(( التنويع في قوافي القصيدة ))
تُعدُ القافية الموحدة من أقدم أنواع القوافي في الشعر العربي وعليها تكون القصيدة
بقافية موحدة من أولها الى آخرها ، وقد يبدأ الشاعر أبيات قصيدته بما يُسمى ( ببيت المصرع )
عند إستهلال القصيدة وهو ( المطلع ) فتكون فيه القافية في نهاية صدر البيت ما هي في نهاية العجز
كما في قول الفرزدق :
يا سائلي أين حلَّ الجود والكرم .... عندي بيانٌ إذا طلّابه قَدِموا
ثم بدأ التنويع في القوافي في العصر العباسي وذلك لشيوع الغناء ، وكثرة مجالسه
فقد أثر الغناء على التجديد في الاوزان الشعرية بصورة عامة وعلى القوافي بصورة خاصة .
ويسمى هذا اللون من التنوع في القوافي :
(( المزدوج ))
وفيه يعتمد الشاعر على تصريع أبيات القصيدة جميعاً ، وظهر هذا اللون بصورة واضحة وجلية
في الاراجيز ، والامثال والحكم والقصص والمنظومات العلمية ، وأبرز رواد هذا اللون هما بشار بن برد
وابو العتاهية ، ولأبي العتاهية أرجوزة من هذا الطراز عدّها اربعة آلاف بيت وسميت :
(( بذات الحكم والامثال )) والتي يقول فيها :
حَسبُكَ، مِمّا تَبتَغيهِ، القُوتُ .... ما أكثرَ القُوتَ لمَنْ يَمُوتُ
الفَقْرُ فيما جاوَزَ الكَفَافَا .... مَنِ اتّقَى اللهَ رَجَا وخافَا
ونظم أبان بن عبد الحميد اللاحقي كتاب (كليلة ودمنة) ترجمة إبن المقفع بهذا الاسلوب أيضاً
ويدخل في هذا اللون ( ملحة الاعراب في قواعد الاعراب ) للحريري ، ومزدوجة لاحمد شوقي بعنوان :
( رسالة الناشئة ) والتي يقول فيها :
كلُّ حيّ ما خلا الله يموتُ .... فإترك الكبر له والجبروت
وأرح جنبك من داء الحسد .... كم حسودٍ قد توفاه الكمد
إذا أُغضبتَ فأغضب لعظيمْ .... شرفٌ قد مُسَّاو عرضٍ كريمْ
وتجنب في الصغيرات الغضب ... إنَّه كالنار والرشد الحطب
وهكذا نجد ان القافية التي وضعت في القصيدة الموحدة القافية لتفصل بين بيت وبيت اصبحت
في المزدوج تفصل بين شطرٍ وشطر .
تعليق