بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
عندما خلق الله تعالى العالم، جعل فيه نوعين من الأنظمة:
النوع الأول: الأنظمة التشريعية:
وهي المقررات التي شرّعها الله تعالى لتنظيم علاقة العبد بربه، وعلاقة الإنسان بالإنسان الآخر، وعلاقة الإنسان بالأشياء عموماً في هذا العالم.
ويُطلب من الإنسان أنْ يفعلها باختياره، فهي داخلة تحت اختيار الإنسان عموماً، وهي باختصار التكاليف الشرعية.
وهذه التكاليف قد تكفّل الدين ببيانها تماماً، وليس يُطلب من الإنسان إلا أن ينفذّها بالصورة التي أرادها الشارع منه.
النوع الثاني: الأنظمة التكوينية:
وهي الأنظمة العامة التي خلقها الله تعالى في هذا الكون، لتنظيم أمور الكون عموماً، وهي غير داخلة تحت اختيار الإنسان..
وبالتالي لم يُكلّف الإنسان باتجاهها بأي تكليف، سوى الرضوخ للنظام المذكور..
فمثلاً، من القوانين التكوينية في هذا العالم هو نظام وقانون (الموت) فهو قانون جعله الله تعالى، وليس للإنسان أي دور فيه..
ولم يُكلّف الإنسان بتحصيل الموت لنفسه مثلاً، ولا يُعاقب إذا وقع الموت عليه بالصورة الطبيعية.
وهكذا قانون (الجاذبية) وقانون (مطر الغيوم) وقانون (توتيد الأرض بالجبال) وقانون (أن الماء يروي) وقانون (إحياء الموتى) وقانون (أن السم يقتل) وغيرها.
ومن له الإذن من الله تعالى على تشريع الأحكام التشريعية، يُقال فيه: إن له الولاية التشريعية..
ومن له الإذن من الله تعالى بالتحكم في قوانين هذا العالم التكوينية، يقال فيه: إن له الولاية التكوينية.
فكلا الولايتين لا تخرج عن حريم (الإذن الإلهي) وليس فيها أي استقلالية للولي عن إذن الله تعالى.
وقد أثبتت البحوث العقائدية في محلها أن لأهل البيت (عليهم السلام) الولايتين التكوينية والتشريعية.
وفيما يخصّ موضوعنا، نذكر بعضاً من أمثلة الولاية التكوينية للإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) :
فمن ذلك ما ورد مما يحدث بينه (عجل الله تعالى فرجه) وبين (الحسني) الذي كان يعرف حقانية المهدي (عليه السلام) ولكنه يطلب منه بيّنة يُقيمها من أجل أنْ يُقنع جيشه بأنه المهدي، فتقول الرواية:
(فيلحقه رجل من أولاد الحسن في اثني عشر ألف فارس ويقول: يا بن العم أنا أحق منك بهذا الأمر، لأني من ولد الحسن وهو أكبر من الحسين..
فيقول المهدي: إني أنا المهدي. فيقول له: هل عندك آية أو معجزة أو علامة؟ فينظر المهدي إلى طير في الهواء فيومي إليه فيسقط في كفه، فينطق بقدرة الله تعالى، ويشهد له بالإمامة..
ثم يغرس قضيباً يابساً في بقعة من الأرض، ليس فيها ماء فيخضرّ ويورق، ويأخذ جلموداً كان في الأرض من الصخر، فيفركه بيده ويعجنه مثل الشمع..
فيقول الحسني: الأمر لك فيسلم وتسلم جنوده)
فمثل هذه التصرفات هي تفعيل لولايته (عجل الله تعالى فرجه) التكوينية، وهي ليست بدعاً مما جاء به الرسل..
فالنبي داود (عليه السلام) ألان الله تعالى له الحديد
والنبي إبراهيم (عليه السلام) ذبح أربعة من الطير ووزّع لحومها على عدة جبال ثم دعاهن فرجعن إليه أحياءً...
ومن الروايات الدالّة على ذلك، ما روي عن محمد بن مسلم الثقفي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) يقول:
القائم منا منصور بالرعب، مؤيد بالنصر تُطوى له الأرض وتظهر له الكنوز...
ومنها أيضاً ما روي عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليهما السلام):
...الرابع من ولدي ابن سيدة الإماء... وهو صاحب الغيبة قبل خروجه..
فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره...، وهو الذي تُطوى له الأرض، ولا يكون له ظل...
ولعل تسميته (عجل الله تعالى فرجه) بصاحب العصر والزمان فيه إشارة إلى ولايته التكوينية في الكون، بما أعطاه الله تعالى من الولاية على ذلك.
ملاحظتان :
الملاحظة الأولى: من الولاية التكوينية للمولى المهدي (عليه السلام) هي مسألة عرض أعمالنا عليه، وهذا يجعلنا تحت دائرة المراقبة منه (عليه السلام)..
مما يعني ضرورة الاستحياء من فعل الحرام لو تجرأ أحدهم على فعله..
وفي نفس الوقت هو يُمثل دافعاً لنا لفعل الأمور التي تُرضي الله تعالى وترضي المولى عنا.
روي عن عبد الله بن أبان الزيات، وكان مكيناً عند الرضا (عليه السلام) قال:
قلت للرضا (عليه السلام): ادع الله لي ولأهل بيتي، فقال: أو لستُ أفعل؟ والله، إن أعمالكم لتعرض عليّ في كل يوم وليلة.
قال: فاستعظمت ذلك، فقال لي: أما تقرأ كتاب الله عز وجل:
(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) [التوبة 105]؟
قال: هو والله علي بن أبي طالب (عليه السلام).
وعن داود بن كثير الرقي، قال: كنت جالساً عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ قال مبتدئاً من قبل نفسه:
يا داود، لقد عُرضت عليّ أعمالكم يوم الخميس، فرأيتُ فيما عُرض عليّ من عملك صلتك لابن عمك فلان، فسرّني ذلك...
فأعمالنا تُعرض على إمام زماننا، وكل واحد منّا مسؤول عن فعله، إن شاء أن يسرّ إمامه أو أن يحزنه، فكل نفس بما كسبت رهينة!
الملاحظة الثانية:
إن الإنسان المؤمن يمكنه الوصول إلى بعض مراتب الولاية التكوينية...
فيما إذا التزم منهاج التقرب إلى الله تعالى.
بحيث وصل إلى مرحلة ما ورد في بعض الأحاديث القدسية:
«عبدي أطعني أجعلك مثلي، أنا حي لا أموت أجعلك حيَّاً لا تموت، أنا غني لا أفتقر أجعلك غنيَّاً لا تفتقر، أنا مهما أشأ يكن أجعلك مهما تشأ يكن»
وهذا ما يُفسر بعض الكرامات التي تُتنقل عن بعض العلماء والمؤمنين..
كالعلم بساعة الموت مثلاً، أو طيّ الأرض، أو معرفة الشيء الذي يُضمره الفرد، وهكذا.
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
عندما خلق الله تعالى العالم، جعل فيه نوعين من الأنظمة:
النوع الأول: الأنظمة التشريعية:
وهي المقررات التي شرّعها الله تعالى لتنظيم علاقة العبد بربه، وعلاقة الإنسان بالإنسان الآخر، وعلاقة الإنسان بالأشياء عموماً في هذا العالم.
ويُطلب من الإنسان أنْ يفعلها باختياره، فهي داخلة تحت اختيار الإنسان عموماً، وهي باختصار التكاليف الشرعية.
وهذه التكاليف قد تكفّل الدين ببيانها تماماً، وليس يُطلب من الإنسان إلا أن ينفذّها بالصورة التي أرادها الشارع منه.
النوع الثاني: الأنظمة التكوينية:
وهي الأنظمة العامة التي خلقها الله تعالى في هذا الكون، لتنظيم أمور الكون عموماً، وهي غير داخلة تحت اختيار الإنسان..
وبالتالي لم يُكلّف الإنسان باتجاهها بأي تكليف، سوى الرضوخ للنظام المذكور..
فمثلاً، من القوانين التكوينية في هذا العالم هو نظام وقانون (الموت) فهو قانون جعله الله تعالى، وليس للإنسان أي دور فيه..
ولم يُكلّف الإنسان بتحصيل الموت لنفسه مثلاً، ولا يُعاقب إذا وقع الموت عليه بالصورة الطبيعية.
وهكذا قانون (الجاذبية) وقانون (مطر الغيوم) وقانون (توتيد الأرض بالجبال) وقانون (أن الماء يروي) وقانون (إحياء الموتى) وقانون (أن السم يقتل) وغيرها.
ومن له الإذن من الله تعالى على تشريع الأحكام التشريعية، يُقال فيه: إن له الولاية التشريعية..
ومن له الإذن من الله تعالى بالتحكم في قوانين هذا العالم التكوينية، يقال فيه: إن له الولاية التكوينية.
فكلا الولايتين لا تخرج عن حريم (الإذن الإلهي) وليس فيها أي استقلالية للولي عن إذن الله تعالى.
وقد أثبتت البحوث العقائدية في محلها أن لأهل البيت (عليهم السلام) الولايتين التكوينية والتشريعية.
وفيما يخصّ موضوعنا، نذكر بعضاً من أمثلة الولاية التكوينية للإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) :
فمن ذلك ما ورد مما يحدث بينه (عجل الله تعالى فرجه) وبين (الحسني) الذي كان يعرف حقانية المهدي (عليه السلام) ولكنه يطلب منه بيّنة يُقيمها من أجل أنْ يُقنع جيشه بأنه المهدي، فتقول الرواية:
(فيلحقه رجل من أولاد الحسن في اثني عشر ألف فارس ويقول: يا بن العم أنا أحق منك بهذا الأمر، لأني من ولد الحسن وهو أكبر من الحسين..
فيقول المهدي: إني أنا المهدي. فيقول له: هل عندك آية أو معجزة أو علامة؟ فينظر المهدي إلى طير في الهواء فيومي إليه فيسقط في كفه، فينطق بقدرة الله تعالى، ويشهد له بالإمامة..
ثم يغرس قضيباً يابساً في بقعة من الأرض، ليس فيها ماء فيخضرّ ويورق، ويأخذ جلموداً كان في الأرض من الصخر، فيفركه بيده ويعجنه مثل الشمع..
فيقول الحسني: الأمر لك فيسلم وتسلم جنوده)
فمثل هذه التصرفات هي تفعيل لولايته (عجل الله تعالى فرجه) التكوينية، وهي ليست بدعاً مما جاء به الرسل..
فالنبي داود (عليه السلام) ألان الله تعالى له الحديد
والنبي إبراهيم (عليه السلام) ذبح أربعة من الطير ووزّع لحومها على عدة جبال ثم دعاهن فرجعن إليه أحياءً...
ومن الروايات الدالّة على ذلك، ما روي عن محمد بن مسلم الثقفي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام) يقول:
القائم منا منصور بالرعب، مؤيد بالنصر تُطوى له الأرض وتظهر له الكنوز...
ومنها أيضاً ما روي عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليهما السلام):
...الرابع من ولدي ابن سيدة الإماء... وهو صاحب الغيبة قبل خروجه..
فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره...، وهو الذي تُطوى له الأرض، ولا يكون له ظل...
ولعل تسميته (عجل الله تعالى فرجه) بصاحب العصر والزمان فيه إشارة إلى ولايته التكوينية في الكون، بما أعطاه الله تعالى من الولاية على ذلك.
ملاحظتان :
الملاحظة الأولى: من الولاية التكوينية للمولى المهدي (عليه السلام) هي مسألة عرض أعمالنا عليه، وهذا يجعلنا تحت دائرة المراقبة منه (عليه السلام)..
مما يعني ضرورة الاستحياء من فعل الحرام لو تجرأ أحدهم على فعله..
وفي نفس الوقت هو يُمثل دافعاً لنا لفعل الأمور التي تُرضي الله تعالى وترضي المولى عنا.
روي عن عبد الله بن أبان الزيات، وكان مكيناً عند الرضا (عليه السلام) قال:
قلت للرضا (عليه السلام): ادع الله لي ولأهل بيتي، فقال: أو لستُ أفعل؟ والله، إن أعمالكم لتعرض عليّ في كل يوم وليلة.
قال: فاستعظمت ذلك، فقال لي: أما تقرأ كتاب الله عز وجل:
(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) [التوبة 105]؟
قال: هو والله علي بن أبي طالب (عليه السلام).
وعن داود بن كثير الرقي، قال: كنت جالساً عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ قال مبتدئاً من قبل نفسه:
يا داود، لقد عُرضت عليّ أعمالكم يوم الخميس، فرأيتُ فيما عُرض عليّ من عملك صلتك لابن عمك فلان، فسرّني ذلك...
فأعمالنا تُعرض على إمام زماننا، وكل واحد منّا مسؤول عن فعله، إن شاء أن يسرّ إمامه أو أن يحزنه، فكل نفس بما كسبت رهينة!
الملاحظة الثانية:
إن الإنسان المؤمن يمكنه الوصول إلى بعض مراتب الولاية التكوينية...
فيما إذا التزم منهاج التقرب إلى الله تعالى.
بحيث وصل إلى مرحلة ما ورد في بعض الأحاديث القدسية:
«عبدي أطعني أجعلك مثلي، أنا حي لا أموت أجعلك حيَّاً لا تموت، أنا غني لا أفتقر أجعلك غنيَّاً لا تفتقر، أنا مهما أشأ يكن أجعلك مهما تشأ يكن»
وهذا ما يُفسر بعض الكرامات التي تُتنقل عن بعض العلماء والمؤمنين..
كالعلم بساعة الموت مثلاً، أو طيّ الأرض، أو معرفة الشيء الذي يُضمره الفرد، وهكذا.