إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

متألم ياطالب الدنيا ..متألم !

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • متألم ياطالب الدنيا ..متألم !

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

    إن كل من طلب الدنيا وسعى لها تعذب وتألم بها, فهم يتعذبون بالحرص على جمعها , وبالتعب الشديد في تحصيلها , ومقاساة أنواع المصاعب والآلام والمشاق في طريق جمعهم للمال والمتاع, فأنت تجد من حصَّلها ربما يحكي ذكرياته فيقول: "لطالما تألمنا وتعبنا وتعذبنا حتى جمعنا المال
    ", ولكنك تراه يظل متألمًا حتى يفارقها !

    فلا تجد أتعب ممن الدنيا أكبر همه وهو حريص بجهده وقوته على جمعها
    عن الإمام الصادق عليه السلام: "من أصبح وأمسى والدنيا أكبر همه، جعل الله الفقر بين عينيه وشتت أمره ولم ينل من الدنيا إلا ما قسم له، ومن أصبح وأمسى والآخرة أكبر همه، جعل الله الغنى في قلبه وجمع له أمره".




    وقد ضرب الله سبحانه مثل الحياة الدنيا فقال سبحانه: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً}



    ذاك مثل الحياة الدنيا, , ماء ينزل فيختلط بنبات الأرض ويتركه هشيمًا تذروه الرياح, آيات تلقي في النفس معنى الفناء وصورته ومثله ومعنى الزوال وقلة الدنيا وهوانها.

    فالماء ينزل من السماء فلا يجري ولا يسيل ولكنه يختلط بنبات الأرض, والنبات لا ينمو ولا ينضج ولكنه يصبح هشيمًا تذروه الرياح وتذهب به, وما بين ثلاث جمل قصار ينتهي شريط الحياة, وبعد ذلك تقرر الآيات بميزان العقيدة قيم الحياة التي يتعبدها الناس في الأرض والقيم الباقية التي تستحق الاهتمام.


    فالمال والبنون زينة الحياة, والإسلام لا ينهي عن المتاع بالزينة في حدود الطيبات, ولكنه يعطيهما القيمة التي تستحقها الزينة في ميزان الخلود ولا يزيد, إنهما زينة ولكنهما ليسا قيمة, فما يجوز أن يوزن بهما الناس, ولا يجوز أن يقدروا على أساسهما في الحياة, إنما القيمة الحقة للباقيات الصالحات من الأعمال والأقوال والعبادات.

    وإذا كان أمل الناس عادة يتعلق بالأموال والبنين, فإن الباقيات الصالحات خير ثوابًا وخير أملاً عندما تتعلق بها القلوب, ويناط بها الرجاء ويرتقب المؤمنون نتاجها وثمارها يوم الجزاء.

    أما حاجتنا من الدنيا فينبغي أن يتعلم الإنسان أن ما يحتاجه من الدنيا هو رعاية بدنه بالطعام الذي يكفيه حتى يمارس حياته وعباداته, وكساءً له يستر عورته ويحفظ وقاره ومروءته, ومسكنًا يأوي إليه ويرعى فيه أهله وولده, وأن ذلك إذا عود نفسه التقلل منه والتواضع فيه والقناعة به, اندفعت الهموم عنه وفرغ القلب وسهل عليه ذكر الآخرة واتجهت همته إلى الاستعداد لها.


    وإذا تعدى الإنسان بالطعام والكساء والمسكن والمال قدر الحاجة المطلوبة كثرت الأشغال وكلما زادت زادت همومه وتشعبت غمومه في أودية الدنيا فتاه في إحداها وهلك
    وكان بعض أهل العلم يغضب إذا عرف من تلاميذه كثرة أثوابهم أو بحثهم عن طعام خاص مميز أو أثاث فاخر, ومن الدعاة من كان لا يبقي في بيته إلا ثوبين: ثوبًا يلبسه وثوبًا يغسله, فإن اشترى ثوبًا جديدًا تصدق بثوب من ثوبيه القديمين, فانظر كم في بيوتنا من أثواب؟ وكم من الفقراء في حاجة إلى أثواب؟

    ومن الصالحين من جعل سعيه وجهده في عمله ورزقه وكسبه وقفا كله لله سبحانه فكان غناه لدينه وماله لدينه فصارت دنياه صالحة إذ جعلها لربه وصارت آخرته صالحة إذ تزود فيها من دنياه , فأمثال هؤلاء لم يرتموا في أحضان الدنيا ولم يسعوا لها رغبة فيها ولكنهم جعلوا أموالهم زادا لآخرته

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X