إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اساليب معاوية في توطيد حكمه: الارهاب والتجويع

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اساليب معاوية في توطيد حكمه: الارهاب والتجويع

    اساليب معاوية في توطيد حكمه:
    قدمنا في مقالة سابقة بعنوان (نظرة في أهم اهداقف الحسين الاصلاحية) أن أهم اهدافه عليه السلام هو بث روح المقاومة والاعتراض على الباطل والتي ماتت بسبب سياسة الخلفاء الثلاثة ومن بعدهم معاوية الا ان الأخير لعنه الله تميز باسليب فضيعة أدت الى هذه النتيجة، وفيما يلي أهم السياسات التي اتبعها لتحقيق هدفه وهو القضاء على روح المقاومة لدى المسلمين:
    ولقد كانت هذه السياسة تقوم على مبادئ ثلاثة:
    1. الارهاب والتجويع.
    2. إحياء النزعة القبلية واستغلالها.
    3. وضع نصوص دينية لشل الروح الثورية.

    ومن خلال هذه الأمور حاول معاوية ومن قبله من حكام الجور القضاء على روح المسؤولية الدينية عند المسلمين، والتي كانت تشكل خطراً كبيراً يهدد عروشهم. لذا من المهم دراسة كل واحد من هذه المبادئ بشيء من التفصيل:
    حدث سفيان بن عوف الغامدي، وهو احد قادة معاوية قال: دعاني معاوية فقال: إني باعثك بجيش كثيف ذي أداة وجلادة، فالزم لي جانب الفرات حتى تمر بهيت فتقطعها، فإن وجدت بها جنداً فأغر عليهم، وإلا فامض حتى تغير على الانبار.
    إن هذه الغارات يا سفيان على اهل العراق ترعب قلوبهم وتفرح كل من له هوى فينا منهم، وتدعو الينا كل من خاف الدوائر، فاقتل كل من لقيته ممن هو ليس على مثل رأيك، واخرب كل ما مرت به من القرى، وأحرب الأموال؛ فإن حرب الأموال شبيه بالقتل، وهو أوجع للقلب ([1]).
    ودعا معاوية بالضحاك بن قيس الفهري، وأمره بالتوجه ناجية الكوفة، وقال له: من وجدته من الاعراب في طاعة علي فأغر عليه.
    فأقبل الضحاك فنهب الأموال، وقتل من لقي من الأعراب ([2]).
    واستدعى معاوية بسر بن أرطأة ووجهه الى الحجاز واليمن، قوال له: سر حتى تمر بالمدينة فاطرد الناس، وأخف من مررت به، وانهب أموال كل من أصبت له مالاً ممن لم يكن دخل في طاعتنا، فإذا دخلت المدينة فأرهم أنك تريد أنفسهم، وأخبرهم ان لا براءة لهم عندك ولا عذر حتى إذا ظنوا أنك موقع بهم فاكفف عنهم... وأرهب الناس عنك فيما بين المدينة ومكة واجعلها شردات ([3]).
    وقال له: لا تنزل على بلد أهله على طاعة علي إلا بسطت عليهم لسانك حتى يروا انهم لا نجاء لكم ، وأنك محيط بهم، ثم اكفف عنهم وادعهم الى البيعة لي، فمن أبى فاقتله، واقتل شيعة علي حيث كانوا، فسار وأغار على المدينة ومكة، فقتل ثلاثين الفاً عدا من احرق بالنار ([4]).
    وقد استمر على هذه السياسة بعد استشهاد امير المؤمنين 8 ولكنها اذ ذاك اخذت شكلا اكثر تنظيما وعنفا وشمولا، وقد نص المؤرخون على ان هذا الارهاب بلغ حدا جعل الرجل يفضل ان يقال عنه زنديق او كافر ولا يقال عنه انه من شيعة علي، وقد بلغ بهم الحال أنهم كانوا يخافون من النطق باسمه حتى فيما يتعلق بأحكام الدين التي لا ترجع الى الفضائل التي كان الامويين يخشون شيوعها فكانوا يقولون روى ايو زينب ([5]).
    وقال ابو حنيفة: ان بني أمية كانوا لا يفتون بقول علي ولا يأخذون به، وكان علي لا يذكر في ذلك باسمه. وكانت العلامة باسمه بين المشايخ ان يقولوا: قال الشيخ([6]).
    وكتب معاوية نسخة واحدة الى عماله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمة ممن روى شيئاً من فضل ابي تراب وأهل بيته، فقامت الخطباء في كل كورة، وعلى كل منبر يلعنون علياً، ويبرؤون منه، ويقعون في اهل بيته([7]).
    وكان أشد الناس بلاءً حينئذ اهل الكوفة، لكثرة من فيها من محبي أهل البيت، فاستعمل عليهم زياد بن سمية وضم اليه البصرة، فكان يتتبع الشيعة فقتلهم تحت كل حجر ومدر فأخافهم، وقطع الايدي والارجل وسمل العيون وصلبهم على جذوع النخل، وطردهم وشردهم عن العراق فلم يبق فيها معروف منهم.
    وكتب معاوية الى عماله في جميع الافاق، الا يجيزوا لأحد من شيعة علي واهل بيته شهادة. ثم كتب الى عماله نسخة واحدة الى جميع البلدان: انظروا الى من قامت عليه البينة انه يحب علياً واهل بيته فامحوه من الديوان، واسقطوا عطائه ورزقه. وشفع ذلك بنسخة اخرى: من اتهمتوه بموالاة هؤلاء القوم فنكلوا به واهتموا داره.
    فلم يكن البلاء اشد ولا اكثر منه في العراق، ولا سيما بالكوفة، حتى ان الرجل من شيعة علي 8 ليأتيه من يثق به فيدخل بيته فيلقي اليه سره، ويخاف من خادمه ومملوكه، ولا يحدثه حتى يأخذ عليه الايمان الغليظة ليكتمن عليه.. فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي % فازداد البلاء والفتنة، فلم يبق أحد من هذا القبيل الا وهو خائف على دمه، او طريد في الارض([8]).
    واجمل الباقر 8 الوضع يومئذ بقوله: وقتلت شيعتنا في كل بلدة، وقطعت الايدي والارجل على الظنة، وكل من يذكر بحبنا والانقطاع إلينا سجن او نهب ماله، او هدمت داره، ثم لم يزل البلاء يشتد ويزداد الى زمان عبيد الله بن زياد قاتل الحسين 8([9]).
    وقد طبق ولاة معاوية على العراق هذه السياسة بوحشية لا توصف؛ فقد استعمل زياد بن ابيه سمرة بن جندب على البصرة فاسرف هذا السفاح في القتل اسرافا لا حدود له، فهذا انس بن سيرين يقول لمن سأله، هل كان سمرة قتل احدا؟ وهل يحصى من قتل سمرة بن جندب؟ استخلفه زياد على البصرة وأتى الكوفة، فجاء وقد قتل ثمانية الآف من الناس، فقال له ـ يعني زياد ـ : هل تخاف ان قتلت احدا بريئا؟ فرد عليه قائلا: لو قتلت اليهم مثلهم ماخشيت([10]).
    وقال ابو سوار العدوي: قتل سمرة من قومي في غداة سبعة واربعين رجلا قد جمع القرآن([11]).
    وسبى نساء همدان ـ وكانوا من شيعة علي ـ وأقمن في الاسواق، فكن أول مسلمات أُشترين في الاسلام([12]).
    وقد فعل كل ذلك لدعم ملك معاوية حتى انه قال: لعن الله معاوية! والله لو اطعت الله كما اطعت معاوية ما عذبني ابدا([13]).
    أما زياد بن سمية فكان يجمع الناس بباب قصره يحرضهم على لعن
    أما زياد بن سمية فكان يجمع الناس بباب قصره يحرضهم على لعن علي، فمن أبى عرضهم على السيف([14]).
    فهذا ابن الاثير يحكي لنا انه قطع أيدي ثمانين او ثلاثين رجلا من اهل الكوفة([15]).
    وقد نوى في اخر ايامه ان يعرض اهل الكوفة اجمعين على البراءة من علي ولعنه، وأن يقتل كل من أمتنع من ذلك ويخرب منزله، ولكنه مات قبل ان ينفذ هذه الفكرة([16]).
    هذا بالإضافة الى سياسة الترحيل والتشريد التي قد بها الى اضعاف المعارضة في العراق فقد انزل من الكوفيين واسرهم وكانوا اعظم الثوار تشيعا خمسين الفا خراسان([17]).
    هذا عرض موجز للسياسة التي تتناول حياة الناس وأمنهم، واما السياسة التي تتناول ارزاق الناس وموارد عيشهم فلا تقل قتامة عن سابقتها.


    ([1]) الغارات: ج1، ص349، امالي الشيخ المفيد: ص146.

    ([2]) أسد الغابة: ج3، ص36، تاريخ الطبري: ج6، ص78، تهذيب بن عساكر: ج7، ص4.

    ([3]) الغارات: ج2، ص600.

    ([4]) شرح النهج: تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم، ج2، ص116.

    ([5]) شرح النهج: تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم، 72.

    ([6]) مناقب ابي حنيفة: للمكي: ج1، ص117.

    ([7]) شواهد التنزيل: 459، فرائد السمطين: باب 31، حديث رقم 117، تاريخ مدينة دمشق: 2/ 348.

    ([8]) شرح النهج: تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم، 46.

    ([9]) شرح النهج: تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم، 11/ 44.

    ([10]) تاريخ الطبري: ج6، ص132.

    ([11]) تاريخ الطبري: ج6، ص132.

    ([12]) الاستيعاب: ج1، ص165.

    ([13]) الكامل في التاريخ لابن الاثير: ج3، ص213.

    ([14]) مروج الذهب: ج3، ص35.

    ([15]) الكامل في التاريخ لابن الاثير: ج3، ص73.

    ([16]) مروج الذهب: ج3، ص35.

    ([17]) تاريخ الشعوب الاسلامية بروكلمان: ج1، ص128.




  • #2
    أستاذي الفاضل محب الإمام علي . أحسنتم وأجدتم وسلمت أناملكم على هذه المقالة الرائعة التي كشفتم فيها الحقائق التاريخية عن سياسة معاوية بن أبي سفيان - لعنه الله - الإجرامية . جعل الله عملكم هذا في ميزان حسناتكم . ودمتم في رعاية الله تعالى وحفظه .

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X