إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تساؤلات عاشورائية..(2)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تساؤلات عاشورائية..(2)


    لو لم يرفع الحسين (عليه السلام) السيف ويدافع عن دينه، ومعتقده، وبقي لآخر رمق يدعو الأعداء الى الهداية واتباع الحق، فهل كان بالإمكان أن يأخذ شكل المظلومية الحالي، أو شكل القضية برمتها منحى آخر غير الذي آلت إليه الأمور؟


    الإمام الحسين (عليه السلام) لا يمكنه أن يرى الظلم والجور والحيف الواقع على الانسانية، ولا ينهض ولا يقول كلمته، ولا يتصدى، ولا يتخذ موقفاً يتوافق مع نشأته وتكوينه ورسالته وأهدافه.. الإمام أبو عبد الله الحسين (عليه السلام) لا يمكنه أن يلزم السكوت، أو جانب الحياد والعزلة.. وهل يمكن لمسلم أن يعتدى عليه، ويمارس عليه العدوان ويبقى ساكتاً، قال تعالى: ((الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)) (البقرة/194) الإمام (أرواحنا له الفداء) لم يبدأ القوم بقتال، ولكنه في نفس الوقت لم يبقَ متفرجاً حين هجموا عليه قال (بأبي هو وأمي) لأصحابه حين أقبَلَتِ السّهام من القوم كأنّها المَطَرُ: "قوموا رحمكم الله إلى الموت الّذي لابدّ منه، فإنّ هذه السّهام رُسُل القوم إليكم.."(1).
    العرف والمنطق والشرع والجبلة الانسانية تحتمان عليه المواجهة، ودرء المخاطر المحدقة به بالنفس والعيال والأصحاب.. على أقل تقدير.. فضلاً على ما للدفاع عن الدين وحرمات رسول الله (ص) من الواجبات القدسية والإلهية ما لا يحصى شأنه ومنزلته ومكانته عند الله سبحانه وتعالى.. وتلك المواجهة الحتمية تكون بغض النظر عن معادلات الفوز والخسارة، وبعيداً عن معادلات الظفر والهزيمة والتكافؤ العسكري مهما اختلف وبانت فوراقه.
    أما في حالة -وعلى فرض السؤال- أن الإمام الحسين (عليه السلام) لم يقاتل، لكان قد أخذ أسيراً هو وأصحابه وعياله، وحاشا الإمام الحسين (عليه السلام) سيد بني هاشم والإمام الهمام القدوة المفترض الطاعة على كل البشرية أن يرضخ أو يصل الى حالى الأسر وهو قادر على القتال، حتى جسد ذلك الإمام (سلام الله عليه) بأروع حالات التجسيد الحي حين قال: ((ألا إنّ الدَعيّ بن الدَعيّ قد ركزَ بينَ اثنَتين: بين السِلّة والذِّلة، وهيهات ما آخذ الدنيّة، يأبى الله ذلك ورسوله وجدودٌ طابَت وطهُرت، وأنوفٌ حميّة، ونفوسٌ أبيّة لا تؤثِر مصارِعَ اللّئام على مصارِع الكرام))(2).
    فحصل (عليه السلام) على الخلود الدنيوي والأخروي.. فلو لم يرفع السيف مدافعاً عن الدين والشريعة وحرم رسول الله (ص)، مدافعاً عن الاصلاح، عن المظلومين، لكان شكل المظلومية قد أخذ منحى آخر؛ لأنه سوف يسجن، وربما يموت في السجن، أو يقتل ويرمى من فوق قصر الامارة كما فعلوا بالشهيدين مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وغيرهم (رضوان الله تعالى عليهم)، أو كما قتلوا الشهيدين ميثم التمار وزيد بن علي (رضوان الله عليهم) بتلك القتلة والمثلة البعيدة عن الأعراف الانسانية.
    فحجم المصيبة الحالي وهولها العظيم، متأتٍ من طول المواجهة وتفاصيل العزيمة والصلابة التي كان عليها الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه، حتى أصيبوا وأثخنوا بآلاف الجراحات، ومرت عليهم مصائب جمة قبل أن تفصل رؤوسهم عن أجسادهم الشريفة (رضوان الله عليهم أجمعين).
    ويرى الأستاذ نصير السعداوي / أستاذ في حوزة النجف الاشرف:
    إن المجتمع المسلم في زمن النهضة الحسينية ابتلى بقلة الوعي مع ضعف الإرادة، وهذا ناتج عن الجهود الكبيرة التي قامت بها الحكومات المتعاقبة لإخفاء مقام أهل البيت (عليه السلام) وطمس حقيقة بني أمية، فكانت الدعوة إلى الحق عن طريق الموعظة لا يمكن أن تؤثر في المجتمع المغيب، إذ يصور الأعداء الإمام الشهيد على أنه خارج عن الخلافة الشرعية ليزيد، وأنه رفض البيعة له، ويسجل التأريخ المكتوب بإعلام الدولة ذلك.. لهذا كانت النهضة الحسينية بالطريقة الاستشهادية وما تبعها من التوعية التي سلكتها السيد زينب (عليه السلام) الوسيلة المناسبة لإيقاظ الأمة من غفلتها، وفضح الحكم الأموي على حقيقته، ودق المسمار الأول في نعشه الفاسد، والذي استمر أثره إلى أن أنهى الحكم الأموي برمته.
    وترى أ.م.د صبا حسين المولى / رئيس قسم التاريخ / الجامعة المستنصرية:
    إن نهضة الإمام الحسين (عليه السلام)، لم تكن نهضة انفعالية، ولا حركة عشوائية، ينقصها الوضوح في الرؤية، أو القصور بتحديد الغايات والأهداف، بل هي نهضة واعية، لها رؤيتها الواضحة، وأهدافها المحددة، التي تتضح في قوله (عليه السلام): ((إني لم أخرج أشرا، ولا بطرا، ولا ظالما، ولا مفسدا، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي رسول الله، وأبي أمير المؤمنين، فمن قبلني بقول الحق، فالله أولى بالحق، ومن رد عليّ أصبر هذا، أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين)).
    أراد الامام تغيير الواقع المرير الذي كانت تعيشه الأمة من جرّاء الحكم الاموي المنحرف عن جميع القيم والمبادئ والاحكام الاسلامية التي جاء بها رسولنا محمد (ص)، ذلك النظام الاموي الفاسد المتمثل بحكم يزيد بن معاوية الذي أحال حياة الناس إلى جحيم لا يطاق، فقد عجّت البلاد الاِسلامية بجميع صنوف الجور والاِرهاب.
    إننا نتحدث هنا عن شخصية قدسية حلّقت في سماء المجد والعظمة، حتى وصلت إلى أسمى المراتب وأرفع المقامات، فلم يسبقها سابق، ولن يلحقها لاحق في جميع المناقب والفضائل والمآثر والمكرمات، إنها الشخصية الكبيرة التي تمثل الامتداد الطبيعي لخط النبوة والرسالة في الأرض، وهي الشخصية المعصومة التي تهدي للتي هي أقوم، كما أنها حلقة الوصل بين الأرض والسماء، وباب من أبواب الله تعالى التي منها يؤتى. لذلك، فإن رفع الامام السيف بوجه يزيد جعل من عاشوراء درساً واضح المعالم للبطولة والايمان بالعقيدة الاسلامية الرافضة لأي شكل من اشكال الذل: "هيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون"، هذه المقولة أصبحت شعاراً لكل ثائر عن الظلم، والفساد، والطغيان.. فروحي فداك يا أبا الاحرار إمامي الحسين (عليه السلام).
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) لواعج الأشجان - السيد محسن الأمين: ج1/ ص134.
    (2) الشعائر الحسينية بين الأصالة والتجديد: ج18/ ص1، نقلاً عن تاريخ مدينة دمشق (ابن عساكر) 14 : 219، بحار الأنوار: 45 : 9.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الملف العاشورائي في صحيفة صدى الروضتين/ العدد 346

  • #2
    الأخ الفاضل هاشم الصفار . أحسنتم وأجدتم وسلمت أناملكم على نشر هذه السلسلة المتكاملة من التساؤلات العاشورائية التي يظهر منها الحث على السير والاقتداء بمبادئ واسباب النهضة الحسينية ضد الظلم والفساد . جعل الله عملكم هذا في ميزان حسناتكم . ودمتم في رعاية الله تعالى وحفظه .

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X