كلمة تامّة للميرزا جواد تبريزي 1(1427هـ)
سُئِلَ 1 : هل دم المعصوم ومدفوعاته طاهرين ، أم لا؟!.
فجاء كما في الأنوار الإلهية : باسمه تعالى ؛ الجواب عن هذه المسألة يتّضح بذكر أمرين :
الأوّل : إنّ جسد المسلم فضلاً عن المعصوم عليه السّلام ، لا يكون خبثاً ، وأمّا تنجّس بدن الإنسان بملاقاة القذر ؛ كالبول والدم ، فهو أمر اعتباري ، وليس أمراً واقعياً ، كما أنّ النجاسة الثابتة لبعض الأشياء كالدم والمني أمر اعتباري أيضاً لا واقعي ، وإنّما اعتبرها الشارع لمصلحة تقتضي ذلك أو دفع مفسدة عن العباد ، لا لنقص في مورد الاعتبار ، ولا لكمال في غيره ؛ فمثلًا تنجّس بدن الإنسان عند إصابة القذر كالبول والدم له ، لا يعني الخبث الذاتي فيه ، ولا يدلّ على النقص في شخصه ، وإنّما هو حكم تعبّدي لملاك معيّن ، كما أنّ طهارة مدفوع وبول مأكول اللحم ، لا يدلّ على فضيلة له .
وبالجملة : فلا يحتمل أن يكون حكم الشارع بطهارة ميتة ما ليس له نفس سائلة ؛ كالسمك والبق ، ونجاسة ميتة الإنسان ، تفضيلًا لميتة البق على الإنسان .
الثاني : من المسلَّمات التي لا ريب فيها أنّ المعصومين الأربعة عشر عليهم السّلام ، في أعلى درجات الكمال ، وأسمى مراتب العصمة ، غير أنّ الأحكام الشرعية ومنها : وجوب غسل الجنابة ، أو اعتبار طهارة البدن واللباس من الخبث ، في صحّة الصلاة ، شاملة للمعصوم وغيره ؛ إذ لم يرد دليل على استثناء المعصوم من هذه الأحكام ، ولقد كان النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يغتسل من الجنابة ، ويغسل بدنه ممّا أصابه من القذر ، وكذلك المعصومون عليهم السّلام .
وبالجملة : فثبوت أحكام الطهارة والنجاسة في حقّهم عليهم السّلام ، لا ينافي طهارتهم الذاتية ([1]).اهـ.
قلت : هو تام ، لكن ثمّة أمور يلزم التأكيد عليهما :
الأوّل : دم عامة ذوات النفس السائلة ، خبيثٌ ذاتاً ، نجسٌ شرعاً واعتباراً دون كلام ، ويستثنى المعصوم بأنّ دمه المقدّس طاهرٌ ذاتاً وتكويناً ، نجسٌ اعتباراً ..
الثاني : مقصوده بقوله 1 : (إنّ جسد المسلم فضلاً عن المعصوم عليه السّلام ، لا يكون خبثاً) النجاسة العينيّة ؛ فليس هو نجسٌ عيناً ، كما في الكلب والخنزير ، بل حتّى الكافر المتنزه عن القذر ليس خبثاً ؛ أي ليس نجسٌ عيناً ، وإنّما اعتباراً وحكماً وشرعاً .
الثالث : التفريق بين المسلم العادي ، وبين المعصوم تكويناً ؛ فالمعصوم مطهّر من كلّ خبثٍ تكويناً ، وأمّا المسلم العادي ، فغير منزّه عن الخبث مطلقاً ، وهو مقصوده الشريف بقوله : (فثبوت أحكام الطهارة والنجاسة في حقّهم عليهم السّلام ، لا ينافي طهارتهم الذاتية) .
الرابع : الطهارة على ثلاثة أقسام : عرفيّة ، وتكوينيّة ذاتيّة ، واعتباريّة ، وكذا النجاسة.
والطهارة التكوينيّة ، خاصّة بالمعصوم فقط . وأما الاعتبارية ، فخاصة بالمسلمين ، والمعصوم أحدهم . والعرفية يشترك فيها الجميع حتى الكافر المنزّه عن القذر العيني
([1]) الأنوار الإلهيّة في المسائل العقائديّة : 202. طبعة دار الصديقة الشهيدة عليها السلام.
سُئِلَ 1 : هل دم المعصوم ومدفوعاته طاهرين ، أم لا؟!.
فجاء كما في الأنوار الإلهية : باسمه تعالى ؛ الجواب عن هذه المسألة يتّضح بذكر أمرين :
الأوّل : إنّ جسد المسلم فضلاً عن المعصوم عليه السّلام ، لا يكون خبثاً ، وأمّا تنجّس بدن الإنسان بملاقاة القذر ؛ كالبول والدم ، فهو أمر اعتباري ، وليس أمراً واقعياً ، كما أنّ النجاسة الثابتة لبعض الأشياء كالدم والمني أمر اعتباري أيضاً لا واقعي ، وإنّما اعتبرها الشارع لمصلحة تقتضي ذلك أو دفع مفسدة عن العباد ، لا لنقص في مورد الاعتبار ، ولا لكمال في غيره ؛ فمثلًا تنجّس بدن الإنسان عند إصابة القذر كالبول والدم له ، لا يعني الخبث الذاتي فيه ، ولا يدلّ على النقص في شخصه ، وإنّما هو حكم تعبّدي لملاك معيّن ، كما أنّ طهارة مدفوع وبول مأكول اللحم ، لا يدلّ على فضيلة له .
وبالجملة : فلا يحتمل أن يكون حكم الشارع بطهارة ميتة ما ليس له نفس سائلة ؛ كالسمك والبق ، ونجاسة ميتة الإنسان ، تفضيلًا لميتة البق على الإنسان .
الثاني : من المسلَّمات التي لا ريب فيها أنّ المعصومين الأربعة عشر عليهم السّلام ، في أعلى درجات الكمال ، وأسمى مراتب العصمة ، غير أنّ الأحكام الشرعية ومنها : وجوب غسل الجنابة ، أو اعتبار طهارة البدن واللباس من الخبث ، في صحّة الصلاة ، شاملة للمعصوم وغيره ؛ إذ لم يرد دليل على استثناء المعصوم من هذه الأحكام ، ولقد كان النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يغتسل من الجنابة ، ويغسل بدنه ممّا أصابه من القذر ، وكذلك المعصومون عليهم السّلام .
وبالجملة : فثبوت أحكام الطهارة والنجاسة في حقّهم عليهم السّلام ، لا ينافي طهارتهم الذاتية ([1]).اهـ.
قلت : هو تام ، لكن ثمّة أمور يلزم التأكيد عليهما :
الأوّل : دم عامة ذوات النفس السائلة ، خبيثٌ ذاتاً ، نجسٌ شرعاً واعتباراً دون كلام ، ويستثنى المعصوم بأنّ دمه المقدّس طاهرٌ ذاتاً وتكويناً ، نجسٌ اعتباراً ..
الثاني : مقصوده بقوله 1 : (إنّ جسد المسلم فضلاً عن المعصوم عليه السّلام ، لا يكون خبثاً) النجاسة العينيّة ؛ فليس هو نجسٌ عيناً ، كما في الكلب والخنزير ، بل حتّى الكافر المتنزه عن القذر ليس خبثاً ؛ أي ليس نجسٌ عيناً ، وإنّما اعتباراً وحكماً وشرعاً .
الثالث : التفريق بين المسلم العادي ، وبين المعصوم تكويناً ؛ فالمعصوم مطهّر من كلّ خبثٍ تكويناً ، وأمّا المسلم العادي ، فغير منزّه عن الخبث مطلقاً ، وهو مقصوده الشريف بقوله : (فثبوت أحكام الطهارة والنجاسة في حقّهم عليهم السّلام ، لا ينافي طهارتهم الذاتية) .
الرابع : الطهارة على ثلاثة أقسام : عرفيّة ، وتكوينيّة ذاتيّة ، واعتباريّة ، وكذا النجاسة.
والطهارة التكوينيّة ، خاصّة بالمعصوم فقط . وأما الاعتبارية ، فخاصة بالمسلمين ، والمعصوم أحدهم . والعرفية يشترك فيها الجميع حتى الكافر المنزّه عن القذر العيني
([1]) الأنوار الإلهيّة في المسائل العقائديّة : 202. طبعة دار الصديقة الشهيدة عليها السلام.