إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لماذا خلقنا الله ، و لماذا يمتحننا و هو يعلم عاقبة أمرنا ؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لماذا خلقنا الله ، و لماذا يمتحننا و هو يعلم عاقبة أمرنا ؟

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين

    السلام عليكم اخوتي الاكارم ورحمة الله وبركاته




    في الكثير من الاحيان نسمع هذا السؤال من الاخرين وهو اذا كان الله تبارك وتعالى يعرف بنتائج مايصل اليه الانسان من خلال علمه بالغيب فلماذا خلق الله الانسان ولماذا يبتليه وهو يعرف نتيجته ؟
    ويمكن ان نقول بالجواب على معرض هذا السؤال ان الله عز و جل لم يخلق الانسان لكي يمتحنه و لا لكي يعرف ما سيؤول اليه مصيره و ذلك لأنه جل جلاله علام الغيوب و لا يخفى عليه شيء ، بل ان الله تعالى خلق الانسان لكي يُغدق عليه نِعَمَه و لكي يمكِّنه من أن يسلك طريق الكمال ، فسمح له أن يرقى في طريق الكمال و يصل الى أعلى مراتبه بطاعة الله و امتثال أوامره و ترك نواهيه .
    و من أجل تعريف الانسان بالمصالح و المفاسد و تسهيل سلوكه لهذا الطريق وضع لهذا الانسان بواسطة الانبياء و الرسل و الأئمة الهداة المنهاج الكامل و البرنامج المتكامل الكفيل بإيصاله الى هذا الهدف السامي ـ إن أراد ذلك و سعى له ـ ، و جعل لهذا الانسان الحوافز الكافية لإقتحام هذا الطريق ، كما وضع أمامه الحواجز الكثيرة لمنعه من الانحراف عن الصراط الحق المبين .
    اما مسالله فلسفة الامتحان للانسان فهذا خاضع لنظام الاسباب والمسببات ونفس الوقت اقتضت الحكمة الإلهية أن لا يكون الإنسان مجبوراً عديم الاختيار ، بل أراد له الاختيار فأعطاه حق الانتخاب و تحمل المسؤوليات و العواقب ، و لأن العدالة الألهية تقتضي أن يُثيب كل فرد على قدر توفيقه في سلوك هذا الطريق و على قدر استحقاقه للثواب أو العقاب ، فكان لا بد أن يعرف كل فرد من أفراد النوع الانساني مدى توفيقه في هذا المجال ، لذلك جعل الله الامتحان في هذه الدنيا لإتمام الحجة على الانسان و لكي يعرف الانسان نفسه مستواه و مقدار ما قدمه من العمل الصالح أو حجم أعماله المخالفة لأوامر الله و نواهيه .
    قال الله عَزَّ و جلَّ : ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ 1
    فالامتحان هنا ليس لأن الله لا يعلم عاقبة الانسان ، لأنه سبحانه و تعالى يعلم ما هو كائن و ما كان و ما يكون و ما لا يكون ، و لكنه عزَّ و جلَّ يمتحنه لتظهر الأفعال التي يستحق عليها الإنسان الثواب و العقاب ، بل لكي يُتمَّ الحجة على الانسان فلا يكون الجزاء و لا العقاب الا بمبرر .
    و مثال ذلك : ان المعلم الحاذق يعرف جيداً من خلال ممارسته لتعليم طلابه من سيكون من أؤلئك الطلاب فائزاً و من سيكون منهم راسباً في نهاية العام الدراسي ، و لكنه رغم علمه يمتحنهم جميعاً ، و ذلك لكي يُتم الحُجة على الطلاب و حتى لا ينكر عليه أحد منهم تقيمه لهم من حيث الفوز و عدمه .
    قال الشيخ محمد جواد مغنية ( رحمه الله ) في تفسير قول الله عزَّ و جلَّ : ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾ 2 لا يبتلون و يمتحنون بالضراء و السراء ، و خلاصة المعنى أن الإيمان ليس لعقا على اللسان ، و لا صورة و شكلا ، و لا تسبيحا و تهليلا على عدد حبات المسابح ، و إنما هو فعل الواجب و ترك الحرام ، و على سبيل المثال : إن كنت غنيا أديت حق اللّه و الناس من أخماس و زكوات عن طيب نفس ، و إن كنت فقيرا لم تبع دينك للشيطان ... 3
    و قال رحمه الله في تفسير قول الله تعالى : ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ... ﴾ 4 جاء في التفاسير أن هذه الآية نزلت في عمار بن ياسر و غيره من المعذبين على الإسلام ، و القصد منها أن يوطنوا النفس على الأذى من أجل الحق، و ينالوا الدرجات عند اللّه، و يؤيد هذا قوله تعالى بلا فاصل: ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ... ﴾ 4 أي من قبل المعذبين على الإسلام فصبروا صبر الأحرار ، ﴿ ... فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ 4 لأنه يعلم ما هو كائن و ما كان و ما يكون و ما لا يكون، و لكن لتظهر الأفعال التي يستحق عليها الإنسان الثواب و العقاب .
    ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾ 2 ليس الايمان كلمة تقال ، بل لا بد من الابتلاء و الامتحان بأنواع من السراء و الضراء ، فمن صبر عند هذه و لم يخرج عن دينه ، و شكر و تواضع عند تلك و لم يطغه الجاه و المال فهو المؤمن حقا ، و الا فما هو من الايمان في شي‏ء .. هذا ما دل عليه ظاهر الآية ، و إذا عطفنا عليها بقية الآيات الواردة في هذا الباب نستخلص منها ان للايمان ظاهرة لا تنفك عنه بحال ، و هي أن يستجيب المؤمن لدعوة اللّه تعالى استجابة عملية ، لا لفظية مهما كانت النتائج ، أي ان يحرص أشد الحرص على طاعة اللّه في أمره و نهيه ، و يطبقها في عمله و سلوكه ، و إذا ابتلي بالخطوب و المحن لأنه أخلص للّه فما يزيده ذلك إلا ايمانا و تسليما .
    ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ... ﴾ 4 اختبرنا بالشدائد أتباع الأنبياء من الأمم السابقة ، فصبروا صبر الأحرار ، و ازدادوا تمسكا بدينهم و إخلاصا لربهم و أنبيائهم .
    ﴿ ... فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ 4 يمتحن سبحانه عبده بإقبال الدنيا عليه و ادبارها عنه لتظهر أفعاله التي يستحق عليها الثواب و العقاب ، لأنه جلت حكمته لا يحاسب الإنسان على ما فيه من قابلية و استعداد للخير و الشر ، و انما يحاسبه على أعماله التي تظهر للعيان 5 .



    المصادر والفهارس

    1. القران الكريم : سورة العنكبوت ( 29 ) ، الآية : 2 و 3 ، الصفحة : 396 .
    2. القران الكريم : سورة العنكبوت ( 29 ) ، الآية : 2 ، الصفحة : 396 .
    3. التفسير المبين : 520 .
    4. القران الكريم : سورة العنكبوت ( 29 ) ، الآية : 3 ، الصفحة : 396 .
    5. تفسير الكاشف : 6 / 93 ، بتلخيص .
    ماذا وجد من فقدك، وما الذى فقد من وجدك،لقد خاب من رضي دونك بدلا
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X