قصة نبينا سليمان عليه وعلى نبينا أفضل الصلوات والتسليم
والتي لها ظلال وانعكاسات متعددة الجوانب في مجالات الإدارة،
الدروس والعبرالإدارية:
الدرس الأول: يقظة قائد
ويتجلى هذا الدرس الأول في أول ما يطالعنا من موقف سليمان عليهالسلام حينما يروي القرآن على لسانه﴿مَا لِي لا أَرَىالْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنْ الْغَائِبِينَ﴾(النمل: من الآية 20)، وذلك بعدأن تفقَّد الطير وتفحَّص عمَّن فيه، كما ذكر القرآن﴿وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ﴾(النمل: من الآية 20)، وهذا يدلُّ علىأن القائد لا بد أن يكون يقظًا ومنتبهًا لمن معه، من التفقد والتعرف عليهم وعلىأحوالهم والإحساس بهم والشعور بمن يغيب أو يحضر منهم؛ خاصةً أولئك الذين يلونهمباشرةً.
الدرس الثاني: العقاب المتدرِّج على قدرالخطأ
لا شك أن قضية الثواب والعقاب لها في الإدارة مجال ودوركبير، ويمارسها المديرون بمذاهب شتَّى؛ فمنهم من يرفع سيف العقاب والردع والتخويف على طول الخط، ومنهم من يغمده على طول الخط، وحار الناس بين هذا وذاك، ولكننا نرىفي هذه القصة كيف أن سليمان عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم قد أخذ بمبدأالعقاب ابتداءً؛ باعتباره حافزًا سلبيًّا، ولكننا نراه قد تضمَّن أعلى درجاتالموضوعية والعدل والحكمة، ويبدو ذلك في الآتي:
1- أنه لم يترك الأمر فوضى، ليفعل كل فرد ما يحلو له دون حساب أو مساءلة وعقاب.
2- أنه لم يبدأ في إعلان العقاب المنتظر إلا بعد أن تأكدفعلاً من غياب الهدهد
3- تراوح العقاب المعلن والمنتظر بين درجات ثلاث: أشدُّهاوأقصاها ذبحه، وأقلها تعذيبه عذابًا شديدًا، ولا ينجيه من أحدهما إلا أن يكون لديه حجة بينة واضحة ويقينية وغير ملفَّقة أو مدبَّرة.
4: الفصل التام بين الشخص والخطأ، والتزام الموضوعية التامةفي ذلك، والتعامل معه على أنه بريء إلى أن تثبت إدانته، وإعطاؤه فرصة تامة لإبداءحججه والدفاع عن نفسه وتوضيح موقفه.. وهذا ما يظهر من موقف الهدهد حين قال لسليمان عليه السلام بعد أن اقترب منه: ﴿أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ﴾(النمل: من الآية 22)
ولا يمكن أن يجرؤ على مثل هذا القول،ولا يقف مثل هذا الموقف شديد القرب من القائد﴿فَمَكَثَ غَيْرَبَعِيدٍ﴾(النمل: من الآية 22)، إلا إذا كان لا يزال يعامَل معاملة البريء،وينظر إليه من منطلق الفصل بين الشخص والمشكلة التي يمكن أن تنشأ عنه.