إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لماذا لا يستجيب الله دعاء الكثيرين؟!!

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لماذا لا يستجيب الله دعاء الكثيرين؟!!

    بسم الله الرحمن الرحيم
    ما تقدم كان في الحقيقة مقدمة لما نريد ان نذكره في هذا الفصل، وهو الإجابة عن السؤال المتقدم، فالقرآن ينادي بأفصح لسان ويقول: Pوَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَO([1])، وقوله عز من قائل: Pوَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَO([2]).
    فهو صريح باستجابة دعاء الداعين؛ لأن إطلاق الإجابة يستلزم إطلاق الدعاء؛ فكل دعاء دُعي به، فإنّه تعالى يجيبه.
    بينما نجد إنّ كثيراً من الدعوات لا تنال نصيبها من الاستجابة، فما هو السر وراء ذلك؟!.


    الأقوال في سبب عدم استجابة الدعاء
    اختلفوا في سبب استجابة الدعاء على أقوال منها:
    الأول: ما اختاره الفيض الكاشاني من اصحابنا والبيضاوي من العامة، ونسبه الشيخ الطبرسي (ره) الى ابن عباس([3])، وهو ان معنى الدعاء في الآية الكريمة محل الإشكال هو العبادة، اعتماداً على ما روي من قول النبي (a) والإمام الباقر المتقدم: الدعاء هو العبادة، ومعنى الاستجابة هو الثواب لتجانس اللفظ، وعليه فيكون معنى قوله تعالى: ƒادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ، اعبدوني اثيبكم، فليس المراد من الدعاء في الآية الطلب والتوسل الى الله تعالى حتى نسأل لماذا لا يستجاب الدعاء؛ قال البيضاوي في تفسيره: P ادْعُونِيO اعبدوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ أثب لكم لقوله: Pإِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِيO ، وإن فسر الدعاء بالسؤال كان الاستكبار الصارف عنه مُنزلاً منزلته للمبالغة، و المراد بالعبادة الدعاء فإنه من أبوابها. انتهى([4]).
    الثاني: ما اختاره البعض منهم الشيخ ابو جعفر الطوسي (المتوفى 460 هجري) في التبيان وأبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي ( المتوفى 548 هجري) في المجمع، وهو ان الاستجابة متوقفة على وجود المصلحة، قال الطوسي (ره): Pوَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ O ([5]) ، يعني استجب لكم إذا اقتضت المصلحة اجابتكم. ومن يدعو الله ويسأله فلا بد أن يشترط المصلحة إما لفظاً او اضماراً ، وإلاّ كان قبيحاً، لأنه إذا دعا بما يكون فيه مفسدة ولا يشترط انتفاؤها كان قبيحاً([6]).
    وبعين العبارة فسر الشيخ الطبرسي الآية قال: Pوَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْO، يعني إذا اقتضت المصلحة إجابتكم وكل من يسأل الله شيئاً ويدعوه فلا بد أن يشترط المصلحة في ذلك إما لفظاً أو إضماراً وإلاّ كان قبيحاً لأنه ربما كان داعياً بما يكون فيه مفسدة ولا يشترط انتفاؤها فيكون قبيحاً([7]).
    الثالث: ما نقله الشيخ الطوسي (ره) عن ابي علي الجبائي –من ائمة المعتزلة- وهو ان الوعد بالإجابة مختص بالمؤمنين دون الكفار والفاسقين، قال (ره): في الناس من قال : إن الله وعد بإجابة الدعاء منه عند مسألة المؤمنين دون الكفار، والفاسقين([8]).
    وقال في موضع آخر: قال: أبوعلي: لا يكون إلاّ ثواباً ، لأن من أجابه الله ، يستحق المدح في دين المسلمين ، فلا يجوز أن يجيب كافراً ، ولا فاسقاً. وكان أبوبكر بن الاخشاد يخبر ذلك في العقل على وجه الاستصلاح له . وهذا الوجه أقرب إلى الصواب . ([9]).
    الرابع: انه تعالى يستجيب كل الدعوات بلا استثناء غاية ما في الأمر انه تعالى تارة يستجيب الدعاء في الدنيا وتارة في الآخرة وأحياناً تتحقق الاجابة بدفع ضرر ما فيكون عوضاً عن إجابة الدعاء، يقول صاحب تفسير هميان الزاد: Pوَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْO، أعطكم ما تسألون ، قال الله تعالى : Pفَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَO، وان لم يعط أدخر له في الآخرة لدعائه ما هو أفضل ، حتى يتمنى لو لم يستجب له في الدنيا ، والتعويض في الآخرة ، من معنى الاستجابة ، وقد يعطيه في الدنيا عوض ما دعا اليه ، أو يدفع عنه مضرة ، وما لم يستجب فخلل فيه ، فلاشتغال القلب فيه أو فيه قطع رحم أو نحو ذلك ، وعنه صلى الله عليه وسلم : S ما من رجل يدعو الله تعالى الا استجيب له ، فأما أن يعجل له في الدنيا ، وام أن يؤخر له في الآخرة واما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا لم يدع بإثم أو قطع رحم أو يقل دعوت فلم يستجب ليR([10]).
    الخامس: وهو ما التزم به ابن جزي في التسهيل، حيث ذهب الى ان استجابة الدعاء متوقفة على موافقة القدر، فلو دعا المرء بما خالف ما قدره تعالى لم يستجب له، قال ابن جزي: Sوقال ربكم ادعوني أستجب لكم الدعاء هنا هو الطلب والرغبة وهذا وعد مقيد بالمشيئة وهي موافقة القدر لمن أراد أن يستجيب لهR([11]).
    السادس: وذهب ابن الأنباريِّ الى انه تعالى لم يعد باستجابة الدعاء حتى يرد الإشكال المتقدم، لأن (استجب) في الآية بمعنى اسمع لا بمعنى اني اجيب الدعاء، قال ابن الأنباري: « أُجِيبُ » ههنا بمعنى « أسْمَعُ » ؛ لأن بين السماع والإجابة نوع ملازمةٍ ، فلهذا السبب يقام كلُّ واحدٍ منهما مُقام الآخر ، فقولنا : «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ » ، أي : أجاب الله ، فكذا هاهنا قوله : Pأُجِيبُ دَعْوَةَ الداعO، أي : أَسْمَعُ تلكَ الدَّعوة ، فإذا حَمَلنا قوله تعالى Pادعوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ O على هذا الوجه ، زال الإشكال([12]).
    السابع: وقيل : المرادُ من الدعاءِ التَّوْبة مِنَ الذُّنُوب؛ وذلك لأنَّ التائب يدعُو الله تعالى بتوبته ، فيقْبَلُ توبته ، فإجابته قبول توبته إجابة الدُّعَاء ، فعلى هذا الوجه أيضاً يزول الإشكال([13]).
    الثامن: وقيل ايضاً: إِنَّ الله يجيب دعاء المؤمِنِ في الوقت ، ويؤخِّر إعطاءَ مَنْ يجيب مراده ، ليدعوه فيسمع صوته ، ويعجِّل إعطاء من لا يُحِبُّه؛ لأنه يبغض صوته([14]).


    ([1]) البقرة: 186.

    ([2]) المؤمن: 60.

    ([3]) مجمع البيان: ج8 ص451.

    ([4]) تفسير البيضاوي: ج5 ص99.

    ([5]) غافر: 60.

    ([6]) تفسير التبيان في تفسير القرآن: ج9 ص89-90.

    ([7]) تفسير مجمع البيان: ج8 ص451.

    ([8]) تفسير التبيان في تفسير القرآن: ج2 ص128.

    ([9]) تفسير التبيان في تفسير القرآن: ج2 ص130.

    ([10]) تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد محمد بن يوسف اطفيش (ت 1332 هـ).

    ([11]) التسهيل لعلوم التنزيل: ج2 ص485.

    ([12]) اللباب في علوم الكتاب المؤلف: أبو حفص سراج الدين عمر بن علي بن عادل الحنبلي الدمشقي النعماني (المتوفى: 775هـ) المحقق: الشيخ عادل أحمد ..

    ([13]) نفس المصدر السابق.

    ([14]) نفس المصدر السابق.





  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم وبارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا

    تعليق


    • #3
      اللهم صلِ على محمد وال محمد الاطهار
      جزاكم الله الخير واثابكم
      بوركتم للطرح النوراني
      سدد الباري خطاكم ووفقكم

      تعليق


      • #4
        اللهم صل على محمد وال محمد
        احسنتم وبارك الله بكم
        شكرا لكم كثيرا

        الأخت صدى المهدي شكراً لمروركم الكريم

        تعليق


        • #5
          اللهم صلِ على محمد وال محمد الاطهار
          جزاكم الله الخير واثابكم
          بوركتم للطرح النوراني
          سدد الباري خطاكم ووفقكم
          الاخ ابو احمد الوائلي جزاكم الله الف خير

          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
          x
          يعمل...
          X