إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التحليل النفسي لأهل الكوفة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التحليل النفسي لأهل الكوفة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    يمكن بشكلٍ عام أن نذكر الخصائص النفسية لغالبية المجتمع الكوفي ، والتي كان لها دور في الفشل
    الظاهري لثورة الإمام الحسين عليه السلام ، كالتالي :
    أ ولاً : عدم تقبلهم للنظام
    كانت القبائل البدوية الساكنة في الصحراء تشكل النواة الرئيسة لمدينة الكوفة ، وقد شاركت لأسباب مختلفة في الفتوح الإسلامية ، ثم اّتجهت من حياة البداوة والترحال إلى السكن في المدن ، ولكّنهم مع ذلك لم يفقدوا طبيعتهم البدوية . ومن صفات الساكنين في الصحراء ، تمّتعهم بحرية لا حد لها في الصحاري ؛
    ولذلك فقد عمدوا منذ البدء إلى التنازع مع ُامرائهم ، بحيث ضاق الخليفة الثاني ذرعاً بهم وشكى منهم
    قائلاً : وأي نائبٍ أعظم من مئة ألف لا يرضون عن أمير ولا يرضى عنهم أمير . ([1]) ويمكن القول : إن مثل هذا المجتمع لا يحتمل الأمير العادل والمتحرر الفكر ، فهذا المجتمع يستغلّ مثل هؤلاء الاُمراء ويهب
    لمعارضتهم ولا يطيع أوامرهم ، ونحن نشاهد نماذج هذه الإمارات في سلوك أهل الكوفة مع الإمام علي عليه السلام، والأمير الذي يليق لهذا المجتمع هو أمير مثل زياد بن ابيه يجبرهم على الطاعة بالعنف والظلم . ([2])
    ثانياً : حب الدنيا
    رغم أن الكثير من مسلمي صدر الإسلام شاركوا في الفتوح الإسلامية بنوايا خالصة ومن أجل كسب مرضاة الخالق ، ولكن الأشخاص والقبائل الذين كانوا يشاركون في هذه الحروب بهدف الحصول
    على الغنائم الحربية لم يكونوا بالقليلين ، فلم يكونوا مستعدين للتخّلي عن دنياهم بعد إقامتهم في الكوفة ،
    وكانوا يتراجعون بمجرد أن يشعروا بأن الخطر يهدد دنياهم ، وعلى العكس من ذلك ، فإّنهم كانوا يدخلون فوراً في كلّ أمر يدر عليهم الفوائد . والشاهد الصادق على ذلك مشاركة أهل الكوفة في معركتي الجمل وصّفين ، ففي معركة الجمل حينما سار الإمام علي عليه السلام من المدينة باّتجاه العراق عام 36 للهجرة لمواجهة المتمردين المتواجدين في البصرة ، طلب المساعدة من الكوفيين ، ولكن الكوفيين الذين كانوا يرون أن حكومة علي عليه السلام مازالت فتية ، وكانوا يشعرون بالقلق إزاء مصير الحرب ، خاصة وأن جيش البصرة كان يتفوق عدداً ، سعوا لأن يتمّلصوا من هذه الدعوة ، وبعد الإعلام والتشجيع الواسع النطاق لم يشارك أخيراً في هذه الحرب سوى اثني عشر ألفاً ، أي حوالي 10 % من القادرين على القتال في الكوفة ([3]) ، وبعد نهاية الحرب ، كان من جملة اعتراضات نخبهم وخواصهم ، عدم تقسيم الغنائم من قبل علي عليه السلام . ([4]) وأما في معركة صّفين فقد أظهر أهل الكوفة رغبة أكبر في المشاركة ، بعد أن رأوا حكومة علي عليه السلام قد التأم شملها ، وبعد أن كان يحدوهم أمل كبير في الانتصار ، بحيث ذكرت المصادر أن عدد جنوده عليه السلام في هذه المعركة بلغ ما بين 65 إلى 120 ألف مقاتل. ([5]) وكان عدد الذين شاركوا فيها من غير أهل الكوفة قليلاً للغاية . ويمكن أن نبرر كثرة مبايعي مسلم استناداً إلى هذا المبدأ أيضاً ، رغم أن الأشخاص المخلصين بينهم لم يكونوا يشكلون سوى أقّلية . فكان أهل الكوفة آنذاك يرون من جهة أن حكومة الشام المركزية ابتُليت بالضعف بسبب موت معاوية ونزق يزيد ، ولم يكونوا يرون من جهة ُاخرى أن النعمان بن بشير قادر على مواجهة ثورة عارمة ، ولذلك فإن أهل الكوفة سرعان ما رحبوا بتجمع عدد من الشيعة المخلصين بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي وعرض دعوة الإمام الحسين عليه السلام ، وإقامة الحكومة في الكوفة من قبلهم ؛ لأّنهم كانوا يرون أن الانتصار وإقامة الحكومة محتملان إلى حد كبير . ولم يفقدوا الأمل بالانتصار حّتى بعد وصول عبيد اللَّه إلى الكوفة ، ولذلك فقد شارك عدد كبير منهم مع مسلم في محاصرة قصر عبيد اللَّه ، ولكّنهم سرعان ما خذلوا الثورة عندما شعروا بالخطر ، وسّلموا مسلماً وهانياً بيد عبيد اللَّه ! وقد اشتد هذا الاحساس بالخطر عندما انتشرت بين الناس شائعة تحرك جيش الشام من قبل أنصار عبيد اللَّه ، حيث يمكن اعتبار سبب الخوف من جيش الشام تعّلق أهل الكوفة بالدنيا.
    ثالثاً : اّتباع العواطف
    من خلال دراسة المراحل المختلفة من حياة الكوفة ، يمكننا أن نلاحظ هذه الخصوصية بوضوحٍ فيها .
    ويمكن اعتبار السبب الرئيس لهذه الخصوصية هو عدم ترسخ الإيمان في قلوبهم ، وبالطبع فإّننا لا يمكن
    أن نتوّقع سلوكاً آخر من الأشخاص والقبائل الذين اعتنقوا الإسلام بعد أن رأوا قدرته وسطوته فخرجوا للحرب من أجل دنياهم . وربما كان اشتهار أهل الكوفة بالغدر والخديعة وعدم الوفاء بحيث أدى إلى ظهور أمثالٍ ذائعة ، نظير الكوفي لا يوفي ، أو أغدر من كوفي ناجماً عن هذه الخصوصية المتمّثلة في اّتباعهم لأحاسيسهم وعواطفهم .
    رابعاً : العنف
    كانت الطبيعة العسكرية للمدينة وتأسيسها بهدف القتال قد أوجدت نفسيةً خاصة لهم تتمّثل في العنف ، فقد كانوا يتعاملون بعنف مع كلّ ظاهرة ، مغترين بقوتهم العسكرية وفتوحهم ؛ ليستعيدوا بذلك هويتهم ويحّققوا مصالحهم .
    خامساً : النزعة القبلية
    كانت النزعة القبلية السائدة في العراق وجزيرة العرب ، متجسدة في الكوفة أيضاً ، وعلى هذا فقد كان
    أفراد القبيلة مرتبطين بشيوخ قبائلهم أكثر من ارتباطهم بالحكام . وقد كان السياسيون - مثل : معاوية وابن زياد - يستغّلون قوة هذه القبائل من خلال تطميع رؤسائها ، خلافاً لأئمة الشيعة عليهم السلام .



    ([1]) تاريخ الطبري : ج 4 ص 165

    ([2]) جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة : ج 1 ص 420 .


    ([3]) تاريخ الطبري : ج 4 ص 500

    ([4]) تاريخ الطبري : ج 4 ص 541

    ([5]) تاريخ الطبري : ج 5 ص 80 ، مروج الذهب : ج 2 ص 384





  • #2
    أستاذي الفاضل محب الإمام علي . أحسنتم وأجدتم وسلمت أناملكم على هذه المقالة نعم ان تقلب المزاج عند أهل الكوفة والسير وراء المصالح - عدى الشيعة الخلص وهم الأقلية - والنعق مع كل ناعق هو أحد الأسباب التي أدت الى قتل الإمام الحسين (عليه السلام) . جعل الله عملكم هذا في ميزان حسناتكم . ودمتم في رعاية الله تعالى وحفظه .

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X