إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لماذا غاب الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لماذا غاب الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
    وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
    وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
    السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته

    في خضم التسابق على الظهور في الساحة الثقافية واستعراض الافكار والرؤى من اشخاص وجهات عديدة حول قضايا كبيرة تمسّ العقيدة، مثل قضية غيبة الإمام المنتظر، عجل الله فرجه، كان لابد من تأسيس قاعدة نظرية متكاملة تقوم على أساسها التفاصيل كلها بما يعمّق الإيمان في النفوس ويعزز الثقة والاطمئنان، ومن ثم التحرك الى الامام نحو مراحل البناء والتطوير في الحياة.

    ومن أهم عناصر بناء هذه القاعدة؛ الإجابة عن جملة من التساؤلات التي ربما ترد في الأذهان، في مقدمتها؛ الأسباب الكامنة وراء غيبة الإمام الحجة المنتظر، عجل الله فرجه، طيلة هذه المدة؟ وما هي الضرورة الى ذلك، وهو الإمام الثاني عشر والمعصوم والذي يجب أن يكون هو الحاكم والخليفة من قبل الله - تعالى- على العالم؟

    هنالك عدة إجابات حول هذا الموضوع، بيد أننا نكتفي لهذا الحيّز بإجابتين:


    الإجابة الأولى: الحكمة المجهولة


    هذه الإجابة نجدها في كتاب «الغيبة» للشيخ الطوسي - رحمة الله عليه - (385 هـ - 460هـ) في صفحة 85، وتتضمن ما يمكن ان نعده مفتاحاً مهماً من مفاتيح التعامل مع مسائل الدين بشكل عام، ويمكن أنْ نُعَبِّرَ عنها بـ»الحكمة المجهولة»، علماً أن الشيخ لم يستخدم هذا التعبير، فهنالك في الحياة نقاط غموض تخصّ دائرة التكوين والتشريع، ونقاط الغموض هذه، إما أنَّ عقلية البشر لا تستطيع فهمها، وإمّا أنَّ الله - تعالى- جعل هذه النقاط غامضة لحكمة من الحكم، فهل وجود نقاط غموض في الاحكام الاسلامية او صنع الكون، مدعاة للتوجه نحو التشكيك والقدح والارتداد؟!


    إنَّ هذه النظرية (الحكمة المجهولة) ترتبط ارتباطاً عضوياً بمستوى الإيمان، أي كلما كان مُستوى الإيمان عالياً يكون الإيمان بالحكمة المجهولة أقوى، فنحن عندما آمنا بالله - سبحانه - إيماناً يقينيّاً قاطعاً، وآمنا بأن الله، حكيمٌ، ورحيم، وودود، وهذه الصفة الأخيرة تحديداً تكفي أي مبتلى بأمضّ البلايا في الحياة، أن تسكن نفسه ويهدأ روعه لأنه بحكمة الله - تعالى- وأنه ودود رحيم، وأنه ما قدّر للمؤمن شيئاً إلا وهو خير له.

    ولهذا جاءت النصيحة المؤكدة من العلماء بضرورة المطالعة والبحث في أصول الدين قبل فروعه، لأن المهم للانسان ان يعرف من يعبد؟ وكيف؟ ولماذا؟ ومن هو نبيه؟ وان هنالك معاداً وآخرة وحساب بعد الحياة الدنيا وفق قاعدة الثواب والعقاب، هذه المعارف الدينية الاساس هي التي تجعل الانسان يؤمن بالفروع عن طيب خاطر ومن أعماق قلبه، ولن يشكّ بها طرفة عين.

    بيد ان هذه الاجابة لا يعني التوقف وعدم تحويل الحكمة المجهولة الى «حكمة معلومة» بعد الإيمان بها، لمزيد من الاطمئنان القلبي، وهذا يمكن من خلال البحث والمطالعة ودراسة التاريخ والظروف الاجتماعية والسياسية التي رافقت إمامة الامام الحجة المنتظر، وقبل ذلك؛ دراسة حياة الأئمة المعصومين، والظروف المحيطة بها.



    الإجابة الثانية: المهمة الرسالية
    جاء في نفس كتاب الشيخ الطوسي سبب آخر، بيد أنه واجه رفضاً واعتراضاً من علماء كُثر؛ لأنه يعلل القضية بـ «الخوف من بطش الظالمين»، في حين أن الأئمة والانبياء، عليهم السلام، يتصفون بالشجاعة على طول الخط، فكيف يكون هذا من أسباب غيبة الإمام؟

    للإجابة علينا أن نقسم الخوف الى نوعين:

    1- الخوف المحمود: وهو الخوف مما ينبغي أن يُخاف منه في موطن يعد الخوف فيه محموداً.

    2- الخوف المذموم: وهو الخوف مما لا ينبغي أن يُخاف منه في موطن يعد الخوف فيه مذموماً.

    اذن فالخوف ليس مذموماً مطلقاً، بل هو قضية فطرية أودعها الله - تعالى- في فطرتنا نحن البشر لندافع به عن أنفسنا وكياننا عند استشعار الخطر.

    وهنا نسأل: هل الإمام المهدي، عجل الله تعالى فرجه، كان معرضا للخطر؟ بمعنى لو ان الإمام كان ظاهراً هل كان هنالك خطر يحيق به؟ الجواب: نعم، وهناك أدلة كثيرة على ذلك، والدليل الأول؛ هو أبوه، الإمام العسكري الذي قُتل بأيدي الظالمين، والدليل الثاني، جدّه الإمام الهادي، عليهما السلام، الذي قُتل بأيدي الظالمين ايضا، أما الدليل الثالث؛ فإن جميع آبائه الطاهرين إلى رسول الله، صلى الله عليه وآله: «ما منا إلا مسمومٌ أو مقتول».

    ان الظالمين ومجتمعات الظلم لم تتحمل الوجود الطاهر لأهل البيت، فالمجتمع لا يتحمل وجودهم وكذلك الحكومات، فتقتلهم واحداً واحداً، كما حصل الأمر نفسه مع الأنبياء، فقد قتل يحيى ذبحاً، فيما قتل زكريا بالمنشار! لانهم وقفوا بالضدّ أمام المنكر والانحراف في مجتمعاتهم.

    بيد ان التعليق المهم على الإجابة الثانية؛ أن خوف الإمام المنتظر لم يكن على حياته وحسب، كما جاء في الروايات، منها رواية زرارة عن الامام الباقر، عليه السلام، عن علّة غيبة الامام، فقال، عليه السلام: «...انه يخاف» فقال زرارة: يعني القتل1 وهو ما نأخذ به قطعاً، إنما هنالك خوف على أمر آخر لا يقلّ أهمية، هو الخوف على مصير الرسالة والمهمة التي عليه ان يؤديها في الحياة، فربما يخاف الانسان على نفسه وهو في سفينة على وشك الغرق، بيد انه يخاف اكثر على أمانة مهمة عنده، او وصية تتعلق بمسألة مصيرية و أمثال ذلك.

    إذن؛ فنظرية الخوف مقبولة، ولكن؛ قد تكون للشيء علّة ووراءها علةٌ أخرى «طولية لا عرضية» أي؛ علتان ليستا في مستوى واحد، بل علّة تولد عنها علة ظاهرة، فخوف الامام يمثل واقعاً نفسياً وهو انعكاس لواقع خارجي، هذا الواقع نفترضه يوماً ما في ظهوره، عجل الله فرجه، فلماذا لا يخاف يومئذ؟ ولماذا تنتفي علّة الخوف في ذلك الوقت؟ لأن الشروط الموضوعية تغيّرت، إن تلك الشروط الموضوعية التي ستوجد في عصر الظهور غير متوفرة الآن، وكما يبدو ان تلك الشروط هي علّة الخوف.

    والحديث في هذا البُعد يدعونا الى البحث عن العلة الكامنة وراء هذه العلة، فما هي تلك الشروط الموضوعية التي تسبب الخوف؟ ثم هنالك سؤال آخر، هل هذه الشروط الموضوعية اختيارية أم جبرية؟

    فإن كانت تلك الشروط الموضوعية جبرية، فليس لنا حول ولا قوة، ولكن إذا كانت تلك الشروط الموضوعية اختيارية فإذن يمكن لنا أن نسهم في تغييرها، وهذا حديث يحتاج لحيّز خاص حول الشروط المطلوبة لظهور الامام الحجة المنتظر، عجل الله فرجه.



    ما دور الأمان الإلهي
    هنالك شخص مجهول كتب قصيدة طرح فيها الإشكال التالي؛ بما معناه ان الامام الحجة يعلم بأنه الموعود وأنه سوف يظهر، وأن الله - تعالى- ادّخره لذلك اليوم، إذن؛ ليس هنالك خطر عليه، ولذلك لا داعي للخوف ما دامت الإرادة الإلهية قررت بقاء الإمام المهدي إلى اليوم الموعود، بمعنى؛ انه حتى لو يظهر الامام، فلا يمكن أن يمسّه أحد بسوء!

    ان من كتب هذه القصيدة تركها من دون توقيع وأشكل ضمن ابياتها على قضية الإمام المهدي، عجل الله تعالى فرجه، والإجابة عن هذا الإشكال نوجزه بما يلي:

    هنالك قضايا «حملية» وأخرى «شرطية»، كما جاء في علم المنطق، فان إرادة الله - تعالى- قد تتعلق بظاهرة على نحو القضية الحملية، ولستم بحاجة إلى تهيئة مقدمات، فإرادته تتعلق بطلوع الشمس غداً، فما هي وظيفتنا؟! لا شيء سوى انتظار الليل أن ينجلي وتشرق الشمس.

    ولكن أحياناً تتعلق إرادة الله بشيء على نحو القضية الشرطية، كأن يريد الله للإنسان الذرية والتكاثر ثم يشرط ذلك بالزواج، وأن يتقدم الشاب الى الشابة للزواج طلباً للذرية.

    وهذا ينطبق على كثير من الحوادث في سيرة المعصومين، عليهم السلام، ومنها خروج النبي الأكرم من مكة خوفاً من بطش المشركين، ألم يكن يعلم أن الله يحفظه وينصره؟ فاذا كان يعلم، لماذا ذهب الى الغار للاختباء؟ فكان بوسعه القعود في بيته ويقول: إن سلامتي مصانة بالضمان الإلهي، نعم؛ ان النبي مصان بالضمان الإلهي، ولكن على نحو القضية الشرطية لا على نحو القضية الحملية.

    وإذن؛ فان أسباب غيبة الإمام الحجة المنتظر، عجل الله فرجه، لا تتعلق كلها بالإمام شخصياً.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X