
مصطلح قرآني ـ نبوي
إذا كان تعبير ( أهل البيت ) يُطلَق قبل الإسلام على مَن يسكنون بيتاً معيناً ويعيشون فيه، أو على خاصّة الرجل، فإنّ هذا التعبير أصبح في الإسلام مطلحاً له مفهومٌ خاصّ لا يمكن تعميمه، كمصطلح الصلاة تلك العبادة المعروفة، وكانت الكلمة تعني قبل الإسلام الدعاء، كذلك الزكاة بمعنى التطهير، وهي في الإسلام أداء نسبةٍ معيّنةٍ من المال بشروط خاصّة.
وفي ظلّ آية التطهير، وهي قوله تبارك وتعالى:








جملةٌ من المصاديق
• في ( تاريخ دمشق 206:13 ) لابن عساكر الدمشقي الشافعي، و ( مسند أحمد بن حنبل 292:6 )، و ( رشفة الصادي: 68 ) للحضرمي.. رَوَوا عن شهر بن حَوشَب أنّ أُمّ المؤمنين أمَّ سلمة رضوان الله عليها قالت: إنّ النبيَّ صلّى الله عليه وآله قال لفاطمة عليها السلام: « إيتيني بزوجكِ وآبنَيكِ »، فجاءت بهما، فألقى كساءً كان تحتي ـ والحديث لأمّ سلمة ـ أصَبناه من خيبر، ثمّ قال: « اَللهمّ هؤلاءِ آلُ محمّد، فاجعَلْ صلواتِك وبركاتِك على آل محمّد، كما جعلتَها على آل إبراهيم، إنّك حميدٌ مجيد ».
• وروى ابن أبي جمهور الأحسائي في ( غوالي اللآلي 83:4 / ح 92 ) أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يوماً في بيت فاطمة عليها السلام وعنده عليٌّ والحسن والحسين عليهم السلام، وقد مُلئ بهم سروراً وفرحاً، إذ هبط الأمين جبرئيل فقال: السلامُ يُقرئك السلامَ ويقول: يا محمّد، أفَرِحتَ باجتماع شملك بأهل بيتك في دار الدنيا ؟ فقال صلّى الله عليه وآله: « نَعَم والحمد لربّي على ذلك »، فقال: إنّ الله سبحانه وتعالى يقول: إنّهم صرعى، وقبورُهم شتّى! فبكى النبيّ صلّى الله عليه وآله.
• وعن أبي سعيد الخُدْري ـ وهو صحابي شاهد ـ قال: نزلت هذه الآية:


• وذاك أنس بن مالك ـ وهو أيضاً صحابيّ شاهد ـ قال: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله كان يمرّ ببيت فاطمة ستّةَ أشهر ـ إذا خرج إلى صلاة الفجر ـ فيقول: « الصلاةَ يا أهلَ البيت،


• وروى ابن عبدالبَرِّ في ( الاستيعاب 1100:3 )، والكنجي الشافعي في ( كفاية الطالب:372 )، والطبراني في ( المعجم الكبير 208:23 / ح 696 )، والذهبي في ( سِيَر أعلام النبلاء 122:2 )، والحاكم النيسابوري الشافعي في ( المستدرك على الصحيحين 146:3 و 150 ).. وغيرهم عشرات، أنّه لمّا نزلت الآية المباركة:


• وفي ذكر أهل البيت عليهم السلام كان لمحب الدين الطبري ـ وهو من مشاهير علماء السنّة ـ حديثٌ جاء فيه: قال رجلٌ لعبد الله بن عمر: يا أبا عبدالرحمان، فَعَليّ ؟ قال ابن عمر: عليٌّ من أهل البيت لا يُقاس بهم أحد، عليٌّ مع رسول الله في درجته، إنّ الله عزّوجلّ يقول:


• وكتب ابن الأثير الجزري في ( جامع الأصول 1100:10 / ح 6689 ) قالت أمّ سلمة: إنّ هذه الآية ( آية التطهير ) نزلت في بيتي وأنا جالسةٌ عند الباب، فقلت: يا رسول الله، ألستُ مِن أهل البيت ؟ فقال: « إنّكِ إلى خير، أنتِ مِن أزواج رسول الله ».
قالت: وفي البيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وعليٌّ وفاطمة وحسن وحسين، فجَلّلهم بكسائه وقال: « اَللّهمَّ هؤلاءِ أهل بيتي، فأذهِبْ عنهم الرجسَ وطهّرْهم تصهيراً ».
• وبسنده الذي ينتهي إلى جابر الأنصاري ـ الصحابيّ الجليل ـ، كتب الشيخ عبدالله البحراني في مؤلَّفه ( عوالم العلوم 931:11 ):... عن جابر بن عبدالله الأنصاري، عن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: سمعتُ فاطمةَ عليها السلام أنّها قالت: « دَخَل علَيَّ أبي رسولُ الله صلّى الله عليه وآله في بعض الأيّام... ( إلى أن قالت عليها السلام: ) فَلَمّا اكتمَلْنا جميعاً تحت الكساء، أخَذَ أبي رسولُ اللهِ بِطَرَفَيِ الكساء، وأومأ بيدهِ اليمنى إلى السماء، وقال: اَللّهمَّ إنّ هؤلاءِ أهلُ بيتي، وخاصّتي وحامّتي، لحمُهم لحمي، ودمُهم دمي، يُؤلمني ما يُؤلمهم، ويَحزُنني ما يَحزنُهم، أنا حربٌ لِمَن حارَبَهم، وسِلْمٌ لمَن سالَمَهم، وعَدُوٌّ لِمَن عاداهُم، ومُحِبٌّ لمَن أَحبَّهم، إنّهم منّي وأنا منهم، فاجعلْ صلواتِك وبركاتِك ورحماتك وغفرانَك ورضوانَك علَيَّ وعليهم، وأَذهِبْ عنهمُ الرجسَ وطهِّرْهم تطهيراً. فقال الله عزّوجلّ: يا ملائكتي، ويا سُكّانَ سماواتي، إنّي ما خلَقْتُ سماءً مبنيّة، ولا أرضاً مَدْحيّة، ولا قَمَراً منيراً، ولا شمساً مضيئة، ولا فَلَكاً يدور، ولا بحراً يجري، ولا فُلْكاً يَسري، إلاّ في محبّةِ هؤلاءِ الخمسةِ الذين هُم تحت الكساء. فقال الأمين جبرائيل: يا ربّ، ومَن تحت الكساء ؟ فقال عزّوجلّ: هُم أهلُ بيتِ النبوّة، ومَعدِنُ الرسالة، هُم فاطمةُ وأبوها، وبَعْلُها وبَنُوها... ».
ونرى بعين البصر وعين البصيرة كليهما، أنّ الروايات جميعاً لم تُقرّر أهلَ بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله إلاّ ابنتَه فاطمة وابنَ عمّه عليّاً وابنَيه الحسنَ والحسين سلام الله عليه وعليهم، أنّهم أهلُ بيت النبوّة، ومعدنُ الرسالة، وأنّهم ورثة النبيّ صلّى الله عليه وآله علماً وعبادةً وتقوى، وهمُ المؤتَمَنون بعده على الرسالة، إذ هم الثِّقْلُ الثاني مع كتاب الله تبارك وتعالى، كما صرّح بذلك حديث الثقلين المشهور عند عامّة المسلمين، تركهما رسول الله للأمّة ووعدهم خيراً أنّهم ما أن تمسّكوا بهما لن يَضِلُّوا بعده، أي لم يتيهوا إلى ما فيه هلاكهم، فبالثقلينِ معاً تكون النجاة، بهما لا غير.
شبكة الامام الرضا عليه السلام