(( كشف عمرو بن العاص عورته في الحرب ))
بسم الله الرحمن الرحيم
وقعة صفين ـ نصر بن مزاحم ـ ص 424 ـ 425
فقال الحارث في ذلك:
ليس عمرو بتارك ذكره الحر * ب مدى الدهر أو يلاقى عليا
واضع السيف فوق منكبه الأي * من لا يحسب الفوارس شيا
ليت عمرا يلقاه في حمس النقع * وقد صارت السيوف عصيا
حيث يدعو البراز حامية القوم * إذا كان بالبراز مليا
فوق شهب مثل السحوق من النخل * ينادى المبارزين: إليا
ثم يا عمرو تستريح من الفخر * وتلتقي به فتى هاشميا
فالقه إن أردت مكرمة الدهر * أو الموت كل ذاك عليا
فلما سمع عمرو شعره قال:
والله لو علمت أنى أموت ألف موته لبارزت عليا في أول ما ألقاه، فلما بارزه طعنة على فصرعه، واتقاه عمرو بعورته، فانصرف على عنه.وقال على حين بدت له عورة عمرو فصرف وجهه عنه:
ضربي ثبى الأبطال في المشاعب * ضرب الغلام البطل الملاعب
أين الضراب في العجاج الثائب * حين احمرار الحدق الثواقب
بالسيف في تهتهة الكتائب * والصبر فيه الحمد للعواقب .
وقعة صفين ـ نصر بن مزاحم ـ ص 407 ـ 408
فاعترضه على وهو يقول:
قد علمت ذات القرون الميل * والخصر والأنامل الطفول
إنى بنصل السيف خنشليل * أحمى وأرمى أول الرعيل بصارم ليس بذى
فلول ثم طعنه فصرعه واتقاه عمرو برجله، فبدت عورته، فصرف علي وجهه عنه وارتث، فقال القوم: أفلت الرجل يا أمير المؤمنين.
قال: وهل تدرون من هو ؟ قالوا: لا قال: فإنه عمرو بن العاص تلقاني بعورته فصرفت وجهى عنه.ورجع عمرو إلى معاوية فقال له: ما صنعت يا عمرو ؟
قال: لقيني على فصرعني.
قال: احمد الله وعورتك، أما والله أن لو عرفته ما أقحمت عليه.
وقال معاوية في ذلك:
ألا لله من هفوات عمرو * يعاتبني على تركي برازى
فقد لاقى أبا حسن عليا * فآب الوائلي مآب خازى
فلو لم يبد عورته للاقى * به ليثا يذلل كل نازى
له كف كأن براحتيها * منايا القوم يخطف خطف بازى
فإن تكن المنايا أخطأته * فقد غنى بها أهل الحجاز
فغضب عمرو وقال: ما أشد تغبيطك عليا في أمرى هذا، هل هو إلا رجل لقيه ابن عمه فصرعه، أفترى السماء قاطرة لذلك دما ؟ ! قال: ولكنها معقبة لك خزيا.
شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ج 2 ـ ص 110
أمر عمرو بن العاص في صفين
و أما خبر عمرو في صفين و اتقائه حملة علي ع بطرحه نفسه على الأرض و إبداء سوأته فقد ذكره كل من صنف في السير كتابا و خصوصا الكتب الموضوعة لصفين .
قال نصر بن مزاحم في كتاب صفين قال حدثنا محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي عمرو و عن عبد الرحمن بن حاطب قال كان عمرو بن العاص عدوا للحارث بن نضر الخثعمي و كان من أصحاب علي ع و كان علي ع قد تهيبته فرسان الشام و ملأ قلوبهم بشجاعته و امتنع كل منهم من الإقدام عليه و كان عمرو قلما جلس مجلسا إلا ذكر فيه الحارث بن نضر الخثعمي وعابه فقال الحارث:
ليس عمرو بتارك ذكره الحر * ب مدى الدهر أو يلاقى عليا
واضع السيف فوق منكبه الأي * من لا يحسب الفوارس شيا
ليت عمرا يلقاه في حمس النقع * وقد صارت السيوف عصيا
حيث يدعو البراز حامية القوم * إذا كان بالبراز مليا
فوق شهب مثل السحوق من النخل * ينادى المبارزين: إليا
ثم يا عمرو تستريح من الفخر * وتلتقي به فتى هاشميا
فالقه إن أردت مكرمة الدهر * أو الموت كل ذاك عليا
فشاعت هذه الأبيات حتى بلغت عمرا فأقسم بالله ليلقين عليا و لو مات ألف موتة.
لما اختلطت الصفوف لقيه فحمل عليه برمحه فتقدم علي (ع) وهو مخترط سيفا معتقل رمحا فلما رهقه همز فرسه ليعلو عليه فألقى عمرو نفسه عن فرسه إلى الأرض شاغرا برجليه كاشفا عورته فانصرف عنه لافتا وجهه مستدبرا له فعد الناس ذلك من مكارمه و سؤدده و ضرب بها المثل .
شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ج 2 ـ ص 287
قال نصر و حدثنا عمرو بن شمر عن النخعي عن ابن عباس قال تعرض عمرو بن العاص لعلي ع يوما من أيام صفين و ظن أنه يطمع منه في غرة فيصيبه فحمل عليه علي (ع) فلما كاد أن يخالطه أذرى نفسه عن فرسه و رفع ثوبه و شغر برجله فبدت عورته فصرف (ع) وجهه عنه و ارتث و قام معفرا بالتراب هاربا على رجليه معتصما بصفوفه فقال أهل العراق يا أمير المؤمنين أفلت الرجل فقال أ تدرون من هو قالوا لا قال فإنه عمرو بن العاص تلقاني بسوءته فصرفت وجهي عنه و رجع عمرو إلى معاوية فقال ما صنعت يا أبا عبد الله فقال لقيني علي فصرعني قال احمد الله و عورتك و الله إني لأظنك لو عرفته لما أقحمت عليه و قال معاوية في ذلكألا لله من هفوات عمرو * يعاتبني على تركي برازي
فقد لاقى أبا حسن عليا * فآب الوائلي مآب خازي
فلو لم يبد عورته لطارت * بمهجته قوادم أي بازي
فإن تكن المنية أخطأته * فقد غنى بها أهل الحجاز
فغضب عمرو و قال ما أشد تعظيمك عليا أبا تراب في أمري هل أنا إلا رجل لقيه ابن عمه فصرعه أ فترى السماء لذلك دما قال لا و لكنها معقبة لك خزيا .
شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ج 2 ـ ص 111
وروى الواقدي قال:
قال معاوية يوما بعد استقرار الخلافة له لعمرو بن العاص يا أبا عبد الله لا أراك إلا و يغلبني الضحك قال بما ذا قال أذكر يوم حمل عليك أبو تراب في صفين فأزريت نفسك فرقا من شبا سنانه وكشفت سوأتك له فقال عمرو أنا منك أشد ضحكا إني لأذكر يوم دعاك إلى البراز فانتفخ سحرك و ربا لسانك في فمك و غصصت بريقك و ارتعدت فرائصك و بدا منك ما أكره ذكره لك فقال معاوية لم يكن هذا كله و كيف يكون و دوني عك و الأشعريون قال إنك لتعلم أن الذي وصفت دون ما أصابك و قد نزل ذلك بك و دونك عك و الأشعريون فكيف كانت حالك لو جمعكما مأقط الحرب فقال يا أبا عبد الله خض بنا الهزل إلى الجد إن الجبن و الفرار من علي لا عار على أحد فيهما.
شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ـ ج 2 ـ ص 105
وروى المدائني أيضا قال وفد عبد الله بن عباس على معاوية مرة فقال معاوية لابنه يزيد و لزياد ابن سمية و عتبة بن أبي سفيان و مروان بن الحكم و عمرو بن العاص و المغيرة بن شعبة و سعيد بن العاص و عبد الرحمن ابن أم الحكم إنه قد طال العهد بعبد الله بن عباس و ما كان شجر بيننا و بينه و بين ابن عمه و لقد كان نصبه للتحكيم فدفع عنه فحركوه على الكلام لنبلغ حقيقة صفته و نقف على كنه معرفته و نعرف ما صرف عنا من شبا حده و زوي عنا من دهاء رأيه فربما وصف المرء بغير ما هو فيه و أعطي من النعت و الاسم ما لا يستحقه . ثم أرسل إلى عبد الله بن عباس فلما دخل و استقر به المجلس ابتدأه ابن أبي سفيان فقال يا ابن عباس ما منع عليا أن يوجه بك حكما فقال أما و الله لو فعل لقرن عمرا بصعبة من الإبل يوجع كفه مراسها و لأذهلت عقله و أجرضته بريقه و قدحت في سويداء قلبه فلم يبرم أمرا و لم ينفض ترابا إلا كنت منه بمرأى و مسمع فإن أنكأه أدميت قواه و إن أدمه فصمت عراه بغرب مقول لا يقل حده و أصالة رأي كمتاح الأجل لا وزر منه أصدع به أديمه و أفل به شبا حده و أشحذ به عزائم المتقين و أزيح به شبه الشاكين . فقال عمرو بن العاص هذا و الله يا أمير المؤمنين نجوم أول الشر و أفول آخر الخير و في حسمه قطع مادته فبادره بالحملة و انتهز منه الفرصة و اردع بالتنكيل به غيره و شرد به من خلفه . فقال ابن عباس يا ابن النابغة ضل و الله عقلك و سفه حلمك و نطق الشيطان على لسانك هلا توليت ذلك بنفسك يوم صفين حين دعيت نزال و تكافح الأبطال و كثرت الجراح و تقصفت الرماح و برزت إلى أمير المؤمنين مصلولا فانكفأ نحوك بالسيف حاملا فلما رأيت الكواشر من الموت أعددت حيلة السلامة قبل لقائه والانكفاء عنه بعد إجابة دعائه فمنحته رجاء النجاة عورتك و كشفت له خوف بأسه سوأتك حذرا أن يصطلمك بسطوته و يلتهمك بحملته ثم أشرت على معاوية كالناصح له بمبارزته و حسنت له التعرض لمكافحته رجاء أن تكتفي مئونته و تعدم صورته فعلم غل صدرك و ما انحنت عليه من النفاق أضلعك و عرف مقر سهمك في غرضك . فاكفف غرب لسانك و اقمع عوراء لفظك فإنك لمن أسد خادر و بحر زاخر إن تبرزت للأسد افترسك و إن عمت في البحر قمسك .
الإمامة والسياسة ـ ابن قتيبة الدينوري ـ ج 1 ـ ص 148
وذكروا أن عمرا قال لمعاوية: أتجبن عن علي، وتتهمني في نصيحتي إليك ؟
والله لابارزن عليا ولو مت ألف موتة في أول لقائه. فبارزه عمرو، فطعنه علي فصرعه، فاتقاه بعورته فانصرف عنه علي، وولى بوجهه دونه. وكان علي رضي الله عنه لم ينظر قط إلى عورة أحد، حياء وتكرما، وتنزها عما لا يحل ولا يجمل بمثله، كرم الله وجهه.
مروج الذهب ـ المسعودي ـ ج 2 ـ ص 25
وقد قيل في بعض الروايات:
إن معاوية أقسم على عمر ولما أشار عليه بهذا أن يبرز إلى علي، فلم يجد عمرو من ذلك بداً، فبرز، فلما التقيا عرفه علي وشال السيف ليضربه به، فكشف عمرو عن عورته، وقال: مُكْرَهٌ أخوك لا بطل فحول عليٌّ وجهه عنه، وقاك: قبحت! ورجع عمرو إلى مصافه.
عيون الأخبار ـ ابن قتيبة الدينوري ـ ج 1 ـ ص 169
المدائني قال: رأى عمرو بن العاص معاوية يوماً يضحك
فقال له: مم تضحك يا أمير المؤمنين أضحك اللّه سنّك؟
قال: أضحك من حضور ذهنك عند إبدائك سوءتكن يوم ابن أبي طالب، أما واللّه لقد وافقته منّاناً كريماً، ولو شاء أن يقتلك لقتلك.
قال عمرو: يا أمير المؤمنين أما واللّه إني لعن يمينك حين دعاك إلى البراز فاحولّت عيناك وربا سحرك وبدا منك ما أكره ذكره لك فمن نفسك فاضحك أو دع.
المحاسن والمساوي ـ البيهقي ـ ج 1 ـ ص 38
دخل عمرو بن العاص على معاوية وعنده ناس فلما رآه مقبلا استضحك
فقال : يا أمير المؤمنين ؟ أضحك الله سنك وأدام سرورك وأقر عينك ما كل ما أرى يوجب الضحك .
فقال معاوية ؟ خطر ببالي يوم صفين يوم بارزت أهل العراق فحمل عليك علي بن أبي طالب رضي الله عنه فلما غشيك طرحت نفسك عن دابتك وأبديت عورتك ، كيف حضرك ذهنك في تلك الحال ؟ أما والله لقد واقفت هاشميا منافيا ولو شاء أن يقتلك لقتلك .
فقال عمرو : يا معاوية إن كان أضحكك شأني فمن نفسك فاضحك ، أما والله لو بدا له من صفحتك مثل الذي بدا له من صفحتي لأوجع قذلك ، وأيتم عيالك ، وأنهب مالك ، وعزل سلطانك ، غير أنك تحرزت منه بالرجال في أيديها العوالي ، أما إني قد رأيتك يوم دعاك إلى البراز فاحولت عيناك ، وأربد شدقاك ، وتنشر منخراك ، وعرق جبينك ، وبدا من أسفلك ما أكره ذكره . فقال معاوية : حسبك حيث بلغت لم نرد كل هذا .
العقد الفريد ـ ابن عبد ربه ـ ج 2 ـ ص 136
أبو مِخْنف قال: حَجّ عمرو بنُ العاص فَمَرّ بعبد اللهّ بن عباس فَحَسَده مكانه وما رأى من هَيْبة النَّاس له ومَوْقِعَه من قُلوبهم، فقال له: يا بن عبّاس، مالك إذا رَأيتني وليَّتني القَصَرة، وكانّ بين عينيك دَبْرة، وإذا كنتَ في مَلأ من الناس كُنْتَ الهَوْهاة الهُمزَة! فقال ابنُ عبّاس: لأنك من اللئام الفجرة، ولقريش الكرامٍ البَررة يدك كَدَّرها عليك بالعَذْل والتنقُّص، وذكرتَ مشاهدَك بصِفِّين، فواللّه ما ثَقُلتْ علينا يومئذ وَطْأَتك، ولقد كًشِفت فيها عَوْرتُك، وإنْ كنتَ فيها لطويلَ اللِّسان، قصيرَ السِّنان، آخرً الخَيْل إذا أقبلتْ، وأولها إذا أدبرت، لك يَدان: يَدٌ لا تَبْسُطها إلى خَير وأخري لا تَقبضها عن شَرّ، ولسانٌ غادر ذو وَجْهين؛ وجهان وَجْهٌ مُوحش، وَوَجْه مُؤْنس؛ ولعمري إنّ من باع دينَه بدُنْيا غيره، لحريّ أن يطول عليها نَدمُه. لك بيانُ وفيك خطَل، ولك رَأي وفيك نَكَد، ولك قدر وفيك حَسد، وأصغر عَيْب فيك أعظم عَيْب في غَيْرك.
البيان والتبيين ـ عمرو بن بحر ـ ص 362
وقام عمرو بن العاص بالموسم فأطرى معاوية وبني أمية وتناول بني هاشم ثم ذكر مشاهده بصفين فقال ابن عباس يا عمرو انك بعت دينك من معاوية فأعطيته ما في يدك ومناك ما في يد غيره فكان الذي أخذ منك فوق الذي أعطاك وكان الذي أخذت منه دون ما أعطيته وكل راض بما أخذوا أعطى فلما صارت مصر في يدك تتبعك فيها بالعزل والتنقص حتى لو ان نفسك فيها لألقيتها اليه وذكرت مشاهدك بصفين فما ثقلت علينا يومئذ وطأتك[1] ولا نكأتنا فيها حربك وان كنت فيها لطويل اللسان قصير السنان آخر الحرب اذا أقبلت وأولها اذا أدبرت لك يدان يد لا تبسطها الى خير ويد لا تقبضها عن شر ووجهان وجه مؤنس ووجه موحش ولعمري ان من باع دينه بدنيا غيره لحري ان يطول حزنه على ما باع واشترى لك بيان وفيك خطل ولك رأي وفيك نكد ولك قدر وفيك حسد فأصغر عيب فيك أعظم عيب في غيرك فقال عمرو اما والله ما في قريش أحد أثقل وطأة علي منك ولا لأحد من قريش قدر عندي مثل قدرك
جمهرة خطب العرب ـ أحمد زكي صفوت ـ ج 2 ـ ص 102 ـ 103
فقال ابن عباس يا بن النابغة ضل والله عقلك وسفه حلمك ونطق الشيطان على لسانك هلا توليت ذلك بنفسك يوم صفين حين دعيت نزال وتكافح الأبطال وكثرت الجراح وتقصفت الرماح وبرزت إلى أمير المؤمنين مصاولا فأنكفأ نحوك بالسيف حاملا فلما رأيت الكواثر من الموت أعددت حيلة السلامة قبل لقائه والانكفاء عنه بعد إجابة دعائه فمنحته رجاء النجاة عورتك وكشفت له خوف بأسه سوءتك حذرا أن يصطلمك بسطوته أو يلتهمك بحملته ثم أشرت على معاوية كالناصح له بمبارزته وحسنت له التعرض لمكافحته رجاء أن تكتفي مئونته وتعدم صورته فعلم غل صدرك وما انحنت عليه من النفاق أضلعك وعرف مقر سهمك في غرضك فاكفف غرب لسانك واقمع عوراء لفظك فإنك بين أسد خادر وبحر زاخر إن تبرزت للأسد افترسك وإن عمت في البحر قمسك .
تعليق