بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطيبين الطاهرين
عَنِ الْيَسَعِ بْنِ حَمْزَةَ قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسِ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام أُحَدِّثُهُ، وَ قَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْحَلَالِ وَ الْحَرَامِ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ طُوَالٌ آدَمُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، رَجُلٌ مِنْ مُحِبِّيكَ وَ مُحِبِّي آبَائِكَ وَ أَجْدَادِكَ عليهم السلام، مَصْدَرِي مِنَ الْحَجِّ وَ قَدِ افْتَقَدْتُ نَفَقَتِي، وَ مَا مَعِي مَا أَبْلُغُ مَرْحَلَةً، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُنْهِضَنِي إِلَى بَلَدِي، وَ لِلَّهِ عَلَيَّ نِعْمَةٌ فَإِذَا بَلَغْتُ بَلَدِي تَصَدَّقْتُ بِالَّذِي تُوَلِّينِي عَنْكَ، فَلَسْتُ مَوْضِعَ صَدَقَةٍ.
فَقَالَ لَهُ: "اجْلِسْ رَحِمَكَ اللَّهُ".
وَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ يُحَدِّثُهُمْ حَتَّى تَفَرَّقُوا وَ بَقِيَ هُوَ وَ سُلَيْمَانُ الْجَعْفَرِيُّ، وَ خَيْثَمَةُ، وَ أَنَا.
فَقَالَ: "أَ تَأْذَنُونَ لِي فِي الدُّخُولِ"؟
فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: قَدَّمَ اللَّهُ أَمْرَكَ.
فَقَامَ فَدَخَلَ الْحُجْرَةَ وَ بَقِيَ سَاعَةً، ثُمَّ خَرَجَ وَ رَدَّ الْبَابَ، وَ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ أَعْلَى الْبَابِ، وَ قَالَ: "أَيْنَ الْخُرَاسَانِيُّ".
فَقَالَ: هَا أَنَا ذَا.
فَقَالَ: "خُذْ هَذِهِ الْمِائَتَيْ دِينَارٍ وَ اسْتَعِنْ بِهَا فِي مَئُونَتِكَ وَ نَفَقَتِكَ وَ تَبَرَّكْ بِهَا، وَ لَا تَصَدَّقْ بِهَا عَنِّي، وَ اخْرُجْ فَلَا أَرَاكَ وَ لَا تَرَانِي".
ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ لَقَدْ أَجْزَلْتَ وَ رَحِمْتَ، فَلِمَا ذَا سَتَرْتَ وَجْهَكَ عَنْهُ؟
فَقَالَ: "مَخَافَةَ أَنْ أَرَى ذُلَّ السُّؤَالِ فِي وَجْهِهِ لِقَضَائِي حَاجَتَهُ، أَ مَا سَمِعْتَ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله "الْمُسْتَتِرُ بِالْحَسَنَةِ يَعْدِلُ سَبْعِينَ حِجَّةً، وَ الْمُذِيعُ بِالسَّيِّئَةِ مَخْذُولٌ، وَ الْمُسْتَتِرُ بِهَا مَغْفُورٌ لَهُ".
أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ الْأُوَلِ :
مَتَى آتِهِ يَوْماً لِأَطْلُبَ حَاجَةً *** رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي وَ وَجْهِي بِمَائِهِ" .
تعليق