إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التوبة وظيفة العمر

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التوبة وظيفة العمر

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين



    [ التوبة وظيفة العمر، و بداية العبد و نهايته، و أول منازل العبودية و أوسطها و آخرها ]


    وقد قال الله تعالى: { وَ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور:31]
    وقال سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَ يُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [التحريم:8]

    التوبة النصوح هي: التوبة العامة الشاملة للذنوب كلها، التوبة التي عقدها العبد لله، لا يريد بها إلا وجهه و القرب منه،
    و يستمر عليها في جميع أحواله


    الله سبحانه و تعالى يحبّ أن يُذكر فلا يُنسى وأن يُطاع فلا يُعصى لكن الإنسان واقع لا محالة في الغفلة والمعصية
    غير أن له - مادام على قيد الحياة – مجالا للاستدراك وهو التوبة، وليست كل توبة صادقةً ولا مقبولةً،
    إنّما التوبة الّتي ترضي الله وتمحو الذنوب وتحوّلها إلى رصيد من الحسنات هي رجوع المؤمن بكلّيّته إلى الله بعد الشرود،
    أي بعقله وقلبه وجوارحه

    فيا من يذنب و لا يتوب، كم كُتبت عليك الذنوب، ويحك خلِ الأمل الكذوب، وا أسفا أين أرباب القلوب،
    تفرقت بالهوى في شعوب، ندعوك إلى صلاحك و لا تؤوب، وا عجبا لك ما الناس إلا ضروب

    وصفة المغفرة والرحمة، وصفان لازمان ذاتيان، لا تنفك ذاته سبحانه وتعالى عنهما، و لم تزل آثارهما سارية في الوجود،
    مالئة للموجود، تسع يداه من الخيرات آناء الليل و النهار، و يوالي النعم على العباد و الفواضل في السر والجهار،
    و العطاء أحب إليه من المنع، و الرحمة سبقت الغضب و غلبته، و لكن لمغفرته و رحمته و نيلهما أسباب إن لم يأت بها العبد،
    فقد أغلق على نفسه باب الرحمة و المغفرة، أعظمها و أجلها، بل لا سبب لها غيره، الإنابة إلى اللّه تعالى بالتوبة النصوح،
    و الدعاء و التضرع و التعبد، فهلم إلى هذا السبب الأجل، و الطريق الأعظم

    أيها المؤمنون: { فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ } [الذاريات:50]. "هذه الآية من أعظم آيات القرآن الكريم،
    تجمع معاني الخوف و الرجاء: الخوف من الله تعالى، و اللجوء إليه سبحانه، إذ لا منجا منه إلا إليه عز و جل،
    أمر بالفرار منه إليه ليدل العباد على أنه أرحم بهم من كل من سواه، و أنه عز و جل يريد بالعباد الرحمة والمغفرة"

    فالقلب لا يصلح، ولا يفلح، ولا يتلذذ، ولا يسر، ولا يطيب، ولا يسكن، ولا يطمئن إلا بعبادة ربه، وحبه، والإنابة إليه.
    ولو حصل له كل ما يتلذذ به من المخلوقات لم يطمئن، ولم يسكن؛ إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه


    فإلى متى التسويف يا من أسرف على نفسه بالذنوب والمعاصي؟!

    فكم من يوم قطعته بالتسويف؟ و كم من سبب أضعت فيه التكليف، و كم أذن سمّاعة لا يزجرها التخويف؟!
    يا بطَّال إلى كم تُؤخر التوبة و ما أنت في التأخير معذور؟ إلى متى يقال عنك: مفتون مغرور؟ يا مسكين!
    قد انقضت أشهر الخير و أنت تعد الشهور، أتُرى مقبول أنت أم مطرود؟ أتُرى مواصل أنت أم مهجور؟
    أتُرى تركبُ النُّجبَ غدًا أم أنت على وجهك مجرور؟ أتُرى من أهل الجحيم أنت أم من أرباب القصور؟
    .

    قال تعالى: { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ
    وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }
    [آل عمران:185].

    فإن من ذكر الموت حقيقة ذكره نغص عليه لذته الحاضرة، و منعه من تمنيها في المستقبل، و زهده فيما كان منها يؤمل،
    و لكن النفوس الراكدة والقلوب الغافلة تحتاج إلى تطويل الوعاظ وتزويق الألفاظ،


    ترقّب الموت يا هذا:

    بينا الفتى مَرِح الخُطى فرحٌ بما *** يسعى له إذ قيل: قد مَرِضَ الفتى!!

    إذ قيلَ: باتَ بليلةٍ ما نامها *** إذ قيلَ: أصبحَ مُثخنًا ما يُرتَجى!!

    إذ قيلَ: أصبحَ شاخصا وموجها *** ومعللا، إذ قيلَ: أصبح قد قَضَى!!

    فيا أخي.. أقبِل على قبلة التوجه إلى مولاك، و أعرِض عن مواصلة غيك وهواك، و واصِل بقية العمر بوظائف الطاعات،
    و اصبر على ترك عاجل الشهوات، فالفرار أيها المكلَف كل الفرار، من مواصلة الجرائم والأوزار،
    فالصبر على الطاعة في الدنيا حد الصبر على النار



    يا غافلا عن مصيره.. يا واقفا مع تقصيره!! سبقك أهل العزائم.. و أنت في بحر الغفلة عائم!!
    قف على الباب وقوف نادم.. و نكس رأس الذل و قل: أنا ظالم..
    الخوف من الذنوب ولو بعد التوبة:

    ينبغي للعاقل أن يكون على خوف من ذنوبه و إن تاب منها و بكى عليها،
    و إني رأيت أكثر الناس قد سكنوا إلى قبول التوبة و كأنهم قد قطعوا على ذلك. و هذا أمر غائب، ثم لو غُفِرت بقي الخجل من فعلها.
    فالحذر الحذر من كل ما يوجب خجلا، و هذا أمر قل أن ينظر فيه تائب أو زاهد لأنه يرى أن العفو قد غمر الذنب بالتوبة الصادقة.
    و ما ذكرته يوجب دوام الحذر والخجل

    والآن:

    قد آن للنائم أن يستيقظَ من نومِه، و حان للغافل أن يتنبه من غفلته، قبل هجوم الموت بمرارة كأسه،
    و قبل سكون حركاته و خمود أنفاسه، و رحلته إلى قبره و مقامه بين أرماسه
    أسأل الله تبارك و تعالى أن يتقبل مني هذا العمل الخالص لوجهه الكريم و أنال بركته و يرضى عني و يعظم لي أجري
    ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار. آمين

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X