إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لماذا لا نكتفي بالمحاضرة الدينية ونصر على إقامة المراسيم الحسينية؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لماذا لا نكتفي بالمحاضرة الدينية ونصر على إقامة المراسيم الحسينية؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    قد يسأل سائل: ان احياء ذكرى عاشوراء ليس منحصرا بالبكاء واللطم على الصدور ورفع الأعلام السود وإقامة مجالس العزاء الى منتصف الليل واحياناً تؤدي الى تعطيل الأعمال في النهار، ولا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار ان هذه الأمور تستتبع أضراراً اقتصادية بينما يمكن إحياء هذه الشعائر بشكل يقلل الاضرار الاقتصادية والاجتماعية.
    هذا السؤال نطرحه على اساس هذا الفرض وهو ان الوضع الروحي لكثير من الناس ينسجم أكثر من الأمور المادية والاقتصادية، واهتمام الناس منصب على هذه الأمور أكثر من غيرها، وحينئذ يقيم هؤلاء الحوادث على اساس مالها من منافع او أضرار مادية او اقتصادية.
    ونحن نفرض شاباً لم تكتمل بعد تربيته الدينية فقد يخطر على باله هذا السؤال هذه النشاطات ضرورية في مجالها، ولكن هل هذه كافية لكي ننتفع بشكل كامل من حادثة عاشوراء؟ أم هناك أمور أخرى ضرورية ايضاً مثل إقامة العزاء في مجاله الخاص؟
    ان الجواب على هذا السؤال يتوقف على القيام بتحليل نفسي للإنسان لمعرفة العوامل المؤثرة في سلوكه الواعي.
    وهل المؤثر في سلوكنا الاجتماعي هو عامل المعرفة فحسب ام هناك عوامل تؤثر في بلورة هذه السلوك؟
    عندما نتأمل في سلوكنا ندرك ان هناك ـ على اقل تقدير ـ طائفتين من العوامل تنهض بالدور الرئيسي في هذا المضمار.
    الأولى هي طائفة عوامل المعرفة التي تؤدي الى ان يفهم الإنسان شيئاً ويتقبله، ومن الطبيعي ان يستدل على الموضوع المطلوب بما يتناسب معه من الأدلة العقلية او التجربية او غيرها.
    ومن الواضح جداً ان للمعرفة تأثيراً كبيراً في سلوكنا، ولكنها ليست هي العامل الوحيد، بل هناك عوامل أخرى لعل تأثيرها في سلوكنا أكبر من عامل المعرفة، وتسمى هذه العوامل بالأحاسيس والعواطف والميول والرغبات والغرائز، انها مجموعة من العوامل الباطنية النفسية المؤثرة في سلوكنا.
    فكلما قمت بتحليل سلوكك ـ سواء السلوك الفردي او العائلي او الاجتماعي ـ فستلاحظ أن الأمر الأساسي الذي دفعك للقيام بذلك هو هذه البواعث والعوامل المحركة، ويوجد في هذا المجال تشبيه لطيف للشهيد مطهري (ره) حيث يشبه السلوك الإنساني بالسيارة، فالسيارة تحتاج الى عاملين للتحرك: أحدهما العامل الذي ينتج الطاقة الميكانيكية للسيارة حتى تتيسر لها الحركة بواسطتها، والعامل الآخر هو أنه لابد للسيارة من مصباح يضاء به الطريق حتى لا تقع السيارة في المطبات والحفر والمزالق الخطرة.
    فلو فرضنا ان السيارة تسير في جو مظلم فحتى لو كانت ماكنتها تعمل بشكل جيد فإننا إذا لم نشاهد الطريق لعلنا تواجه مخاطر عظيمة ونتعرض لحادثة اصطدام تنتهي بوفاة قائد السيارة وجميع ركابها.
    وكذا الأمر في وجود الإنسان فهو بحاجة الى لونين من العوامل، أحدهما لابد من توفره في أعماقه حتى يبعثه ويحركه، ويجب ان تكون له رغبة في الفعل حتى يقوم به ويفعله، ويشتاق الى ذلك الفعل ليقدم على انجازه.
    والثاني لابد ان يعرف لماذا يجب القيام بهذا الفعل؟ ما الفائدة من هذا الفعل بالنسبة اليه؟ وكيف ينبغي له ان يفعله؟
    ان هذه الأسئلة هي من جملة عوامل المعرفة.
    ويجب التأمل في مثل هذه العوامل والتعرف عليها اما من طريق التجربة او من طريق الاستدلال.
    لكن المعرفة وحدها غير كافية لتدفعنا نحو الفعل وانما نحن بحاجة الى عامل نفسي آخر ليبعثنا نحو ذلك الفعل، ومثل هذه العوامل يطلقون عليها الدوافع النفسية، ومالم تكن هذه العوامل فإن ذلك الفعل لا يتحقق، فحتى لو عرف الإنسان بصورة يقينية ان المادة الغذائية الكذائية مفيدة لجسمه فإنه لن يندفع لتناولها مالم تتحرك الرغبة في نفسه اليها بحيث يشتاق لفعلها، ولو فرضنا ان الرغبة قد انعدمت عند شخص أو أنه ابتلي ـ والعياذ بالله ـ بمرض لا يكون معه راغباً في شيء، فمهما قيل له ان هذه المادة الغذائية نافعة لجسمه فإنه لا يتحرك لتناولها.
    إذن بالإضافة الى المعرفة لابد من جود الرغبة والدافع في أعماق الإنسان.
    والشؤون الاجتماعية والسياسية لها نفس الحكم، فحتى لو عرف الشخص ان الحركة الاجتماعية الكذائية حسنة ونافعة فإنه لا يتحرك نحوها مالم يكن هناك دافع للقيام بتلك الحركة، وقد يصرح بأن القيام بها حسن لكنه لابد لي من دافع وعامل يحركني لأقوم بذلك الفعل.
    ثم بعد ان عرفنا وسلمنا بان السلوك والحركات الانسانية الواعية تحتاج الى طائفتين من العوامل احداهما عوامل المعرفة والثانية عوامل العواطف والأحاسيس، وبعد أن عرفنا مدى ما لحركة سيد الشهداء (8) من دور مهم في سعادة الناس، فإننا سوف نلتفت الى ان المعرفة وحدها لا تحقق فينا الحركة ومعرفة تلك الخواطر وتذكرها لا تقودنا الى فعل مشابه لفعل الإمام (8) ولا تحملنا على اقتفاء أثره إلا أذا تحقق في أنفسنا الدافع، ثم على اساسه نغدو محبين لأن نقوم بما يشبه ذلك الفعل، إن المعرفة وحدها لا توجد فينا هذه الرغبة بل لابد من تحريك العواطف وبعث المشاعر حتى نستعد للقيام بمثل تلك الحركة.
    إذن تحقق مثل هذا المر يحتاج الى طائفتين من العوامل، وجلسات البحث والمحاضرات والخطابة توفر لنا الطائفة الأولى من تلك العوامل اي إنها تزودنا بالمعارف اللازمة لكنه لابد لنا من الطائفة الثانية حيث يتم من خلالها تنمية العواطف وتقوية المشاعر، ومن الواضح ان للمعرفة ذاتها دوراً في تذكر ودراسة الواقعة، لكن الدو الأساسي تنهض به الأمور التي لها تأثير مباشر على العواطف والمشاعر.
    فعندما تعاد صياغة مشهد معين ويتملى الإنسان من ذلك المشهد عن كثب فإن هذا يختلف كثيراً عما لو سمع الإنسان بوقوع هذه الحادثة، أو انه أطلع صدفة على حدوثها.
    وانتم تستطيعون ان تجربوا هذا الأمر في حياتكم، حيث تلاحظون اختلافاً كبيراً بين شيء عرفتم انه قد تحقق او سوف يتحقق لكنكم لم تشاهدوا وقوعه، وشيء شاهدتم بأعينكم وقوعه.
    مثلاً نحن نعلم جميعاً بوجود اناس كثيرين محتاجين ومحرومين في هذه المدينة، ولكن رؤية إنسان محروم يعيش حالة مثيرة للشفقة يمكنها ان تترك فينا أثراً لا يمكن ان يتركه صرف المعرفة.
    فعندما يشاهد الإنسان حالة مريض او طفل يتيم مثيرة للرقة فإن هذه المشاهدة تترك أثراً في روحه لا تتركها المعرفة المجردة.
    ان هذا الموضوع يمكننا تجربته في حياتنا ويمكننا ايضاً ان نلاحظه في المصادر الدينية.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X