إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العقوبة والتهديد

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العقوبة والتهديد

    .
    العقوبة والتهديد

    تختلف العوائل بعضها عن بعض في شكل العقوبة الموجهة للأبناء ، وكلٌّ يدافع عن طريقته في العقاب وأثره في التربية ، ونحن هنا نستعرض ثلاث حالات يحتاج فيها الوالدان للعقوبة ، والتي هي :
    الأولى :
    سوء السلوك ، فحين يستعمل الطفل الكلمات النابية ، أو يسيء إلى الآخرين ، فلا يجد والده غير العقوبة رادعاً عن قلة الأدب .
    الثانية :
    التصرفات الخاطئة ، وهي حالة أخرى يوجِّه فيها الآباء عادة العقوبة لأبنائهم حين يكون الطفل ثرثاراً ، أو غير مبالٍ في اتِّساخ ملابسه ، وتنظيم حاجاته .
    الثالثة :
    العناد ، فإن عدم طاعة والديه تدفع الآباء إلى عقوبة أبنائهم ، وإن الآباء - وبالخصوص أولئك الذين يستخدمون العقوبة القاسية - عليهم التريُّث قليلاً ليفكروا بأن ما أوصل الطفل إلى الحالة التي جعلته معانداً ، أو قليل الأدب ، أو غير ذلك ، هي نتيجة سوء تربيتهم له ، فما هو ذنب الأبناء إذن ؟
    نحن لا نقول إن على الوالدين ترك أبنائهم مطلقاً دون عقاب ، بل نؤكد على اختيار العقوبة المفيدة الرادعة للطفل ، حيث نلحظ أن أنواع العقوبة التي تعارف عليها أفراد مجتمعنا هي باختصار :
    1 - الإيذاء الجسدي ، بأن يستخدم الوالدان ضرب الطفل ، أو شَدِّه إلى أحد أركان البيت ، أو حرق أجزاء بدنه ، إلى غير ذلك من العقوبات الجسدية .
    2 - الإيذاء النفسي ، مثل الشتم والسبِّ ، والقول للطفل بأنَّنا لا نحبك ، أو عدم تكليمه لمدة طويلة ، إلى غير ذلك من الأساليب المؤذية .
    فكل أنواع هذه العقوبة سواء أكانت جسدية أو نفسية حسب المنظور الإسلامي للتربية خاطئة ، حيث ينصُّ الحديث الشريف : ( دَع ابْنَكَ يَلعَبُ سَبع سِنِين ، ويُؤدَّبُ سَبعاً ، وألْزِمْه نَفْسَكَ سَبع سِنين ) ، فالسبع سنوات الأولى من حياة الطفل تحمل عنوان اللعب ، واللعب يعني تعليمه وإرشاده دون إلزامه وتحمُّله لمسؤولية فعله .
    والعقوبة تعني تحميله مسؤوليات العمل ، إضافة إلى أن الأذى الجسدي والنفسي الذي نسببه للآخرين هو من الذنوب الجسيمة التي لا ينفع الاستغفار وحده لمحوها ، بل نحتاج معها إلى الديَّة ، والديَّة ضريبة مالية تحدد قيمتها على الأثر الذي يتركه الأذى الجسدي أو النفسي ، وبدون الديَّة لا يمكن تحقق العفو الإلهي إلا بعفو المقابل ورضاه .
    فالنهي عن استخدام العقوبة المؤذية للجسد والنفس لا تعني مطلقاً ترك الطفل يتمادى في غَيِّه دون فعل شيء ، فالمربِّي الإسلامي يدعونا إلى إظهار الخطأ بشكل لطيف ، وبدون أذى للطفل ، ويعتبره من أفضل أنواع العقوبة الرادعة لخلوها من الآثار السلبية على نفسية الطفل ، بالإضافة إلى الجوانب الإيجابية في إعداد الطفل في مرحلته الأولى لتحمُّل المسؤولية .
    جاء في الحديث الشريف عن أحد أصحاب الإمام المعصوم قائلاً : شكوتُ إلى أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) اِبناً لي ، فقال : ( لا تضربه واهجره ، ولا تُطِل ) ، فالمربي الإسلامي في الوقت الذي ينهى عن استعمال الضرب الذي هو ذا أثر سيئ على الجسد ، كذلك ينهى عن الإيذاء النفسي بقوله ( عليه السلام ) : ( لا تُطِل ) ، أي لا تُطِل مُدَّة عدم تكليمك إياه - الهَجْر - والاكتفاء بهجرانه لمدة قصيرة بسبب خطئه .
    فإن توضيح الخطأ للطفل من أهم الأمور في هذه المرحلة ، ولكن البعض من الآباء يعاقبون أبناءهم دون أن يعرفوا ما الذي ارتكبوه ، أو إن الأم تنظر إلى طفلها فلا تمنعه من عمل يمارسه ، وفي وقت آخر يتعرَّض للعقوبة بسبب الفعل ذاته .
    فإن هذه الحالة تُشوِّش الطفل كثيراً ، فلا يميز بين الخطأ والصواب ، وحين يأتي الطفل إلى أمه باكياً لأن لعبته انكسرت بيديه أو عند أصدقائه ، وبكاؤه دليل معرفته للخطأ ، فلا يصح من الأم أن تعاقبه ، فما دام يفهم الخطأ فعليها أن تكون معه ، تبدى تأسُّفها وحزنها لما حدث له .
    التهديد :
    إذا كانت العقوبة لغرض التأديب ، فليطمئن الوالدان بأنَّ التهديد يضعف من أثر التأديب ، كيف ؟ لأن التهديد وحده دون تنفيذ العقوبة كأن تهدِّد الأم صغيرها بالضرب أو حرمانه من شيء يحبه ونفَّذت التهديد ، فالسلبيات تدخل في أنواع العقوبة المؤذية التي لها آثار سلبية فضلاً عن عدم جدواها في التأديب ، وإذا لم تنفذ التهديد فهو خطأ جسيم آخر لأنه يضعف من شخصيتها أمام الطفل .
    ومن هنا نلحظ أن التهديد سواء نفذ أم لم ينفذ فلا فائدة مَرْجوَّة منه ، ولا يصل بالوالدين إلى الهدف الذي ينشدانه في تأديب الطفل ، حتى بالتهديد المثير للذعر ، كتخويفه بالشرطة ، أو بمن يسرقه ، أو بالحيوان المفترس ، ويجب على الوالدين تركه لأنه يؤثر على مشاعره ، ويزيد في مخاوفه ، ويثير قلقه .
    ولعل سائلاً يقول : لماذا تقرُّ التربية الإسلامية أسلوب التهديد ؟ كما جاء في الآية الكريمة : ( فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ) الماعون : 4 - 5 .
    وجوابه : إن العقوبة الإلهية للعبد تختلف عن العقوبة التي يستخدمها الوالدان للطفل ، لأنها - العقوبة الإلهية - نتيجة طبيعية لفعل العبد ، مثل حصاد الأشواك لمن زرع بذرته ، أو فشل الطالب الذي انشغل باللعب واللهو في وقت الامتحان ، كما تختلف عن عقوبة المربين بأنَّها عارضة على الإنسان ، مثل ضرب الوالدين للابن لعدم اهتمامه بدراسته ، أو طرد الفلاح من المزرعة لعدم زرعه النباتات المثمرة المفيدة .
    فالعقوبة الإلهية إذن نتيجة طبيعية لفعل الإنسان ، وعقوبة الوالدين نتيجة غير طبيعية لفعل الأبناء ، ومن هنا كان التهديد الذي استعمله القرآن يختلف تماماً عن التهديد الذي يستعمله المربُّون ، فهناك اختلاف كبير بين أن تقول للطالب مثلاً : الويل لك إن لم تهتم بدراستك ، فإن الفشل نصيبك ، أو : الويل لك إن لم تهتم بدراستك ، فإن الضرب المبرح نصيبك .
    فالنوع الأول من التهديد مفيد في التأديب والتربية ، لأنه لا يستبطن العقوبة المؤذية من جهة ، ولأنه يلفت النظر - وبدون إيذاء - إلى الخطأ الذي ينتظر الفاعل ، أما النوع الثاني من التهديد فهو غير مفيد لعدم تأثيره في الفاعل ، وللأسباب التي ذكرناها في موضوع التهديد ، ومن هنا كان الأسلوب القرآني في تربية العبد باستخدام التهديد مفيداً ومثمراً ومؤثراً .
    فالعوامل النفسية التي تكمن وراء استخدام الوالدين أنواع العقوبة القاسية تجاه أخطاء أبنائهم ، وكما يراها علماء التربية الغربيون هي ما يلي :
    1 - تعرُّض الوالدين في صغرهم لنفس العقوبة التي يستعملونها مع أبنائهم ، كَرَدَّة فعل نفسية يندفع إليها الفرد حين لا يتمكن من ردِّ الأذى عنه ضعيفاً في الصغر .
    2 - تنفيس لحالة الغضب التي يعايشها المعاقب بسبب توتره من كلمة أو إهانة أو مشكلة يعاني منها لا يقدر على مواجهتها فتنعكس على الأبناء .
    3 - شعور الوالدين بالعجز تجاه تصرفات أبنائهم الخاطئة أو مع الآخرين ، لضعف شخصيتهم ، وعدم ثقتهم بأنفسهم ، الأمر الذي يدفعهم إلى العقوبة القاسية مع أبنائهم للتغطية على ضعفهم والخروج بمظهر القوة
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X