إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لماذا خلق الله العالم؟ القسم الأول: الفرق بين فعل الله وفعل الإنسان

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لماذا خلق الله العالم؟ القسم الأول: الفرق بين فعل الله وفعل الإنسان

    بسم الله الرحمن الرحيم
    في المقام عدة أجوبة منها: قول الأشاعرة : بعدم وجوب ان يكون لله غرض من خلقه للكون، وهذا مبني على مذهبهم في التحسين والتقبيح الشرعيين..؛ فقد ذهبوا إلى أنّ انتفاء الغرض من فعل الفاعل ليس قبيحاً إطلاقاً ؛ لذلك جوّزوا انتفاء الغرض في أفعال الله تعالى ؛ مبررين هذا بظاهر قول الله تعالى :
    ƒإنّ الله يفعل ما يشاء ، وأمثال ذلك من آي الذكر الحكيم ..
    وأمّا بقية المذاهب الإسلامية ومنها الإمامية اعلى الله شأنهم وكذا الحكماء فذهبوا الى ضرورة وجود غرض من خلقه للعالمَ وقد صدق القرآن مقالتهم حيث قال: Pوَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأرض وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَٰلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُواO ([1]). وقوله تعالى: Pوَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأرض وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَO ([2]).فاذا تقرر أن لله تبارك وتعالى غرض من وراء خلقه لهذا العالم فما هو؟!!.
    مقدمة في الفرق بين فعل الله تعالى وفعل الإنسان:
    ونحن قبل بيان الأسباب لابد من الالتفات الى أن هناك فرقاً جوهرياً بين فعل الله تعالى وفعلنا نحن البشر ولا يجوز قياس أحدهما على الآخر، وهذا الخلط في تقديري سبب كثير من التوهمات التي حصلت في الإجابة عن هذا السؤال، فهم لما وجدوا أن أفعاله تعالى لا تختلف مع أفعالنا من جهة معنى الفعل حكموا بأن الأفعال الإلهية كأفعالنا في الانطباق على المصالح الواقعية وأنها تابعة لنفس الغايات والمقاصد، فللمصالح الواقعية تأثير في أفعاله تعالى وحكومة عليها وخاصة من حيث إنه تعالى عالم بحقائق الأمور بصير بمصالح عباده، فيجب ان تتبع افعاله تعالى وأحكامه للمصالح والغايات كما هو الحال في أفعال الإنسان.
    و هذا كله من إفراط الرأي، فإنا نفعل أفعالنا بدافع تحصيل المنافع والغايات التي علمنا ترتبها على هذه الأفعال من خلال ملاحظة الوجود الخارجي، فهذ المقاصد والغايات هي الحاكمة علينا في إرادتنا و أفعالنا، فإذا أكلنا لجوع أو شربنا لعطش فنحن نأكل لعلمنا بأن الأكل سبب للشبع، والشرب سبب للري، وعلمنا هذا مستفاد مما شاهدناه في الخارج، فهو ـ أي علمنا ـ متأخر عن الوجود الخارجي ومستفاد منه، ففعلنا تابع للقواعد والقوانين المستفادة مما نشاهد من الوجود الخارجي، بحيث لو سُئلت عن سبب فعلك وهو الأكل لأجبت لكي أشبع وعلمك هذا متأخر عن الوجود ومحكوم للغايات والمصالح، و أما فعله تعالى فهو نفس الوجود العيني الخارجي، والأصول العقلية الكلية مأخوذة منه متأخرة عنه محكومة له فلا تكون حاكمة فيه متقدمة عليه، قال تعالى: Pلا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَO ([3])، وقال: Pإِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُO([4])، و قال: Pالْحَقُّ مِنْ رَبِّكَO([5]).
    يقول العلامة الطباطبائي (ره) تعليقاً على قوله تعالى: Pالْحَقُّ مِنْ رَبِّكَO: و هذا أعني قوله: Pالحق من ربكO من أبدع البيانات القرآنية حيث قيد الحق بمن الدالة على الابتداء دون غيره بأن يقال: الحق مع ربك لما فيه من شائبة الشرك و نسبة العجز إليه تعالى بحسب الحقيقة.
    و ذلك أن هذه الأقاويل الحقة و القضايا النفس الأمرية الثابتة كائنة ما كانت وإن كانت ضرورية غير ممكنة التغير عما هي عليه كقولنا: الأربعة زوج، والواحد نصف الاثنين، ونحو ذلك إلا أن الإنسان إنما يقتنصها من الخارج الواقع في الوجود والوجود كله منه تعالى، فالحق كله منه تعالى كما أن الخير كله منه، ولذلك كان تعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، فإن فعل غيره إنما يصاحب الحق إذا كان حقاً، و أما فعله تعالى فهو الوجود الذي ليس الحق إلا صورته العلمية([6]).
    فلا سؤال عن فعله تعالى بلِمَ بمعنى السؤال عن السبب الخارجي إذ لا سبب دونه يُعينه في فعله، ولا بمعنى السؤال عن الغاية العقلية والعلمية التي فعل الفعل لأجلها، إذ الأصول العقلية منتزعة عن فعله متأخرة عنه.
    فإن قلت: قد وقع في كلامه سبحانه تعليل لأفعاله وذكر غايات ومصالح لها؟
    قلت: نعم، لكنه تعليل الفعل بما يترتب عليه من الغايات و الفوائد العائدة إلى الخلق لا إليه، فهو تعليل للفعل لا لكونه فعلاً له سبحانه، فهذه العلل والغايات هي فوائد عائدة الى الخلق ومصالح مترتبة على نفس الفعل ولكن هل هذه الغايات هي السبب في فعله تعالى لها؟ وبعبارة أخرى: لدينا مسألتان مختلفتان: الأولى: ما هي المصالح المترتبة على هذا الفعل، والثانية: لماذا فعل الله هذا الفعل، فقد يكون في الفعل مصالح معينة لكن الفاعل لا يفعلها لأجلها بل تكون في صف أسباب أخرى، فمثلاً قوله تعالى: Pكُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَO ([7])، جعل الغاية من كتابته الصوم على المؤمنين هو حصول ملكة التقوى فيهم وهي غاية تعود عليهم لكن لماذا يريد تعالى منهم أن يكونوا متقين، فهذا ما يحتاج الى سبب آخر .
    فقد تبين: أن جهات الحسن و المصلحة و ما يناظرها في عين أنها موجودة في أفعاله تعالى وأحكامه، و في أفعالنا وأحكامنا بما نحن عقلاء تختلف في أنها بالنسبة إلى أعمالنا وأحكامنا حاكمة مؤثرة، و إن شئت قلت دواع و علل غائية، و بالنسبة إلى أفعاله وأحكامه تعالى لازمة غير منفكة و إن شئت قلت: فوائد مطردة، فنحن بما أنا عقلاء نفعل ما نفعل و نحكم ما نحكم لأنا نريد به تحصيل الخير و السعادة و تملك ما لا نملكه بعد، و هو تعالى يفعل ما يفعل و يحكم ما يحكم لأنه الله، و يترتب على فعله ما يترتب على فعلنا من الحسن والمصلحة، و أفعالنا مسئول عنها معللة بغاياتها و مصالحها، و أفعاله غير مسئول عنها ولا معللة بغاية لا يملكها بل مكشوفة بلوازمها و نعوتها اللازمة ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون فافهم ذلك.


    ([1]) ص : 27.
    ([2]) الدخان : 38.
    ([3])الأنبياء: 23.
    ([4])الحج: 18.
    ([5])آل عمران: 60.
    ([6])الميزان: ج3، ص119.
    ([7])البقرة: 183.


  • #2
    تسلم ايدك على الطرح الجميل
    الله يعطيك الف عافيه

    على مجهودك المميز












    تعليق


    • #3
      اللهم صل على محمد وال محمد
      احسنتم البحث المبارك
      شكرا لكم كثيرا
      بارك الله بكم

      تعليق


      • #4
        تسلم ايدك على الطرح الجميل
        الله يعطيك الف عافيه

        على مجهودك المميز
        الأخت شعاع الحزن: أشكر مروركم الكريم

        تعليق


        • #5
          اللهم صل على محمد وال محمد
          احسنتم البحث المبارك
          شكرا لكم كثيرا
          بارك الله بكم
          الأخت العقيلة زينب: شكراً واسأل الله لكم دوام التوفيق

          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
          x
          يعمل...
          X