إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اساليب معاوية في توطيد حكمه: التحذير باسم الدين وشلّ الروح الثورية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اساليب معاوية في توطيد حكمه: التحذير باسم الدين وشلّ الروح الثورية



    المأخذ الدائم الذي يؤخذ على الاُمويين هو أنّهم كانوا ُاصولاً وفروعاً أخطر أعداء النبي صّلى الله عليه وآله ، وأّنهم «اعتنقوا الإسلام في آخر ساعة مرغمين ، ثم أفلحوا في أن يحولوا إلى أنفسهم ثمرة حكم الدين أولاً بضعف عثمان ، ثم بحسن استخدام نتائج قتله ، هذا وأصلهم يفقدهم مزية زعامة ُامة محمد (صّلى الله عليه وآله) .
    ومن المحن التي بلي بها حكم الدين أّنهم أصبحوا قائمين عليه ، مع أّنهم كانوا ومافتئوا مغتصبين لسلطانه ، وقوتهم في جيشهم الذي هو على قدم الاستعداد في الشام ، ولكن قوتهم لا يمكن أن تُصبح حّقاً.
    بهذه المشاعر ونظائرها واجه المسلمون الحكم الاُموي ، وقد أراد معاوية أن يتغّلب على هذا الشعور العام بسلاح الدين نفسه ، كما أراد التوصل إلى تحطيم ما لأعدائه من سلطان روحي على المسلمين عن هذا الطريق أيضاً ، وقد برع في الميدان كلّ البراعة ، وواتته الظروف عليه فبلغ منه أقصى ما يرجو.

    وقد حفظ لنا التأريخ بعض الأسماء البارزة من أعوان معاوية في هذا اللون من النشاط .
    قال ابن أبي الحديد: ذكر شيخنا أبو جعفر الإسكافي إن معاوية وضع قوماً من الصحابة ، وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي (عليه السلام) تقتضي الطعن فيه والبراءة منه ، وجعل لهم على ذلك جعلاً يرغب في مثله ، فاختلقوا ما أرضاه . منهم ؛ أبو هريرة ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومن التابعين عروة بن الزبير .
    وقد استعمل معاوية هؤلاء الأشخاص في سبيل إيجاد تبرير ديني لسلطان بني ُامية ، أو على الأقل لكبح الجماهير عن الثورة برادع داخلي هو الدين نفسه ، يعمل مع الروادع الخارجية : التجويع ، والإرهاب ، والانشقاق القبلي.
    هذا بالإضافة إلى مهمة أساسية أخرى ألقاها معاوية على عاتق هؤلاء الأشخاص ، وهي اختلاق الأحاديث التي تتضمن الطعن في علي عليه السلام وأهل بيته ، ونسبتها إلى النبي (صّلى الله عليه وآله).
    ويوضح لنا النص الآتي مدى اّتساع الشبكة التي كونها معاوية ، ومدى تجاوبها مع رغباته : كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة:
    أن برئت الذمة ممن روى شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته . فقامت الخطباء في كلّ كورة وعلى كلّ منبر يلعنون علياً ، ويبرؤون منه ، ويقعون فيه وفي أهل بيته.
    فقامت الخطباء في كلّ كورة وعلى كلّ منبر يلعنون علياً ويبرءون منه ... وكتب إلى عماله أن لا تقبلوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة.
    وكتب اليهم ايضا: أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه ، والذين يروون فضائله ومناقبه فادنوا مجالسهم ، وقربوهم وأكرموهم ، واكتبوا إلي بكلّ ما يروي كلّ رجل منهم ، واسمه ، واسم أبيه ، وعشيرته.
    ففعلوا ذلك حّتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه ؛ لِما كان يبعثه معاوية إليهم من الصلات ، والكساء ، والحباء ، والقطائع ، ويفيضه في العرب منهم والموالي ، فكثُر ذلك في كلّ مصر ، وتنافسوا في المنازل والدنيا ، فليس يجيء أحد مردود من الناس عاملاً من عمال معاوية فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إ ّ لا كتب اسمه وقربه وشّفعه ، فلبثوا بذلك حيناً.
    ثم كتب إلى عماله أن الحديث في عثمان قد كثُر ، وفشا في كلّ مصر ، وفي كلّ وجه وناحية ، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين ، ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلاّ وتأتوني بمناقض له في الصحابة ؛ فإن هذا أحب إلي ، وأقر لعيني ، وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته.
    فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها ، وجد الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حّتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر ، وأُلقي إلى معلمي الكتاتيب ، فعّلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع حّتى رووه وتعّلموه كما يتعّلمون القرآن ، وحتى عّلموا بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم.
    فلبثوا بذلك ما شاء الله ، فظهر حديث كثير موضوع وبهتان منتشر ، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة ، وكان أعظم الناس في ذلك بلية القُراء المراؤون ، والمستضعفون الذين يظهرون الخشوع والنسك فيفتعلون الأحاديث ؛ ليحظوا بذلك عند ولاتهم ، ويقربوا مجالسهم ، ويصيبوا به الأموال والضياع والمنازل ... فلم يزل الأمر كذلك حّتى مات الحسن بن علي عليه السلام فازداد البلاء والفتنة.
    وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم في تاريخه ما يناسب هذا الخبر ، وقال إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني ُامية ؛ تقرباً إليهم بما يظنّون أّنهم يرغمون به أنوف بني هاشم.

  • #2
    أستاذي الفاضل محب الإمام علي . أحسنتم وأجدتم وسلمت أناملكم على هذه المقالات المتسلسلة الرائعة التي كشفتم فيها الحقائق التاريخية عن سياسة معاوية بن أبي سفيان - لعنه الله - الإجرامية بحق أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم . جعل الله عملكم هذا في ميزان حسناتكم . ودمتم في رعاية الله تعالى وحفظه .

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X