إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ضبط الذهن في الصلاة من ارقى انواع الخشوع

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ضبط الذهن في الصلاة من ارقى انواع الخشوع

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ضبط الذهن هو "أن تتمكن من التفكير في ما تريد، وأن لا يحوّل شخصٌ آخر انتباهك إلى ما لا تريد."



    والمثال البارز للتمرين على ضبط الذهن هو الصلاة. الصلاة روتينية بامتياز، فهي تخلو من كل ما يجذب انتباهك، بل وكأنّها قد جُعلت للتمرين على التسلط على الذهن؛ فهي تضعك في قالب سلوكي خاص لترى إن كنت مسيطراً على ذهنك أم لا.


    ضبط الذهن هو "أن تستطيع التفكير في الموضوع الذي تريد"، وضبط الذهن هو أن لا يحوّل أحدٌ انتباهَك إلى ما لا تريد. فإن أراد امرؤٌ لفت نظرك إلى شيء ما كان عليه الاستئذان منك، فإن أردتَ، صرفتَ ذهنَك إليه. فقوة الذهن هي أن تستطيع التفكير في موضوعٍ ما بالمقدار الذي ترغب؛ كأن تتمكّن من التفكير فيه مدة ساعة أو ساعتين. وقوة ضبط الذهن هي أن تقدر على التفكير في موضوع ما بعمق، لا بسطحية؛ أي أن تتمتع بتركيز ذهني في منتهى العمق.


    يوصي العلامة الطباطبائي(ره) بتمرين لضبط الذهن. فكما تمارس الرياضة لتشُدّ ساعدَك يمكنك ممارسة الرياضة لتقوّي بها روحَك. يقول العلامة(ره) في "رسالة الولاية": «تأخذ لنفسك مكاناً خالياً، لا يكون فيه شاغل زائد من النور والصوت والأثاث وغيرها. ثم تقعد قعوداً لا يشغلك بفعل زائد مع غمض العين. ثم تتوجّه إلى صورةٍ ما خيالية، بأن تشخص بعين خيالك إلى صورة (أ) مثلاً، وتتنبّه لكل صورة خيالية تطرقك لتستعمل الإعراض عنها إلى صورة (أ)، فإنك تجد في بادئ الأمر صوراً خيالية معترضة مزدحمة عندك مظلمة مشوّشة... ثم لو دُمتَ على هذه التخلية أياماً، ترى بعد برهة أن الطوارق والخواطر تقل فتقل... ثم تقل فتقل كل يوم تدرُّجاً، حتى لا يبقى مع صورة (أ) صورة أخرى البتّة» (رسالة الولاية/ ص96ـ97).


    يجب أن تتمرّن للسيطرة على الذهن، ولا تنتظر معجزة تنزل من السماء! سُئل آية الله بهجت(ره): "ماذا نصنع لتركيز الفكر وحضور القلب أثناء الصلاة؟" فقال: "حينما تكون ملتفتاً لا تصرف ذهنَك اختياراً" (به سوى محبوب "نحو المحبوب"(بالفارسية)/ ص63)، فلا تفكر في شيء آخر اختياراً، ولا تشتت ذهنك عمداً. بالطبع ستَرِد بعض الأفكار إلى ذهنك دون اختيار منك، فعُد - متى ما أحسستَ ذلك - والتفت ثانيةً إلى صلاتك. وإنّ من الناس مَن يتشتت ذهنه ويعود أثناء الصلاة الواحدة مائة مرة، وأمثال هؤلاء نادرون جداً! فأكثر الناس إذا تشتّتَ ذهنه أثناء الصلاة لم يلتفت إلا بعد الفراغ منها.


    إذا استطعنا التركيز فسنتمكن من لفت نظر الله تعالى إلينا. وهذه القوة تحديداً هي ما يريده الله منا. بل ما خلقَنا الله إلا لنكون أقوياء، وإنه تعالى ليحترم الأقوياء من عباده. وقد تتساءل هنا: "أليس المفترض أن نكون ضعفاء بين يدي الله؟" أجل، فقد ورد في الدعاء: «إرحَمْ عَبدَكَ الضَّعِيف»، لكن لا يشتبه عليك الأمر وتحسَب أن الله يحب الضعيف! كلا، بل يقول لك عز وجل: "كن معي ضعيفاً ولا تتهدّد وتتوعّد، لكن كن قوياً في ذات نفسك، بل كن من القوة ما يجعل أهل العالم غير قادرين على لَويِ ذراعك!"
    السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .

  • #2
    الحلقة الثانية لضبط الذهن



    من طبع الإنسان أنه إذا لم يملك شيئاً ما ازداد إصراراً على حيازته، بل ويتمادى في الأمر أحياناً إلى درجة أنه لا يعود يفكّر إلا بهذا الشيء، فتتولد عنده تدريجيا عقدة. فالذي يُسرف في التفكير في ما لا يملك ويركّز فكرَه على هذه الأمور كل تركيز تتولد عنده عقدة.


    يقول الإمام الحسن المجتبى(ع): «اجْعَلْ مَا طَلَبْتَ مِنَ الدُّنْيَا فَلَمْ تَظْفَرْ بِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِك‏» (كشف الغمة/ ج1/ ص572)؛ أي إذا أردت من الدنيا شيئاً فلم تحصل عليه فتخيّل وكأن هذا الشيء لم يخطر في بالك على الإطلاق؛ أي حُلّ القضية في ذهنك. والله لو وضعتَ هذا الكلام الانثروبولوجي العميق بين يدي علماء النفس لسَكَروا جذلاً!


    المهم هو أن نملك أزِمَّة أذهاننا. ولو فكّر الإنسان بالآخرة وانشغل بذِكْرِها لشعر بلذة لا يشعر بها في الدنيا. لكن أين هو الفكر؟! وأين هو الذكر؟! فلكي ننعم بفكر سليم وذكر قويم فلا بد من امتلاكنا القدرة على ضبط أذهاننا وأفكارنا. فهناك في دواخلنا الكثير من الخير وعلينا إيقاظه وصقله بالفكر والذكر السليمَين.


    عن إمامنا الحسن المجتبى(ع) أنه قال: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَإِدَامَةِ التَّفَكُّرِ فَإِنَّ التَّفَكُّرَ أَبُو كُلِّ خَيْرٍ وَأُمُّه‏» (مجموعة ورام/ ج1/ ص52)؛ وإدامة التفكّر تعني التفكير الطويل الأمد والعميق.


    ويقول أمير المؤمنين(ع) في الإنسان المؤمن: «يُصْبِحُ‏ وَشُغُلُهُ‏ الذِّكْرُ وَيُمْسِي وَهَمُّهُ الْفِكْرُ» (أعلام الدين/ ص140) فاهتمامه إما هو من نوع الذكر أو من جنس الفكر، والذكر والفكر مهارتان لضبط الذهن.




    «الْمُؤْمِنُ.. مَغْمُورٌ بِفِكْرَتِه» (نهج البلاغة/ الحكمة333) أي غارق في فكره. فكما يحتاج «الالتفات» إلى تمرين، فإن التفكير الرصين يتطلّب تمريناً أيضاً. بالطبع ليس هناك مَن لا يفكّر، لكنك إذا أفلَتَّ عنانَ فكرك انشغل في التُرَّهات. فالبعض إذا فكّر، فكّرَ في الحسرات والحسد والحرص، وراح ذهنه يفتش عن الخطط التي تزيده حطاماً إلى حطامه. فلا تنشغل أبداً بذكر ما لا تملك والتفكير فيه!




    اللهم جنّبنا البلايا التي تشغل فكرنا وتستحوذ على ذكرنا فتقودنا إلى الغفلة عنك. وأغدق علينا بغزارة نعمَك التي تشغل فكرَنا وذكرَنا كي نملّها لروتينها فلا تعود بعد ذلك تشغل فكرنا وذكرنا! لا يريدك الله تعالى أن لا تلتذ بالدنيا، بل يريد لك المزيد من اللذة، وهذه اللذة العظيمة ليست في الدنيا؛ فأعظم اللذة هي أن تلتذ بالله نفسه. لا بد أن تبلغ من الثقافة والنفسيّة مرحلةً تشعر فيها بالإهانة إذا حاول أحدهم صَرفَ فكرك عن الله عز وجل.




    هناك لضبط الذهن خمسةُ أوجه؛ بمعنى أن عليك أن تُحسن القيام بخمسة أمور لهذا الغرض:

    1- أن تستطيع التفكير في، أو الالتفات إلى أي موضوع تريد أنت التفكير فيه أو الالتفات إليه، لا أي موضوع يجلب هو انتباهَك.

    2- أن تتمكن من التفكير في، أو الالتفات إلى الموضوع الذي تحدّده أنت وبالمدة التي تشاء.

    3- أن تَقدِر على التركيز على موضوع معيّن وبعمق، والتركيز العميق أمرٌ في غاية الصعوبة.

    4- أن تستطيع صرف ذهنك عن التفكير في، والالتفات إلى الموضوع الذي تريد صرفَ ذهنك عنه؛ فإذا حاول الآخرون، مثلاً، لفت انتباهك إلى شيء ما استطعت أنت صرف ذهنك عنه وعدم التفكير فيه.

    5- أن لا تسمح للأمور الباطلة والتافهة أن تلفت انتباهك وتستقطب تفكيرك كي لا تكون مُجبَراً على صرف ذهنك عنها، بل أن لا يُجذَب انتباهُك إلى شيء أبداً دونما إذن منك! وأن تتمكن من التأمّل بإسهاب في الأمور التي تجلب – عادة - الأفكار السيئة وتتسبب في الانتباه الفاسد، فتنظر إليها من زاوية جيدة، وهذه مهارة كان الأنبياء يمتلكونها!.




    «رُوِيَ‏ أَنَّ عِيسَى(ع) مَرَّ وَالْحَوَارِيُّونَ عَلَى جِيفَةِ كَلْبٍ فَقَالَ الْحَوَارِيُّونَ: مَا أَنْتَنَ رِيحَ هَذَا الْكَلْبِ! فَقَالَ عِيسَى(ع): مَا أَشَدَّ بَيَاضَ‏ أَسْنَانِه» (مجموعة ورام/ ج1/ ص117). وهكذا هي نظرة صاحب الزمان(عج) إلينا، فهو لا ينظر إلى ما فسد وتهاوى من أرواحنا، بل يقول ما إن يرانا قادمين: "جاء الباكي على حبيبي الحسين..!"

    السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X