إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

معنى لا حول ولا قوة الا بالله او قل: اثبات ان لا مؤثر الا الله

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • معنى لا حول ولا قوة الا بالله او قل: اثبات ان لا مؤثر الا الله

    القرآن الكريم والسنة صريحان في أن الالتفات للأسباب الطبيعية وجعله تعالى في عرضها مانع عن استجابة الدعاء.
    لكن هنا نواجه اشكالية فكرية مهمة تتمثل في كيفية الجمع بين قولنا بوجوب التفات الداعي لله وحده وعدم تشفيعه الأسباب وبين ما نراه من تأثير هذه الأسباب بل أمره تعالى بالسعي لتحصيلها مما يدل على ان لها أثر؟
    والجواب: نحن هنا لا نريد نفي تأثير الأسباب المادية الطبيعية، فعن أمير المؤمنين (A): «الدَّاعِي بِلاَ عَمَل كَالرَّامِي بِلاَ وَتَر([1])R، وعن الإمام الصادق (A): «أبى اللّه أن يجري الأشياء إلاّ بأسباب، فجعل لكلّ شيء سبباً وجعل لكلّ سبب شرحاً»([2]).
    غاية ما في الأمر ان لكل فعل حادث سبب قريب وهو السبب الطبيعي وسبب بعيد هو السبب الغيبي الإلهي وكما تصح نسبة الفعل للسبب القريب تصح نسبته إلى البعيد، فليس مرادنا إبطال نظام السببية بل إثبات علة في طول علة وسبب معنوي غيبي فوق الأسباب المادية، فإن الفعل كالحركة مثلاً يتوقف على فاعله المحرك و يتوقف على محرك محركه بعين ما يتوقف على محركه، نظير العجلة المحركة للأخرى المحركة لثالثة.
    فللفعل نسبة إلى فاعله، وله انتساب إلى فاعل فاعله وعلى هذه الحقيقة يجري الناس بحسب فهمهم الغريزي فينسبون الفعل إلى السبب البعيد كما ينسبونه إلى السبب القريب المباشر بما أنه أثر مترشح منه يقال: بنى فلان داراً، وحفر بئراً وإنما باشر ذلك البنّاء والحفّار، ويقال: جلد الأمير فلاناً، وقتل فلاناً، وأسر فلاناً، وحارب قوماً كذا، وإنما باشر الجلد جلاده، والقتل سيّافه، والأسر جلاوزته، والمحاربة جنده، ويقال، أحرق فلان ثوب فلان، وإنما أحرقته النار، وشفى فلان مريضاً كذا، وإنما شفاه الدواء الذي ناوله وأمره بشربه واستعماله.
    ففي جميع ذلك يعتبر أمر الآمر أو توسل المتوسل تأثيراً منه في الفاعل القريب ثم ينسب الفعل المنسوب إلى الفاعل القريب إلى الفاعل البعيد، وليس أصل النسبة إلاّ نسبة حقيقة من غير مجاز قطعاً.
    قد يقول قائل: هذا خلاف المشهور بين علماء الأدب وغيرهم من إن ذلك كله من المجاز في الأسناد لصحة سلب الفعل عن الفاعل البعيد، فإن مالك البناء لم يضع لبنة على لبنة وإنما هو شأن البنّاء الذي باشر العمل؟!
    والجواب: ان ما وصفه المشهور بالمجاز هو الفعل بخصوصية صدوره عن الفاعل المباشر ومن المسلم أن المباشرة إنما هو شأن الفاعل القريب، ولا كلام لنا فيه، وإنما الكلام فيما يتصور له من الوجود المتوقف على فاعل موجد، وهذا المعنى كما يقوم بالفاعل المباشر كذلك يقوم بعين هذا القيام بفاعل الفاعل.
    وهذا مذهب المحققين من المفسرين، قال السيد العلامة الطباطبائي (ره): واعتبار هذه النكتة هو الذي أوجب لهم أن يميزوا بين الأعمال وينسبوا بعضها إلى الفاعل القريب والبعيد معاً، ولا ينسبوا بعضها إلاّ إلى الفاعل القريب المباشر للعمل فما كان منها يكشف بمفهومه عن خصوصيات المباشرة والاتصال بالعمل كالأكل بمعنى الالتقام والبلع والشرب بمعنى المص والتجرع والقعود بمعنى الجلوس ونحو ذلك لم ينسب إلاّ إلى الفاعل المباشر فإذا أمر السيد خادمه أن يأكل غذاء كذا ويشرب شراباً كذا ويقعد على كرسي كذا، قيل: أكل الخادم وشرب وقعد ولا يقال: أكله سيده وشربه وقعد عليه، وإنما يقال: تصرف في كذا إذا استعمل كذا أو أنفق كذا ونحو ذلك لما ذكرناه.
    وأما الأعمال التي لا تعتبر فيها خصوصيات المباشرة والحركات المادية التي تقوم بالفاعل المباشر للحركة كالقتل والأسر والإحياء والإماتة والإعطاء والإحسان والإكرام ونظائر ذلك فإنها تنسب إلى الفاعل القريب والبعيد على السوية بل ربما كانت نسبتها إلى الفاعل البعيد أقوى منها إلى الفاعل القريب كما إذا كان الفاعل البعيد أقوى وجوداً وأشد سلطة وإحاطة([3]).
    فهذا ما ينتجه البحث العقلي ويجري عليه الإِنسان بفهمه الغريزي، والقرآن الكريم يصدق ذلك أوضح تصديق كقوله تعالى في الآيات السابقة: Pقَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَO([4]).
    حيث نسب التعذيب الذي تباشره أيدي المؤمنين إلى نفسه بجعل أيديهم بمنزلة الآلة.
    ونظيره قوله تعالى: Pوَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَO ([5])، فإن المراد بما تعملون إما الأصنام التي كانوا يعملونها من الحجارة أو الأخشاب أو الفلزات فإنما أريد به المادة بما عليها من عمل الإِنسان ففيه نسبة الخلق إلى الأعمال كنسبته إلى فواعلها، وأما نفس الأعمال فالأمر أوضح.
    ويقرب من ذلك قوله تعالى: Pوَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَO([6])، ففيه نسبة الخلق إلى الفلك و الفلك بما هي من عمل الإِنسان.
    هذا فيما نسب فيه الخلق إلى الأعمال الصادرة عن الشعور والإرادة، وأما الأفعال التي لا تتوقف في صدورها على شعور وإرادة كالأفعال الطبيعية فقد ورد نسبتها إلى الله سبحانه في آيات كثيرة جداً لا حاجة إلى إحصائها كإحياء الأرض وإنبات النبات وإخراج الحب وإمطار السماء وإجراء الأنهار وتسيير الفلك التي تجري في البحر بأمره إلى غير ذلك.
    ولا منافاة في جميع هذه الموارد بين انتساب الأمر إليه تعالى وانتسابه إلى غيره من الأسباب والعلل الطبيعية وغيرها إذ ليست النسبة عرضية تزاحم إحدى النسبتين الأخرى بل هي طولية لا محذور في تعلقها بأزيد من طرف واحد.
    من هنا نلتفت إلى انه تعالى مسبب الأسباب فلولاه لما حصل ووجد السبب الطبيعي ولما أثر أثره.


    ([1]) نهج البلاغة: الكلمات القصار، رقم 337.

    ([2]) الكافي: 1/183، باب معرفة الإمام، الحديث7.

    ([3]) الميزان في تفسير القرآن: ج9ص108.

    ([4]) التوبة: 14.

    ([5]) الصافات: 96.

    ([6]) الزخرف: 12.




  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم وبارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X