إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الامامة في ضوء العقل

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الامامة في ضوء العقل

    بسم الله الرحمن الرحيم


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الامامة في ضوء العقل



    تنسحب البراهين و الأدلّة العقلية التي تثبت وجوب النبوّة علي الله عزوجل، علي الإمامة في غياب الأنبياء والرسل.

    فلابد من وجود فرد معصوم اختاه الله و اصطفاه لعباده لإقامة الدين وتطبيق الشريعة في حياة الناس. ومن هنا فإن بحث مسألة النبوّة العامة أمر ضروري للتمهيد من أجل بحث الإمامة في ضوء العقل.وقبل الخوض في البحث أجد من اللازم إثارة بعض النقاط ?مقدّمة:
    الأولى

    أثبت العلوم العقلية أن الإنسان يتألف من جسد و روح.وهو من ناحية الجسد ينتمي الي عالم المادّة التي هي عرضة للتغيّر و التبدل، و هو من ناحية الروح ينتمي الي عالم المجرّدات، و هو في ?لّّ هذين البعدين ?ائن متوحّد. وبتعبير أ?ثر دقّة: ان الإنسان في منشأه ينتمي الي عالمين سفلي و علوي فالسفلي ما ارتبط بالجسد و حاجاته و غرائزه، و العلوي وثيق الصلة باعمال الروح.ولأن روح الإنسان متعلّقة بالمادّة، و هي ليست متجرّدة، تماما، فهي تنطوي على قابلية الت?امل و السمو، و الروح التي هي واحدة لدي الإنسان في طفولته تتفاوت مع روح الح?يم في منزلتها و درجة ت?املها.فالوجود الإنساني يبدأ من نطفة تفتقر الى الإدراك و الشعور ثم تتحد داخل الرحم لتبدأ حياة جديدة....حياة جسدية تنتمي الي حياة الاُم و ت?ون جزءاً من ت?وينها البدني.غير أن هذا ال?ائن المتناهي في الصغر يندج في مسيرة الت?امل الي ان تصبح له حياة حيوانية في إطار الحواس الخمس، ثم يت?امل شيئاً فشيئا ً حتى يرقي الي الحياة الإنسانية التي تتسامي علي حياة الحيوانات و النباتات، و يرتفع عن عالم المادّيات و هو في حر?ة دائبة مستمرة.على ان روح الإنسان و في ?لّّ مراحل ت?املها لا تعدو كونها حقيقة تتّجه لتحقيق وجودها. وهذا لا يعني أن نتصور بّّقاءها على أصلها و جوهرها، و ان ال?مال أمرطارئ عليها، بل إن معنى الت?امل هو نمو جوهري للذات و حقيقة الوجود باتجاه الدرجة الإسمى. وإذن فإنّ طبيعة الخلق الإنساني انّما تنطوي على قابلية الت?امل من درجة المادة الفقيرة الي مراحل ال?مال حيث يتغيّر الجوهر الذاتي شيئا ً فشيئاً ليرتقي في عوالم الصفاء وال?مال.
    الثانية

    ان الانسان مفطور على الت?امل، مزوّد بقابلية ذلك، و عليه ينبغي ان ي?ون ذل? مم?ناً و ميسراً، و إلّا الأمر عبثاً، و هو لا ينسجم مع ح?مة الباري عزوجل. و?ما ان ّ?لّّ موجود مادّي يتحرك نحو ?ماله المم?ن الذي أودعه الله في خلقه، فإن الإنسان هو الآخر ليس مستثني ً عن هذه القاعدة العامة، و هو ليس محروما ً من هذه النعمة ال?برى، بل إن ح?مة الله سبحانه تقتضي ان تيسر للإنسان هذه الغاية.
    الثالثة

    ان الإنسان يتألف من جسد و روح، هو بهذا يعيش حياتين: احداهما دنيوية ترتبط بالجسد و غرائزه و حاجاته، و اخري روحية و معنوية تتعلّق بنفسه، ول?لّّ منهما أسباب للسعادة و عوامل للشقاء.وهو شاء أم أبي يحيا هذين المستويين من الحياة فقد يستغرق في حياته المادية غافلاً عن نفسه و روحه. هو إذن يتحرّ? نحو السعادة و ال?مال الإنساني أو ينحدرفي هاوية الشقاء والعذاب.فالأف?ار الطاهرة و الأخلاق الحميدة و الأعمال الصالحة ?لّّها تنبع من عالم الوجود و هي عوامل الرقي و ال?مال والسعادة. في مقابل هذا، العقائد الباطلة والأخلاق السيئة التي تتناقض مع ناموس الوجود و تدفع بالإنسان عن جادّة السراط الي أودية الضياع و الشقاء.فالإنسان الذي يستقيم طريقه انما يتحر? باتجاه الت?امل حيث تنموا ذاته، و تنصقل نفسه، و يت?امل جوهرة، ويرتقي سلّم ال?مال الروحي و الأخلاقي، بعد أن يقهر غرائزه الحيوانية المتحفزة في أعماقه.
    الرابعة

    ان العلاقة الوثيقة بين الروح و الجسد تنع?س على مدي علاقة الحياتين الدنيوية و الأخروية للإنسان فت?سبها ذات الإرتباط الوثيق.فالنشاط الحيوي للجسد و ?لّّ الأفعال البدنية لها تأثيراتها في روح الأنسان، و ?ذا فإن التقلبات النفسية و التغيرات الروحية لها آثارها في حر?ات الإنسان، و الاستغراق في الآثام و المعاصي يلوّث النفس الإنسانية و يجعلها في جنوح دائم للإنحراف، و على الع?س تماما ً فإنّ الاستمرار على أعمال الخير والإحسان يصقل النفس و يزيدها نقاءً و صفاءً و تجعل قلب الإنسان مضيئاً و تنمو في أعماقه مل?ات الصلاح و الخير.ومن المم?ن أن يصل الإنسان درجة يسمو فيها فلا يري شيئاً سوي الصفاء والخير و الإحسان، ?ما أن المحتمل أن يتردّى الإنسان إثر ارت?ابه الآثام والذنوب في هاوية السقوط فلا يعرف شيئا ً غير الشقاء والشرور.ف?لّّ التغيرات النفسية و التبدّلات الروحية تنع?س في أعمال جسدية تنسجم مع طبيعتها و تتماشي مع سيخيتها.فالفعل الإنساني ما هو إلّا انع?اس للذات ?ما المرآة تع?س ما يقابلها تماما.ومن هنا لا يم?ن الفصل بين الحياتين الدنيوية و الآخروية، حتي يم?ن حساب ?لّّ واحدة بمنأيّ عن الآخرى.فبدون الأعمال الصالحة و مواقف الخير لا يم?ن أن يرتقي الإنسان الى درجة الت?امل الروحي، و بدون إصلاح النفس و تز?يتها لا يم?ن أن ينهض الإنسان بأعمال الخير والإحسان.ومخطئ من يقول إنّه لا جدوي من المداومة على أعمال الخير لأن الأصل هو إصلاح النفس و طهارة القلب، فالقميص قد يصنع القديس إلي حدّ ما.
    الخامسة

    هناك من يتجاهل الجانب الهام في الإنسان؛ الجانب الذي يعدّ الأساس في شخصيته، فلا يري لل?ائن البشري سوى حياة تنحصر في إطار ضيّق يدور بين الأ?ل و النوم، متجاهلا ًروحه العظيمة ب?لّّ ما يزخر فيها من م?نونات عميقة.فمثلاً يقول أحدهم: إن الإنسان انما وجد ليعيش فيهيئ ما يأ?ل، و يوفّر ما يلبس، و يحافظ على حياته، و يقوم بأنشطته الاجتماعية، و اذن ينبغي أن ي?ون الذين في هذا الإطار، فلا يتعدّي بدفع الإنسان الي التف?ير و التعمّق في إسرار ال?ون، و بالتالي إلهائه عن الحياة و خسارتها1.ولا يحتاج هذا الرأي إلي تعليق، فهو يطيع ب?رامة الإنسان و ينزله من عليائه الشامخ إلي حضيض الحيوانية التي لا تعرف شيئاً غير غرائزها و ميولها ورغباتها.غير ان العلم و الفلسفة ترفض مثل هذه الرؤية و تجعل للإنسان مرتبة سامية ومنزلة رفيعة.ولقد أثبت العلم و الفلسفة أن شخصية الإنسان إنما تنهض على الروح و إنّها والإطار العام الذي تتجسد من خلاله انسانية الإنسان.وعلي هذا فإن سرّ الخلق و غائية الوجود الإنساني هي في الت?امل الروحي والمعنوي، و إنّ إغفال هذا الجانب الهام في ال?ائن البشري هو مصادرة تعسّفية لجوهر الإنسان و?يانه العام ؛ ذل? أنّ علّة الخلق ت?من في الت?امل الروحي، و بدون ذل? يتعذّر على الإنسان و صوله الي الغاية المنشودة.
    السادسة

    ان الإنسان و بفطرته يتطلّع إلي ال?مال، و يبحث عن الحقيقة، و يسعي من أجل الحصول عليها، بل إن أفعاله و حر?اته تدور حول نيل ال?مال لوجوده، فال?لّّ يتحرّ? في هذا الاتجاه، و ما يحصل من تخبط انما ينشأً عن الخطأ في تشخيص ال?مال الحقيقي، فقد يظن متوهما ً ان ?ماله ي?من في إشياء لاتمت إلي الحقّيقة بشي ء فهو ينطلق في خياله خاطئا.فهناك من يري ?ماله في المظاهر البراقة من الحياة، و هناك من يراه في ما يمل?ه من مساحات شاسعة من الأرض و آخر يظنّه في الجاه و المنصب و النفوذ. وهناك من يتهالك على إشباع غرائزه فيندفع في هذا الطريق ملبيّاً ?لّّ رغبة تشتغل في أعماقه و بأي ثمن.وه?ذا نري تخبطاً في مسار الإنسان و انحرافه عن جادة الطريق.... الطريق الذي يؤدّي سعادتة، فإذا به يسقط في هاوية الشقاء دون وعي.
    السابعة

    ان الإنسان لا ينطوي على غريزة اجتماعية أو هو ليس اجتماعياً بالذات، ول?نه يميل إلي الحياة الاجتماعية و يخشي حياة الوحدة و العزلة، مقتنعا ً بالحياة مع الآخرين.وهنا سؤال عن طبيعة البواعث التي أدّت الى أن يحيا الإنسان هذا الش?ل من الحياة؟فهل ان ذل? جاء نتيجة لميله للإفادة و الاستفادة من أبناء جنسه أم لأنّه يخاف الحيوانات المفترسة، أم شعوره بالعجز عن الحياة بمفرد و حاجته للآخرين في توفير متطلبات العيش، أو لإنّه يريد تسخيرالآخرين لمصلحته ؟وبش?ل أوضح هل يهدف الإنسان وراء الحياة الاجتماعية مصلحته الخاصة أم التعاون و تقديم العون؟هناك أجوبة عديدة قدمها علماء الانثر بولجيا و تاريخ الأديان و علم النفس، ول?لّّ رؤيته و تفسيره في تحليل هذه الظاهرة.غير أنّه يم?ن القول أنّ الحق في جانب من ينادي بأنّ الإنسان يهدف من خلال حياته الاجتماعية الاستفادة من عون الآخرين في تأمين متطلبات عيشه.ولتسليط الضوء أ?ثر ينبغي القول اننا وبالرغم من غيابنا عن تل? الحقبة من الزمن حيث شهدت الأرض أول التجمعات الإنسانية حتي يم?ننا ا?تشاف ومعرفة بواعث هذه التجمعات و الظروف التي أدّت الي ذل?، و ل?ن دراسة الإنسان في العصر الحاضر والإمام بميوله و غرائزه و طريقة تف?يره و الغوص في أعماقه ستدلّنا بلا ش? علي البدايات الأولي حيث ف?ّر الإنسان في أن يعيش مع أبناء جنسه في تجمّعات محدودة.لقد وجد الإنسان نفسه جائعاً فراح يبحث عمّا يسدّ رمقه ثم شعر بالظلماً فراح يبحث عن الماء، و لعلّ هذا الدافع هو أوّل ا?تشاف للإنسان و ارتباطه الوثيق بما حوله من نباتات و أنهار، و لعلّه لجأ الي الأغوار لدفع غوائل البرد أو محتميا ً من الحرّ أو امطر، و ه?ذا بدأ ي?تشف العالم من حوله شيئاً فشيئا.ثم راح يف?ّر بتسخير الحيوانات و الاستفادة من لحومها و جلودها و في تنقله من م?ان إلي آخر.وبسبب وجود الغريزة الجنسية و طغيإنها راح الرجل يبحث عن الانثي لإطفاء تل? الشهوة المتأججة في أعماقه.وه?ذا استولي الرجل علي امرأة و احدة أو أ?ثر من أجل إشباع غريزته الجنسية، و قد اضطر و من أجل الاحنفاظ بالانثي الي الدفاع عنها و توفيرما تحتاجه من غداء؛ و من هنا بدأت أولي أش?ال التعاون بين أفراد النوع البشري.فقد نتج عن الحياة المشتر?ة بين شخصين ظهور الاُسرة التي تتألف من الأب و الام و حضانة ضغارهما حتي سنّ معينه.وأعقب ظهور الاُسرة تبلور الاجتماع القلبي، ثم ظهور التجمّع القروي إلي ولادة المدن إلي التجمع علي مستوي أ?بر في إطار الدولة.وفي ?لّّ مراحل التطور الإجتماعي هذه تبرز المصلحة الشخصية و محأولة تحقيق الفرد لذاته ?باعث وحيد وراء ذلك.يقول هوبز: يهدف البشر إلى تسخير بعضهم بعضا2.ولأن غريزة الأنا غريزة ضارة الجذور في ?لّّ أفراد الجنس البشري و هي التي تحر? الإنسان و تحدد سلو?ه و مواقفه، فإن هذا يعني حدوث الفوضي وبالتالي تعذّر العيش، فقد وجد الإنسان نفسه مضطرا ً للحدّ من طغيان الإنانية، ثم التضحية ببعض مصالحه من أجل استمرار التش?يل الإجتماعي للحياة.وبهذا اختار الإنسان حياة التعاون و المصالح المتبادلة مع أفراد نوعه، و ه?ذا اضطر الإنسان إلي ?بح النزعات الفردية أو التخفيف من حدّتها من أجل استمرار النظام الإجتماعي الذي يحقق مطامح الأفراد جميعا.
    الثامنة

    ان من نتائج الحياة الاجتماعية الحتمية بروز التصادم في رغبات وطموحات الأفراد؛ ذلك أن ?لّّ فرد يسعي لتحقيق ذاته ولو علي حساب الآخرين، تحر?ه في ذلك عريزة الأنا، و هو يهذا يتحرّ? من أجل تحقيق أ?بر قدر من مصالحه الشخصية، و من هنا فهو يحأول دائما ًتسخير الآخرين واستغلال جهودهم و استثمار نشاطهم لصالحه.ه?ذا تصطدم الرغبات و تتزاحم الإدارات.وفي هذا المأزق ا?تشف العقل البشري-ول?ي يجتاز هذه المحنة - ا?تشف القانون الاجتماعي الذي يحدّد حقوق الإفراد و واجباتهم تجاه بعضهم البعض، منعا ً للظلم و العدوان أو سيادة قانون الغابة. ولعلّ الإنسان ا?تشف أوّل ما ا?تشف في حياته الاجتماعية ضرورة القانون و الشريعة في تنظيم الحياة المشتر?ة في بداياتها الأولي3.

    المصادر
    1. مونتسي?و - روح القوانين. عن النسخة الفارسية ط5، ص678.

    2. المصدر السابق، ص88.

    3. من ?تاب دراسة عامة في الامامة.


    السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .

  • #2

    الأخت الكريمة
    ( شجون الزهراء )
    الف شكر لكم على المشاركه القيمه

    والاختيار الموفق

    طيب الله انفاسكم
    وحماكم من كل مكروه
    ننتظر جديدكم الرائع

    ولولا أبو طالب وأبنه * لما مثل الدين شخصا وقاما
    فذاك بمكة آوى وحامى * وهذا بيثرب جس الحماما

    فلله ذا فاتحا للهدى * ولله ذا للمعالي ختاما
    وما ضر مجد أبي طالب * جهول لغا أو بصير تعامى
    كما لا يضر إياب الصبا * ح من ظن ضوء النهار الظلاما

    [/CENTER]

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X