اللهم صل على محمد وآل محمد
الَّذِي لَا يُدْرِكُهُ بُعْدُ الْهِمَمِ، وَ لَا يَنَالُهُ غَوْصُ الْفِطَنِ، الَّذِي لَيْسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحْدُودٌ، وَ لَا نَعْتٌ مَوْجُودٌ، وَ لَا وَقْتٌ مَعْدُودٌ، ولا أجل ممدود. أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ، وَ كَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدِيقُ بِهِ، وَ كَمَالُ التَّصْدِيقِ بِهِ تَوْحِيدُهُ، وَ كَمَالُ تَوْحِيدِهِ الْإِخْلَاصُ لَهُ، وَ كَمَالُ الْإِخْلَاصِ لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ، لِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّهَا غَيْرُ الْمَوْصُوفِ، وَ شَهَادَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ: فَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَقَدْ قَرَنَهُ، وَ مَنْ قَرَنَهُ فَقَدْ ثَنَّاهُ، وَ مَنْ ثَنَّاهُ فَقَدْ جَزَّأَهُ، وَ مَنْ جَزَّأَهُ فَقَدْ جَهِلَهُ، وَ مَنْ جَهِلَهُ فَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ، وَ مَنْ أَشَارَ إِلَيْهِ فَقَدْ حَدَّهُ، وَ مَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ. وَ مَنْ قَالَ «فِيمَ» فَقَدْ ضَمَّنَهُ، وَ مَنْ قَالَ «عَلَامَ» فَقَدْ أَخْلَى مِنْهُ.
كَائِنٌ لَا عَنْ حَدَثٍ، مَوْجُودٌ لَا عَنْ عَدَمٍ. مَعَ كُلِّ شَيْءٍ لَا بِمُقَارَنَةٍ وَ غَيْرُ كُلِّ شَيْءٍ لَا بِمُزَايَلَةٍ، فَاعِلٌ لَا بِمَعْنَى الْحَرَكَاتِ وَ الْآلَةِ بَصِيرٌ إِذْ لَا مَنْظُورَ إِلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ. لَا يَتَوَهَّمُونَ رَبَّهُمْ بِالتَّصْوِيرِ. وَ لَا يُجْرُونَ عَلَيْهِ صِفَاتِ الْمَصْنُوعِينَ،وَ لَا يَحُدُّونَهُ بِالْأَمَاكِنِ، وَ لَا يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالنَّظَائِرِ. فَطَرَ الْخَلَائِقَ بِقُدْرَتِهِ، وَ نَشَرَ الرِّيَاحَ بِرَحْمَتِهِ، وَ وَتَّدَ بِالصُّخُورِ مَيَدَانَ أَرْضِهِ.
-----------
نهج البلاغة
تعليق