إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

" حَرَاكُ فَهْمِ المَضَامين في صَحيفةِ الإمام علي بن الحُسَين , سيّد الساجدين ,"

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • " حَرَاكُ فَهْمِ المَضَامين في صَحيفةِ الإمام علي بن الحُسَين , سيّد الساجدين ,"

    " حَرَاكُ فَهْمِ المَضَامين في صَحيفةِ الإمام علي بن الحُسَين , سيّد الساجدين ,وزين العابدين ,عليه السلامُ , " انفتاحٌ في آفاقِ المعرفةِ وسدادٌ في واقعِ العَمَلِ والسُلُوك"
    :.. كُنّا قد تحدثنا بخدمتكم وخدمة الإمام السجادِ , صلواتُ اللهِ وسلامه عليه , وهو يُبينُ ويوضحُ ويفتحُ لنا آفاقَ المعرفة من خلال بعض المفاهيم في هذه الحياة الدنيا , والتي لا مناصَ لنا من معرفتها حقّ المعرفة قبل انقطاعِ السُبل بنا .
    وثمةَ كيفيةٍ خاصةٍ تَلوحُ لنا في التعامل مع مجموعة من المفاهيم ومن جملتها مفهوم الرزق ,وإنَّ الإنسانَ في حالةٍ ما غالباً ما يستعمل ما هو خاطئ في الفهم للرزق كسباً وآثاراً عن جهلٍ أو نزعاتِ نفسٍ أو بحرصٍ , ولعلّه هذا ما يورثه في بعض الحالاتِ المهالكَ , لذا فقد يمرّ الإنسانُ بحالةِ ضيقٍ أو مرضٍ أو صحةٍ , وهذه التقلباتُ على النفس ما بين إقبالٍ وزيادةٍ ,وأمام هذه فينبغي أنْ يعرفَ كيفيةَ التصرفِ معها.
    وأما إذا كان الإنسانُ لا يفرقُ في ذهنه وعقيدته في الكسب والرزق بين ما هو مشروع وغيره فسيتلون تبعاً للظروف في هذه الدنيا .
    قالَ الإمامُ زينُ العابدين في الصحيفة السجاديّةِ المُباركةِ : (اللَّهُمَّ لَا طَاقَةَ لِي بِالْجَهْدِ ، ولَا صَبْرَ لِي عَلَى الْبَلَاءِ ، ولَا قُوَّةَ لِي عَلَى الْفَقْرِ ،)
    , وهذه الأمورُ التي حددها الإمامُ , عليه السلامُ , بما يُريدُ ليتفرعَ عليها ما سيأتي من دعاءٍ وطلبٍ من الإمام.
    ولننظرَ إلى عمقِ الصحيفة السجادية ونراجع هذه الأدعيةَ بين فترةٍ وأخرى لنبقى على حالةٍ من التواصلِ مع الإمامِ السَجّادِ , قال : عليه السلامُ :
    (فَلَا تَحْظُرْ عَلَيَّ رِزْقِي ، ولَا تَكِلْنِي إِلَى خَلْقِكَ ، بَلْ تَفَرَّدْ بِحَاجَتِي ، وتَوَلَّ كِفَايَتِي . وانْظُرْ إِلَيَّ وانْظُرْ لِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي ،).
    نقفُ عند هذه الفقراتِ (فَلَا تَحْظُرْ عَلَيَّ رِزْقِي) :- الحظر هو المنعُ , وهذا محظورٌ يعني أمرٌ ممنوعٌ , والمعنى لا تمنعُ عني الرزقَ , واللهُ تعالى هو مصدر الرحمةِ والخير والرزق , ولكن نحن نخطأ في بعض الحالاتِ بالتوجه إلى طريق الرزقِ , أي طريق تحصيل المال , والذي هو له علاقة بالرزق , وإنَّ الإنسانَ ممكن أنْ تتوفرَ له فرصةٌ ,
    وقد يرى المالَ مبذولاً أمامه وهو ليس له وبإمكانه أن يمدّ يده إليه , ولكن هل هذا رزقه أم هذا شيءٌ غير الرزق , والله سبحانه لا يكتبُ رزقاً من حرام.
    نعم أنتَ مددتَ يدُكَ إليه وانتفعتَ به وتقولُ إنّي قد رُزقتُ , وهذا نوعُ تسامحٍ في الألفاظِ لأنّ هذا مالُ غيرك وأنتَ سرقته.
    إنَّ الذي يكونُ أميناً على مالٍ ينبغي أن لا يعتبرَ أنّ هذا المالَ ماله وإنما هو مأمونٌ عليه , وعليه أن يُحسنُ الأمانةَ.
    وحينما يدعو الإمامُ السجادُ , عليه السلامُ ,ب(فَلَا تَحْظُرْ عَلَيَّ رِزْقِي) فهو يريدُ منا أنْ نعرفَ أنّ هناك موانعَ للرزقِ , ونعم بعضُ الأرزاق قد تجري للإنسانِ دون كسبٍ ,وأخرى تحتاجُ إلى كسبٍ كالبحث عن المالِ ,وكثيراً ما توجدُ أعمالٌ هي تمنعُ الرزقَ في حد نفسها ,وتتسببُ في منعه , ومثالٌ على ذلك عندما تمطرُ السماءُ يلجأ الإنسانُ ويدخلُ تحت سقفٍ ما لكيلا يسقطَ المطرُ عليه , وهنا هو من نفسه قد احتجب عن المطر بهذا السقف والحاجب وكذلك الحال في مسألة الرزق النازل فقد يحجبه الذنبُ والمعاصي وبعضُ الأعمال التي يعملها الإنسانُ ,وهذا ما ينبغي الالتفاتُ إليه ,
    ولعلّ الإنسانَ إذا تعوّدَ على الرزقِ الحرامِ يُمنعُ من الرزقِ الحلالِ ,.
    :.. اللهُ تباركَ وتعالى هو الذي خلقنا في هذه الدنيا ولا زالَ يُربينا , وهو معنا ولا يتركنا منذ النشأة الأولى وحتى الآخرةِ , فهو لا يمنعُ عنّا الأرزاقَ , بل نحن من نتصرفُ ونعملُ بحيث تُمنعُ عنّا الأرزاقُ .
    ومن أسماءِ اللهِ الحسنى هو الرازق والرزّاقُ وبيده أسبابُ الرزقِ , وهو من يُوفقُ العبد في الدخولِ في العملِ الموجب للرزقِ ,وليس الأمرُ منحصراً بكسبِ المالِ , فالصحةُ رزقٌ وكثرةُ الإخوان رزقٌ ,والسمعةُ رزقٌ , وواقعاً إنَّ مشكلتنا في القناعةِ و(عن النبي, صلى الله عليه وآله, قال : حسبُ ابن آدم لقيماتٌ يقمن صُلبه ، فإنْ كان ولابُد فليكن الثلث للطعام والثلث للشراب والثلث الآخر للنفس ).
    : بحارُ الأنوار, المَجلسي,63,ص 329.
    :.. إنَّ الإنسانَ عندما يتعودُ على الأمور المادية فسيأنسُ بها ويُحاولُ أنْ يستزيدَ منها ,وأما إذا راعى الأمورَ المعنوية وحاولَ أن يستلذَ بها فسيجدها نعمةً لا تُنكرُ .
    ولكن مشكلتنا بأننا نتأثرُ بمحيطنا وبتربيتنا ونقلّدُ فلاناً في طريقته , بحيث لا يراجعُ الإنسانُ نفسه وعقله في طريقة الكسبِ , وهذا قارونٌ قد ضربه اللهُ مثلاً في جبروته وطغيانه وكمية الثروات التي جمعها , وبين ليلةٍ وضحاها فقدَ كلَّ شيءٍ , ولم ينفعه أي شيءٍ.
    قال , عليه السلامُ ,( ولَا تَكِلْنِي إِلَى خَلْقِكَ), ومعنى ذلك أن لا تجعلني أتوكلُ واعتقدُ حقيقةً أنَّ مسألتي وحاجتي مرهونة بفلان , وهذا منتهى الشرك الخفي لا الكفر العقائدي , وقد يكون هذا كفر النعمةِ ذلك لأنّ الكفرَ له أكثر من مدلولٍ ,إذاً فعطف الهوى والتوجه إلى فلانٍ باعتقادِ أنه هو سببُ الرزقِ مع تقليل الاعتقادِ برب الأرزاق الواقعي وهو الله سبحانه فهذا نوع من الكفر العملي .
    :.. وينبغي فهم فلسفة تأخرِ الدعاء أو عدم استجابته , وأنّ هناك موجباتٍ للتأخير للرزقِ كالعصيان وأكل الحرامِ والذنوب كما ورد في دعاء كميل , ولكن قد يكون سببُ التأخير هو أنَّ اللهِ تبارك وتعالى يُحبُّ أن يسمعَ صوتَ عبده المؤمن , وهذه قضيةٌ تحتاجُ إلى تأملٍ .
    :.. إنَّ اللهَ لا مُشكلةَ لديه مع أحدٍ , بل نحن مَن يكونُ عنده مُشكلةٌ مع اللهِ سبحانه ,
    لأننا قد نشتغلُ من الصباح إلى الليل بأسرةٍ أو بكسبِ مالٍ أو أصدقاءٍ وأخبارٍ ومشاكل , ولا نلتفتُ إلى حقِّ الله علينا فنؤدّيه.
    , ينبغي استثمارُ الليلِ ووحشته بالخلوة مع اللهِ في محرابِ العبادةِ والدعاءِ إليه ,
    كما يفعلُ الأنبياء والأئمةُ ذلك ,والعاقلُ هو من يفضّلُ أن يكونَ بحالةِ وجودٍ مرضيةٍ عند ربه , لا يغفل أو ينسى , ... قال : عليه السلامُ): بَلْ تَفَرَّدْ بِحَاجَتِي ، وتَوَلَّ كِفَايَتِي . وانْظُرْ إِلَيَّ وانْظُرْ لِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي ،).
    :.. إنَّ الناسَ تحتاجُ إلى الناس بمقتضى الاجتماع البشري بالعملِ وطلبِ الرزقِ والتجارةِ والكسبِ , ولكن المقصودَ هنا هو أنْ لا تكون الحاجةُ فيها مذلةٌ وهوانٌ ,وأنْ يكفيه اللهُ مؤونةَ السؤالِ من الناسِ , ويكفيه ,وينبغي أن يعلمَ الإنسانُ أنّ له رزقاً يأتيه من حيث لا يحتسبُ قال تعالى: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3))),الطلاق.
    فهناك عواملٌ للرزق والعطاءِ كما أنّ هناك عوامل للمنع والحظر , ومِن أهمّ عوامل الرزق هي الثقةُ بالله والقناعةُ والحمدُ , ومِن توفيق الله لعبده أنْ يكونَ مَحلاً لنظره وشفقته (وانْظُرْ إِلَيَّ وانْظُرْ لِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي ،),.
    :.. إنَّ اللهَ تعالى ينظرُ لعبده حيثُ يهتمُ العبدُ بربه وخالقه ويعملُ بما يُريده سبحانه ,
    وإذا ما نظرَ إليه ففي ذلك كلُّ التوفيق والرأفةِ , وينبغي أنْ ننتبه إلى الافتقارِ إلى اللهِ تعالى دائماً وأبدا.
    ____________________________________________
    مَضمونُ خطبةِ الجُمعَةِ الأولى التي ألقاهَا سَماحةُ السيّد أحمَد الصَافي ,دَامَ عِزّه,
    الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم ,
    التاسع عشر من ربيع الأول ,1439 هجري- الثامن من كانون الأوّل ,2017 م .
    ________________________________________________
    - تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
    - كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ , ونسألَكم الدُعاءَ-
    _______________________________________________
    التعديل الأخير تم بواسطة التقي; الساعة 09-12-2017, 09:21 AM. سبب آخر: تكبير الخط ..

  • #2
    اللهم صل على محمد وآل محمد


    أحسنتم وأجدتم التدوين والاخراج وهنسة الحروف بحُسن ذائقة وإتقان أستاذ .



    زادكم الله من نور علمه ووفقكم لهداه .





    عن ابي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) أنه قال :
    {{ إنما شيعة جعفر من عف بطنه و فرجه و اشتد جهاده و عمل لخالقه و رجا ثوابه و خاف عقابه فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر
    }} >>
    >>

    تعليق


    • #3
      اللهم صل على محمد وال محمد
      احسنتم البحث المبارك
      بارك الله بكم
      شكرا لكم كثيرا

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X