَا اعتبارٌ لطيفٌ، ومشتملةٌ على دقةِ النظرِ، بحيثُ تناسبُ الغرضَ الذي يرمي إليهِ، يَعنِي أنَّ الأديبَ: يدّعي لوصفٍ علّةً مناسبةً غيرَ حقيقيةٍ، ولكنَّ فيها حسناً وطرافةً، فيزدادُ بهَا المَعنَى المرادُ الَّذي يَرمِي إليهِ جمالاً وشرَفَاً، كقولِ ابنِ أبِي الحديدِ المعتزلِي5 فِي مدحِ أميرِ المؤمنينَ عليّ عليه السلام:6
            يَصفرُّ وجهي حين أَنظر وجههُ خَوفاً فَيدركه الحياء فيخجلُ
            فكأنَّما بِخدُودِه من حُمرةٍ ظَلَّت إليها من دَمي تَتحوَّلُ


            الحمرةُ تحدثُ مِنَ الحَيَاءِ, والصُّفرةُ مِنَ الخوفِ, وهَذِهِ هِيَ الحقيقةُ ومَا تقتضيهِ الطبيعةُ, ولكنَّه ينكرُ هَذِهِ الحقيقةَ ويقولُ: إنِّي إذَا قابلتُ وجهَ الممدوح اصفرَّ وجهِي واحمرَّ وجهُهُ, والسَّببُ فِي ذَلِكَ أنَّ دمِي الِّذي ذَهَبَ مِنْ وجهِي بالخوفِ انتقلَ إلَى وجهِهِ بالخَجَلِ.


            304

            وكقولِ ابنِ الروميّ7:
            أَما ذُكاءُ فَلمْ تَصْفَرَّ إذْ جَنَحَتْ إلا لِفُرْقَةِ ذَاكَ الْمَنْظَر الْحَسَن


            فابنُ الروميّ يَرَى أَنَّ الشمسَ لم تَصفَرَّ عندَ الجنوحِ إلَى المغيبِ للسَّببِ الكونيِّ المعروفِ عندَ العلماءِ، ولكنَّها اصفرَّتْ مخافةَ أنْ تفارقَ وجهَ الممدوحِ.


            305

            القواعد الرئيسة
            - التَّوْريَةُ: أَنْ يَذْكُرَ المتكلِّمُ لَفْظاً مُفْردًا له مَعْنَيانِ، قَريبٌ ظاهِر غَيْرُ مُرَادٍ، وَبَعيدٌ خَفيٌّ هُوَ المُرادُ.
            - حُسنُ التَّعْلِيل: أنْ يُنْكِرَ الأَديبُ صَرَاحَةً أوْ ضِمْناً عِلَّةَ الشَّيْءِ الْمَعْرُوفَةَ، وَيَأْتي بعلَّةٍ أَدَبيَّةٍ طَريفَةٍ تُنَاسِبُ الغَرَضَ الَّذِي يَقْصِدُ إِلَيْهِ8.
            تمارين
            1- اشرح التوريةَ في كلِّ مثال من الأَمثلة شرحاً وافياً:
            - قَال سراجُ الدين الورَّاق:
            كمْ قَطَعَ الْجُنُودُ من لِسانٍ قلَّدَ مِنْ نظْمِهِ النحُورا
            فَها أَنَا شَاعرٌ سِراجٌ فاقْطَعْ لِسَاني أَزِدْكَ نُورا

            - وقال أيضاً:
            يا خَجْلَتي وصحائِفي سُودٌ غَدتْ وصحائِفُ الأبرار في إشراق
            ومُونِّبٌ لِي في القيامةِ قالَ لي أكَذَا تكون صحائفُ "الورَّاق؟"

            - وقال أبو الحسين الجزار:
            كيْفَ لا أشكرُ الجِزارَة ما عِشْـ ـتُ حِفاظاً وأهْجُرُ الآدابا؟
            وبها صارت الْكلابُ تُرجِّيـ ـني وبالشِّعْر كُنتُ أَرجُو الكلابا

            - وقال بدْرُ الدين الذهبيُّ:
            رِفْقاً بخِّل ناصح أَبلَيْتَهُ صَدًّا وهَجْرا
            وافاك سائلُ دمْعِهِ فَرددْتَهُ في الحال نَهْرا

            - وقال الشاعر:
            يا عاذلى فيه قلْ لي إِذا بَدَا كَيْف أَسْلُو؟
            يمُرُّ بِيْ كلَّ وقْتٍ وكلَّما مرَّ يحلُو

            - وقال الشاعر:
            ورياضٍ وقفَتْ أشْجارُها وتمشَّتْ نسْمةُ الصُّبحِ إِليها
            طَالعتْ أوْراقَها شَمْسُ الضُّحا بعْد أَنْ وقَّعتِ الوُرْقُ عليها

            - وقال نصِيرُ الدِّين الحمَّاميُّ:
            جُودُوا لنَسْجَع بالمديـ ـحِ على عُلاكُمْ سَرْمدَا
            فالطيرُ أَحسنُ ما تُغَـ ـرِّدُ عِنْد ما يقَعُ الندَى

            - وقال سراج الدين الورَّاق:
            وقفْتُ بأَطلال الأَحِبَّةِ سائلاً ودمْعيَ يَسْقي ثَمَّ عهداً ومعْهَدَا
            ومِنْ عجبٍ أَنِّي أُروِّى دِيارَهُمْ وحظِّيَ مِنها حين أَسْأَلها الصَّدَى

            - وقال ابن الظاهر:
            شُكْرًا لِنَسمةِ أَرْضِكم كم بَلَّغَتْ عنِّى تَحِيَّهْ
            لا غرْوَ إِن حفِظَتْ أَحا ديثَ الهوى فهي الذَّكِيَّهْ

            - وقال ابن نُباتُةَ المصريّ:
            والنَّهْرُ يُشْبهُ مِبْردًا فِلأَجْل ذَا يجْلُو الصَّدَى

            وَضّحْ حُسْنَ التعليل في الأَبيات الآتية:

            قال ابن نُبَاتة:
            لمْ يزَلْ جْودُه يجُورُ على الْمالِ إِلى أَنْ كَسا النُّضَارَ اصْفِرارا

            وقال شاعر الحاكم يمدحُ ويُعلل لزلزَالٍ حدثَ بمصرَ:
            ما زُلزلَتْ مِصْرُ مِن كَيْدٍ يُرادُ بِها وإنما رَقَصَتْ منْ عِدْلِهِ طَربا

            قال عبد الملك بن إدريس الحريريّ وكان بين يدي المنصور أبي عامر في ليلة يبدو فيها القمر تارةً ويختفي بالسَّحابِ تارةً، وهو:
            أَرَى بَدْرَ السَّماءِ يلوحُ حيناً ويبدُو ثمَّ يلتحِفُ السَّحَابَا
            وذاكَ لأنَّه لمَّا تبدَّى وأَبصرَ وجهكَ اسْتَحْيا وغابَا

            قال ابن قلاقس في وصف فرس أدْهم ذِي غرَّة:
            وأَدهمَ كالغُرابِ سَوادَ لَوْنٍ يَطيرُ معَ الرِّياحِ ولا جَنَاحُ
            كساهُ اللَّيْلُ شملتهُ وولَّى فقبَّلَ بينَ عينيهِ الصَّباحُ

            وقال ابن نُبَاتَةَ السَّعْدِي في فرس محجَّل ذي غُرَّة:
            وأَدْهَمُ يستَمِدُّ اللّيلُ مِنْهُ وتَطْلُعُ بيْنَ عيْنيْهِ الثّريَّا
            سرَى خَلْفَ الصَّباحِ يطِيرُ زَهْوًا ويَطْوي خَلْفَهُ الأَفلاَكَ طيَّا
            فلما خَافَ وَشْكَ الْفَوْتِ مِنْهُ تَشَبَّث بالْقَوائِمِ والمُحيَّى

            وقال الأُرَّجَانِيُّ:
            أبْدى صنِيعُك تَقصيرَ الزَّمان ففي وقتِ الرَّبيعِ طُلوعُ الورْدِ مِن خَجَل

            وقال بعضهم يرثي كاتبا:
            استَشْعَر الكُتَّابُ فَقْدَكَ سالِفاً وقَضَتْ بِصحّةِ ذلكَ الأيامُ
            فلِذاكَ سُوِّدتِ الدُّوِيُّ كآبةً أسفاً عَلَيك وشُقّتِ الأقلامُ

            وقال آخرُ:
            سبقَتْ إلَيْكَ مِنَ الحدائق وَرْدةٌ وأتَتكَ قَبْل أوانها تَطْفِيلا
            طَمِعتْ بلَثْمِكَ إِذْ رأَتْك فجمَّعتْ فَمهَا إِلَيْكَ كَطَالِب تَقبيلاَ

            قال أبو الحسن النوبختي:
            لاَ يطْلُع البدْرُ إِلاَّ مِنْ تَشَوُّقِهِ إليك حتَى يوافي وجْهَكَ النَّضِرَا

            وقال الشاعر:
            بكتْ فَقْدَكَ الدُّنْيا قَدِيماً بدمْعِها فكانَ لها في سَالِفِ الدَّهْرِ طُوْفانُ
            للمطالعة
            من شعرائنا: أبو إسماعيل العلوي9
            أبو إسماعيل محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم).

            قال المرزباني في (معجم الشعراء) ص435: شاعر يكثر الافتخار بآبائه رضوان الله عليهم، وكان في أيام المتوكّل وبعده دهراً، وهو القائل:
            وإنّي كريم من أكارم سادة أكفهم تندي بجزل المواهب
            هم خير من يحفى وأفضل ناعل وذروة هضب العرب من آل غالب
            هم المن والسلوى لدان بودهم وكالسم في حلق العدو المجانب

            وله:
            بعثت إليهم ناظري بتحية فأبدت لي الأعراض بالنظر الشزر
            فلما رأيت النفس أوفت على الردى فزعت إلى صبري فأسلمني صبري

            وله:
            وجدي وزير المصطفى وابن عمه علي شهاب الحرب في كل ملحم
            أليس ببدر كان أول قاحم يطير بحد السيف هام المقحم !؟
            وأول من صلى ووحد ربه وأفضل زوار الحطيم وزمزم
            وصاحب يوم الدوح إذ قام أحمد فنادى برفع الصوت لا بتهمهم
            جعلتك مني يا علي ؟ بمنزل كهارون من موسى النجيب المكلم
            فصلى عليه الله ما ذر شارق وأوفت حجور البيت أركب محرم

            أما إذا افتخر أبو إسماعيل بآبائه فأيّ أحدٍ يولده أولئك الأكارم من آل هاشم فلا يكون حقاً له أن يطأ السماء برجله؟ وأي شريف يكون المحتبي بفناء بيته قمر بني هاشم أبو الفضل ثم لا تخضع له قمة الفلك مجداً وخطراً؟ فإن افتخر المترّجِم بهؤلاء فقد تبجّح بنجوم الأرض وأعلام الهدى، ومنار الفضل وسوى الإيمان.
            هوامش
            1- (هو فنٌّ بَرَعَ فيه شعراء مصر والشام في القرن السابع والثامن من الهجرة، وأَتوْا فيه بالعجيب الرائع الذي يدلُّ على صفاءَ الطبع والقدرة على اللعب بأَساليب الكلام).
            2- الجوهري، الصحاح، ج6، ص 23 - 25.
            3- سورة الأنعام، الآية: 60.
            4- عمر بن محمد بن حسن، أبو حفص، سراج الدين الوراق 615 - 691 هـ / 1219 - 1292 م شاعر مصر في عصره، برع في التورية وغيرها من أنواع البديع كان كاتباً لواليها الأمير يوسف بن سباسلار. له (ديوان شعر) كبير، في سبعة مجلدات، اختار منه الصفدي (لمع السراج- خ)، وله (نظم درة الغواص- خ)، (وشرحه - خ)، توفي بالقاهرة.
            5- عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد، أبوحامد، عز الدين. 586 - 656 هـ / 1190 - 1258 م عالم بالأدب، من أعيان المعتزلة، له شعر جيد واطلاع واسع على التاريخ. ولد في الدواوين السلطانية، وبرع في الإنشاء، وكان حظياً عند الوزير ابن العلقمي. تُوُفِّيَ ببغداد.
            6- هذان البيتان من احدى قصائده السبع التي مدح بها الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام وهي من أروع القصائد.
            7- علي بن العباس بن جُرَيْج أو جورجيس، الرومي. 221 - 283 هـ / 836 - 896 م شاعر كبير، من طبقة بشّار والمُتَنَبِّي، روميّ الأصل، كان جده من موالي بني العباس. ولد ونشأ ببغداد، ومات فيها مسموماً قيل: دَسَّ له السمَّ القاسم بن عبيد الله -وزير المعتضد- وكان ابن الرومي قد هجاه. قال المُرْزُبَانِيّ: لا أعلم أنه مدح أحداً من رئيس أو مرؤوس إلا وعاد إليه فهجاه، ولذلك قلّت فائدته من قول الشعر وتحاماه الرؤساء وكان سبباً لوفاته.
            8- علي الجارم ومصطفى أمين، البلاغة الواضحة، ص 237.
            9- الشيخ الأميني، الغدير، ج3، ص 1.


            يتبع

            تعليق


            • #7
              لدرس السابع والعشرون: أسلوبُ الحكيمِ وتأكيد المدح بما يشبه الذم
              أهداف الدس:
              1- أن يتعرّف إلى معنى أسلوب الحكيم في البلاغة.
              2- أن يتعرّف إلى أقسام أسلوب الحكيم.
              3- أن يتعرّف إلى أساليب تأكيد المدح بما يشبه الذم.


              311

              أسلوبُ الحكيمِ:
              هوَ أنْ تحدِّثَ المخاطَبَ أو السائل بغيرِ ما يتوقعُ, فقد يخاطبُكَ إنسانٌ أو يسألُك سائلٌ عَنْ أمرٍ مِنَ الأمورِ، فتجدُ مِنْ نفسِكَ مَيْلاً إلَى الإعراضِ عَنِ الخوضِ فِي موضوعِ الحديثِ أو الإجابةِ عنِ السُّؤالِ لأغراضٍ كثيرةٍ, منْها أنَّ السَّائِلَ أعجزُ مِنْ أنْ يَفهَمَ الجوابَ عَلَى الوجهِ الصحيحِ، وأنَّه يجْمُلُ به أنْ ينْصرفَ عنهُ إلَى النَّظرِ فيمَا هُوَ أنفعُ لَهُ وأجدَى عليهِ، ومنهَا أنَّك تُخالِف محدثَّكَ فِي الرَّأي ولا تريدُ أن تجبهَه برأيِك فيهِ، وفِي تلكَ الحالِ وأمثالِهَا تَصرفُه فِي شيءٍ من اللَّباقةِ عَنِ الموضوعِ الَّذي هوَ فيهِ إلَى ضربٍ مِنَ الحديثِ تَراه أجدرَ وأولَى1.

              وقد عُبِّر عنه في بعض المصادر بأنّه "تلقّي" السائل بغير ما يتطلّب، والسامع بغير ما يترقّب.

              وهوَ نوعَانِ
              :
              الأولُ: إمَّا أنْ تتجاهلَ سؤالَ المخاطَبِ، فتجيبُه عنْ سؤالٍ آخرَ لم يسألْه، كقولِهِ - تَعَالَى-:
              ï´؟يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّï´¾2، فقدْ سألُوا عَن الهلالِ مَا بَالُهُ يبدُو صغيراً فيكبرُ ثمَّ يعودُ كمَا بَدَأَ، وهذِهِ مسألةٌ

              313

              مِن مسائِلِ علمِ الفَلَكِ يُحتاجُ فِي فَهمِهَا إِلَى دراسةٍ دقيقةٍ طويلةٍ, فَصرَفَهم القرآنُ الكريمُ عَن هَذَا بِبَيَانِ أنَّ الأهلةَ وسائِلُ للتوْقيتِ فِي المعاملاتِ والعباداتِ, إِشارةً منهُ إلَى أنَّ الأَولَى بِهِم أنْ يَسألُوه عَن هَذَا, وإِلَى أَنَّ البحثَ فِي العلومِ يَجِبُ أنْ يُرْجأَ قليلاً, فَقَد كانَ سؤالُهُم عَنِ السببِ، وكانَ الجوابُ عن الحكمةِ من تغيُّرِ الأهلَّةِ وهِيَ مواقيتُ للناسِ والحجِّ.

              الثاني: إمَّا أنْ تحملَ كلامَه على غيرِ ما كانَ يقصدُه ويريدُه، وفي هذا توجيهٌ للمخاطَبِ إلى مَا يَنبغِي عليهِ أنْ يسألَ عنه أو يقصدَه من كلامهِ، كقولِ الشَّاعِرِ:
              ولمَّا نَعَى الناعِي سأَلناه خشْيةً وللعيْن خوفَ البيْن تَسكابُ أمطارِ
              أَجابَ قضى! قلنا قَضَى حاجةَ العُلاَ فقالَ مضَى! قلنا بكلِّ فَخَارِ


              فقد حملَ المخاطبُ كلمةَ "قضَى" على إنجازِ الحوائجِ وقضائِها، أمَّا المتكلِّمُ فقصدَ منه الموتَ، وكذلك قوله "مضَى" أرادَ المتكلِّم "ماتَ" وحملَها المخاطَبُ على أنَّه ذهبَ بالفضلِ، ولم يدعْ لأحدٍ شيئاً.3

              تأكيدُ المدحِ بِمَا يُشبِهُ الذَّمَّ

              ولَهُ عدَّةُ أساليبَ, نذكُرُ مِنْهَا:
              الأسلوبَ الأولَ: أنْ يستثنَى من صفةِ ذمٍّ منفيةٍ عن الشيءِ صفةَ مدحٍ بتقديرِ دخولِها فيهِ، كقولِهِ - تَعَالَى -:
              ï´؟لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًاï´¾4، وكقولِ الشَّاعِرِ5:
              ليسَ به عيبٌ سِوَى أَنَّهُ لا تَقَعُ العَيْنُ على شِبْهِهِ


              314

              فقد صدَّر كلامَه بنفي العيبِ عامةً عَنْ ممدوحِهِ، ثمَّ أتَى بَعدَ ذَلكَ بأَداةِ استثناءٍ هِيَ "سوى" فَسَبَقَ إلَى وهمِ السَّامِعِ أَنَّ هناكَ عيباً فِي الممدُوحِ، وأَنَّه سيكونُ جريئاً فِي مصارحتِهِ بِهِ، ولكنَّ السَّامعَ لمْ يلبثْ أَنْ وجَدَ بَعدَ أَداةِ الاستثناءِ صفةَ مدحٍ، فراعَهُ هَذَا الأسلوبُ، وَوَجَدَ أنَّ الشَّاعرَ خدعَه, فلمْ يذكرْ عيباً، بلْ أكّدَ المدحَ الأوَّلَ فِي صورةٍ تَوَهُّمِ الذَّمَّ.

              الأسلوبَ الثانِي:
              أنْ يُثبتَ للشيءِ صفةَ مدحٍ، ويأتيَ بعدها بأداةِ استثناءٍ تليها صفةُ مدحٍ أخرى كقولِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: "... وأنَا أفصحُ العَرَبِ بيدَ أنَّي مِنْ قريش"6 فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم وَصَفَ نَفسَهُ بصفةٍ ممدوحةٍ، وهِيَ أنَّه أفصحُ العَرَبِ، ولكنَّه صلى الله عليه وآله وسلم أَتَى بعدَهَا بأَداةِ استثناءٍ، فدُهِشَ السَّامعُ, وظنَّ أنَّه سيذكُرُ بعدَهَا صفةً غيرَ محبوبةٍ, ولكنْ سُرْعَانَ مَا هدأَتْ نفسُهُ حِينَ وَجَدَ صفةً ممدوحةً بَعدَ أَداةِ الاستثناءِ، وهِيَ أَنَّه مِنْ قريش، وقريشُ أَفصحُ العربِ غير منازَعين. فكانَ ذلكَ توكيدًا للمدحِ الأوَّل فِي أُسلوبٍ أَلفَ الناسُ سماعَه فِي الذَّمِّ.

              تأكيدُ الذمِّ بما يشبهُ المدحَ
              تأكيدُ الذّم بما يُشبهُ المدحَ ضربان:
              الأولُ: أنْ يُستثنَى من صفةِ مدحٍ منفيةٍ عن الشيء، صفةَ ذمٍّ بتقدير دخولها فيها, كقولِ الشَّاعِرِ:
              لا حُسْن في المنزل إلا أنه مظلمٌ ضيّق الحجرات

              الثاني: أنْ يُثبَتَ لشيءٍ صفةَ ذمٍّ، ثمَّ يؤتَى بعدَهَا بأداة ِاستثناءٍ، تليها صفةُ ذمٍّ أخرَى، كقولِ الشَّاعِرِ:
              لئيمُ الطِّبَاعِ سوى أنهُ جبانٌ يهونُ عليه الهوانُ


              315

              القواعد الرئيسة
              أُسْلوبُ الحكيمِ تَلَقِّي الْمُخَاطَبِ بغِير ما يَتَرَقَّبُهُ، إِمَّا بتَرْكِ سؤالهِ والإِجابةِ عن سؤالٍ لم يَسْأَلْهُ، وإِمَّا بحَمْلِ كلامِهِ عَلَى غير ما كانَ يَقْصِدُ، إِشارَةً إلى أَنَّهُ كان يَنْبَغي له أَن يَسْأَلَ هذا السؤال أَوْ يَقْصِدَ هذا الْمَعْنَى7.

              تَأْكِيدُ الْمَدْحِ بما يُشْبهُ الذمّ ضربان:
              أ- أنْ يُسْتَثنَى مِنْ صِفَة ذَمٍّ مَنْفِيَّةٍ صِفَةُ مَدْحٍ.
              ب- أَن يُثْبَتَ لِشَيءٍ صِفَةُ مَدْحٍ، ويُؤتَى بَعْدَها بأدَاةِ اسْتِثْنَاءٍ تَلِيهَا صِفَةُ مَدْح أخْرَى.

              تأْكِيدُ الذَّمّ بما يُشْبهُ المدحَ ضربان:

              أ- أن يُسْتَثْنَى مِنْ صِفَةِ مَدْحٍ مَنْفِيَّةٍ صِفَةُ ذَمٍّ.
              ب- أنْ يُثْبَتَ لِشَيْءٍ صِفَةُ ذَمٍّ، ثُمَّ يُؤْتَى بَعْدهَا بأَدَاةِ اسْتِثْناءٍ تَلِيهَا صِفَةُ ذَمٍّ أُخْرَى.
              تمارين
              بيِّن كيف جاءَ الكلامُ على أسلوب الحكيم في الأَمثلة الآتية:
              قال الشاعر:
              ولقدْ أَتيتُ لصاحِبي وسأَلْتُهُ في قَرْضِ دينارٍ لأمرٍ كانَا
              فأَجابَني: واللهِ، داري ما حَوَتْ عيناً، فقلتُ لهُ ولا إنسانا

              قيل لشيخٍ هَرِمٍ: كم سِنُّكَ؟ فقال: إِني أَنْعَمُ بالعافيةِ.
              قيل لرجلٍ: ما الغنَى؟ فقال: الجودُ أَنْ تجودَ بالموجودِ.

              سُئلَ غريبٌ عن دينهِ واعتقادهِ، فقال: أُحِبُّ للناسِ ما أحِبُّ لنفسي.
              قيل لتاجرٍ: كمْ رأْسُ مالك؟ فقال: إِني أَمِينٌ، وثقَةُ الناس بي عظيمةٌ.

              قال الشاعر:
              طلبتُ مِنه دِرْهماً يوْماً فأظْهَرَ الْعَجَبْ
              وقال ذَا مِنْ فِضَّةٍ يُصْنعُ لا مِنَ الذَّهبْ

              قال تعالى:
              ï´؟وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَï´¾8.

              بيِّن ما في الأمثلة الآتية من تأْكيد المدح بما يشبه الذّمَّ وعكسِهِ ومع ذكر الضرب الوارد:
              وقال الشاعر:
              ولا عَيْبَ فيهِ غيرَ أنِّي قصدْتُهُ فأَنْستْنِيَ الأَيَّامُ أَهلاً ومَوْطِنَا

              - هم فرْسانُ الكلام إِلا أَنّهم سادةٌ أمجاد.

              وجوهٌ كأَكْبادِ المُحِبِّينَ رِقَّةً ولكنَّها يومَ الهِيَاجِ صُخُورُ

              قال ابنُ نُباتة المِصْريُّ:
              ولا عَيْبَ فيكم غيرَ أنَّ ضيُوفَكُمْ تُعَابُ بِنِسْيانِ الأَحبَّةِ والوَطَنْ

              وقال التنوخي:
              - لا فضلَ للقوم إِلا أَنهم لا يعرفونَ للجار حقَّهُ.
              - الكلامُ كثيرُ التعقيدِ سِوَى أَنه مبتَذَلُ المعاني.
              - لا حُسْنَ في المنزل إلَّا أنه مُظْلمٌ ضيِّقُ الحُجُرَاتِ.

              قال صفيُّ الدِّين الحلّي:
              لا عَيْبَ فيهمْ سِوَى أَنَّ النَّزِيلَ بهمْ يَسلو عنِ الأَهْلِ والأَوْطانِ والحشَمِ

              لا خيرَ في هؤلاء القوم إِلا أَنهم يعيبونَ زمانَهم والعيبُ فيهم.

              وقال جعفر القرشي
              ولا عَيْبَ فيه لامرئٍ غيرَ أنَّهُ تعَابُ لهُ الدُّنْيا وليْسَ يُعابُ

              وقال الشاعر:
              تُعَدُّ ذُنوبي عِنْد قَومٍ كَثِيرةً ولاَ ذَنْبَ لِي إِلا العُلا والفَضائِلُ
              للمطالعة
              من شعرائنا: دعبل الخزاعي9.
              أبو عليّ دِعبل بن عليّ بن رزين الخُزَاعِيّ، ولد في عام 148 هـ / ‍765 م. شاعر شهير معروف. بيته بيت علم وفضل وأدب، وقد روي: أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد دعا لجدّه الأعلى بديل بن ورقاء إذ قال فيه: "زادك الله جمالاً وسؤدداً وأمتعك وَوُلْدَكَ". كان كثير الأسفار، يخرج فيغيب سنين يدور الدنيا، وقد سافر إلى الريّ والحجاز وخراسان. امتاز في حياته بخصال أربع: تهالكه في حبّ أهل بيت الرحمة عليهم السلام، ونبوغه في الشعر والأدب والتأريخ وما كتب في ذلك، وروايته للحديث وقد روي عنه، وعلاقته بالخلفاء والخلافة مدّاً وجزراً، مع ما في ذلك من تندّره بالنكتة والطرفة. اغتيل في الأهواز بأمر مالك بن طوق في قرية من نواحي السوس بعد صلاة العشاء وكان يومها ابن ثمان وتسعين رحمه الله. وله في رثاء أبي عبد الله الحسين عليه السلام قصيدة ذاع صيتها واشتهرت على ألسنة الشيعة إلى يومنا هذا, ذهب شاعرنا إلى فيض النبوّة، الإمام الرضا عليه السلام ليتبرّك بمشاهدته ويتشرّف بالمثول بين يديه، حيث خلع أبو الحسن عليه السلام عليه قميصاً من قُمُصِه وخاتَماً من خواتمه بفصّ عقيق ودراهم رَضَويّة. وقد أنشدها بحضور الإمام الرضا عليه السلام فقال فيها:
              بَكَيتُ لِرَسمِ الدارِ مِن عَرَفاتِ دَمْعَ العَينِ في الوَجَناتِ
              وَفَكَّ عُرى صَبري وَهاجَت صَبابَتي رُسومُ دِيارٍ قَد عَفَت وَعِراتِ
              مَدارِسُ آياتٍ خَلَت مِن تِلاوَةٍ وَمَنزِلُ وَحيٍ مُقفِرُ العَرَصاتِ
              لِآلِ رَسولِ اللَهِ بِالخَيفِ مِن مِنىً وَبِالرُكنِ وَالتَعريفِ وَالجَمَراتِ
              دِيارُ عَلِيٍّ وَالحُسَينِ وَجَعفَرٍ وَحَمزَةَ وَالسجّادِ ذي الثَفِناتِ
              مَنازِلُ كانَت لِلصَلاةِ وَلِلتُقى وَلِلصَومِ وَالتَطهيرِ وَالحَسَناتِ
              قِفا نَسأَلِ الدارَ الَّتي خَفَّ أَهلُها مَتى عَهدُها بِالصَومِ وَالصَلَواتِ

              الى أن يقول:
              أَفاطِمُ لَو خِلتِ الحُسَينَ مَجَدَّلاً وَقَد ماتَ عَطشاناً بِشَطِّ فُراتِ
              إِذَن لَلَطَمتِ الخَدَّ - فاطِمُ- عِندَهُ وَأَجرَيتِ دَمعَ العَينِ في الوَجَناتِ
              أَفاطِمُ قومي يا ابنَةَ الخَيرِ وَاندُبي نُجومَ سَمَواتٍ بِأَرضِ فَلاةِ
              قُبورٌ بِكوفانٍ وَأُخرى بِطَيْبَةٍ وَأُخرى بِفَخٍّ نالَها صَلَواتي
              وَأُخرى بِأَرضِ الجوزَجانِ مَحَلُّها وَقَبرٌ بِباخَمرا لَدى القُرُباتِ
              وَقَبرٌ بِبَغدادٍ لِنَفسٍ زَكِيَّةٍ تَضَمَّنَها الرَحمَنُ في الغُرُفاتِ

              قال له الإمام الرضا عليه السلام: أفلا أُلحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك؟ فقال: بلى يا ابن رسول الله، فقال عليه السلام:
              وقبر بِطُوسٍ يا لها من مصيبةٍ تَوَقَّدُ في الأحشاء بالحُرُقَاتِ
              إلى الحشر حتّى يبعثَ الله قائماً يفرّجُ عنّا الهمَّ والكُرُبَاتِ

              فقال دِعبل: يا ابن رسول الله هذا القبر الّذي بطوس قبر من هو؟ فقال الرضا عليه السلام: قبري ولا تنقضي الأيّام والليالي حتّى تصير طوس مختلف شيعتي وزوّاري. ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفوراً له، ثمّ نهض الإمام الرضا عليه السلام بعد فراغ دِعبل من إنشاد القصيدة.

              تعليق

              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
              حفظ-تلقائي
              Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
              x
              يعمل...
              X