إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شبهات حول التقليد: التقليد الشرعي مخالف للتقليد الذي يدعيه الفقهاء: القسم الأول

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شبهات حول التقليد: التقليد الشرعي مخالف للتقليد الذي يدعيه الفقهاء: القسم الأول

    بسم الله الرحمن الرحيم
    ومن الشبه التي تم تداولها مؤخراً مقالة مفادها اننا حتى لو سلمنا بجواز تقليد الفقهاء اي رجوع الجاهل الى العالم في الجملة إلا اننا لا نقول بان التقليد المطلوب شرعاً هو المتحقق الآن، وبعبارة اخرى التقليد المطلوب شرعاً هو رجوع الجاهل الى العالم ولا يشترط فيه الشروط المذكورة كالأعلمية والإيمان ـ اي كونه إمامياً إثنا عشرياً ـ والذكورة وغيرها مما اشترطوه في مرجع التقليد فان ذلك مما لا دليل عليه!!!
    والجواب ان هذه الشبهة ـ إذا احسنّا الظن بصاحبها ـ تدل بوضوح على جهله، ضرورة ان أدلة القوم واضحة وجلية في المجامع الفقهية، فيكفي الباحث المنصف مراجعة اي واحدة منها ليجد بوضوح ما سطروه حيال ذلك، ونحن هنا نذكر بعضها:
    أولاً: الاجتهاد: وهذا هو معنى الفقاهة الوارد في ادلة التقليد كمقبولة عمر بن حنظلة وصحيحة ابي خديجة الآتيتين، فالاجتهاد بحسب المحقق الحلي في (معارج الأصول): هو في عرف الفقهاء: بذل الجهد في استخراج الأحكام الشرعية([1]).
    وعلى ما اختاره الآخوند الخرساني صاحب (كفاية الأصول): هو استفراغ الفقيه وسعه في تحصيل الحجة على الحكم الشرعي([2]).
    وهذا هو معنى الفقيه الوارد في أدلة التقليد فالجاهل يرجع للعالم لأنه يعرف الحكم الشرعي وتوصل اليه من خلال إقامة الحجة والدليل، فوظيفة المجتهد البحث عن الحكم في مظانه من مصادره المقررة بغية الوصول اليه والعمل به.
    فان قلت: الأمر في الروايات ([3]) هو الرجوع الى رواة الحديث وهم غير الفقهاء؟
    قلت: ان المراد من رواة الحديث هم الفقهاء المجتهدون دون غيرهم، فقد ورد تفسير هذه المفردة في مقبولة عمر بن حنظلة وهي لاشتهارها بين الأصحاب والتعويل عليها في مباحث القضاء مجبورة من حيث السند([4])، فقد قال الإمام ابو عبد الله الصادق (8): Sينظران من كان منكم ممن قد روي حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا...R ([5]).
    فقد بيّن (8) من هم رواة الحديث وانهم خصوص من نظر في حلالهم وحرامهم، اي الفقيه الذي يستنبط وفق طريقة أهل البيت (%)، فإن الظاهر من قوله: (ممن روى حديثنا) أي كان شغله ذلك، وهو الفقيه في تلك الأزمنة، فإن المتعارف فيها بيان الفتوى بنقل الرواية، كما يظهر للمتتبع، وهو شأن الفقيه لا العامي، لأنه (اي العامي) ناظر في فتوى الفقيه، لا في أخبار الائمة؛ فالعامي ومن ليست له ملكة الفقاهة والاجتهاد خارج عن مدلولها.
    وهناك عدة قرائن أخرى في المقبولة تؤكد بوضوح ان المراد من رواة الحديث هم خصوص الفقهاء، كقوله (8): Sوكلاهما اختلفا في حديثكمR، فإن الظاهر من الاختلاف فيه هو الاختلاف في معناه، لا في نقله، وهو شأن الفقيه، بل الاختلاف في الحكم الناشئ من اختلاف الروايتين، لا يكون - نوعاً - إلا مع الاجتهاد ورد كل منهما رواية الآخر، وليس هذا شأن العامي، فتدل هذه الفقرة على أن المتعارف في تلك الازمنة، هو الرجوع إلى الفقيه. ويدل عليه أيضا قوله: Sالحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههماR، وقوله فيما بعد: Sأرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنةR، فإن المستفاد من جميع ذلك، كون الفقاهة هي المقصودة من قوله (رواة الحديث)، ولا إشكال في عدم صدق الفقيه والأفقة على العامي المقلد.
    والخلاصة: المراد برواية الحديث ليس هو الرواية للغير، ضرورة عدم مدخليتها، بل المراد أن تكون فتواه على طبق الرواية، ولما كان المتعارف في تلك الازمنة الافتاء بصورة الرواية، قال (8): (روى حديثنا).
    بالإضافة الى ما سبق، فإن الظاهر للمتتبع ان مسألة رجوع العامي للعالم مما ارتكز في أذهان الشيعة منذ القدم، وقد قدمنا في تاريخ التقليد وثيقة عن الشيخ الطوسي تبين هذه السيرة، فعندما يقول الإمام (8): Sارجعوا الى رواة حديثناR، يكون بديهياً عندهم ان المراد هو الفقهاء منهم دون الراوي المحض، وعلى ذلك عدة شواهد تقدم بعضها ونعيد ذكرها للفائدة: مثل ما عن الكشي، بإسناده عن شعيب العقرقوفي، قال: قلت لابي عبد الله (8): ربما احتجنا أن نسأل عن الشيء، فمن نسأل؟ قال: Sعليك بالأسديR يعني أبا بصير([6]).
    وعن علي بن المسيب، قال: قلت للرضا (عليه الصلاة والسلام): شقتي بعيدة، ولست أصل إليك في كل وقت، فممن آخذ معالم ديني؟ قال: Sمن زكريا بن آدم القمي، المأمون على الدين والدنياR. قال علي بن المسيب: فلما انصرفت قدمنا على زكريا بن آدم، فسألته عما احتجت إليه([7]).
    فيعلم من أمثالهما: أن ارتكاز السائل كان الرجوع الى الفقهاء، إلا انه أراد أن يُعرِّف له الإمام شخصاً ثقةً مأموناً من هؤلاء العلماء.


    ([1]) الحلّي ـ جعفر بن سعيد (ت: 676 هـ): معارج الأصول/ تحقيق: محمد حسين الرضويّ/ منشورات مؤسسة آل البيت، قم ـ إيران، ط. الأولى 1403 هـ/ ص 179.

    ([2]) كفاية الأصول: ج2، ص464.

    ([3]) كتوقيع علي بن محمد السمري عن صاحب الأمر (عجل الله فرجه الشريف): Sوأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا، فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة اللهR. إكمال الدين: 484 / 4، الغيبة، الشيخ الطوسي: 176، الاحتجاج: 469، وسائل الشيعة 18: 101، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 11، الحديث 9. 7.

    ([4]) عمر بن حنظلة: هو أبو صخر، عمر بن حنظلة الكوفي العجلي البكري. صحب الصادقين (عليهما السلام)، وكان كثير الرواية، فقد روى عن الصادق (8) وحمران بن أعين، وروى عنه الاجلاء من أمثال زرارة، وعبد الله بن مسكان، وصفوان بن يحيى. انظر رجال الشيخ: 131 و 251، ومعجم رجال الحديث 13: 27 - 30.

    ([5]) الكافي 1: 54 / 10، الفقيه 3: 5 / 2، تهذيب الاحكام 6: 301 / 845، الاحتجاج: 355، وسائل الشيعة 18: 98، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 11، الحديث 1.

    ([6]) رجال الكشي 1: 400، وسائل الشيعة 18: 103، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 11، الحديث 15.

    ([7]) رجال الكشي 2: 858، وسائل الشيعة 18: 106، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 11، الحديث 27.



المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X