بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد يقال: اذا كانت الغاية من التكليف رفع الاختلاف فحينئذ تكفي شريعة واحدة ولا داعي لتعدد الشرائع والأديان؟!
ونجيب: ان سبب تعدد الشرائع اختلاف الأمم في استعداداتها لامتثال الأحكام الشرعية، فان الناس يختلفون في مدارج الاستعداد والتهيؤ للتسليم لأوامر الله ونواهيه، وليست التكاليف الإلهية والأحكام المشرعة إلا امتحاناً إلهياً للإنسان في مختلف مواقف الحياة قال تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ...}، وليس المراد من جعلهم أمة واحدة الجعل التكويني فإن الناس تكويناً كذلك اي أمة واحدة([2])، وانما المراد الجعل التشريعي، اي لو شاء لجعل لكم شريعة واحدة لكن اختلاف ما اتاكم به من استعدادات حال دون ذلك، فجعل المانع من توحيد الشريعة هو إرادته تعالى امتحان البشر فيما آتاهم، وبما ان ما آتاهم مختلف، فاختلفت الشرائع، وليس المراد من العطايا في قوله {فِي مَا آتَاكُمْ} ، العطايا الاقتصادية والمادية، وليست هي الاختلافات بحسب المساكن والألسنة والألوان فإن الله لم يشرع شريعتين أو أكثر في زمان واحد قط، ولو كانت هي السبب في تعدد الشرائع لاقتضت تعددها في نفس الزمان عند اختلاف الأقوام فيها، مع اننا لا نجد على طول التاريخ ان الله تعالى انزل شريعتين في زمان واحد، بل هي الاختلافات بحسب مرور الزمان، وارتقاء الإنسان في مدارج الاستعداد والتهيؤ، فكلما كان استعداد القوم أعلى نزلت شريعة تناسب علو همتهم، بينما اذا علم الله تعالى منهم الوهن خفف عليهم، ومن شواهد هذه الحقيقة قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (65) الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [3]،
فالضعف هو في استعدادهم الناشئ من ايمانهم قال السيد العلامة في الميزان: وقوله: {وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً } المراد به الضعف في الصفات الروحية ولا محالة ينتهي إلى الإيمان فإن الإيقان بالحق هو الذي ينبعث عنه جميع السجايا الحسنة الموجبة للفتح والظفر كالشجاعة والصبر والرأي المصيب وأما الضعف من حيث العدة والقوة فمن الضروري أن المؤمنين لم يزالوا يزيدون عدة وقوة في زمن النبي (صلى الله عليه واله )[4]. انتهى.
وكذا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[5].
وبالجملة لما كانت العطايا الإلهية لنوع الإنسان من الاستعداد والتهيؤ مختلفة باختلاف الأزمان، وكانت الشريعة والسنة الإلهية الواجب إجراؤها بينهم لتتميم سعادة حياتهم وهي الامتحانات الإلهية تختلف لا محالة باختلاف مراتب الاستعدادات وتنوعها أنتج ذلك لزوم اختلاف الشرائع.
ونجيب: ان سبب تعدد الشرائع اختلاف الأمم في استعداداتها لامتثال الأحكام الشرعية، فان الناس يختلفون في مدارج الاستعداد والتهيؤ للتسليم لأوامر الله ونواهيه، وليست التكاليف الإلهية والأحكام المشرعة إلا امتحاناً إلهياً للإنسان في مختلف مواقف الحياة قال تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ...}، وليس المراد من جعلهم أمة واحدة الجعل التكويني فإن الناس تكويناً كذلك اي أمة واحدة([2])، وانما المراد الجعل التشريعي، اي لو شاء لجعل لكم شريعة واحدة لكن اختلاف ما اتاكم به من استعدادات حال دون ذلك، فجعل المانع من توحيد الشريعة هو إرادته تعالى امتحان البشر فيما آتاهم، وبما ان ما آتاهم مختلف، فاختلفت الشرائع، وليس المراد من العطايا في قوله {فِي مَا آتَاكُمْ} ، العطايا الاقتصادية والمادية، وليست هي الاختلافات بحسب المساكن والألسنة والألوان فإن الله لم يشرع شريعتين أو أكثر في زمان واحد قط، ولو كانت هي السبب في تعدد الشرائع لاقتضت تعددها في نفس الزمان عند اختلاف الأقوام فيها، مع اننا لا نجد على طول التاريخ ان الله تعالى انزل شريعتين في زمان واحد، بل هي الاختلافات بحسب مرور الزمان، وارتقاء الإنسان في مدارج الاستعداد والتهيؤ، فكلما كان استعداد القوم أعلى نزلت شريعة تناسب علو همتهم، بينما اذا علم الله تعالى منهم الوهن خفف عليهم، ومن شواهد هذه الحقيقة قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (65) الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [3]،
فالضعف هو في استعدادهم الناشئ من ايمانهم قال السيد العلامة في الميزان: وقوله: {وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً } المراد به الضعف في الصفات الروحية ولا محالة ينتهي إلى الإيمان فإن الإيقان بالحق هو الذي ينبعث عنه جميع السجايا الحسنة الموجبة للفتح والظفر كالشجاعة والصبر والرأي المصيب وأما الضعف من حيث العدة والقوة فمن الضروري أن المؤمنين لم يزالوا يزيدون عدة وقوة في زمن النبي (صلى الله عليه واله )[4]. انتهى.
وكذا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[5].
وبالجملة لما كانت العطايا الإلهية لنوع الإنسان من الاستعداد والتهيؤ مختلفة باختلاف الأزمان، وكانت الشريعة والسنة الإلهية الواجب إجراؤها بينهم لتتميم سعادة حياتهم وهي الامتحانات الإلهية تختلف لا محالة باختلاف مراتب الاستعدادات وتنوعها أنتج ذلك لزوم اختلاف الشرائع.
([1]) النحل: 48.
([2]) فكل افراده من نوع واحد وهو الإنسان.
([3]) الانفال: 65-66.
([4]) الميزان في تفسير القرآن: ج9، ص67.
([5]) المجادلة: 12-13.
([2]) فكل افراده من نوع واحد وهو الإنسان.
([3]) الانفال: 65-66.
([4]) الميزان في تفسير القرآن: ج9، ص67.
([5]) المجادلة: 12-13.
تعليق