إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإمام الجواد(عليه السلام) والبناء الثقافي للجماعة الصالحة ..

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإمام الجواد(عليه السلام) والبناء الثقافي للجماعة الصالحة ..

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد

    لقد توخى أئمة أهل البيت (عليهم السلام) تحقيق عزة الاسلام والمسلمين من خلال المواقف والتحركات الحكيمة التي تضمن الوصول الى الهدف المطلوب على احسن وجه . وكان تحرك الإمام الجواد (عليه السلام) ينطلق من هذه الرؤية فكان ذلك التحرك واسعاً ومؤثراً رغم كل الظروف المعرقلة التي أحاطت تحركه وفي هذا المجال نشير الى نماذج من تحرك الإمام (عليه السلام) في الميادين التي كان يتوخى منها إعداد الاُمة وطلائعها إعداداً رسالياً . ومن هذه الميادين :


    أ ـ تعميق البناء الفكري :
    كان اهتمام الإمام الجواد (عليه السلام) في بناء الجانب العقائدي في شخصية الانسان المسلم واضحاً للناظر في تراثه الذي ورثناه والذي يحتوي على مفردات اساسية تتقوم بها العقيدة ومن ذلك :
    الإمام والدعوة الى التوحيد الخالص :
    التوحيد اساس العقيدة الاسلامية ، وسلامة تصورات المسلم عن الله تعالى هي الركيزة الجوهرية التي تستند عليها باقي المفردات العقيدية ، من هنا كان الإمام(عليه السلام) يُعنى عناية شديدة بإيضاح هذا الاساس وتجليته ، وفي المحاضرة التي ألقاها على داود بن القاسم الجعفري دليل على ما قلناه .
    فقد قال الجعفري : «قلت لأبي جعفر الثاني(عليه السلام) : ( قل هو الله أحد .. ، ما معنى: الأحد ؟
    قال: المجمع عليه بالوحدانية، أما سمعته يقول : ( ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله .. [8] ، ثم يقولون بعد ذلك : له شريك وصاحبة .
    فقلت : قوله : ( لا تدركه الأبصار .. [9] .
    قال : ياأبا هاشم ! اوهام القلوب أدقّ من أبصار العيون ، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند ، والبلدان التي لم تدخلها ، ولم تدرك ببصرك ذلك ، فأوهام القلوب لا تدركه ، فكيف تدركه الأبصار ؟ !
    وسئل (عليه السلام) : أيجوز ان يقال لله : انه شيء ؟
    فقال : نعم ، تخرجه من الحدّين : حدّ التعطيل وحدّ التشبيه [10]»[11] .
    وعن أبي هاشم الجعفري ، قال: «كنت عند أبي جعفر الثاني(عليه السلام) فسأله رجل ، فقال : أخبرني عن الرب تبارك وتعالى له اسماء وصفات في كتابه ؟ وأسماؤه وصفاته هي هو ؟
    فقال أبو جعفر(عليه السلام) : «ان لهذا الكلام وجهين : إن كنت تقول : هي هو، اي انه ذو عدد وكثرة ، فتعالى الله عن ذلك . وان كنت تقول : هذه الصفات والأسماء لم تزل ، فإنّ « لم تزل » محتمل معنيين : فان قلت : لم تزل عنده في علمه وهو مستحقها ، فنعم، وان كنت تقول : لم يزل تصويرها وهجاؤها وتقطيع حروفها فمعاذ الله ان يكون معه شيء غيره . بل كان الله ولا خلق ، ثم خلقها وسيلة بينه وبين خلقه يتضرعون بها اليه ويعبدونه وهي ذكره ، وكان الله ولا ذكر ، والمذكور بالذكر هو الله القديم الذي لم يزل .
    والاسماء والصفات مخلوقات ، والمعاني والمعني بها هو الله الذي لا يليق به الاختلاف ولا الائتلاف ، وانما يختلف ويأتلف المتجزئ فلا يقال : الله مؤتلف ، ولا الله قليل ولاكثير ، ولكنه القديم في ذاته ، لأن ما سوى الواحد متجزئ ، والله واحد لا متجزئ ، ولا متوهم بالقلة والكثرة وكل متجزئ او متوهم بالقلة والكثرة ، فهو مخلوق دالّ على خالق له .
    فقولك : ان الله قدير خبّرت انه لا يعجزه شيء ، فنفيت بالكلمة العجز وجعلتالعجز سواه .
    وكذلك قولك : عالم انما نفيت بالكلمة الجهل ، وجعلت الجهل سواه ، واذا أفنى الله الاشياء أفنى الصورة والهجاء والتقطيع ، ولا يزال من لم يزل عالماً .
    فقال الرجل : فكيف سمّينا ربنا سميعاً ؟
    فقال : لانه لا يخفى عليه ما يدرك بالاسماع ، ولم نصفه بالسمع المعقول في الرأس .
    وكذلك سمّيناه بصيراً لانه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار ، من لون او شخص او غير ذلك ، ولم نصفه ببصر لحظة العين .
    وكذلك سمّيناه لطيفاً لعلمه بالشيء اللطيف مثل البعوضة وأخفى من ذلك ، وموضع النشوء منها ، والعقل والشهوة للفساد والحدب على نسلها وإقام بعضها على بعض ، ونقلها الطعام والشراب الى اولادها في الجبال والمفاوز والاودية والقفار ، فعلمنا ان خالقها لطيف بلا كيف ، وانما الكيفية للمخلوق المكيّف .
    وكذلك قويّاً لا بقوة البطش المعروف من المخلوق ، ولو كانت قوته قوة البطش المعروف من المخلوق لوقع التشبيه ولاحتمل الزيادة ، وما احتمل الزيادة احتمل النقصان ، وما كان ناقصاً كان غير قديم ، وما كان غير قديم كان عاجزاً .
    فربّنا تبارك وتعالى لا شبه له ولا ضدّ ولا ندّ ولاكيف ولانهايةولا تبصار بصر ، ومحرّم على القلوب أن تمثّله ، وعلى الأوهام ان تحدّه ، وعلى الضمائر ان تكوّنه ، جلّ وعز عن أداة خلقه وسمات بريّته ، وتعالى عن ذلك علوّاً كبيراً ».[12] .

    [1] بحار الانوار : 50 / 99 ـ 100 .
    [2] بحارالأنوار: 108 .
    [3] حلية الابرار : 2 / 398، نقلاً عن حياة الإمام محمّد بن علي الجواد : 32 ـ 33 .
    [4] مريم (19): 12 .
    [5] القصص (28): 14 .
    [6] الاحقاف (46): 15 .
    [7] اُصول الكافي : 1 / 314 .
    [8] العنكبوت (29): 61 .
    [9] الانعام (6): 103 .
    [10] حد التعطيل هو عدم اثبات الوجود، والصفات الكمالية والفعلية والاضافية له تعالى ، وحد التشبيه الحكم والاشتراك مع الممكنات في حقيقة الصفات وعوارض الممكنات .
    [11] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 353 ـ 354 .
    [12] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 354 ـ 356 .

    يتبع...

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X