إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هدم قبر الحسين عليه‌السلام قبل المتوكل

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هدم قبر الحسين عليه‌السلام قبل المتوكل

    بسم الله الرحمن الرحيم
    في كامل الزيارات لابن قولويه / ٢٢١ : « عن الحسين ابن بنت أبي حمزة الثمالي ، قال : خرجت في آخر زمان بني مروان إلى زيارة قبر الحسين عليه‌السلام مستخفياً من أهل الشام حتى انتهيت إلى كربلا ، فاختفيت في ناحية القرية حتى إذا ذهب من الليل نصفه أقبلت نحو القبر ، فلما دنوت منه أقبل نحوي رجل فقال لي : إنصرف مأجوراً فإنك لا تصل إليه ، فرجعت فزعاً حتى إذا كان يطلع الفجر أقبلت نحوه ، حتى إذا دنوت منه خرج إليَّ الرجل فقال لي : يا هذا إنك لا تصل إليه ! فقلت له : عافاك الله ولم لا أصل إليه وقد أقبلت من الكوفة أريد زيارته ، فلا تَحُلْ بيني وبينه ، وأنا أخاف أن أصبح فيقتلوني أهل الشام إن أدركوني هاهنا ، قال فقال لي : إصبر قليلاً فإن موسى بن عمران عليه‌السلام سأل الله أن يأذن له في زيارة قبر الحسين بن علي عليهما‌السلام فأذن له ، فهبط من السماء في سبعين ألف ملك ، فهمَّ بحضرته من أول الليل ينتظرون طلوع الفجر ، ثم يعرجون إلى السماء .
    قال فقلت له : فمن أنت عافاك الله ، قال : أنا من الملائكة الذين أمروا بحرس قبر الحسين عليه‌السلام والإستغفار لزواره ! فانصرفت وقد كاد أن يطير عقلي لما سمعت منه . قال : فأقبلت حتى إذا طلع الفجر أقبلت نحوه فلم يحل بيني وبينه أحد ، فدنوت من القبر وسلمت عليه ودعوت الله على قَتَلتِهِ ، وصليت الصبح ، وأقبلت مسرعاً مخافة أهل الشام ».
    أقول : هذا الحديث وغيره يدل على أن الأمويين كانوا يمنعون الشيعة من التجمع عند قبر الحسين عليه‌السلام ومن زيارته ، وكان المنع متفاوتاً حسب تشدد والي الكوفة وتساهله ، وحسب قوة الخليفة الأموي أو ضعفه .

    لكن الأمويين لم يهدموا قبر الحسين عليه‌السلام ، وأول من ارتكب جريمة هدمه : المنصور الدوانيقي ، وذلك بعد ثورة الحسنيين عليه وانتصاره عليهم سنة ١٤٥ ، فقد أمر والي الكوفة عيسى بن موسى أن يهدمه !
    روى الطوسي في أماليه / ٣٢١ : « حدثنا يحيى بن عبد الحميد الِحَّماني أملاه عليَّ في منزله ، قال : خرجت أيام ولاية موسى بن عيسى الهاشمي في الكوفة ، من منزلي فلقيني أبو بكر بن عياش ، فقال لي : إمض بنا يا يحيى إلى هذا فلم أدر من يعني ، وكنت أجل أبا بكر عن مراجعة ، وكان راكباً حماراً له ، فجعل يسير عليه وأنا أمشي مع ركابه ، فلما صرنا عند الدار المعروفة بدار عبد الله بن حازم ، التفت إليَّ فقال لي : يا بن الحِمَّاني ، إنما جررتك معي وجَشَّمتك معي أن تمشي خلفي ، لأُسمعك ما أقول لهذا الطاغية ! قال : فقلت : من هو يا أبا بكر ؟ قال هذا الفاجر الكافر موسى بن عيسى !
    فسكت عنه ، ومضى وأنا أتبعه حتى إذا صرنا إلى باب موسى بن عيسى ، وبصر به الحاجب وتبينه ، وكان الناس ينزلون عند الرحبة ، فلم ينزل أبوبكر هناك ، وكان عليه يومئذ قميص وإزار ، وهو محلول الإزار . قال : فدخل على حمار وناداني : تعالى يا ابن الحماني ، فمنعني الحاجب فزجره أبوبكر وقال له : أتمنعه يا فاعل وهو معي ؟ فتركني فما زال يسير على حماره حتى دخل الإيوان ، فبصر بنا موسى وهو قاعد في صدر الإيوان على سريره ، وبجنبي السرير رجال متسلحون ، وكذلك كانوا يصنعون ، فلما أن رآه موسى رحب به وقربه وأقعده على سريره ، ومُنعتُ أنا حين وصلت إلى الإيوان أن أتجاوزه .
    فلما استقر أبوبكر على السرير التفت فرآني حيث أنا واقف فناداني : تعال ويحك فصرت إليه ونعلي في رجلي وعليَّ قميص وإزار فأجلسني بين يديه ، فالتفت إليه موسى فقال : هذا رجل تُكَلِّمُنَا فيه ؟ قال : لا ، ولكني جئت به شاهداً عليك .
    قال : في ماذا ؟ قال : إني رأيتك وما صنعت بهذا القبر . قال : أيُّ قبر ؟ قال : قبر الحسين بن علي بن فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله !
    وكان موسى قد وجه إليه من كربه وكرب جميع أرض الحائر ، وحرثها وزرع الزرع فيها ، فانتفخ موسى حتى كاد أن يَنْقَدَّ ، ثم قال : وما أنت وذا ؟
    قال : إسمع حتى أخبرك ، إعلم أني رأيت في منامي كأني خرجت إلى قومي بني غاضرة ، فلما صرت بقنطرة الكوفة اعترضني خنازير عشرة تريدني ، فأغاثني الله برجل كنت أعرفه من بني أسد فدفعها عني ، فمضيت لوجهي فلما صرت إلى شاهي ضللت الطريق ، فرأيت هناك عجوزاً فقالت لي : أين تريد أيها الشيخ ؟ قلت : أريد الغاضرية . قالت لي : تَبَطَّنْ هذا الوادي فإنك إذا أتيت آخره اتضح لك الطريق . فمضيت ففعلت ذلك فلما صرت إلى نينوى إذا أنا بشيخ كبير جالس هناك ، فقلت : من أين أنت أيها الشيخ ؟ فقال لي : أنا من أهل هذه القرية . فقلت : كم تعدُّ من السنين ؟ فقال : ما أحفظ ما مضى من سني وعمري ، ولكن أبعدُ ذكري أني رأيت الحسين بن علي عليه‌السلام ومن كان معه من أهله ومن تبعه ، يمنعون الماء الذي تراه ، ولا يمنع الكلاب ولا الوحوش شربه ! فاستفظعت ذلك وقلت له: ويحك أنت رأيت هذا ؟ قال : إي والذي سمك السماء ، لقد رأيت هذا أنها الشيخ وعاينته ، وإنك وأصحابك هم الذين يعينون على ما قد رأينا مما أقرح عيون المسلمين ، إن كان في الدنيا مسلم ! فقلتُ : ويحك وما هو ؟ قال : حيث لم تنكروا ما أجرى سلطانكم إليه. قلت : ما أجرى إليه؟ قال : أيكرب قبر ابن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وتحرث أرضه ؟ قلت : وأين القبر ؟ قال : ها هوذا أنت واقف في أرضه ، فأما القبر فقد عميَ عن أن يعرف موضعه !
    قال أبو بكر بن عياش : وما كنت رأيتُ القبر قبل ذلك الوقت قطُّ ، ولا أتيته في طول عمري ، فقلت : من لي بمعرفته ؟ فمضى معي الشيخ حتى وقف بي على حير له باب وآذن ، له إذا جماعة كثيرة على الباب ، فقلت للآذن : أريد الدخول على ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : لا تقدر على الوصول في هذا الوقت . قلت : ولمَ ؟ قال : هذا وقت زيارة إبراهيم خليل الله ومحمد رسول الله ، ومعهما جبرئيل وميكائيل ، في رعيل من الملائكة كثير .
    قال أبوبكر بن عياش : فانتبهت وقد دخلني روعٌ شديد وحزنٌ وكآبةٌ ، ومضت بي الأيام حتى كدت أن أنسى المنام ، ثم اضطررت إلى الخروج إلى بني غاضرة لدينٍ كان لي على رجل منهم ، فخرجت وأنا لا أذكر الحديث حتى إذ صرت بقنطرة الكوفة لقيني عشرة من اللصوص ، فحين رأيتهم ذكرت الحديث ورعبت من خشيتي لهم ، فقالوا لي : ألق ما معك وانج بنفسك وكانت معي نفيقة ، فقلت : ويحكم أنا أبو بكر بن عياش ، وإنما خرجت في طلب دينٍ لي ، والله الله لا تقطعوني عن طلب ديني وتضرُّوا بي في نفقتي فإني شديد الإضاقة ، فنادى رجل منهم : مولاي ورب الكعبة لا يعرض له . ثم قال لبعض فتيانهم : كن معه حتى تصير به إلى الطريق الأيمن .
    قال أبوبكر : فجعلت أتذكر ما رأيته في المنام ، وأتعجب من تأويل الخنازير حتى صرت إلى نينوى ، فرأيت والله الذي لا إله إلا هو الشيخ الذي كنت رأيته في منامي بصورته وهيئته ، رأيته في اليقظة كما رأيته في المنام سواء ، فحين رأيته ذكرت الأمر والرؤيا فقلت : لا إله إلا الله ما كان هذا إلا وحياً ، ثم سألته كمسألتي إياه في المنام ، فأجابني ثم قال لي : إمض بنا فمضيت فوقفت معه على الموضع وهو مكروب ، فلم يفتني شئ في منامي إلا الآذن والحير ، فإني لم أر حِيراً ولم أر آذناً ؟ فاتق الله أيها الرجل ، فإني قد آليت على نفسي ألا أدعَ إذاعة هذا الحديث ، ولا زيارةَ ذلك الموضع وقصدَه وإعظامَه ، فإن موضعاً يأتيه إبراهيم ومحمد وجبرئيل وميكائيل عليهم‌السلام لحقيقٌ بأن يرغب في إتيانه وزيارته ، فإن أبا حصين حدثني أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : من رآني في المنام فإياي رأى ، فإن الشيطان لا يتشبه بي .
    فقال له موسى : إنما أمسكت عن إجابة كلامك لأستوفي هذه الحمقة التي ظهرت منك ، وبالله لئن بلغني بعد هذا الوقت أنك تتحدث بهذا لأضربن عنقك ، وعنق هذا الذي جئت به شاهداً عليَّ ! فقال أبوبكر : إذن يمنعني الله وإياه منك ، فإني إنما أردت الله بما كلمتك به !
    فقال له : أتراجعني يا عامر وشتمه ! فقال له : أسكت أخزاك الله وقطع لسانك !
    فأرعد موسى على سريره ثم قال : خذوه !
    فأخذ الشيخ عن السرير ، وأخذت أنا ، فوالله لقد مر بنا من السحب والجرِّ والضرب ، ما ظننت أننا لا نكثر الأحياء أبداً ، وكان أشد ما مرَّ بي من ذلك أن رأسي كان يُجَرُّ على الصخر ، وكان بعض مواليه يأتيني فينتف لحيتي ، وموسى يقول : أقتلوهما بني كذا وكذا بالزاني لا يكني !
    وأبو بكر يقول له : أمسك قطع الله لسانك وانتقم منك ، اللهم إياك أردنا ، ولولد وليك غضبنا ، وعليك توكلنا .
    فصيَّر بنا جميعاً إلى الحبس ، فما لبثنا في الحبس إلا قليلاً ، فالتفت إليَّ أبوبكر ورأي ثيابي قد خرقت وسالت دمائي ، فقال : يا حِمَّاني قد قضينا لله حقاً ، واكتسبنا في يومنا هذا أجراً ، ولن يضيع ذلك عند الله ولا عند رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله .
    فما لبثنا إلا مقدار غدائةٍ ونومة ، حتى جاءنا رسوله فأخرجنا إليه ، وطلب حمار أبي بكر فلم يوجد ، فدخلنا عليه فإذا هو في سرداب له يشبه الدور سعة وكبراً ، فتعبنا في المشي إليه تعباً شديداً ، وكان أبوبكر إذا تعب في مشيه جلس يسيراً ، ثم يقول : اللهم إن هذا فيك فلا تَنْسَهْ ، فلما دخلنا على موسى ، وإذا هو على سرير له فحين بصر بنا قال : لا حيا الله ولا قرب ، من جاهل أحمق يتعرض لما يكره ، ويلك يا دعي ، ما دخولك فيما بيننا معشر بني هاشم !
    فقال له أبوبكر : قد سمعت كلامك ، والله حسبك ! فقال له : أخرج قبحك الله ، والله لئن بلغني أن هذا الحديث شاع ، أو ذكر عنك لأضربن عنقك !
    ثم التفت إليَّ وقال : يا كلب وشتمني وقال : إياك ثم إياك أن تظهر هذا ، فإنه إنما خُيِّلَ لهذا الشيخ الأحمق شيطانٌ يلعب به في منامه ، أخرجا عليكما لعنة الله وغضبه ، فخرجنا وقد يئسنا من الحياة !
    فلما وصلنا إلى منزل الشيخ أبي بكر وهو يمشي وقد ذهب حماره ، فلما أراد أن يدخل منزله التفت إليَّ وقال : إحفظ هذا الحديث وأثبته عندك ، ولا تحدثن هؤلاء الرعاع ، ولكن حدث به أهل العقول والدين » .
    ملاحظات:
    ١. أبوبكر بن عياش ، من كبار أئمة السنة وقرائهم وعُبَّادهم : « روى له البخاري في صحيحه ومسلم في مقدمة كتابه وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة . وتوفي سنة اثنتين وتسعين ومائة » . « الكواكب النيرات / ١٠٢ » .
    قال الذهبي في سيره : « ٨ / ٤٩٥ » : « أبوبكر بن عياش بن سالم الأسدي ، مولاهم الكوفي الحناط بالنون ، المقرئ ، الفقيه ، المحدث ، شيخ الإسلام ، وبقيه الأعلام مولى واصل الأحدب ... لم يضع جنبه على الأرض أربعين سنة » .
    وقد روى عنه كبار أئمة المذاهب ، قال ابن حجر في تهذيب التهذيب « ١٢ / ٣١ » : « وعنه الثوري ، وابن المبارك ، وأبوداود الطيالسي ، وأسود بن عامر شاذان ، ويحيى بن آدم ، ويعقوب القمي ، وابن مهدي ، وابن يونس ، وأبونعيم ، وابن المديني ، وأحمد بن حنبل ، وابن معين ، وابنا أبي شيبة ، وإسماعيل بن أبان الوراق ، ويحيى بن يحيى النيسابوري ، وخالد بن يزيد الكاهلي ... وآخرون » .
    ويظهر من غضبه لهدم قبر الحسين عليه‌السلام ومبادرته الى النهي عن المنكر ، أنه صاحب دين ، لكن طريقته في الإستنكار ساذجة ، ثم نراه تراجع وسكت ! وقد كانت له مكانة واحترام في الناس ، فلو أنه وقف في المسجد ودعا المسلمين الى الإعتراض لأجابه الكثيرون ، لكنه اعترض بطريقة بدائية ، فزجره الوالي العباس بأسلوب فرعون ، وقال له : قصتك ومنامك خيال وحماقة ، وأنت فارسي مولى بني أسد ، ونحن والحسين هاشميون ، فلا تدخل بيننا !
    وقصته تدل على أن مؤسس جريمة هدم قبر الحسين عليه‌السلام المنصور الدوانيقي ! وأن المسلمين حتى غير الشيعة نقموا عليه واعترضوا .
    ٢. أعاد المسلمون مشهد الحسين عليه‌السلام بعد الدوانيقي ، وعادوا الى زيارته حتى جاء حفيده هارون ، الذي سموه الرشيد ، فهدمه مرة ثانية !
    روى الطوسي في أماليه / ٣٢١ : « حدثني يحيى بن المغيرة الرازي ، قال : كنت عند جرير بن عبد الحميد ، إذ جاءه رجل من أهل العراق ، فسأله جرير عن خبر الناس ، فقال : تركت الرشيد وقد كرب قبر الحسين عليه‌السلام وأمر أن تقطع السدرة التي فيه فقطعت ! قال : فرفع جرير يديه ، فقال : الله أكبر ، جاءنا فيه حديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : لعن الله قاطع السدرة ، ثلاثاً ، فلم نقف على معناه حتى الآن ، لأن القصد بقطعه تغيير مصرع الحسين حتى لايقف الناس على قبره » .
    أقول : معنى : تغيير مصرعه ، تغيير قبره ومكان قتله عليه‌السلام . وقد قطعت قبل تلك السدرة سدرتان : سدرة البقيع وكانت تستظل بها الزهراء عليها‌السلام ، وسدرة الحديبية التي بايع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تحتها المسلمين . وقاطعهما واحد ، ولا مجال للتفصيل.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X