|
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
هكذا قم... هكذا كن مع الحجة
تقليص
X
-
هكذا قم... هكذا كن مع الحجة
الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
- اقتباس
-
عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام: "اللهم عرّفني نفسك فإنّك إنّ لم تعرّفني نفسك لم أعرف نبيّك، اللّهم عرّفني رسولك فإنّك إن لم تعرّفني رسولك لم أعرف حجّتك، اللهم عرّفني حجّتك فإنّك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني".19
إنّ هذا الدعاء يتحدّث عن أول واجبات العلاقة مع الإمام الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف المقدم على كلّ واجب منها، ألا وهو معرفة الإمام التي لا تكون إلا بتوفيق وتيسير من
الله، وبتوسّط معرفة الله ورسوله.25
"لولا الحجّة لساخت الأرض بأهلها".20
إن أي علاقة مع الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف إنّما تختلف بعمقها وسموها بحسب نوع المعرفة وعمقها ودرجتها.
"من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية".21
والواجب أن تكون علاقتنا به علاقة مأموم بإمام يرجع إليه في كل تفاصيل حياته، وهناك آداب ذكرتها الروايات الشريفة، سنقتصر على ذكر ثلّة منها وهي:
1- مؤاساته في غيبته تألّماً وبكاءً واشتياقاً لرؤيته:26
وهذه الآداب ممّا تواترت بها الروايات والأدعية والزيارات عن أئمّة الهدى.
والتي تؤكد في النفس شدّة تألّمه هو نفسه من طول غيبته وغربته، الموجبة لتألّم وتحرّق محبّيه مؤاساتاً له، فمن دعاء الندبة نقرأ:
"عزيز عليّ أن تحيط بك دوني البلوى، ولا ينالك منّي ضجيج ولا شكوى".22
وهذا يومئ إلى ضرورة تأصيل ليس فقط الحرق والغصة والألم لفراقه وطول غيابه، بل المشاركة له في تحمّله ألم الفراق، لأنّه أشدّ شوقاً إلى الإياب من غيبته من أيّ مشتاق آخر، ولذا هو
أشدّ ألماً من أيّ متألّم آخر، ويفترض أن تكون هذه الشكوى وهذا الألم والبكاء بشكل جماعيّ ومشترك:27
"... هل من معين فأطيل معه العويل والبكاء، هل من جزوع فأساعد جزعه إذا خلا، هل قذيت عين فساعدتها عيني على القذى".23
ولقد كان أئمّة أهل البيت يتحرقون شوقاً إليه، ويتألّمون من غيبته فهذا أمير المؤمنين علي عليه السلام يؤمئ إلى صدره قائلاً: "هاه" من شدة شوقه إلى رؤيته، وهذا صادق أهل البيت عليهم السلام يناديه ملتاعاً متألّماً:"سيدي غيبتك نفت رقادي، وضيقت عليّ مهادي، وابتزّت منّي راحة فؤادي، سيدي غيبتك
أوصلت مصابي بفجائع الأبد، فقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد، فما أحس بدمعة ترقى من عيني وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا...".2428
فإذا كان هذا حال أئمّة الهدى فما بالنا لا نردّد بالقلب قبل اللسان:
"اللهم أرني الطلعة الرشيدة والغرّة الحميدة واكحل ناظري بنظرة منّي إليه...".25ولعلّنا نستطيع أن نعد من آيات الشوق لرؤية طلعته البهيّة في دعاء الندبة أكثر من ثلاثين فقرة ينادي بها الدعاء أين... أين... أين.
وفيه:29
"... بنفسي أنت أمنية شائق يتمنى، من مؤمن ومؤمنة ذكرا حنا".26
"هل إليك يا بن أحمد سبيل فتلقى".27
2- الصلاة عليه والدعاء له بالفرج
وهذا أيضاً ممّا تمتلئ به نصوص العترة الطاهرة على اختلافها فمن دعاء الافتتاح:
"اللهم وصلّ على وليّ أمرك القائم المؤمّل والعدل المنتظر...".28
والدعاء نفسه أيضاً فيه فقرات عظيمة من الدعاء بفرجه.
وفي غير دعاء الافتتاح نقرأ30
"وصلّ على الخلف الصالح الهادي المهدي... اللّهم وصلّ على وليّك المحيي سنّتك القائم بأمرك الداعي إليك والدليل عليك...".29
3- التوسل به في المهمات وطلب الحوائج
إنّ الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف هو وليّ الله في أرضه، وعين الله في خلقه، وهو باب الله الذي ورد في دعاء الندبة: "... أين باب الله الذي منه يؤتى، أين وجه الله الذي إليه يتوجه الأولياء، أين السبب المتّصل بين أهل الأرض والسماء...".30وقد ورد أيضاً عن الإمام الرضا عليه السلام: "إذا نزلت بكم شدّة فاستعينوا بنا على الله عزَّ وجلَّ".
ولقد كانت سيرة العلماء والعرفاء أنّهم إذا أهمّهم
أمر ونزلت بهم حاجة أو ضائقة توسلوا بأهل بيت العصمة عليهم السلام، لا سيما حجّة الله عجل الله تعالى فرجه الشريف لطلب الفرج.ونذكر في هذا الاطار حادثة: "في أثناء حرب عناقيد الغضب التي شنّها الصهاينة على المقاومة الإسلاميّة وبعد تفاقم الأمور واشتدادها وشعور الإمام الخامنئي بالخطر الشديد قام} بالانتقال في إحدى الليالي تلك من مقر إقامته في طهران إلى مسجد جمكران، بالقرب من قم المقدسة، وأخذ يصلّي ليلتها ويتوسل إلى الله بالإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف ليحفظ وينصر المقاومة، فلم يتأخر الأمر الإلهي بفضل الله والطاف صاحب العصر والزمان".31
فهذا الإمام القائد يقطع المسافات ليصلّي وليتوسّل بالإمام في الأمور الخطيرة والمهمّة، فما بالنا لا نتأسى به.وقد ورد عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام هذا التوسل:
"اللهم إنّي أسألك بحقّ وليّك وحجّتك صاحب الزمان إلا أعنتني به على جميع أموري...".3132
4- السعي والتشوق للتشرف بخدمته
ولعل ذلك من أفضل الأعمال، بل إنّ التشرّف بخدمته عليه السلام هو مقام وأيّ مقام، من خلال نشر معرفته والإيمان به وبحتميّة ظهوره والتمهيد والتوطئة له وإعداد النفس والناس لنصرته، وهذا المقام من الشرف والعظمة بحيث يتمنى الإمام الصادق عليهم السلام أن يناله فقد أجاب ردّاً على من سأله عن ولادة القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف .
"لا، ولو أدركته لخدمته مدّة حياتي".32
إنَّ الإمام الصادق عليه السلام يطمح ويتمنّى ويرجو خدمة الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف خدمة تستغرق حياته الشريفة، وكأنها عبادة لا تقاربها عبادة فضلاً وشرفاً، فماذا يبقى لأمثالنا أن يتمنى...33
5- الشكوى إليه والاستعانة به على قضاء الحوائج
ورد في ذلك صلاة خاصة تسمى صلاة الاستغاثة بالحجة.وهذه عادة المؤمنين على طول عهد الأئمة عليه السلام أن يرجعوا إليهم في ما يعتريهم من مهمات الأمور حيث كانوا يبثونهم شكاواهم مشافهة أو عبر الكتب.
كتب رجل إلى أبي الحسن عليه السلام: إنّ الرجل يحبّ أن يفضي إلى إمامه ما يحب أن يفضي به إلى ربّه قال الرجل: فكتب عليه السلام: "إذا كانت لك حاجة
فحرّك شفتيك فإنّ الجواب يأتيك".3334
6- إعداد النفس واصلاحها
وإعداد النفس له عجل الله تعالى فرجه الشريف يشمل تهذيبها وتكميلها بترك المحرّمات والإقبال على الطاعات والتحلّي بالأخلاق الحميدة، كما يشمل الاستعداد البدني والتجهّز لنصرته، فقد ورد أنه عليه السلام يطّلع على أعمال شيعته كل اثنين وخميس... فماذا سيكون موقفنا إذا ما كان فيما يرفع من أعمالنا ما يؤذيه ويسيئه، وأيّ حزن سندخله على قلبه الشريف إذا ما خيّبنا أمله فينا بسبب سوء أعمالنا ألا تكفيه غربته همّاً حتى نزيد همّه.
وقد ورد في التوقيع الشريف الصادر منه إلى الشيخ المفيد:
"... فما يحبسنا عنهم إلا ما يتّصل بنا ممّا نكرهه، ولا نؤثره منهم والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل".34يا الله... الإمام يستعين بالله على مصابه بانحراف شيعته وارتكابهم الذنوب، ولعلها أسهم مسمومة تصيب قلبه الشريف. فيا أيّها العزيز أنت بالخيار بين أن ترمي إلى قلب الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف - والعياذ بالله- سهماً، أو أن تدخل في هذا القلب فرحة!!!فعن صادق أهل البيت عليه السلام: "من سرّه أن يكون من أصحاب القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف: فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق...".3535
وفي الشأن الثاني من الإعداد أي الإعداد الجهادي فهذا يتضمّن مراتب من الجهوزيّة النفسيّة
والبدنيّة والتنظيميّة، فما أروع ما ينقل لنا التاريخ من أن بعض الشيعة لشدّة يقينهم وشوقهم لرؤيته كانوا ينامون وسيوفهم تحت مضاجعهم... وقد روي كذلك في الإعداد النفسي عن الإمام الصادق عليه السلام:36
"أنّ القائل منكم إذا قال: "إن أدركت قائم آل محمد نصرته"، كالمقارع معه بسيفه والشهادة معه شهادتان".36بل إنّ للشوق لنصرته مرتبة أرقى تشمل حتى ما بعد الموت:
"فأخرجني من قبري مؤتزراً كفني شاهراً سيفي مجرّداً قناتي ملبّياً دعوة الداعي في الحاضر والبادي".37
خاتمة:37
في روح العلاقة معه عجل الله تعالى فرجه الشريف
إنّ المستحبّات التي ذكرتها الكتب المختصة حول آداب العلاقة مع الإمام القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف أكثر بكثير مما مرَّّ، لكن ما يستوقف المتأمّل لهذه الآداب من أدعية وصلوات وزيارات وغير ذلك هو: أنّها تفرض العلاقة على أنّها مع شخص بعينه (فلان بن فلان) موجود وليس حالة أو مشروع أو فكرة ما، فهو بالاسم ابن الإمام العسكريّ عليه السلام معروف تاريخ ولادته وغيبته وهي علاقة مع حيّ يسمع ويرى ويعمل ويعبد ويقرا وينادي... "السلام عليك حين تقوم... حين تقعد... حين تقرأ.... حين تبين.... الخ".38
ولذا فإن روح العلاقة هو أن تؤمن بحضوره
ومخاطبته كحيّ حاضر وشخص ولعلّ ما يستوقف المتأمّل أيضاً في دعاء الندبة:38
"... بنفسي أنت من مغيّب لم يخل منّا، بنفسي أنت من نازح ما نزح عنّا...".39
فمن الغائب يا ترى؟! ومن المنتظر يا ترى...
نحن الغائبون وهو المنتظر.
"أنا بقية الله في أرضه، والمنتقم من أعدائه، فلا تطلب أثراً بعد عين يا (أحمد ابن إسحاق)".40
والحمد لله ربّ العالمين39
- اقتباس
- تعليق
تعليق