إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الاصلاح الاجتماعي والتحديات التي تواجه المصلحين

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاصلاح الاجتماعي والتحديات التي تواجه المصلحين



    الاصلاح الاجتماعي* ‬والتحديات التي* ‬تواجه المصلحين‬‬




    كلّما اشتدّت التحدّيات الخارجية على الأمة،* ‬ازدادت ضرورة الإصلاح والتّطوير الداخلي*.‬‬‬

    ذلك لأنّ* ‬الجمود والركود* ‬يقعد بالأمة عن الاستجابة للتحديات التي* ‬تواجهها،* ‬وإذا كان العالم من حول الأمة في* ‬حركة وتقدم،* ‬فإنّ* ‬تسمّر الأمة في* ‬مكانها* ‬يعني* ‬التخلّف والتراجع*.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
    فلابد للأمة من انبعاث متجدّد،* ‬وتطوّر دائم لتواكب مسيرة التقدّم الحضاري،* ‬ولتنفض عن نفسها* ‬غبار الزمن وتراكم النّواقص والثّغرات*.‬‬‬‬‬‬
    بيد أنّ* ‬عملية الإصلاح والتطوّر الداخلي* ‬أشقّ* ‬وأصعب من المواجهة المباشرة للتحديات الخارجية،* ‬لذلك اعتبر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم*) ‬قتال الأعداء جهاداً* ‬أصغر،* ‬وجهاد الذات جهاداً* ‬أكبر،* ‬فيما* ‬يُروى عن أمير المؤمنين علي* ‬بن أبي* ‬طالب(عليه السلام*) ‬أنّ* ‬رسول الله* (‬صلى الله عليه وآله وسلم*) ‬بعث سرية ـ فرقة صغيرة من الجيش ـ فلمّا رجعوا قال*:«مرحباً* ‬بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي* ‬عليهم الجهاد الأكبر*»‬.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
    قيل*: ‬يا رسول الله وما الجهاد الأكبر؟*.‬‬‬‬
    قال*: «جهاد النفس*»‬.‬‬‬‬
    لأن المصلح ورائد التّغيير والتّطوير* ‬يواجه معركة حامية الوطيس داخل المجتمع،* ‬ولهذه المعركة بعدان*:‬‬‬‬‬
    الأول*: ‬تجاه الأفكار الإصلاحية التّغييرية التي* ‬يتبنّاها المصلح،* ‬حيث* ‬يتشبّث المجتمع بالأفكار التي* ‬ألفها والسلوكيات التي* ‬اعتاد عليها*. ‬وبالتّالي* ‬فإنّه* ‬غالباً* ‬ما* ‬يُواجه أيّ* ‬فكرة جديدة تخالف الموروث،* ‬أو برنامجاً* ‬حديثاً* ‬يغاير المعتاد* ‬،* ‬بالتحفّظ والرّفض*.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
    فيحتاج المصلح إلى الكثير من الجهد والصبر ليتمكّن من بث أفكاره الإصلاحية،* ‬وليقنع الناس بها،* ‬ويعالج تحفّظاتهم نحوها،* ‬ويكسر حدّة رفضهم لها*.‬‬‬‬‬‬
    أمّا البعد الآخر والأعنف للمعركة فيدور حول ذات المصلح وشخصيته*.‬‬‬
    لأنّ* ‬الجهات النّافذة في* ‬المجتمع،* ‬والقيادات المسيطرة،* ‬ومراكز القوى المتحكّمة،* ‬يخيفها ويثير توجّسها ظهور شخصية قيادية جديدة،* ‬تسحب من تحت أرجلها البساط وتكتسح ولاء الجمهور،* ‬وتشكّل منافسة خطيرة لمواقع نفوذها*.‬‬‬‬‬‬‬‬‬
    من هنا تبدأ حالة تحسّس حادة تجاه شخص المصلح،* ‬وتُثار حوله التساؤلات و الإشكالات،* ‬وعلامات الاستفهام،* ‬وتُوجّه له الاتهامات،* ‬وتزرع في* ‬طريقه العقبات والعراقيل والألغام*. ‬ومن ثم* ‬يستدرج المصلح إلى معركة الدّفاع عن الذات*.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
    *وهذا هو المأزق العنيف الذي* ‬واجه ويُواجه المصلحين عبر التاريخ،* ‬فلا* ‬يتحقّق الإصلاح والتّطوير إلاّ* ‬بوجود قادة وروّاد* ‬يحملون مشروعه ولواءه،* ‬لكن ذواتهم وشخصياتهم تثير تحسس الآخرين وخوفهم على مواقعهم وزعاماتهم*. ‬فهل* ‬يمكن الفصل بين ذات المصلح ومشروعه؟*.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
    إنّ* ‬المصلح مُطالب بالإخلاص لرسالته،* ‬وأن لا* ‬يستهدف الظهور وحبّ* ‬الزّعامة والرّئاسة،* ‬ولكن هل* ‬يتجاوز المأزق بتحقيق هذا المطلب في* ‬ذاته؟*.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
    *إنّ* ‬عملية التّبشير بالإصلاح،* ‬والعمل من أجله* ‬،يستلزمان شيئاً* ‬من حضور الذّات،* ‬فالمصلح لابدّ* ‬أن* ‬يتكلم ويخطب ويكتب ويـبادر ويُؤسّس ويتحرّك ويعمل،* ‬وهذه الأنشطة بدورها تفرض حضور الذّات،* ‬وكونها في* ‬موقع الظهور والبروز*.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
    *والزّعامات التّقليدية والجهات النّافذة،* ‬لحرصها على مواقعها،* ‬لا تقنعها التّطمينات التي* ‬يُبدي* ‬بها المصلح زهده في* ‬ما تخاف منه عليه،* ‬بل تبقي* ‬فزعةً* ‬قلقة من حركة الإصلاح ومن ظهور المصلحين*.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
    *وإذا ما قرأنا واستقرأنا تجارب المصلحين،* ‬وطريق تعاطيهم مع هذه المشكلة،* ‬ونتائج خوضهم لهذه المعركة في* ‬بعدها الشّخصي* ‬الذّاتي،* ‬فسنُواجه حالات متعدّدة ومختلفة*.‬‬‬‬‬‬‬‬
    *فبعض المصلحين* ‬يُصاب بالانهيار،* ‬وينهزم في* ‬معركة الإصلاح والتّطوير حينما تستهدف ذاته السهام،* ‬وتمعن في* ‬تمزيق شخصيته الرماح*.‬‬‬‬‬‬‬‬
    وبعضهم* ‬يجبن في* ‬الدّفاع عن ذاته،* ‬ويُبالغ* ‬في* ‬التّواضع والزهد في* ‬التصدي* ‬لتحمل المسؤولية،* ‬على حساب مصلحة الرسالة،* ‬ذلك لأنّ* ‬هناك خيطاً* ‬فاصلاً* ‬دقيقاً* ‬بين الزهد في* ‬المواقع وبين التصدي* ‬لتحمل المسؤولية*،* ‬وهو ما* ‬يشير إليه أمير المؤمنين علي* ‬بن أبي* ‬طالب(عليه السلام*) ‬في* ‬قوله*:‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
    «أما والذي* ‬فلق الحبّة،* ‬وبرأ النّسمة،* ‬لولا حضور الحاضر،* ‬وقيام الحجّة بوجود الناصر،* ‬وما أَخَذَ* ‬الله على العلماء أَلا* ‬يُقاروا على كِظه ظالم،* ‬ولا سَغَب مظلوم،* ‬لألقيتُ* ‬حبلها على* ‬غاربها،* ‬ولسقيتُ* ‬آخرها بكأس أولها،* ‬ولألفيتُم دُنياكُم هذه أزهدَ* ‬عندي* ‬من عفطة عنز*»‬.
    وبعضهم على العكس من ذلك تماماً،* ‬حيث* ‬يتضخّم لديه مشروع الذّات،* ‬بمبرّر الدّفاع عن النّفس،* ‬والاستجابة للتحدّي،* ‬ولحاجة الإصلاح إلى قيادة ورمز وواجهة*. ‬فيصبح برنامج الطّرح الشّخصي* ‬أوسع رقعة من طرح الأفكار،* ‬ويأخذ الدور المحوري* ‬في* ‬الحركة والعلاقات والتحالفات*. ‬فالولاء لذات القائد،* ‬والتّمجيد لشخصية الرمز هي* ‬مقياس الإخلاص وعليها تتحدّد درجة القُرب والبُعد*.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
    وحينئذٍ* ‬قد تلتفّ* ‬حول المصلح مجاميع لا شأن لها بأهدافه وأفكاره الإصلاحية،* ‬لكنّها تزايد على الآخرين في* ‬الولاء له والتملق لشخصه* ..‬‬‬‬‬‬‬
    وتتعدّد برامج التّكريس،* ‬وألوان الطّرح للحالة الرمزية والشخصية*.. ‬من اختيار للألقاب،* ‬وتثبيت للعناوين والصفات،* ‬ومن التفنن في* ‬نشر الصور واحتلال المواقع البارزة لها،* ‬ومن اقتناص فرص الطرح الإعلامي،* ‬ومن استقطاب الأسماء اللامعة،* ‬ومن تجيير للمشاريع والمؤسّسات باسم القائد الرمز*.. ‬إلى ما هنالك من أساليب ووسائل تحوّل الشخص إلى مشروع،* ‬والرمز إلى حركة،* ‬والذات إلى هدف،* ‬وما قد* ‬يؤدي* ‬إليه ذلك من صنمية وتقديس مطلق* ‬يتجاوز حدود الشّرع والعقل في* ‬كثير من الحالات*.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
    ويقدم الخلّص من المصلحين الصالحين نموذجاً* ‬آخر في* ‬التّعامل مع هذه المعركة الشّرسة في* ‬بُعدها الشّخصي* ‬والذّاتي،* ‬والتي* ‬لابدّ* ‬لرُوّاد التّغيير والتّطوير من خوضها*.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
    فهم لا* ‬يفرّون من الزّحف،* ‬ولا* ‬ينسحبون من المعركة،* ‬ولا* ‬يستولي* ‬عليهم الانهيار*.‬‬‬‬‬‬‬‬‬
    كما لا* ‬يقعون في* ‬فخ تضخيم الذّات،* ‬وتورّم الحالة الرّمزية*.‬‬‬‬‬‬
    ولكنّهم في* ‬نفس الوقت* ‬يعرفون قيمة أنفسهم،* ‬ويُدركون قدر ذواتهم،* ‬في* ‬إطار تحمّل المسؤولية،* ‬والتصدي* ‬للواجب الشّرعي،* ‬والوظيفة الرسالية*.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
    إنّهم* ‬يعتمدون منهجاً* ‬دقيقاً* ‬منذ الوهلة الأولى لتحركهم الإصلاحي،* ‬وحركتهم التّغييرية،* ‬يتّسم بالحذر من الظهور والبُروز،* ‬والتّخفيف من حضور الذّات إلاّ* ‬بمقدار الضّرورة*. ‬ومن ثمّ* ‬يوجهون كلّ* ‬جهدهم واهتمامهم إلى ما* ‬يخدم أهدافهم المبدئية،* ‬وتطلّعاتهم السّامية*.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
    وبذلك* ‬يقللون من توجيه الأنظار إلى ذواتهم فيقلّ* ‬بذلك استهدافهم،* ‬كما* ‬يوفّرون كلّ* ‬إمكانياتهم فلا* ‬يتبدّد شيء منها في* ‬معارك شخصية وجانبية،* ‬بل هي* ‬موجّهة صوب الهدف ونحو الغاية*.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
    وهو منهج صعب مستصعب* ‬يحتاج إلى مستوى متقدّم من الخلوص والإخلاص،* ‬وإلى إرادة قوية للتّحكم في* ‬النّفس واتخاذ الحكمة في* ‬المواقف،* ‬ويحتاج بعد ذلك كله إلى توفيق وتسديد إلهي* ‬حتى تكون الظروف والأُمور مساعدة على إنجاح هذا المنهج والبلوغ* ‬بصاحبه إلى المطلوب*
    السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X