إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

" التغيير الواقعي والحقيقي يكون بجهادِ النفس الأكبر "

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • " التغيير الواقعي والحقيقي يكون بجهادِ النفس الأكبر "

    " التغيير الواقعي والحقيقي يكون بجهادِ النفس الأكبر "
    " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ "
    " جِهادُ النفس هو الجهادُ الأكبر " مَفهومه ومَنهَجه في نَظرِ الإمام زين العابدين ، ,صلواتُ اللهِ وسلامه عليه, في الصحيفةِ السجّاديَّةِ المُباركة "
    (واجْعَلْ هَوَايَ عِنْدَكَ ، ورِضَايَ فِيمَا يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكَ ، وبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي وفِيمَا خَوَّلْتَنِي وفِيمَا أَنْعَمْتَ بِه عَلَيَّ ، واجْعَلْنِي فِي كُلِّ حَالاتِي مَحْفُوظاً مَكْلُوءاً مَسْتُوراً مَمْنُوعاً مُعَاذاً مُجَاراً).
    ::.. من كلامٍ تقدّم عند الإمام السجّاد ، عليه السلام ،وقد وقفنا معه وقفةً فيما مضى في ضمن دعائه المُبارك الكريم الموسوم بالثاني والعشرين ، والمعروفِ- بالدعاء عنْدَ الشِّدَّةِ والْجَهْدِ وتَعَسُّرِ الأُمُورِ - ، وقد ذكرنا شطراً من ذلك الدعاء والمطالب المهمة التي أرادها الإمام ، عليه السلام ، من اللهِ تعالى أن ينجيه منها ،:
    وهي مسألة الحسد وبقية الذنوب ، وقد بيّن أنَّ الإنسانَ مسؤولٌ أمام الله تعالى ، ومقتضى التديّن أنَّ هناك أموراً يجبُ أن يجتنبها ، ولا شكّ أنَّ اللهَ ينبغي أن يُعبَدَ من حيث هو يُريد ، ولا يمكن للإنسان أن يتصرّف أو يعمل أو ينسب عملاً
    لله تعالى دون دليل أو تشريع فهذا ابتداع مُحرّم ، أو أن يجتنبَ عن أشياء ، ويزعمَ أنّها لا تصح ، من دون دليل فهذا افتراءٌ.
    ولا بُدّ من العلم قبل العمل ، فلا عمل بلا علِم , ومن موارد الخطرِ أن يعمل الإنسان بلا عمل ولا وازع ، أو أن تكون له جرأة على حُرمات اللهِ تبارك وتعالى ، والعياذ بالله.
    ولا بُدّ للإنسان أن يلتفت إلى ما هو فيه من المُباح له من الأشياء أو الممنوع عليه منها.
    قال الإمامُ علي السجّاد ، صلواتُ ربّي وسلامه عليه ، :
    (واجْعَلْ هَوَايَ عِنْدَكَ ، ورِضَايَ فِيمَا يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكَ ، وبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي وفِيمَا خَوَّلْتَنِي وفِيمَا أَنْعَمْتَ بِه عَلَيَّ ، واجْعَلْنِي فِي كُلِّ حَالاتِي مَحْفُوظاً مَكْلُوءاً مَسْتُوراً مَمْنُوعاً مُعَاذاً مُجَاراً).
    :: لا حظوا هذه الفقرة : (واجْعَلْ هَوَايَ عِنْدَكَ ، ورِضَايَ فِيمَا يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكَ ،):-
    إنَّ الهوى هو إرادة النفس ، والإنسان بحسب طبعه تجذبه قوى متعدّدة ، فيعمل صالحاً وسيئاً ، ورغباته النفس كثيرةٌ ، والعوامل التي تشدُّ الإنسان إلى رغباته هي أيضاً كثير ومختلفة في نفس الوقت.
    ومرّ علينا بيان فقرة(هذَا مَقَامُ مَنْ تَدَاوَلَتْه أَيْدِي الذُّنُوبِ ، وقَادَتْه أَزِمَّةُ الْخَطَايَا ، واسْتَحْوَذَ عَلَيْه الشَّيْطَانُ ، فَقَصَّرَ عَمَّا أَمَرْتَ بِه تَفْرِيطاً ، وتَعَاطَى مَا نَهَيْتَ عَنْه تَغْرِيراً)
    فالخطايا والذنوبُ تقودُ الإنسانَ كما تُقادُ الدابة مِن زمامها ، ولكن عندما يُهذّب الإنسانُ نفسَه ويُجاهدها ، وفي الرواية المأثورة : أنَّ جهاد النفس هو الجهاد الأكبر ، لأنَّ الجهاد الأكبر يحتاج إلى مؤونة زائدة , وتعب شديد ،
    بخلاف الجهاد الأصغر – جهاد العدو – على ما فيه من ضرر وآثار ، ولكن الجهاد الأكبر قد يطول ولا يأتي في ساعة وفي يوم ، بل يحتاج إلى فترة طويلة زمنيّاً.
    ثم بعد ذلك هذا المُجاهد لنفسه المُخلص يدعو من اللهِ تعالى أن تكون عاقبة أمر إلى خير.
    وواقعاً أنَّ الإنسان في خطر دائم ، فهو قد يُجاهد نفسه لفترة ولكنه قد ينحرف والعياذ بالله ، .
    وعلى أساس ذلك بيّن الإمام هذا المطلب الخطير (واجْعَلْ هَوَايَ عِنْدَكَ ، ورِضَايَ فِيمَا يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكَ ،):- تحقيقاً لمعنى أن يا ربِّ اجعل إرادة نفسي دائماً معك ،وأنتَ تتصرّف بها بتقديرك لي ما يصلحني وما هو خير لي.
    وهذه العنديّة (واجْعَلْ هَوَايَ عِنْدَكَ) تعني أنَّ إرادة نفسي تصدر منك لا مني.
    وهناك تهمة نُسبت للنبي سليمان ، عليه السلام ، بسبب سوء الفهم ، أنّه قد ألهاه حبّ الخير عن الصلاة ففاتته ، ولمّا التفتَ أخذَ يَقتلُ الخيلَ ، وحيث حكى
    القرآن الكريم في قوله تعالى: (( إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33) )),ص,.
    ولكن هذا فهم غير صحيح ، فالآية الشريفة خلاف ذلك ، بل هي في مقام المدح والثناء للنبي سليمان ،عليه السلام ، .
    والمطلوب أن لا أنقاد لهوى نفسي ، أو أن أخرجَ من إرادة اللهِ ,.
    ثم قال ، عليه السلام: (ورِضَايَ فِيمَا يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكَ ،):- أي ينبغي أن لا يكون رضاي بحسبِ مزاجي ، وأي عمل يردُ منك يا ربِّ أرضى به ، ومقام الرضا
    بما يردُ من اللهِ تعالى محلّه القلب ، وذلك بترك السخط والاعتراض على قضاء اللهِ وقدره سبحانه .
    فلا اعتراض على قضاء اللهِ في داخل أنفسنا ، هكذا يكون الرضا و القبول بما يردُ من الله تعالى .
    وينبغي أن نعلمَ أنَّ اللهَ تعالى هو حكيم ومطّلعٌ ، وهو النافع ، وإذا ما غاب عنّا
    وجه الحكمة فلا ينبغي بنا أن نعترض على أصل الحكمة.
    لأنَّ عقولنا قد تقصرُ عن فَهم ذلك بحسب ظواهر الأشياء , بينما الواقع لا يعلمه
    إلاّ الله عزّ وجل.
    وفي مضمون الروايات في بعض ما كلّم به النبي موسى ، عليه السلام ، ربّه :
    أن كيف ترضى ، فقال( رضاي في رضاك بقضائي): رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ:.
    وثمةَ آياتٍ شريفةِ كثيرة تتحدّث عن مفهوم الرضا عن اللهِ تعالى ورضاه عنّا .
    ومقام الرضا هو أبعد وأعمق من نفس العبادات والالتزام بها كالصلاة والصوم والحج مثلاً ، هو شيء عظيم يكون وراء ذلك كلّه.
    وإنَّ الإنسانَ إذا كان هواه عند الله تعالى ورضاه بما يرد منه فلا يُخاف عليه ،
    لأنّه سيكون في موارد المراقبة والاستحضار ويعرف كيف يتصرّف ويذكر ربه ويطمئن به.
    ولنلاحظ صبر الأنبياء والأئمة ، عليهم السلام ، في تحمّلهم الاساءات التي صدرت ضدهم , وهي أكثر من الإساءة الشخصية وأبعد لأنّها تستهدف دعوتهم لله تعالى وعبادته وتوحيده وطاعته ، ولكنهم صبروا ، وحتى أنَّ القرآن الكريم
    قد خفف عن نبينا الأكرم في قوله تعالى(( فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)))فاطر.
    ومع شدّة الأذى والألم الذي واجهه النبي الأكرم (ص) ولكنه صبر واستمر بدعوته , وكلما ازداد إيمان الإنسان كلما زاد ألمه لما يراه من ابتعاد للناس
    عن اللهِ تعالى والذي هو مصدر الخير والوجود مطلقا.
    وعلى الإنسان أن يستعمل عقله ، وهو جوهرة منحها اللهُ إيّاه ، في تأمّل ما يرد عليه من أمور ، وأن لا يعترض على الله ، والأئمة عليهم السلام ، هم في مقام التعليم والتأديب لنا يُعلّمونا ذلك ،.
    والذي يُجاهد نفسه سيهتدي يقينا لسبل الخير والسعادة في الدنيا والآخرة ، وبتوفيق من الله وعنايته ((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ))(69)العنكبوت,.

    ثُمّ قال ، عليه السلام ،: (وبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي وفِيمَا خَوَّلْتَنِي وفِيمَا أَنْعَمْتَ بِه عَلَيَّ) :-
    الرزق هنا هو أعم من المال ، فقد يشمل الجاه والموقع والعلم والذرية وغيرها , ولكن لتعلّقنا بالمحسوسات ينصرف ذهننا إلى المال المخصوص والمتعارف عندنا ، فنراه مقياساً للرزق.
    وأمّا البركة فهي لفظ عام يعني النماء والزيادة ، وقد يتحقق بكيفية الإنفاق للأموال فتزيد وتنمو ،بحسب موارد استثمارها ، وخاصة إذا ما أودّيت لأهلها ومستحقيها شرعاً بوصف الحقوق , ومن توفيق الله للعبد أن يقضي بها حوائج المساكين والناس المحتاجين إليها ، لأنَّ المال هو مال الله تعالى والعبد مُخوّل فيه بالتصرف والعمل والانفاق ، وإلاّ فالمالك الحقيقي هو الله تعالى ، وهنا نخصّ بالذكر الميسورين ممن وفقهم اللهُ للإنفاق من أجل حفظ البلاد ، وقد لمسوا البركة في ذلك ، وأنّهم قد استجابوا لفتوى المرجعيّة الدينية الشريفة ،وكذلك الفتية من الذين آمنوا بالله وبرسوله ممن دافع عن البلاد والعباد والمقدسات ، هؤلاء هم مصاديق واقعية لمفهوم البركة ، بخلاف من بخل ومنع فستكون عليه أمواله حسرة.
    إذن يتبيّن أنَّ حرص الإمام ، عليه السلام ، هو أن يوصل لنا ما ينفعنا ويصلحنا في علاقتنا مع الله سبحانه ، والتي ينبغي أن تكون وثيقة بكلّ طرقها بالإرادة والمال وبكلّ ما يرد منه تعالى.

    _______________________________________________

    مَضمونُ خطبةِ الجُمعَةِ الأولى والتي ألقاهَا سَماحةُ السيّد أحمد الصافي ,دَامَ عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس
    ,اليوم – الثالث عشر من جمادى الآخرة ,1439 هجري- الثاني من آذار ,2018م.
    _______________________________________________

    : تدوين وتقرير – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –

    - كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ , ونسألَكم الدُعاءَ-
    _______________________________________________

  • #2
    المشاركة الأصلية بواسطة مرتضى علي الحلي 12 مشاهدة المشاركة
    : تدوين وتقرير – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ
    المشاركة الأصلية بواسطة مرتضى علي الحلي 12 مشاهدة المشاركة
    - كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ , ونسألَكم الدُعاءَ-


    الاخ الفاضل مرتضى علي الحلي 12 . احسنتم واجدتم وسلمت اناملكم لتدوينها وكتابتها وتقريرها لهذه الكلمات النورانية من الدعاء المأثور للامام السجاد (ع) . تقبل الله اعمالكم وجعل الله عملكم النافع هذا في ميزان حسناتكم . ودمتم في رعاية الله تعالى وحفظه .

    تعليق


    • #3
      اللهم صل على محمد وال محمد
      احسنتم وبارك الله بكم
      شكرا لكم كثيرا

      تعليق


      • #4
        وأحسنَ اللهُ إليكما , ووفقتم.

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
        x
        يعمل...
        X