دخلَ على أبيه وهو قائمٌ يُصلي في المحراب ..
شيبةٌ غزلت بياض نورها من خيوط فجر الفقراء ..
فطرةٌ بنقاء أحلام البسطاء ..
فانتظره حتى فَرِغَ من مناجاته وورده ..
أخذَ يدَ أبيه بكل تذللٍ ليلثمها حبّاً وإحتراماً وإجلالاً ..
ــ أبي ..
ــ نعم يا ولدي ..
ــ أريدُ أن تخطب لي عروس ..
ــ حبّاً وكرامة يا ولدي ، هذا يومٌ كنتُ أنتظره منذُ زمنٍ ..
فهل وجدتَ مَن تناسبك ؟
ــ نعم يا أبي ..
ــ صفها لي ..
ــ هي من بيتٍ يأبى الذل ولا يرتضي الهوان ..
تسرُّ ناظرها وتأسر قلب من يقرب منها ..
لصوتها لحنٌ تأنس به النفس وتطمأن له الروح ..
في عينيها بريق السمو والسؤدد ..
إن تكلمتْ أخرست ، وإن سُؤلت اجابت ..
لها هيبة الملوك ، وشموخ الجبال ..
كتومةٌ ، صبورةٌ ، تُؤثر على نفسها ولو كانت بها خصاصة ..
أنيقةٌ ، رشيقة ، تختال في مشيتها أميرة وملكة ..
ــ وكأنَّكَ يا ولدي قد وقعتَ في حبها ..
ــ وكيف لا أقع في حبّها يا أبي ؟؟
وهي التي كنتُ أتمنى قربها كل حين ..
ــ ترى من هذه التي أخذت بمجامع قلبك يا ولدي ؟
ــ هي بندقيتي التي ادافع بها عن وطني ..
بندقيتي التي أحمي بها أرضي ومقدساتي ..
بندقيتي التي سترافقني على سواتر العزّ وساحات الشرف ..
فانا جندي الحشد وهي عروسي ..
تعليق