إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الوحدة و حديث الفرقة الناجية -ج1

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الوحدة و حديث الفرقة الناجية -ج1



    اللهم صل على محمد وآل محمد

    إنّ الحديث المتواتر بين الفريقين عن النبيّ ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : " إنّ أُمّتي ستفترق بعدي على ثلاث و سبعين فرقة ، فرقة منها ناجية و اثنتان و سبعون في النار " 1 يلزم الباحث المسلم الطالب للنجاة الأُخروية الفحص عن خصوص تلك الفرقة الناجية ، و التمسّك بها دون بقية فرق المسلمين ; لأنّ مؤدّى الحديث النبوي أنّ الاختلاف الواقع ليس في دائرة الظنون و الاجتهاد المشروع ، بل هو في دائرة الأُصول و الأركان من الأُمور القطعية و اليقينية ، أي ممّا قام الدليل القطعي و اليقيني عليها ، و إن لم تكن ضرورية في زمن أو أزمان معيّنة نتيجة التشويش أو التعتيم الذي تقوم به الفرق الأُخرى .
    و الحديث ـ مضافاً إلى كونه ملحمة نبوية ـ يحدّد معالم الوحدة التي يجب أن تقيمها الأُمّة الإسلامية بأن تكون على منهاج الحقّ و الهدى الذي تسير عليه الفرقة الناجية ، و إنّ الأُمّة و إن اشتركت في الإقرار بالشهادتين و الانتماء إلى الملّة الواحدة إلاّ أنّ ذلك لا يعدو الأحكام بحسب ظاهر الإسلام في النشأة الدنيوية ، إلاّ أنّها مفترقة بحسب واقع الإسلام و الإيمان الذي به النجاة الأُخروية ; فهناك ديانة بحسب إقرار اللسان تترتّب عليها أحكام المواطنة في النظام الاجتماعي السياسي ، و هناك ديانة بحسب القلب و الأعمال تترتّب عليها أحكام الآخرة من النجاة من النار و إعطاء الثواب .
    و هذه الأُمور المستفادة من الحديث الشريف المتواتر إنّما هي بلحاظ الإنسان البالغ العاقل المكلّف ، الذي قد اجتمعت فيه شرائط التكليف ، أمّا الصبي و المجنون و الجاهل القاصر أو المعتوه أو الأبله و حديث العهد بالإسلام و نحوهم ممّن لم تقم عليه الحجّة و تتمّ شرائط التكليف لديه ، فهم معذورون ، و عاقبة المعذور ـ كما سيأتي ـ موقوفة على المشيئة الإلهية الأُخروية ، التي فُسّرت في الروايات بإقامة امتحان إلهي له يوم القيامة إن أطاع فيه نجا و إن عصى هلك .
    و قد أُطلق على أفراد المعذور في الكتاب و السُـنّة عدّة تسميات ، كـ : ﴿ ... الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً ﴾ 2 ، و ﴿ ... مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللّهِ ... ﴾ 3 ، و ﴿ ... أَصْحَابُ الأَعْرَافِ ... ﴾ 4 ، و الّذين ﴿ ... خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا ... ﴾ 5 ، و ﴿ ... وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ... ﴾ 6 ، و أُطلق عليهم أيضاً : " الضلاّل " ، بمعنى : الضالّ " القاصر " ; إذ هذا أحد معانيه ، و إلاّ فهو يطلق على " المقصّر " المخلّد في النار أيضاً . .
    لذلك لا مفرّ لهذا الإنسان ـ المكلّف المختار ـ و لا مخلص و لا نجاة له إلاّ بالفحص عن الفرقة الناجية من فرق المسلمين ، و ليس له أن يتعامى عن عمد و يسلك طريق الضلال و الغواية و يرجو مع ذلك النجاة ، كما أنّ البحث الجادّ بين فرق المسلمين في إطار الوحدة لا بُدّ أن يُتحرّى فيه ـ بمقتضى الحديث الشريف و التوصية النبوية ـ عن الحقّ الذي تسلكه الفرقة الناجية لكي تتّبعها بقيّة الفرق ، فإنّ منهاج الهدى لا يرسم بضلال القاصر المستضعف .
    و لكي تتمّ الفائدة من هذا الحديث المتواتر ـ حديث الفرقة الناجية ـ الذي أقرّت بمضمونه جلّ فرق المسلمين ، نذكر بعض النقاط التالية :
    الأُولى
    إنّ الكلام في النجاة في الحديث الشريف هو بحسب الاستحقاق و الامتثال ، لا بحسب الشفاعة و الشفقة الإلهية و الرحمة الواسعة ، أي بحسب ما يلزمه حكم العقل باتّباع الأدلّة و البراهين الشرعية و العقلية الأولية ، فإنّ العقل يوجب التجنّب عن التعرّض للسخط الإلهي و احتمال العقوبة الأُخروية ، و إن لم يكن بين استحقاق العقوبة و وقوعها تلازم ; لاحتمال الشفاعة و نحوها ، فإنّ التعرّض لمثل العقوبة الأُخروية التي أشفقت منها السماوات و الأرض يعدّ من الإلقاء في الهلكة ، هذا فضلا عن الأصناف الأُخرى لحكم العقل من وجوب شكر المنعم و قبح التمرّد و الطغيان على المولى ، و غيرها من أنماط حكم العقل و الفطرة .
    الثانية
    إنّ المقصود من النجاة في الحديث الشريف هو النجاة من الدخول في النار و من ذوق حريق العذاب ، لا في النجاة من الخلود فيها و من دوام العذاب ; فإنّ آراء المتكلّمين تكاد تتّفق أنّ الخلود للجاحدين و أهل العناد ، سواء كان الجحود في توحيد الذات أو الصفات ، أو في التشريع و الرسالة ، أو في الولاية والإمامة ، أو في الغاية و المعاد ، و نحوها من أُصول الاعتقاد . .
    و بعبارة أُخرى : إنّ مفاد الحديث في دخول الجنّة عند الحساب و الميزان ، لا في دخول الجنّة بعد أحقاب من العذاب في النار .
    الثالثة
    إنّ معذورية أفراد المعذور ـ كما يأتي ـ لا يعني تنجّز نجاته بل هي مرهونة بالمشيئة الإلهية ، و التي فُسّرت في عدّة من الأخبار بالامتحان ، كما لا يعني أنّ مسار هؤلاء هو طريق هدى بل مفروض العذرية تخبّط المعذور في الضلال و الغواية ، فلا تلازم بين العذرية والأمان و لا بينها و بين ضمان النجاة ، و لا بينها و بين اتّخاذ خطأ و ضلال المعذور منهاجاً يتبجّح به . و سيأتي أنّ في الروايات ما يدلّ على أنّه يبيّن الحقّ لأفراد المعذور في امتحان يوم القيامة .
    الرابعة
    إنّ هناك جملة من الآيات و الأحاديث النبوية المستفيضة و المتواترة الأُخرى الدالّة على مفاد حديث الفرقة الناجية نفسه ، لكن بألفاظ مختلفة و دلالات متعدّدة التزامية و مطابقية . .
    منها : " مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " 7 ; و في بعض الطرق : " و ليس في عنقه بيعه لإمام زمانه " 8 ، و نحو ذلك .
    و منها : "مثل أهل بيتي كسـفينة نوح ، مَن ركبها نجا ومَن تركها هلك " 9 .
    و منها : ذيل حديث الثقلين ; و مفهومه : " ما إن تمسّكتم بهما فلن تضلّوا أبداً " .
    و غيرها من الأحاديث النبوية الواردة في عليّ ( عليه السلام ) و أهل بيته .
    الخامسة
    قد وردت جملة من الروايات المستفيضة في امتحان أقسام المعذور يوم القيامة ، منها : صحيحة هشام ; عن أبي عبـد الله (عليه السلام) : سُئل عمّن مات في الفترة ـ أي في زمان انقطاع الرسل و غياب الحجّة ـ و عمّن لم يدرك الحنث ـ أي البلوغ ـ و المعتوه ، فقال : " يحتجّ الله عليهم يرفع لهم ناراً فيقول لهم : ادخلوها ، فمَن دخلها كانت عليه برداً و سلاماً ، و من أبى قال : ها أنتم قد أمرتكم فعصيتموني " 10 .
    و في صحـيحة أُخرى قال ( عليه السلام ) : " ثلاثة يحتجّ عليهم : الأبكم ، و الطفل ، و من مات في الفترة ، فيرفع لهم نار فيقال لهم : ادخلوها ، فمَن دخلها كانت عليه برداً و سلاماً ، و مَن أبى قال تبارك و تعالى : هذا قد أمرتكم فعصيتموني " 11 .
    و في بعض الروايات : " إنّ أولاد المشركين خدم أهل الجنّة " 12 .
    و منها : صحـيح زرارة ; قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) : هل سئل رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) عن الأطفال ؟ فقال : " قد سئل فقال : الله أعلم بما كانوا عاملين " . .
    ثمّ قال : " يا زرارة ! هل تدري ما قوله الله أعلم بما كانوا عاملين ؟! "
    قلت : لا . قال : " لله عزّ و جلّ فيهم المشيئة ; إنّه إذا كان يوم القيامة أُتي بالأطفال ، و الشيخ الكبير الذي قد أدرك السن [ النبيّ ] ولم يعقل من الكبر و الخرف ، و الذي مات في الفترة بين النبيّين ، و المجنون ، و الأبله الذي لا يعقل ، فكلّ واحد يحتجّ على الله عزّ و جلّ ، فيبعث الله تعالى إليهم ملكاً من الملائكة و يؤجّج ناراً فيقول : إنّ ربّكم يأمركم أن تثبوا فيها . فمَن وثب فيها كانت عليه برداً و سلاماً ، و مَن عصاه سبق إلى النار " 13 .
    و هناك جملة عديدة من الروايات ، فلاحظها في محالّها 14 ، كما أنّ هناك جملة أُخرى من الروايات دالّة على دخول أطفال المشركين مع آبائهم في النار ، لكنّها محمولة على عصيانهم في الامتحان .
    و في رواية لزرارة ، قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) ـ و أنا أُكلّمه في المستضعفين ـ : " أين ﴿ ... أَصْحَابُ الأَعْرَافِ ... ﴾ 4 ؟! أين المرجون لأمر الله ؟! أين الّذين ﴿ ... خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا ... ﴾ 5 ؟! أين ﴿ ... وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ... ﴾ 6 ؟! أين أهل تبيان الله ؟! أين ﴿ ... الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً ﴾ 2 ؟! ﴿ فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ 15 " 16 . .
    و تعبـيره ( عليه السلام ) عـن أفراد المعـذورين بـ : " أهل تبيان الله " لعلّ المراد به أنّه يبيّن تعالى لهم الهدى من الضلال في الامتحان المقام لهم عند الحساب .
    السادسة
    هناك جملة أُخرى من الروايات يظهر منها دخول أفراد المعذور إلى الجنّة ، و لكنّها محمولة ومقيّدة بامتحانهم و طاعتهم فيه ، و من ثمّ نجاتهم ، كما تقدّم حمل جملة من الروايات الواردة في دخول أطفال المشركين النار على عصيانهم في الامتحان ; بمقتضى العديد من الروايات المستفيضـة المفصّلة المقيّدة لدخول الجنّة أو النار بالامتحان عند الحساب . .
    منها : صحيح زرارة ; قال : دخلت أنا و حمران ـ أو : أنا و بكير ـ على أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : قلت له : إنّا نمدّ المطمار ؟ قال : " و ما المطمار ؟! " قلت : التُتر ، فمَن وافقنا من علوي أو غيره تولّيناه ، و مَن خالفنا من علوي أو غيره برئنا منه . .
    فقال : " يا زرارة ! قول الله أصدق من قولك ; فأين الّذين قال الله عزّ و جلّ : ( إلاّ المستضعفينَ من الرجال والنساء . . . ) ؟! أين المرجون لأمر الله ؟! أين الّذين ( خلطوا عملا صالحاً وآخر سيئاً ) ؟! أين ( أصحاب الأعراف ) ؟! أين ( المؤلّفة قلوبهم ) . . . " .
    و زاد فيه جميل ، عن زرارة : فلمّا كثر بيني و بينه الكلام قال : " يا زرارة ! حقّاً على الله أن [ لا ] يدخل الضلاّل الجنّة " 17 ; بناءً على نسخة بدون " لا " النافية . .
    و في رواية العيّاشي : " يا زرارة! حقّاً على الله أن يدخلك الجنّة " 18 .
    و صدر الرواية قد روي بطرق متعدّدة ، و موردها في الأصل أنّه ( عليه السلام ) سأل زرارة : " متأهّل أنت ؟! " ، فقال : لا . ثمّ ذكر زرارة أنّه لا يستحلّ نكاح هؤلاء فذكر ( عليه السلام ) أنّ المستضعفين لا زالوا على الولاء ، لا ولاء الإيمان بل ولاء ظاهر الإسلام من المناكحة و حلّية ذبيحتهم و . . . ففي رواية لحمران عنه ( عليه السلام ) : " هم من أهل الولاية . . . أما إنّها ليست بولاية في الدين و لكنّها الولاية في المناكحة و الموارثة و المخالطة ، و هم ليسوا بالمؤمنين و لا بالكفّار ، و هم المرجون لأمر الله عزّ و جلّ " 19 .
    و الحاصل أنّ هذه الرواية و مثيلاتها محمولة على النجاة ـ و مقيّدة لها ـ بالطاعة عند الامتحان في الحساب مع تبيان الحقّ لهم و اختيارهم له ; لما مرّ من روايات مستفيضة دالّة على ذلك مضافاً إلى كون مثل هذه الروايات متعرّضة إلى أحكام الحياة الاجتماعية مع هؤلاء . .
    و مثل هذا التقييد في صحيح ضريس الكناسي : عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : قلت له : جعلت فداك ، ما حال الموحّـديـن المقـرّين بنبوّة محمّـد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) من المسلمين المذنبين ، الّذين يموتون و ليس لهم إمام و لا يعرفون ولايتكم ؟
    فقال : " أمّا هؤلاء فإنّهم في حفرهم لا يخرجون منها ، فمَن كان له عمل صالح ولم يظهر منه عداوة فإنّه يخدّ له خدّاً إلى الجنّة التي خلقها الله بالمغرب ـ أي البرزخية لا الأُخروية ـ فيدخل عليه الروح في حفرته إلى يوم القيامة حتّى يلقى الله فيحاسبه بحسناته و سيئاته ، فإمّا إلى الجنّة و إمّا إلى النار ، فهؤلاء الموقوفون لأمر الله " . .
    قال (عليه السلام) : " و كذلك يفعل بالمستضعفين ، و البله ، و الأطفال ، و أولاد المسلمين الّذين لم يبلغوا الحلم " . . الحديث 20 .
    وذيل الرواية صريح في كون حالهم موقوفاً على المشيئة الإلهية ، التي قد فسرت في روايات عديدة بالامتحان ، وحاشا لعدله تعالى أن يدخِل النار بغير موجب .
    و مثلها رواية الأعمش ، عن الصادق (عليه السلام) : " أصحاب الحدود فسّاق ، لا مؤمنون و لا كافرون ، و لا يخلدون في النار و يخرجون منها يوما ما ، و الشفاعة لهم جائزة ، و للمستضعفين إذا ارتضى الله دينهم " 21 .
    و ذيل هذه الرواية دالّ على التمييز بين " أصحاب الحدود " و بين " المستضعفين " في كون " المستضعفين " لا تجوز لهم الشفاعة حتّى يرتضي الله تعالى دينهم ، أي حتّى يدينوا بالعقائد الحقّة فحينئذ يكونوا على حدّ فسّاق المؤمنين من صلاح العقيدة لكنّهم أساؤوا العمل ; فهي تدلّ على إقامة الامتحان للمستضعفين ، و أنّه بالدرجة الأُولى في تبيان العقائد و الإيمان الحقّ ، كما مرّ في بعض الروايات أنّهم من : " أهل تبيان الله " .
    و من جـملة هذا النمط من الروايات : رواية الصباح بن سيابة ، عن أبي عبـد الله ( عليه السلام ) ، قال : " إنّ الرجل ليحبّكم وما يدري ما تقولون فيدخله الله الجنّة ، و إنّ الرجل ليبغضكم و ما يدري ما تقولون فيدخله النار " 22 .
    و هذه الرواية تبيّن مدى أهمّية تولّي أولياء الله ، والهلاك في ترك ولايتهم ، و إنّ التولّي والتبرّي منشأه من الأُصول الاعتقادية .
    و في بعض الروايات التقييد بمَن أحبّ الشيعة لحبّهم سيّدة نساء العالمين الزهراء فاطمة (عليها السلام) 23 .
    و في بعض الروايات الأُخرى أنّ ذلك بعد شفاعة المؤمنين في مَن أحبّهم 24 .
    و على أي تقدير ; ﴿ ... وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ... ﴾ 25 ، كما في الآية الكريمة ، و رضاه بارتضاء دينه ، كما مرّ في رواية الأعمش ، و فُسّر بذلك في روايات الشفاعة ، فيدلّ على أنّ الامتحان الذي يقام للمستضعفين و نحوهم من أفراد الضلاّل القاصرين هو في الديانة و اعتناق الإيمان الحقّ .
    أمّا كون الشفاعة موردها مَن ارتضى دينه فيدلّ عليه قوله تعالى : ﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾ 26 .
    و في آية أُخرى : ﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾ 26 ، و هو شامل للكفر ; لأنّه ضرب من الشرك .
    و قد أُطلق الكفر على جحود ولاية خليفة الله في أرضه ، كما في إبليس لعنه الله ، فيعمّ ولاية عليّ ( عليه السلام ) و ولده ( عليهم السلام ) ، كما وردت بذلك روايات عديدة في ذيل الآيتين في تفسيري البرهان و نور الثقلين ، فلاحظها .
    و قوله تعالى : ﴿ لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ﴾ 27 .
    و قوله تعالى : ﴿ يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا ﴾ 28 ، أي : معتقده .
    و كذا قوله تعالى : ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ 29 ، فالآية قيّدت المغفرة بالهداية إضافةً إلى الإيمان و العمل الصالح .
    فالهداية هي للولاية ; كما عرّفت في آيات عديدة أنّ الهداية الصراطية للإيصال إلى المطلوب هي الولاية و الإمامة ، كما في : ﴿ ... إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ﴾ 30 ، و : ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ ... ﴾ 31 ، و : ﴿ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾ 32 ، و : ﴿ ... أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ 33 .
    و قد وردت روايات مستفيضة في ذيل الآية في بيان ذلك براهيناً ، فلاحظ تفسير البرهان 34 و نور الثقلين 35 ; فمقتضى الآية كون الامتحان و التبيان لأهل الأعذار من الضلاّل مستعقب لهدايتهم بالطاعة .
    و يدلّ عليه رواية الحسين بن خالد ، عن الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) ، قال : " قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : مَن لم يؤمن بحوضي فلا أورده الله حوضي ، و من لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله الله شـفاعتي " ، ثمّ قال ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : " إنّما شـفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي ، فأمّا المحسنون فما عليهم من سبيل " . .
    قال الحسـين بن خالد : فقلت للرضا (عليه السلام) : يا بن رسول الله! فما معنى قول الله عزّ و جلّ : ﴿ ... وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ... ﴾ 25 ؟ قال : " لا يشفعون إلاّ لمَن ارتضى الله دينه " 36 .
    و عمدة الباب ما في صحيحة ابن أبي عمير ; قال : سمعت موسى بن جعفر ( عليه السلام ) يقول : " لا يخلد الله في النار إلاّ أهل الكفر و الجحود ، و أهل الضلال و الشرك ، و من اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر " ، ـ ثمّ ذكر ( عليه السلام ) أنّ الشفاعة لأهل الكبائر من المؤمنين ـ . .
    قال ابن أبي عمير : فقلت له : يا بن رسول الله ! فكيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر و الله تعالى يقول : ﴿ ... وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴾ 25 ، و مَن يركب الكبائر لا يكون مرتضىً ؟!
    فقال : " يا أبا أحمد ! ما من مؤمن يرتكب ذنباً إلاّ ساءه ذلك و ندم عليه ، و قد قال النبيّ ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : كفى بالندم توبةً . و قال : مَن سرّته حسنة و ساءته سيّئة فهو مؤمن ; فمَن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ، ولم تجب له الشفاعة ، و كان ظالماً ، و الله تعالى يقول : ﴿ ... مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ 37 " .
    فقلت له : يا بن رسول الله ! و كيف لا يكون مؤمناً مَن لم يندم على ذنب يرتكبه ؟!
    فقال : " يا أبا أحمد! ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي و هو يعلم أنّه سيعاقب عليها إلاّ نـدم على ما ارتكب ، و متى ندم كان تائباً مستحقّاً للشفاعة ، و متى لم يندم عليها كان مصـرّاً ، و المصـرّ لا يُغفر له ; لأنّه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب ، و لو كان مؤمناً بالعقوبة لندم ، و قد قال النبيّ ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : لا كبيرة مع الاستغفار و لا صغيرة مع الإصرار . .
    و أمّا قول الله : ﴿ ... وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ... ﴾ 25 ، فإنّهم لا يشفعون إلاّ لمَن ارتضى الله دينه ، و الدين الإقرار بالجزاء على الحسنات و السيّئات ، و مَن ارتضى الله دينه ندم على ما يرتكبه من الذنوب ; لمعرفته بعاقبته في القيامة " 38 ، فإنّه استدلال عقلي لتقييد الشفاعة بمَن ارتضى الله دينه و هو المؤمن ، و أنّ الضالّ القاصر لا تناله الشفاعة إلاّ بعد التبيان و الامتحان و تعرّفه على حقائق الإيمان فينخرط في زمرة المؤمنين .
    و نظير الروايات المتقدّمة : ما رواه الصدوق بسنده عن أبي عبـد الله ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ ( عليهم السلام ) ، قال : " إنّ للجنّة ثمانية أبواب . . . و باب يدخل منه سائر المسلمين ممّن يشهد أن لا إله إلاّ الله ولم يكن في قلبه مقدار ذرّة من بغضنا أهل البيت " 39 .
    فإنّ غاية دلالتها : على عدم خلودهم في النار ، و لا تنافي ما دلّ على امتحانهم و توقّف دخولهم الجنّة على إطاعتهم بالإيمان ، كما لا تنافي ما دلّ على دخولهم النار حقبة لتطهيرهم ثمّ دخولهم الجنّة ; فهناك فرق بين الخلود في النار و بين الدخول فيها و لو لحقبة منقطعة الأمد ، و كذلك بين الدخول في الجنّة ابتداءً و بين الدخول فيها لاحقاً ، فحساب الأكثرية و الأقلية من الناجين يختلف بحسب المقامين ، و قـد ورد عنهم ( عليهم السلام ) : " الناجون من النار قليل ; لغلبة الهوى و الضلال " 40 ، و الرواية ناظرة للنجاة من النار لا النجاة من الخلود فيها ، و قد تقدّم في حديث الكاظم ( عليه السلام ) أنّ طوائف المخلّدين أربع و ما عداهم لا يخلد .
    السابعة
    قد دلّت الآيات و الروايات المتواترة على أنّ قبول الأعمال مشروط ، و صحّتها كذلك مشروطة بعدّة شرائط ، لا يثاب العامل على عمله إلاّ بها ، و إلاّ يكون مردوداً بالنسبة إلى الثواب الأُخروي ، لا سيّما مثل الدخول في الجنّة ، بل الأدلّة دالّة على أنّ صحّة الاعتقادات مشروطة بالولاية ، نظير قوله تعالى المتقدّم : ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ 29 ، فقد قيّد الإيمان و العمل الصالح بالهداية ; فإنّ المغفرة ـ و هي النجاة من العقوبة ـ إذا كانت مقيّدة فكيف بالمثوبة ؟!
    و قوله تعالى : ﴿ ... إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ 41 ، و الغاية في تعبير الآية : أنّه قد قيّد القبول ليس بوصف العمل بالتقوى بل بوصف العامل بذلك ، و الصفة لا تصدق إلاّ مع تحقّقها في مجمل الأعمال و أركانها ، و هي العقائد الحقّة .
    و كذا قوله تعالى : ﴿ ... أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ 42 ، فجعل تعالى أعمال إبليس كلّها هباءً منثوراً باستكباره على وليّ الله و عدم إطاعته لخليفة الله بتولّيه ، بل الملاحظ في واقعة إبليس ـ التي يستعرضها القرآن الكريم في سبع سور ـ أنّ كفره لم يكن شركاً بالذات الإلهية و لا بالصفات و لا بالمعاد و لا بالنـبوّة ، بل هو جحود لإمامة و خلافة آدم ( عليه السلام ) ، فلم يقبل الله تعالى اعتقاد إبليس ، كما لم يقبل أعماله ، و أطلق عليه الكفر بدل التوحيد . .
    و السرّ في ذلك أنّ ذروة التوحيد و سنامه و مفتاحه و بابه هو التوحيد في الولاية ; فإنّ اليهود قائلون بالتوحيد في الذات و المعاد و هو توحيد الغاية ، و بالتوحيد في التشريع و هو النبوّة ، إلاّ أنّهم كافرون بالتوحيد في الولاية ; إذ قالوا : ﴿ ... يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ... ﴾ 43 ، فإنّهم حجبوا الذات الإلهية عن التصرّف في النظام البشري ، و قالوا بأنّ البشر مختارين في نظامهم الاجتماعي السياسي ، و أنّ الحاكمية السياسية ليست لله تعالى . .
    و إنّك و إن أجهدت و أتعبت نفسك فلن تجد ديناً و مذهباً يعتقد بحاكمية الله تعالى السياسية و التنفيذية كحاكميته تعالى في التشريع و القانون ، كما كان حال حكومة الرسول ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و سيرته السياسية ، التي يستعرضها القرآن الكريم ; فإنّ الحاكم السياسي الأوّل في حكومته ( صلى الله عليه و آله و سلم ) كان هو الباري تعالى في المهمّات والمنعطفات في التدبير السياسي والعسكري والقضائي ، وقد اختفت حاكمية الله تعالى هذه في عهد الخلفاء الثلاثة ثمّ عاودت الظهور في عهد الأمير (عليه السلام) ، فإنّ أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) محالّ مشيئة الله تعالى و إراداته ، فتصرّفاتهم منوطة بإرادته المتنزّلة عليهم .
    فهذه الحاكمية التوحيدية لا تجد لها أثراً في مذاهب المسلمين ، فضلا عن الأديان الأُخرى المحرّفة ، سوى مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) ، فمن ثمّ كانت الإمامة و الولاية هي مظهر و مجلى التوحيد في الولاية ، و كان الاعتقاد بها هو كمال التوحيد و ذروته و سنامه ; إذ أنّ تجميد التوحيد في الذات أو في الصفات أو في التشريع أو في المعاد ـ إنّ إليه الرجعى والمنتهى ـ تعطيل له ، و لا تظهر ثمرته إلاّ بظهوره في الولاية و الحاكمية في مسـيرة البشـر .
    و يمكن ملاحظة اشتراط الولاية في صحّة الاعتقاد ، فضلا عن الأعمال ، في جلّ الآيات الواردة في ولاية أهل البيت (عليهم السلام) ، و كذلك في كثير من الروايات . .
    أمّا الآيات
    فنظير قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ 44 .
    فإنّه تعالى قد نفى تبليغ الرسالة ـ من الأساس ـ مع عدم إبلاغ ولاية عليّ ( عليه السلام ) للناس ، و هو يقتضي عدم الاعتداد بتوحيد الناس للذات الإلهية و بإقرارهم بالمعاد و النبوّة من دون ولاية عليّ ( عليه السلام ) ، أي أنّ التوحيد في جميع أبوابه و أركانه وحدة واحدة : توحيد الذات ، و توحيد الغاية و الخلوص ، و توحيد التشريع ، و توحيد الولاية .
    و لازم الكفر و الإشراك في مقام من مقامات التوحيد هو الكفر و الإشراك الخفي المبطّن في بقية المقامات ، و ذيل الآية صريح في ترتّب الكفر على ذلك في مقابل الإيمان ، لا ما يقابل ظاهر الإسلام ; إذ الظاهر مترتّب على الإقرار بالشهادتين لساناً .
    و نظير قوله تعالى : ﴿ ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ... ﴾ 45 .
    فإنّ الإكمال يستعمل في تحوّل الشيء في الأطوار النوعية من نوع إلى نـوع ، و الإتمام يسـتعمل في انضمام الأجزاء الخارجية بعضها إلى بعض ، ففي التعبير عناية فائقة في كون الدين لم يكتمل طوره النوعي التام إلاّ بالولاية ، و أمّا النعمة الدنيوية فلا تتمّ أجزاءها إلاّ بها أيضاً ، و إن كان للأجزاء قوام مستقلّ ، كمَن امتنع عن المحرّمات و الفواحش فإنّه يتنعّم بالوقاية من مفاسدها الدنيوية ، و هذا ممّا يبيّن الاختلاف الماهوي بين الإسلام في ظاهر اللسان و بين الإيمان في مكنون القلب و مقام العمل و هو الإسلام بوجوده الحقيقي .
    ثمّ إنّ في الآية تقييد رضا الربّ بكون الإسلام ديناً بالولاية ، فالإسلام من توحيد الذات و التشريع ( النبوّة ) و المعاد و توحيد الغاية معلّق رضا الربّ به بشرطية الولاية ، فضلا عن العمل بفرائض الفروع .
    و نظير ذلك : ما في سورة الحمد ( الفاتحة ) . .
    فالمصلّي عندما يقرّ لربّه في النصف الأوّل من السورة بالتوحيد في الذات ﴿ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ 46 ، و الصفات ﴿ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ﴾ 47 ، و في الغاية و المعاد ﴿ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ 48 ، و في التشريع ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ 49 في جميع الأُمور في الحياة الفردية و الاجتماعية ; فإنّه يعود في النصف الثاني من السورة ليطلب الهداية إلى الصراط المستقيم ﴿ اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾ 50 .
    فإنّ كلّ ما تقدّم من إقراره و تسليمه بالعقائد الحقّة لم يكفه حتّى يثمر ذلك في طيّه صراط التوحيد المستقيم ، و هو صراط ثلّة في هذه الأُمّة و مجموعة موصوفة بثلاث صفات : ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ... ﴾ 51 أي منعم عليهم بنعمة خاصّة لهم دون سائر الأُمّة و هي نعمة الاصطفاء و الاجتباء ، كما في الاستعمال القرآني لاصطفاء الأنبياء و الأوصياء .
    وفي هذه الأُمّـة قد أنعم الباري تعالى على أهل البيت ( عليهم السلام ) قربى النبيّ ( صلى الله عليه و آله و سلم ) بالتطهير الخاص بهم ، و أنّهم الّذين يمسّـون و يصلون إلى الوجود الغيبي العلوي للقرآن في الكتاب المكنون في اللوح المحفوظ .
    و الصفة الثانية : ﴿ ... غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ ... ﴾ 51 ، و هي العصمة العملية ، فلا يغضبون ربّهم قطّ .
    و الصفة الثالثة : ﴿ ... وَلاَ الضَّالِّينَ ﴾ 51 ، و هي العصمة العلمية . .
    فجعل الولاية لهؤلاء ثمرة لإقرار المصلّي بالتوحيد في المواطن الأربعة في النصف الأوّل من السورة .
    و نظير ذلك قوله تعالى : ﴿ ... قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ... ﴾ 52 .
    فإنّه جعل مودّة و اتّباع و تولّي قربى النبيّ ( صلى الله عليه و آله و سلم ) عدل كلّ الرسالة المتضمّنة لتوحيد الذات و الصفات و التشريع و الغاية لبيان أنّ توحيد الولاية هو ثمرة التوحيد في سائر المقامات ، و هو الذروة والسنام ، و قد أشار إلى ذلك أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في وصفه للمسلمين بعد رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) أنّهم : " أخذوا بالشجرة و ضيّعوا الثمرة " 53 .
    وكذلك سائر الآيات الواردة في ولايتهم (عليهم السلام) تبيّن هذه الحقيقة الدينية . .


    -----------------------

    يتبع

    أين استقرت بك النوى

  • #2
    اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين

    حيا الاخ المحترم مصباح الدجى وبارك الله بك على هذا البحث القيم الذي يبين بكل وضوع منهم اتباع الفرقة لناجية التي وعد بنجاتها الرسول الاعظم صلى الله عليه واله واله

    فجزاك الله خيرا ووفقك لمرضاته بمحمد واله الطاهرين .
    ماذا وجد من فقدك، وما الذى فقد من وجدك،لقد خاب من رضي دونك بدلا

    تعليق


    • #3
      اللهم صل على محمد وال محمد
      احسنتم وبارك الله بكم
      شكرا لكم كثيرا

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X